“بريكسيت” فرصة ذهبية لاستعادة قوة بريطانيا في التجارة الدولية

“بريكسيت” فرصة ذهبية لاستعادة قوة بريطانيا في التجارة الدولية
Spread the love

ليام فوكس* — منذ مئات السنين وصلت المملكة المتحدة إلى الأسواق في كل ركن من أركان العالم، الأمر الذي عزز اقتصادنا بالإضافة إلى اقتصادات شركائنا وحلفائنا. في حين أن الأولويات الأخرى قد تغيرت، فقد ظل التزامنا بالتجارة الحرة أساس السياسة الاقتصادية والخارجية البريطانية. ومع ذلك، قبل تموز يوليو 2016، لم يكن لدينا قسم مخصص للتجارة الدولية. هذه حالة غريبة مع قضية بسيطة: وهي عضويتنا في الاتحاد الأوروبي، التي حدت من قدرتنا على العمل بشكل مستقل عن بروكسل.

في الاستفتاء على الخروج أو البقاء من الاتحاد الأوروبي صوت الشعب البريطاني لاستعادة سيادتنا، وهذا يتطلب استعادة تقليد غني: وهو جعل بريطانيا مجدداً دولة تجارية عالمية مستقلة. منذ إنشائها، كانت وزارة التجارة الدولية مشغولة بتحويل التفويض الديمقراطي إلى واقع اقتصادي. فقد ساعدت في تأمين المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) أكثر من أي وقت مضى، ودعمت آلاف الشركات لتصدير سلعها وخدماتها، وبدأت العمل على تحديد إمكانات اتفاقات التجارة الحرة المستقبلية.

اليوم ، في منتصف الطريق للعد التنازلي الناجم عن المادة 50، أصبح أفق سياسة تجارية مستقلة على مرمى البصر لأول مرة منذ أكثر من 40 عامًا. خلال فترة التنفيذ التي ستلي ذلك، سنكون قادرين على التفاوض وتوقيع صفقات تجارية جديدة تكون جاهزة للدخول حيز التنفيذ، وبالتالي تحصل الشركات على اليقين الذي تحتاج إليه.

مرة أخرى سنكون قادرين على وضع شروط اتفاقات التجارة بحيث يتم نسجها وفقاً لنقاط القوة الفريدة في الاقتصاد البريطاني، ودفع حدود ما يمكن أن تحققه التجارة لكل جزء من المملكة المتحدة. بينما نترك الاتحاد الأوروبي، سنبني شراكة جديدة وعميقة ومميزة معه، وهي تتضمن اتفاقية تجارة حرة شاملة لصالح جميع الأطراف.

لكننا نريد أيضاً أن نستفيد من الطريقة التي تتغير بها التجارة العالمية. يتوقع صندوق النقد الدولي أن 90 في المائة من النمو العالمي في السنوات المقبلة سيأتي من خارج الاتحاد الأوروبي. فالتجارة العالمية، التي كانت تنمو بوتيرة أبطأ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي على مدى السنوات القليلة الماضية، قد بدأت في الارتفاع مجدداً ويبدو أنها ستكون قوية طوال عام 2018.

إن التكنولوجيات الجديدة ، في البنية التحتية المادية أو الافتراضية على حد سواء، تنتج منتجات وخدمات عالمية حقيقية في عالم أضحت فيه الحدود الجغرافية أقل أهمية بكثير من قبل. وللمرة الأولى، تتجاوز صادراتنا من الخدمات – حيث تتفوق المملكة المتحدة – صادرات السلع إلى الدول خارج الاتحاد الأوروبي.

إن مغادرة السوق الموحدة والاتحاد الجمركي هي فرصة ذهبية للمملكة المتحدة للاستفادة من هذا الاتجاه، وإعادة التفكير في مفاهيم التجارة العالمية والاستفادة من التقدم وسرعة التغيير في الاقتصاد العالمي.

إن التجارة العالمية تتطور بتعقيد متزايد، حيث يقود التطور التكنولوجي الابتكارات ويخلق اضطراباً في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الهائلة، والحوسبة الوفيرة، والتكنولوجيا الحيوية، والروبوتات.

ليس فقط الشركات التي تحتاج إلى التكيف مع هذه التغييرات، كذلك يجب أن تكون الحكومات ديناميكية لضمان عدم تخلّف بلدانها عن الركب.

إن المملكة المتحدة في وضع جيد بالفعل في هذا الصدد، وبعد “البريكست” سنبحث عن وضع أنفسنا في طليعة هذا العصر التكنولوجي الجديد عند وضع شروط سياستنا التجارية المستقلة، خارج الاتحاد الأوروبي.

هذه هي الجائزة الكبرى بعد عام 2019: القدرة على تطوير اقتصادنا في المناطق التي نمتلك فيها ميزة تنافسية. خذ مثلاً الخدمات المالية، حيث تعد المملكة المتحدة مرة أخرى رائدة عالمياً. تعهد بريطانيا بإبرام اتفاقيات تجارة حرة جديدة عبر العالم يمكن أن يساعد ليس فقط في فتح تجارة الخدمات، ولكن في رفع المعايير الدولية للتنظيم والاستقرار المالي.

وفي الوقت نفسه، سنستخدم مقعدنا المستعاد استقلاله لتعزيز المزيد من تحرير التجارة في إطار منظمة التجارة العالمية، مثل التجارة الرقمية، حيث معظم القواعد الرئيسية لم تتغير كثيراً خلال العشرين سنة الماضية.

كثيراً ما أسمع الناس يقولون إن “البريكست” سيعرض المملكة المتحدة غير المستعدة لمناخ العولمة القاسي. هذا قول متشائم للغاية. على مدى السنوات الأربعين الماضية، لم تكن المملكة المتحدة غائبة عن التجارة العالمية.

وبدلاً من ذلك، كنا نتطور باستمرار للتكيّف مع ظروف السوق العالمية، والقوة الدائمة لاقتصادنا تثبت ذلك. لقد بلغ الاستثمار والعمالة مستويات قياسية، والصادرات في ارتفاع، والعجز التجاري يضيق بمقدار 12.8 مليار جنيه إسترليني في الأرقام السنوية الأخيرة.

نتج عن عملية التحديث أن المملكة المتحدة أصبح لديها أحد أكثر الاقتصادات انفتاحًا وحرية في العالم، اقتصاد ترغب بلدان أخرى في تقليده. حجم سوقنا المحلي كبير وجذاب. وكذلك الحال بالنسبة للبيئة التنظيمية وبيئة العمل، والقوى العاملة الماهرة في التصميم والخدمات. وإذا كنت ترغب في دليل على ذلك، أنظر فقط إلى السجل المتعلق بالاستثمار التقني، أو إلى حقيقة أننا ننشئ شركة تقنية جديدة كل ساعة..

هذه الصفات ستوفر القوة والتأثير عند توقيع صفقات تجارية جديدة، ولا أشك في أن العالم سيقرع على أبوابنا للتجارة معنا. مع سياسة تجارية مستقلة يمكن للمملكة المتحدة أن تزدهر على المسرح العالمي، واثقة من قدراتنا ومع الحرية والمرونة للتكيّف مع عالم سريع التغير. هذا هو هدفنا.

*ليام فوكس عضو حزب المحافظين البريطاني.

المصدر: ذا اندبندنت – ترجمة: الميادين نت

Optimized by Optimole