“داعش” محاصر في مناطق منفصلة في سوريا

“داعش” محاصر في مناطق منفصلة في سوريا
Spread the love

بقلم: كمال شيخو – عن المونيتور – بعد قطع قوّات سوريا الديمقراطيّة في 5 آذار/مارس الجاري، الطريق الأخير الذي يربط الرقّة بمدينة دير الزور ويبلغ طوله 162 كيلومتراً (شرقاً)، وكان يُشكل الشريان الرئيسي لتنظيم داعش لربط مناطقه شمالي سوريا بشرقها؛ باتت كلّ طرق الإمدادات البريّة المؤدّية من مركز الرقّة وإليها مغلقة لتقدم القوات، إذ تسيطر ناريّاً على منطقة بطول 30 كيلومتراً ممتدّة من نقطة الكُبر إلى الضفّة الشماليّة لنهر الفرات، وتقع هذه المنطقة في الحدود الإداريّة لمدينة دير الزور (شرق سوريا).

والطريق العامّ بين الرقّة وحلب ومسافته 202 كليومتراً، غير سالك بعد سيطرة قوّات بشّار الأسد على قرية الخفسة التابعة إلى بلدة الباب في ريف حلب الشرقيّ في 8 آذار/مارس الجاري، والتي تقع على الضفّة الغربيّة لنهر الفرات.

أمّا الطريق الرئيسيّ بين الرقّة ودمشق البالغة مسافته 443 كيلومتراً (جنوباً)، فهو مغلق بعد استعادة القوّات النظاميّة الموالية للأسد بدعم روسيّ في 2 آذار/مارس الجاري، مدينة تدمر الأثريّة من قبضة عناصر “تنظيم داعش” التي تبعد عن الرقّة 227 كيلومتراً.

أمّا الطريق المؤدّي من الرقّة إلى محافظة الحسكة والبالغ طوله 192 كيلومتراً (شمال شرق)، فمغلق منذ 28 كانون الأوّل/ديسمبر من العام الفائت، بعد انتزاع قوّات سوريا الديمقراطيّة قرية تلّ السمن ومحطّتها الكهربائيّة وتقع في ريف الرقّة الشماليّ، وتبعد القرية والمحطة عن مركز المدينة نحو 27 كيلومتراً.

وقد بدأت حملة “غضب الفرات” وتقودها قوّات سوريا الديمقراطيّة منذ انطلاقتها وعمادها العسكريّ وحدات حماية الشعب الكرديّة بدعم جويّ من التحالف الدوليّ الذي تقوده الولايات المتّحدة الأميركيّة ضد تنظيم “داعش”، ومنذ 4 شباط /فبراير الماضي، أعلنت مرحلتها الثالثة بهدف محاصرة الرقّة والقضاء على تنظيم الدولة الإسلاميّة وحكمه كسلطة أمر الواقع في أبرز معاقله في سوريا.

وأعلنت المتحدّثة الرسميّة باسم حملة “غضب الفرات” جيهان شيخ أحمد أنّ مدينة الرقّة الآن باتت معزولة، ولدى لقائها مع موقع “المونيتور”، قالت: “قوّاتنا تطبّق الحصار في شكل تامّ على الرقّة. حقّقنا تقدّماً ملحوظاً بفضل زيادة الدعم الجويّ والمشاركة العسكريّة للتحالف الدوليّ”. وأضافت: “سيطرنا خلال فترة قصيرة على كامل ريف الرقّة وحرّرنا المئات من القرى وعشرات التلال الاستراتيجيّة، ووصلنا إلى نهر الفرات من جهّة الشرق، وإلى محيط سدّ الفرات من الجهّة الشماليّة الغربيّة”.

ولم تحدّد المسؤولة العسكريّة مدّة زمنيّة للمعركة، ولفتت قائلة: “قد تستغرق المعركة أشهراً، لكن بالتأكيد لن تطول سنوات”، مضيفة: “نحن على ثقة بأنّ لدينا القوّة الكافية وعددنا في تزايد، لأنّنا نتلقّى الدعم من أهالي قرى المنطقة ومن التحالف الدوليّ المناهض لـ”داعش””.

بدوره، يرى الخبير العسكريّ السوريّ عبد الناصر العايد وهو مستقل، أنّ معركة الرقّة قد تستغرق أشهراً، وفي حديث مع موقع “المونيتور”، قال: “بتصوّري، المعركة لن تطول كثيراً، على الرغم من الدعاية الإعلاميّة بأنّها قلعة التنظيم الحصينة، لكنّها ستسقط سريعاً وستكون مفاجأة للجميع بأنّها قلعة جوفاء”.

وتمكّنت قوّات سوريا الديمقراطيّة من إحراز تقدّم في ريف دير الزور الغربيّ، واخترقت المناطق الواقعة إداريّاً بين محافظتي الرقّة ودير الزور. ويعزو العايد السبب إلى أنّه “نظراً إلى افتقار التنظيم إلى حاضنة شعبيّة بالريف الغربي لدير الزور، وأعداد المنتسبين إليه قليلة والمجتمع العشائريّ هناك يعتبر أنّ المعركة بين طرفين هما “داعش” والأكراد ولن يدخل فيها، يجدون أنفسهم طرفاً ثالثاً”.

وبعد عام من إعلان تنظيم داعش ما يسمّى بـ”خلافته الإسلاميّة” في شهر حزيران /يونيو سنة 2014، سيطر مسلّحوه على نصف مساحة سوريا، وكانت تقدّر آنذاك بنحو 90 ألف كيلومتر مربّع، من إجمالي مساحة البلاد البالغة 185,180 كيلومتراً مربّعاً، حيث أزالوا الحدود بين مناطق سيطرته في سوريا والعراق.

وقالت أحمد: “سيطرنا على كامل ريف الرقّة، ولم يتبقّ إلّا مركز المدينة، إضافة إلى جزء من دير الزور. هدفنا سحق التنظيم في معقله الرئيسيّ والقضاء عليه، وبذلك سنكون حرّرنا سوريا والعالم من رجس تنظيم “داعش” الإرهابيّ”.

وأشارت القياديّة الكرديّة في صفوف قوّات سوريا الديمقراطيّة أنّ نسبة العرب المشاركين في معركة الرقّة تقدّر بـ80%، والتشكيلات التي تخوض المعركة هي قوّات النخبة الجناح المسلح التابعة إلى تيّار الغد، والمجلس العسكريّ لمدينة دير الزور، وقوّات سوريا الديمقراطيّة، وأبناء العشائر العربيّة السنيّة.

أما الخبير العسكريّ عبد الناصر العايد، أستبعد إمكانية القضاء على تنظيم داعش المتشدّد وسحقه، وقال: “قد ينتصر الأكراد وقوّات سوريا الديمقراطيّة، ويهزمون التنظيم عسكريّاً، لكن في رأيي من الصعب سحقه والقضاء على بنيته العقائديّة والأمنيّة والإيديولوجيّة”، منوّهاً بأنّ التنظيم ليس حزباً سياسيّاً ولا مؤسّسة عسكريّة، وقال: “بل حركة اجتماعيّة سياسيّة، نجمت من التقاء مشاعر القهر والدونيّة التي تعاني منها منذ نحو قرن قطاعات واسعة من المسلمين. “داعش” ولو دفن حيّاً وهزم عسكريّاً، سيبقى شبحاً مدمّراً لا يلبث أن يبرز مرّة ثانية”.

وخسر التنظيم المتطرف في سوريا فقط؛ ثلث المساحة التي كانت خاضعة إليه خلال السنتين الماضيتين بحسب العايد، ونقل الخبير العسكري أنّ معنويّات عناصر التنظيم في الحضيض جرّاء كثرة الجبهات العسكريّة المفتوحة عليه في سوريا والعراق، كما مني بخسائر كبيرة في معركة الموصل. وفي ختام حديثه، قال: “دخل “داعش” في مرحلة الانحلال العسكريّ، وسيتحوّل إلى جهاز أمنيّ أعدّ له سابقاً، وسيختبئ تحت الأرض ويعتمد على شبكاته السريّة وخلاياه النائمة”.

وبعد إحكام الطوق على مدينة الرقّة، أصبح مسلّحو تنظيم داعش محاصرين في جيوب جغرافيّة منفصلة، حيث أنّ الرقّة عزلت تماماً من ثلاثة جهات (من الغرب ومن الشمال ومن الشرق)، ومن الجنوب نهر الفرات ومحاصر جواً جراء قصف طيران التحالف الدولي.

في حين باتت دير الزور مطوّقة من قوّات سوريا الديمقراطيّة من جهتي الغرب والشمال وفصلت عن الرقّة، أمّا ريف حمص وتدمر فهما مُحاصرتان من قبل قوّات نظام الأسد من الجهّتين الجنوبيّة والغربيّة وعُزلتا عن الرقّة.

المصدر: المونيتور
Read more: http://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2017/03/syria-democratic-forces-isolate-isis.html#ixzz4bVzuF0Sp

Optimized by Optimole