عن القراءة والمعرفة

عن القراءة والمعرفة
Spread the love

بقلم: لميس جديد — كما هو العلم هام فكذلك القراءة بتسليطها الضوء عليه، توضح العالم بشكل متفرد، تطرح أسئلة كما يطرحها الفلاسفة عن الحياة من زوايا اخرى لم تكن مطروقة، القراءة فيها من الحرية الكثير تكفي لسبر وحشية الكتابة…
الغرب الذي لم يبنى فقط على الرأسمالية ( تكديس رؤوس الأموال) بلا على تكديس من نوع اخر لا يقل اهمية في فرض سيطرته على بقية العالم المتقدم والذي في طور النمو، الا وهي التكديس المعرفي والثقافي (Cultural Capital)
في عالم مقسم بين من يقرا وهم النخب التي تقود وترسم وتشكل حياة البقية التي لا تقرأ، تصبح مسؤليتنا اكبر في ابقاء اهتماماتنا بمنأى عن التبعية الفارغة والمقلدة، والبعيدة عن اَي حقيقة وواقع.
في مقابلة للكاتب الجزائري الكبير كامل داوود تحدث عن الفرق بين الواقع والخيال، عن انسوجة الخيال التي نعيش فيها، بوتقة من المعتقدات ( اعتقادنا بقصة حب، بفلسفة معينة، بإيمان ديني معين، بعادات توارثناها …) التي يتبناها الأنسان لتحميه من عدم اليقين وعدم القدرة على السيطرة تماما على مجريات واحداث حياته، معتقداتتساعده بالحياة وفي تشكيل نفسه وهويته ربما، والواقع من جهة اخرى، الذي لا يظهر حتى تسقط احدى هذه القناعات او المعتقدات، فتظهر هنا فقط الحقيقة بعريها…
ومن عدالة الأدب انه يسلط الضوء على هذه اللحظات التي يتجلى فيها الواقع بقساوته، والتي تحاول حياتنا اليومية ومعتقداتنا ان تجنبنا النظر اليها او الاعتراف بامكانية حصولها.

Elena Ferante / My brilliant friend صديقتي المذهلة
الكتاب المترجم الى اكثر لغات العالم ومنها العربية، والحائز على الكثير من الجوائز، حاز على المراتب الاولى في اغلب التصنيفات الأدبية على انه الرواية الكثر تشويقا ومتعة..
الينا فيرانتي تتحدث عن نساء تتعذب وتتألم ولكنها غير منكسرة وثورية، بعد الحرب العالمية الثانية حتى بداية القرن الواحد والعشرين في ٤ اجزاء.
انها تروي قصة إيطاليا بعد الحرب من خلال شخصيات نسائية ( وقليلة هي الروايات التي فعلت ذلك) إلينا: الاجتهاد الذي يصل في نهاية الطريق، تتقبل السلطة، مرتبة ومثال و ليلى: الإبداع، الثائرة المتوقدة، الجريئة، الأكثر ذكاء والتي تعلمت القراءة وحدها…
صداقة معقدة، ليست وردية كما هي اغلب العلاقات، كما هي غير مصنوعة فقط من الحب، بل مزيج من سوء التفاهم، الغيرة والتنافس.
علاقة الضدان اللذان يكتشفان في النهاية مدى تطابقهما، تساعد كل منهما الاخرى على الخروج من ذاتها وإعطاء النسخة الأفضل منها…
فتاتان عاشتا في ضواحي نابولي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، من ذات القعر الفقير، المظلم، المدنس بالشكوى والتذمر، الفاسد والمعادي للمرأة، قاع تتحارب فيه المافيا مع الشيوعية والعنف يحكم في الشارع كما يحكم في البيت.
ما جمع إلينا وليلى هو حب القراءة والكتب…

*كاتبة سورية.

Optimized by Optimole