إيران ستكسب إذا انسحب ترامب من الاتفاق النووي

إيران ستكسب إذا انسحب ترامب من الاتفاق النووي
Spread the love

كتب دنيس روس، المبعوث الأميركي الأسبق إلى الشرق الأوسط مقالة في صحيفة واشنطن بوست حذر فيها الرئيس دونالد ترامب من الخروج من الاتفاق النووي مع إيران، داعياً الإدارة الأميركية إلى التركيز على احتواء انتشار إيران وحلفائها في سوريا حيث التهديد الحقيقي لإسرائيل. والآتي الترجمة الكاملة للمقالة:

لم أكن من محبي الاتفاق النووي الإيراني. ورغم أنه فرض قيوداً على البرنامج النووي الإيراني، لكنه شرّع أيضاً بنية تحتية نووية إيرانية كبيرة من خلال عدم فرض قيود حقيقية على حجم البرنامج أو طابعه بعد عام 2030. وبدلاً من إنهائه سعي إيران إلى امتلاك أسلحة نووية، فقد أرجأ الاتفاق ذلك. صحيح أن الإيرانيين التزموا بعدم امتلاك أو تطوير أسلحة نووية، لكنهم زعموا أيضاً أنهم لم يحاولوا ذلك أبداً، على الرغم من الأدلة الواضحة على عكس ذلك.

لذا، فإن الخطر حقيقي في غضون 12 عامًا عندما تنتهي بعض أحكام الصفقة. لكن ذلك لا يعني أن على الرئيس ترامب الانسحاب من الصفقة في مايو – أيار المقبل. فإذا انسحب، سينسحب وحده، ولن ينضم الأوروبيون إليه، وخاصة بعد استعدادهم للتفاوض مع الإدارة وقبول عدد من التنازلات: (مثل) فرض عقوبات على اختبار الصواريخ البالستية الإيرانية، وبيان مشترك حول الحد مما يمكن لإيران فعله بعد عام 2030، والاستعداد لزيادة التكاليف التي سيتحملها الإيرانيون من جراء أعمالهم المزعزعة للاستقرار في المنطقة. وحتى لو لم يكن البريطانيون والفرنسيون والألمان مستعدين للذهاب إلى الحد الذي قد ترغب فيه الإدارة، فقد اعترفوا بمخاوف إدارة ترامب بشأن الصفقة وكانوا مستعدين للتعامل معها على الأقل جزئياً.

لكن الابتعاد سينهي ذلك. سوف يعزل الولايات المتحدة، وليس الإيرانيين. لقد كان الضغط على الإيرانيين دوماً أكثر فعالية عندما انضم آخرون إلى الولايات المتحدة. في الواقع، شعرت إيران فعلاً بالضغط، فقط عندما قرر الاتحاد الأوروبي فرض مقاطعة على النفط الإيراني، وبدأت طهران بالتفاوض بعد إعلانها أنها لن تفعل ذلك أبدًا طالما كانت خاضعة للعقوبات.

لسوء الحظ، لن ينقض الأوروبيون الاتفاق ببساطة؛ سوف يبذلون قصارى جهدهم لإبقاء الإيرانيين ملتزمين به، والإيرانيون يعرفون كيف يلعبون على المخاوف الأوروبية. سلفاً تعلن طهران أنها تستطيع التحرك بسرعة لتركيب أجهزة طرد مركزي جديدة وأكثر فاعلية ولن تحد من إنتاجها. ومن المؤكد أن هذا سيثير مخاوف أوروبية بشأن خطر متزايد لنشوب الحرب ويقودهم إلى تقديم حوافز للإيرانيين للبقاء في الصفقة.

(أقول) لأولئك الذين يقولون إن الإدارة تستطيع الضغط على أوروبا من خلال التهديد بفرض عقوبات على الشركات الأوروبية التي تتعامل مع الإيرانيين، لا تراهنوا على ذلك. لطالما قاوم الأوروبيون مثل هذه العقوبات الثانوية، ونظراً إلى عدم شعبية ترامب مع الجماهير الأوروبية، فإن قلة من القادة هناك سوف يريدون أن يظهروا بأنهم يذعنون للتهديدات الأميركية.

بطبيعة الحال، فإن بعض البنوك والشركات الأوروبية سوف تخشى العقوبات الأميركية المحتملة، مع تأثير رادع على استعدادها للاستثمار في إيران. لكن هذا الخوف موجود حتى من دون انسحابنا من الاتفاق. ولا تزال عقوباتنا قائمة على إيران بسبب دعمها للإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان، وهي حقيقة تساعد على تفسير سبب استمرار إيران في الشكوى من أنها لم تجنِ الفوائد الاقتصادية التي توقعتها من الصفقة.

لكن قلقي من أن يذهب الابتعاد الأميركي أبعد، فهو سيخلق وهم الصرامة مع إيران من دون التأثير عليها. الخطر الذي تشكّله إيران هو توسعها في المنطقة، فهي تستخدم بالوكالة الميليشيات الشيعية للحصول على سيطرة شديدة على الحكومات. إنها تنخرط عسكرياً في سوريا، حتى أنها تحاول تغيير التوازن الديموغرافي عن طريق استيراد الميليشيات الشيعية (والمدنيين الشيعة) للسكن في المناطق السنية. وهو أمر مصمم لمنع اللاجئين من العودة إلى ديارهم، وهو أيضاً أمر يرجح أن يضمن استمرار التمرد في سوريا. والأسوأ من ذلك أن إيران تبدو بشكل متزايد أقل تجنباً للمخاطرة في سوريا. فقد تصرفت بغير طبيعتها عندما اختارت تحدي إسرائيل بشكل مباشر، وليس من خلال أحد وكلائها، عندما أرسلت طائرة بدون طيار إلى المجال الجوي الإسرائيلي.

إسرائيل جعلت الأمر واضحاً بأنها لا تستطيع العيش مع تواجد عسكري إيراني موسع في سوريا، والذي يعتقد الإسرائيليون أنه يشتمل على خطط لتصنيع أنظمة توجيه متقدمة في سوريا ولبنان لأكثر من 120000 صاروخ في حوزة حزب الله. إن حجم إسرائيل والعدد الصغير نسبياً من أهداف بنيتها التحتية العسكرية والمدنية الحساسة، لا يمنحها رفاهية الانتظار إذا قامت إيران بهذا التحرك. من السهل أن نرى كيف تبدأ الحرب بين الإسرائيليين وإيران – حزب الله ولكن ليس من السهل رؤية كيف تنتهي.

إن احتواء انتشار الإيرانيين ووكلائهم واحتواء تطور قدراتهم العسكرية في سوريا يجب أن يكون النقطة المركزية لإدارة ترامب. لكن الأمر ليس كذلك، إذ أوضح ترامب أنه يريد “السماح للآخرين أن يهتموا بالأمر الآن”. يجب أن تكون أولويتنا لتقليص التهديد الإيراني الحقيقي هناك، وهذا يتطلب تعبئة الدعم لهذا الغرض، وليس القول بأن الأمر متروك للآخرين.

قد يعتقد ترامب أن الابتعاد عن الصفقة (النووية) يجعله يبدو صارماً مع طهران، لكنه لا يفعل. فالابتعاد تجاهل للتهديد الحقيقي ويمنح الإيرانيين النصر. سيعرفون أننا وحدنا ولن يكون هناك أي ضغط حقيقي لوقف ما يقومون به في المنطقة.

المفارقة العظيمة هي أن إحدى الطرق للتعامل مع نقاط الضعف التي أوجدها الاتفاق وتعزيز ردعنا هي أن نظهر للإيرانيين أننا سنرد كلما تخطى سلوكهم الحد، بدءاً من المنطقة(الشرق الأوسط). الصفقة الإيرانية اشترت وقتاً في المسألة النووية، وليس مؤكداً أن الآن هو لحظة التخلّص منها.

*دنيس روس هو باحث في “معهد واشنطن” التابع لمنظمة ايباك الصهيونية، عمل في مناصب تتعلق بالأمن القومي في إدارات رونالد ريغان وجورج بوش الأب وبيل كلينتون وباراك أوباما.

ترجمة: الميادين نت

Optimized by Optimole