محلل عسكري: تدمير الأنفاق يحرم حزب الله ورقة هجومية مهمة لكنه لن يؤدي إلى تصعيد فوري

محلل عسكري: تدمير الأنفاق يحرم حزب الله ورقة هجومية مهمة لكنه لن يؤدي إلى تصعيد فوري
Spread the love

أحداث صباح السبت تسمح الآن بالتحدث علناً عمّا كنا فقط نستطيع التلميح إليه في الأيام الأخيرة، تحت غطاء كثيف فرضته الرقابة العسكرية: بدأ الجيش مرحلة علنية لعملية واسعة النطاق للعثور على أنفاق هجومية حفرها حزب الله تحت الحدود مع لبنان وتدميرها.

هذه هي الخلفية المباشرة لازدياد التوتر على الجبهة الشمالية في الأسابيع الأخيرة. وللزيارة الخاطفة التي قام بها رئيس الحكومة إلى بروكسل أمس، والتقى خلالها وزير الخارجية الأميركي بومبيو لمناقشة الوضع في الشمال – وعلى ما يبدو، لمناقشة التلميحات التي وزعها نتنياهو قبل أسبوعين، بشأن الوضع الأمني الطارىء الذي يفرض بقاء حزب البيت اليهودي في الائتلاف المتهاوي، وفقاً لكلامه.

على الرغم من الإعلان الدراماتيكي هذا الصباح، والاسم الغني بالدلالات الرمزية الذي اختير للعملية ” الدرع الشمالي”، فإن التحركات الإسرائيلية لا تبشر بحرب. فإسرائيل تتحرك داخل أراضيها، وتقوم بأعمال دفاعية شرعية، لإحباط استعدادات هجومية قام بها حزب الله تحضيراً لعملية مستقبلية ضدها. تجري الأعمال الهندسية في الجانب الإسرائيلي من الحدود – وتعالج خرق حزب الله للسيادة، من خلال حفره أنفاقاً تمتد إلى أرض إسرائيل (أيضاً إسرائيل لم تمتنع من خرق السيادة اللبنانية السورية. طائرات سلاح الجو شنت هجمات مئات المرات في السنوات الأخيرة داخل أراضي سورية، وحلّقت في أحيان كثيرة في أجواء لبنان لجمع معلومات استخباراتية).

الخطوة الإسرائيلية تحرم حزب الله ورقة هجومية مهمة، كان يحتفظ بها لاستخدامها في حال نشوب حرب. وبالنسبة إليه، فإن هذه الخطوة ستشكل خيبة أمل عملانية كبيرة – لكنها بعيدة عن التبشير بنشوب حرب الآن. فبحسب التقديرات في إسرائيل، على الرغم من تهديدات الأمين العام لحزب الله العلنية والمتعاقبة التي يطلقها فهو ليس معنياً بحرب، وهذا تحديداً العنصر الكابح في عملية اتخاذ القرارات بين طهران، ودمشق، وبيروت.

زيارة نتنياهو إلى بروكسل كانت مؤلفة من مكونين: التنسيق مع الأميركيين فيما يتعلق بالخطوات العسكرية الإسرائيلية للعثور على أماكن الأنفاق، ومن جهة أُخرى، نقل رسالة تحذير حادة إضافية الى حكومة لبنان تدعوها إلى المحافظة على الهدوء وكبح حزب الله، ومنعه من تصعيد الوضع على طول الحدود.

مسألة الثمن

المسألة الأكثر إقلاقاً هي كيف سترد إيران لاحقاً – وهل ستبحث عن طريقة، ربما في حدود أُخرى، لتدفيع إسرائيل ثمن إحباط خططه العملانية. مشروع الأنفاق هو مشروع مكلف، سري، وذو أهمية مطلقة بالنسبة إلى كل من إيران وحزب الله. من الواضح أيضاً أن الإيرانيين كانوا في الصورة – جزء من المعرفة العملانية اعتمدت على المعرفة التي راكمتها “حماس”، في نشاطاتها تحت الأرض التي جرت في قطاع غزة خلال العقد الأخير.

لقد حققت المؤسسة الأمنية انعطافاً تكنولوجياً واستخباراتياً فيما يتعلق بالعثور على الأنفاق في قطاع غزة قبل نحو عام، ومنذ ذلك الحين اكتشفت ودمرت قرابة 15 نفقاً هجومياً على طرفي السياج الحدودي في غزة. لكن هذا النجاح العملاني ساهم أيضاً تدريجياً بحدوث التدهور بين إسرائيل و”حماس”، وشجع في وقت لاحق الحركة على تسخين مقصود للوضع على طول السياج الحدودي في غزة، من خلال “مسيرات العودة” بدءاً من نهاية آذار/مارس الماضي.

حفر الأنفاق، كما العثور عليها على الحدود الشمالية، مهمة صعبة للغاية. الجيش الإسرائيلي عرض اليوم تفصيلاً ضئيلاً عن استعداداته في هذا المجال في السنوات الأخيرة: بلورة الفهم حدثت في سنة 2012، لأنه عندما يتحدث حزب الله عن خطة مستقبلية “لاحتلال الجليل”، فإن هذا الأمر يتضمن أيضاً نيته القيام بهجوم مفاجىء بواسطة الأنفاق؛ إقامة طاقم خاص لدارسة المشكلة جرت في سنة 2014، والعمليات مستمرة للكشف عن أنفاق في السنوات الأخيرة. لا يكشف الجيش كم سنة مضت منذ حفرت الأنفاق إلى أن اكتشفت (يبدو أنها لم تكن سنوات قليلة). وهل هو يشك في وجود أنفاق أكثر مما تم العثور عليه، وهل كان هناك مجال للقيام بعمل قبل عدة شهور؟

سؤال آخر يتعلق بما يجري على الصعيد السياسي. في خطاب 18 تشرين الثاني/نوفمبر، قال نتنياهو إن فترة من التحديات الأمنية تنتظر الدولة، وأضاف أن المطلوب “تضحية” من الجمهور. لقد قلل وزير الدفاع المستقيل من أهمية هذا الكلام. ويبدو أيضاً أن وزيري البيت اليهودي، اللذين قررا البقاء في الحكومة لم يقتنعا بأن المقصود هو خطر حرب.

مع ذلك، ظهر هذا الصباح تحدٍّ أمني مهم يتطلب الآن إشرافاً مباشراً من نتنياهو ومن أيزنكوت وقائد المنطقة الشمالية يوآل ستريك. ويجب أن نتذكر أن الأنفاق ليست المشكلة الوحيدة الملحة والمطروحة على جدول الأعمال. تحذر إسرائيل أيضاً من انعكاسات المشروع الإيراني بإقامة مصانع سلاح دقيق لحزب الله في لبنان – كما يجب عليها أن تستعد للتغيير الذي تفرضه روسيا، والذي أغلق إلى حد بعيد أجواء سورية في وجه العمليات الهجومية لسلاح الجو من جهة، وفرض على إيران تقليص استخدام شحنات تهريب السلاح، من جهة أُخرى.

المصدر: عاموس هرئيل – محلل عسكري، صحيفة هآرتس، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

Optimized by Optimole