مقتل باسل الأعرج يثير الاحتجاج مجدداً ضد التعاون الأمني مع إسرائيل

Spread the love

بقلم: عميره هاس – مراسلة “هآرتس” في الضفة الغربية —

•باسل الأعرج، 33 عاماً، قتله جنود الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين الماضي في منزل كان يختبئ فيه في مدينة البيرة بالقرب من رام الله. ووفقاً للجيش الإسرائيلي كان الأعرج مطلوباً من القوات الأمنية وهو قُتل خلال تبادل لإطلاق النار مع جنود الجيش الإسرائيلي الذين جاؤوا لاعتقاله. لكن وفقاً لمصادر فلسطينية، فقد أطلق الجيش صاروخاً على المنزل الذي كان الأعرج يختبئ فيه. وأظهر مقتل الأعرج من جديد الجدل بشأن التعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وأثار احتجاجاً ضد الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي تقمع كالعادة، وتثير بذلك موجة احتجاجات إضافية.

•قمع التظاهرة المتواضعة التي جرت أول من أمس (الأحد) مقابل مبنى محكمة السلام في البيرة، والتي شارك فيها والدي الأعرج، لم تكن خارجة عن المألوف. ومنذ قيامها قمعت الأجهزة الفلسطينية التظاهرات والاحتجاجات. لكن على الرغم من ذلك فإن الظروف لم تكن عادية: داخل المبنى كان يجب أن يُحاكم ستة شبان متهمين بحيازة سلاح غير شرعي وتعريض حياة الناس للخطر. واحد منهم فقط كان حاضراً في القاعة، أربعة آخرون اعتقلتهم قوات الأمن الإسرائيلية منذ بضعة أشهر، والخامس هو الأعرج.

•الستة جرى اعتقالهم السنة الماضية نصف سنة في سجن فلسطيني ثم أُطلقوا بعد إضرابهم عن الطعام، لكن منذ ذلك الحين اعتقلت إسرائيل أربعة منهم في حين انتقل الأعرج إلى العمل السري. ووفقاً لتقارير فلسطينية، فإنه على الرغم من حصول القاضي على دلائل تشير إلى أن المتهمين الأربعة معتقلون في إسرائيل، فهو فضّل تأجيل الجلسة إلى 30 نيسان/أبريل بحجة أنهم معتقلون إداريون ومن المحتمل أن تفرج عنهم إسرائيل حتى ذلك الحين. أما كتاب الاتهام ضد الأعرج فقد أبطل بعدما أُعطي القاضي شهادة وفاته.

•خارج قاعة المحكمة هتف عشرات المتظاهرين بينهم نساء شابات ونشطاء مخضرمون ضد الاحتلال الإسرائيلي وضد التعاون الأمني مع إسرائيل. حاولت القوى الأمنية [الفلسطينية] منع النقل المباشر للتظاهرة في القناة الفلسطينية “اليوم” التي تتماهى مع الجهاد الإسلامي. وعلى الفور، وعلى الرغم من وجود نساء في المكان، جرى تفريق المتظاهرين بسرعة بواسطة الضرب بالهراوى، وبقنابل الغاز المسيل للدموع التي ألقيت في حي فيه مدارس وحضانة أطفال.

•كان من بين الجرحى الذين نُقلوا إلى المستشفيات والد الأعرج. كما كان بين المعتقلين الأربعة الذين اعتقلتهم القوى الأمنية بضع ساعات خضر عدنان، المعروف بسبب إضرابه عن الطعام الطويل ضد اعتقاله الإداري في إسرائيل. وادعت الشرطة [الفلسطينية] أن المتظاهرين أغلقوا شارعاً مركزياً ولذا كان من الضروري تفريقهم. ونُشرت صور عن قمع التظاهرة على وسائل التواصل الاجتماعي مترافقة بدعوات إلى عدم الاكتفاء بالنقاش الداخلي والإدانات على الفايسبوك، بل الخروج مجدداً إلى الشوارع. وقد حُدد موعد لتظاهرة جديدة جرت بعد ظهر الأمس في رام الله، كان دعا صحافيون ومحامون إلى المشاركة فيها. وشهد مخيم الدهيشة تظاهرة من أجل ذكرى الأعرج وضد التعاون الأمني مع إسرائيل، وجرى تفريق هذه التظاهرة أيضاً بالقوة. وأعلنت الجبهة الشعبية رداً على قمع التظاهرة أنها لن تشارك في الانتخابات المحلية التي ستجري فقط في الضفة الغربية في أيار/مايو.

•وكالعادة اختلفت الآراء على الفايسبوك، فهناك مستخدمون أعربوا عن شكوكهم في أن أجهزة السلطة ساعدت إسرائيل في العثور على الأعرج، ويدّعون أن مجرد إحالته على المحاكمة هو تعاون مع الاحتلال. وفي حين يدين آخرون قمع التظاهرة فهم يحذرون من الانجرار وراء الاتهامات بالخيانة، ومقارنة شرطة السلطة بالجنود الإسرائيليين. ويحاول ناشطو فتح التنصل من المسؤولية وإلقاءها على عاتق أجهزة السلطة، متجاهلين وجود تنظيمهم في السلطة والدور المركزي الذي يلعبه أعضاء فتح في الأجهزة الأمنية.

•الأعرج الذي كان يمتهن الصيدلة، تماهى مع تنظيمات يسارية فلسطينية. وهو شارك في نشاطات شعبية غير مسلحة ضد الخطة الإسرائيلية لبناء جدار في قلب قريته الواقعة غرب بيت لحم، الولجه، وضد مصادرة أراضيها من أجل إقامة متنزه عام للإسرائيليين. وفي ما بعد كان ناشطاً في مبادرات أخرى ونشاطات شعبية ضد المستوطنات والتطبيع مع إسرائيل.

•النشاطات الشعبية غير المسلحة فشلت: الجدار بُني، والناس خسروا أراضيهم أو فصلوا عنها، المستوطنات تتوسع والسلطة الفلسطينية ما تزال تواصل تعاونها الأمني مع إسرائيل. في رأي رفاق الأعرج أن هذا الفشل هو الذي دفعه إلى قرار محاكاة نموذج النضال الفلسطيني في سنة 1936، والتسلح، واللجوء إلى النشاط السري، والخروج إلى الجبال، والمخاطرة بأن يعتقل أو يموت. إن المسار المأساوي الذي اختاره دليل على الحائط المسدود الذي تعيشه السياسة الفلسطينية.

•ومثل دائماً، هذه المرة أيضاً تثير الاحتجاجات وإدانة محاولات القمع أملاً في تحطيم الجمود السياسي الفلسطيني الداخلي، وفي تهاوي السيطرة الأحادية لمحمود عباس على سياسة منظمة التحرير الفلسطينية، وحركة “فتح”، والسلطة الفلسطينية. وتدل التجربة على أنه بعد القمع الأولي للاحتجاج تجد السلطة سبلاً لتمييعه، لكن هناك تراكماً مستمراً للمرارة والاشمئزاز واليأس والغضب. ولا يمكن معرفة إلى متى تستطيع أجهزة الأمن الفلسطينية احتواء هذه المشاعر وطمسها، أو قمع النشاطات والمبادارت الناتجة عنها.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole