مرحلة الأسئلة: ما المُتوقع في القطاع الإسرائيلي – الإيراني؟

مرحلة الأسئلة: ما المُتوقع في القطاع الإسرائيلي – الإيراني؟
Spread the love

بقلم: عمير رابوبورت – محلل عسكري إسرائيلي —

•لقد كان في استطاعة الأسبوع الماضي أن يبدو أقل دراماتيكية: لو اكتفت إسرائيل بإسقاط الطائرة الإيرانية من دون طيار، مع صور فوتوغرافية ومؤتمر صحافي كبير، لما كان جرى يوم القتال المباشر الأول من نوعه بين إسرائيل وإيران.

•لكن كما هو معروف، تطورت الأمور بصورة مختلفة، وشملت سابقات إضافية: إسقاط الطائرة الحربية “سوفا” [عاصفة]، وإغلاق مطار بن غوريون. صحيح أن هذا حدث لبضعة دقائق، لكنه أُغلق إغلاقاً كاملاً.

•ترك يوم القتال هذا وراءه عدداً غير قليل من الأسئلة بشأن ما قد يتطور في مواجهة إيران، ولا يوجد إجابات كاملة عليها كلها.

1-هل القرار ذو الأهمية الاستراتيجية بمهاجمة هدف إيراني بصورة مباشرة، ثم مهاجمة جزء كبير من منظومة الدفاع الجوي السوري، رداً على إسقاط الطائرة الإسرائيلية، جرى التخطيط له مسبقاً وحصل على موافقة الطاقم الوزاري المصغر؟

•فيما يتعلق بمهاجمة مركز انطلاق الطائرة من دون طيار الإيراني الواقع في مكان ما شمال دمشق، من الصعب معرفة الجواب. فالتوتر مع إيران نتيجة تمركزها في الأراضي السورية لم يبدأ السبت الأخير، ويمكن الافتراض أن سيناريوهات مماثلة أخذت في الحسبان، منها هذا السيناريو أيضاً.

•بالنسبة إلى الهجوم الواسع على منظومة الدفاع الجوي السورية، تدهورت الأحداث بصورة سريعة جداً. فقط بعد إسقاط طائرة “الصوفه” اجتمع في الكرياه، مركز رئاسة الأركان في الجيش الإسرائيلي، رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان مع قيادة الجيش الإسرائيلي. كلهم اجتمعوا معاً وقرروا استغلال فرصة إسقاط الطائرة لمهاجمة 12 هدفاً سورياً تُعتبر أهدافاً استراتيجية.

2-لماذا نهاجم أهدافاً إيرانية في سورية ولا نعاقب إيران على أراضيها؟

•يبدو أن إسرائيل تعمل حالياً ضمن إطار قواعد لعبة مريحة جداً بالنسبة إلى الإيرانيين: هم فتحوا جبهة مباشرة في مواجهة إسرائيل، وراء حدودها تماماً، وأرسلوا طائرة إلى أراضيها من دون المخاطرة بردّ يستهدف إيران نفسها. إذا استمر تدهور الوضع إزاء إيران ستضطر إسرائيل إلى التفكير بقواعد جديدة، وغير ذلك سيكون من الصعب عليها تحقيق ردع فعال في مواجهة الإيرانيين.

3-لماذا جرت مهاجمة الموقع الإيراني الذي انطلقت منه الطائرة من دون طيار بواسطة طائرات حربية وليس بواسطة صاروخ دقيق عن بعد؟

•طوال عشرات السنوات حافظ سلاح الجو على احتكار الهجمات في العمق انطلاقاً من نظرية أنه يمتلك حرية عمل كاملة. في هذه الأثناء لم يتسلح الجيش الإسرائيلي بصواريخ برية دقيقة جداً يبلغ مداها عشرات الكيلومترات، على الرغم من أن الصناعة الإسرائيلية باعت مثل هذا السلاح إلى دول متعددة في العالم. بعد تأخير كبير بدأ الجيش الإسرائيلي بتحسين قدراته في هذا المجال، لكن مهاجمة أهداف في العمق لا تزال تحت “التفويض” الحصري لسلاح الجو.

4-هل إسقاط طائرة “سوفا” ناجم عن إهمال، خطأ تقني، أو فشل مهني؟

•على ما يبدو هو ناجم من تضافر هذه العوامل كلها. خطر الصواريخ الروسية التي يستخدمها الجنود السوريون يعرفه جيداً سلاح الجو (إطلاق أول صاروخ على طائرة إسرائيلية لدى تحليقها فوق سورية جرى الكشف عنه في هذه الزاوية قبل عام ونصف العام). على الرغم من ذلك، يبدو أن الطياريْن اعتمدا أكثر من اللازم على منظومة القتال الإلكتروني لمنع تعرضهما للإصابة.

•يمكن الافتراض أن أفضل الأدمغة في سلاح الجو وفي الصناعة الأمنية يحاولون حالياً الفهم بدقة كيف لم تتمكن هذه المنظومات من تحييد صاروخ قديم من صنع روسي ولم تمنع إصابة طائرة تبلغ تكلفتها، مع المنظومات المركبة فيها، أكثر من نصف مليار شيكل. ومن المعقول أنه كان في إمكان الطياريْن التحليق على علو أقل خطراً (من الصعب أكثر إصابة طائرات تُحلق على علو منخفض من طائرة تحلق على علو مرتفع جداً)، أو الرد بصورة أفضل على صلية الصواريخ التي أُطلقت وشملت أكثر من 20 صاروخاً على ما يبدو من طراز SA5 وSA17.

•مع ذلك، كانت الصعوبة الأساسية على ما يبدو هي مواجهة القصف المكثف. إطلاق صواريخ كثيرة دفعة واحدة هو ما يسمى باللغة المهنية Salvo. أيضاً حركة “حماس” أطلقت خلال عملية “الجرف الصامد” ما لايقل عن 30 صاروخاً دفعة واحدة، من أجل تحديد منظومة الصواريخ الاعتراضية “القبة الحديدية”. من المحتمل أن الافتراض هو أن في وضع إطلاق كثيف قد تخطىء المنظومة الإلكترونية صاروخاً أو اثنين.

5-هل دمر سلاح الجو بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات التي أسقطت الطائرة؟

•ثمة شك كبير في أنه فعل ذلك. لم ينشر سلاح الجو صوراً تدل على نتائج هذا الهجوم، مثل الهجوم على موقع الطائرة الإيرانية من دون طيار مثلاً. من المحتمل جداً أن جزءاً من الأهداف التي هوجمت كانت أهدافاً وهمية (وهذا أسلوب روسي معروف جداً). في جميع الأحوال فإن بطاريات الـSA17 صغيرة ومتحركة ويمكنها الاختفاء.

6-لماذا أُغلق مطار بن غوريون صباح السبت؟

•جاءت الأوامر بإغلاق المطار الوطني من الجيش الإسرائيلي في أثناء إطلاق الصواريخ التي أدت إلى إسقاط الطائرة. على ما يبدو تخوفوا في الجيش الإسرائيلي من “السابقة الأوكرانية” التي حدثت قبل بضعة سنوات، حين أدى صاروخ أُطلق في اتجاه طائرة روسية عن طريق الخطأ إلى إسقاط طائرة ركاب ماليزية.

7-هل تحاول إسرائيل منع تمركز إيران في سورية بالوسائل العسكرية فقط؟

•ليس تماماً. تترافق المعركة العسكرية مع معركة سياسية تبدأ من موسكو وتصل إلى واشنطن. المشكلة الكبيرة هي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الحاكم الفعلي في سورية بعد الحرب الأهلية، يفكر قبل كل شيء في نفسه وفي روسيا، وليس في مصالح إسرائيل.

8-هل ذروة التوتر أصبحت وراءنا؟

•كلا. لقد قال وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان في عدد من المنتديات إن الجولة المباشرة المقبلة في مواجهة إيران هي مسألة وقت، وذلك نتيجة تمسك الإيرانيين وتمسكنا نحن أيضاً بمواقف متعارضة. يبدو أن الإصرار الإيراني على الدفع قدماً بشوؤنهم العسكرية (والاقتصادية) هو أمر مطلق، لذا يبدو أن ليبرمان على حق.

المصدر: صحيفة “”مكور ريشون” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole