نقل السفارة والانسحاب من الاتفاق النووي… فتّش عن المال

نقل السفارة والانسحاب من الاتفاق النووي… فتّش عن المال
Spread the love

واشنطن- “القدس” – سعيد عريقات- أوفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء الماضي، بتعهده أثناء حملته الانتخابية عام 2016، بتمزيق الاتفاق النووي الإيراني المعروف باسم “خطة العمل المشتركة الشاملة”، الإنجاز الأهم في السياسة الخارجية لسلفه، الرئيس السابق باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري، الذي يكن لهما (ترامب) حالة مستشرية من الازدراء، رافضاً بذلك نصيحة كل من وزير دفاعه، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، إد رويس، ودان كوتس، رئيس “وكالة الاستخبارات الوطنية” التي تشمل كل أجهزة الاستخبارات الأميركية الـ16، إلى جانب أهم حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين الثلاث؛ بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وما يقرب من ثلثي الأميركيين الذين يعتقدون أنه كان ينبغي بالولايات المتحدة أن لا تنسحب من صفقة النووي الإيراني، وفقا لاستطلاع للرأي أجرته شبكة “سي.ان. ان” الأميركية ونشرت نتائجه الثلاثاء.

من الوهلة الأولى تبين أن الرئيس ترامب عازم تماما على التراجع عن كل ما حققه باراك أوباما بقدر الإمكان، مثل قانون الضمان الصحي (أوباما كير)، اتفاقية باريس المناخية، اتفاقية التجارة الدولية، وأخيرا الاتفاق النووي الإيراني، وذلك إلى جانب العديد من الأمور البيئية والبنكية والمالية التي لا تحصى، والقيود التي فرضت في عهد أوباما على التلوث أو وغيرها من كبح جماح الجشع الرأسمالي.

كما يظهر واضحا أن الرئيس ترامب تأثر بأموال حفنة من المليارديرات الذين يؤيدون الاستيطان ويؤيدون بنيامين نتنياهو وحزب الليكود، خاصة اثنين من أكبر المتبرعين لترامب، وهما شيلدون أديلسون، ملك القمار والداعم الأكبر للاستيطان، وبرنارد ماركوس، أحد مالكي شركة “هوم ديبوت” الكبيرة، وآخر ثالث، بول سينجر، وثلاثتهم من اليهود المتزمتين اللذين يدعمون الاستيطان وضغطوا على ترامب لنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، وتقدموا بتحمل تكاليف بنائها ودفعوا بثقلهم المالي وراء ترامب.

وقد حصل ماركوس وأديلسون، اللذان يشغلان أيضًا أعضاء في “الائتلاف الجمهوري الليكودي” عائدات كبيرة على استثمارهما في ترامب: الوقوف الكلي للولايات المتحدة وراء إسرائيل، الذي (من وجهة نظرهم) يتوج الأسبوع المقبل، يوم 14 أيار، الذكرى الـ70 للنكبة الفلسطينية في افتتاح السفارة الأميركية في القدس، والتراجع الرسمي عن استخدام تعبير “الأراضي المحتلة” لوصف الضفة الغربية والقدس الشرقية.

آدلسون، من جانبه، كان أكبر داعم (مالي) لترامب والحزب الجمهوري. وساهم هو وزوجته ميريام بمبلغ 35 مليون دولار في الإنفاق الخارجي لانتخاب ترامب، و20 مليون دولار لصندوق قيادة الكونغرس (وهي لجنة مخصصة حصريا لتأمين أغلبية الحزب الجمهوري في مجلس النواب) ، و35 مليون دولار لصندوق قيادة مجلس الشيوخ في دورة الانتخابات 2016.

يشار إلى أن ترامب كان قد اشتكى في السابق من أن أديلسون كان يسعى إلى “قولبة ماركو روبيو” السيناتور الجمهوري من ولاية فلوريدا، التي كانت قد دعمته منظمة اللوبي الإسرائيلي إيباك و”جعله الدمية الصغيرة المثالية” في يد ادلسون الذي كان يريد “وقف الجهود الأميركية لمساعيها في عملية السلام وحل الدولتين، أو الضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان، وضرورة نقل السفارة الأميركية إلى القدس”، وهو ما وعده به ترامب.

كما يشار إلى أن جون بولتون، مستشار الرئيس الجديد الذي استلم منصبه يوم 9 نيسان الماضي، تم اقتراحه من قبل شيلدون ادلسون بسبب “قرب بولتون من نتنياهو”.

وكان ادلسون قد دعا في السابق إلى قصف طهران بقنبلة نووية “كتدبير تفاوضي” وتدمير طهران، المدينة التي يبلغ عدد سكانها 8.8 مليون نسمة، إذا لم تتخلى إيران عن برنامجها النووي بالكامل.

ولعل أفضل وصف لأدلسون هو ما قال نيوت غينغريتش، رئيس مجلس النواب السابق، والمتلقي لدعم ادلسون المالي السخي خلال حملته الرئاسية الفاشلة عام 2012، بقوله إن “القيمة المركزية” لأدلسون هي إسرائيل.

إلا أن أدلسون ليس وحيدا في تبني وجهات النظر الراديكالية حول إيران، والحصول على أذن الرئيس الصاغية، أو على الأقل النفوذ المالي الكبير. فقد ساهم مؤسس شركة هوم ديبوت، بيرنارد ماركوس، وهو ثاني أكبر مساهم في حملة ترامب، بمبلغ 7 ملايين دولار أميركي في برنامج اللجنة المؤيدة لترامب (Super-Pac ، و500000 دولار لصندوق قيادة الكونغرس (CLF) ، ومليوني دولار من صندوق قيادة مجلس الشيوخ (SLF). وفي مقابلة أجرتها مؤسسة فوكس للأعمال في عام 2015، قارن ماركوس خطة العمل المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني) “للقيام بعمل من أعمال الشيطان”.

كما يشترك كل من أديلسون وماركوس في علاقة مشتركة مع المؤسسة المتشددة للدفاع عن الديمقراطيات، وهي واجهة من واجهات اللوبي الإسرائيلي في واشنطن (والجيش الإسرائيلي على وجه التحديد) التي مولها آدلسون بمبلغ 1.5 مليون دولار على الأقل. مليون إلى المجموعة بحلول نهاية عام 2011 (وهو العام الذي شهد ارتفاعًا حادًا في التوتر والشائعات عن الحرب من قبل إسرائيل ضد إيران) وفقًا للكشف الضريبي عن الجدول الزمني لعام 2011 الصادر عن مؤسسة “إف.دي.دي” فيما ساهم ماركوس -وهو المتبرع الأكبر للمؤسسة- بمبلغ 10.7 مليون دولار على الأقل.

وتدعي “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أن أدلسون توقف عن دعمها المالي ولكن ماركوس لا يزال يتبرع لها بسخاء، حيث ساهم بمبلغ 3.25 مليون دولار في عام 2015، وهو العام الأخير الذي عرفت فيه منح مؤسسته.

أما الملياردير بول سينغر من البورصة في نيويورك، فقد تبرع بمبلغ 3.6 مليون دولار على الأقل للمؤسسة حتى نهاية عام 2011، مما جعله ثاني أكبر مانح للمجموعة بعد ماركوس في ذلك الوقت، ولكن من غير المعروف المبلغ الذي تبرع به لترامب، ولكن الثلاثة معا تبرعوا بأكثر من 40 مليون دولار “من الأموال السياسية المؤيدة لترامب في انتخابات عام 2016، وهم الان يستردون عائدات استثماراتهم في القدس، والآن الإجهاز على الاتفاق النووي الإيراني” بحسب الكاتب إيلا كليفتون.

إن ترامب والحزب الجمهوري مدينان بشدة لمليارديرات أصحاب الصفقات المعادية لإيران، الذين لا يخافون من الدعوة إلى سياسات تدفع البلاد إلى الاقتراب من حرب أخرى في الشرق الأوسط.

هناك من يعتقد أن ترامب والحزب الجمهوري أسيران فعلياً لمجموعة صغيرة من المليارديرات الليكوديين الذين يدعمون نتنياهو وحركة الاستيطان بتطرف هائل. وقد زار أدلسون البيت الأبيض أمس الأربعاء، في اليوم التالي لانسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني مما قد يكون له دلائله.

المصدر: القدس

Optimized by Optimole