السفير الأميركي السابق دانييل كيرتزر: لهذا دعوت إلى فتح قناة اتصال مع حزب الله

السفير الأميركي السابق دانييل كيرتزر: لهذا دعوت إلى فتح قناة اتصال مع حزب الله
Spread the love

حوار: علي رزق — يعدّ دانييل كيرتزر من الأسماء الأميركية المعروفة في الشرق الأوسط والعارفة بشؤون هذه المنطقة، حيث عمل سفيراً للولايات المتحدة لدى مصر في إدارة بيل كلنتون بين عامي 1997 و2001، ولدى إسرائيل بين عامي 2001 و2005 في إدارة جورج بوش الابن. في مقالة كتبها أخيراً لمجلس العلاقات الخارجية الذي يعتبر من أهم مراكز الدراسات الأميركية للسياسة الخارجية، قدّم هذا الدبلوماسي الأميركي السابق توصية هي الأولى من نوعها إذ دعا إدارة ترامب إلى فتح قناة اتصال أمنية سرية مع حزب الله من أجل خفض احتمالات اندلاع حرب جديدة بين الحزب وإسرائيل. في مقابلة خاصة مع الميادين نت يتوسع كيرتزر أكثر في هذا الموضوع حيث يتحدث عن فتح قناة اتصال مع الحزب عبر وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه” ويلمّح إلى أنَّ هذه الخطوة قد تخدم برأيه “المصالح الأمنية الأميركية”. علماً أنه يستبعد دعم إدارة ترامب شنّ إسرائيل حرباً جديدة ضد حزب الله معرباً عن اعتقاده بأن إسرائيل ترى أن موقعها الاستراتيجي قد تأثر سلباً نتيجة سير الأحداث في سوريا.
وفي ما يلي نص الحوار:

*من غير المسبوق أن يدعو مسؤول أميركي سابق إلى فتح قناة اتصال سرية مع حزب الله، ما الذي دفعك الى تقديم هذا المقترح؟

كيرتزر: أعود بالذاكرة إلى قناة الاتصال السرية التي كانت موجودة بيننا وبين منظمة التحرير الفلسطينية في السبعينيات. حينها كان ممنوعاً على الدبلوماسيين وصنّاع السياسة الأميركيين التواصل مع منظمة التحرير الفلسطينية، لكن مع ذلك كانت هناك قناة اتصال أمنية مع منظمة التحرير الفلسطينية التي كان مقرها بيروت على حد علمي. هذه القناة كانت من أجل التعامل مع تهديدات محتملة لمواطنين أميركيين أو للمصالح الأميركية، وفيما بعد عندما غيرت منظمة التحرير الفلسطينية سياساتها، وسمح بإقامة علاقات ذات طابع رسمي.

*ما الذي تعنيه بالضبط عندما تتحدث عن قناة اتصال سرية بين واشنطن وحزب الله من أجل التعامل مع إمكانية نزاع متجدد “بين حزب الله وإسرائيل” كما تقول؟

كيرتزر: كما أشرت أنا أرى إمكانية لفتح قناة اتصال رغم الاحتمالات البعيدة لحدوث ذلك، تكون على الأرجح عبر وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وممثل مفوّض من حزب الله، حيث يمكن بدء نقاش حول القضايا الأمنية. لا أتوقع أن تتطرق قناة الاتصال هذه إلى ملفات سياسية أو دبلوماسية، بل ستركز على قضايا أمنية كما كان الأمر في قناة الاتصال السرية مع منظمة التحرير الفلسطينية خلال السبعينيات.

*لكن لماذا توجيه هذه الدعوة الآن تحديداً وليس سابقاً مثلاً؟

كيرتزر: طلب مني أن أكتب مقالة لمجلس العلاقات الخارجية حول احتمالات وقوع حرب جديدة بين “إسرائيل” وحزب الله، فطرح الموضوع ضمن هذا الإطار.

*هل كنت تؤيد هذه الفكرة منذ فترة طويلة أم أنك أصبحت تعير اهتماماً لهذه النقطة أخيراً؟

كيرتزر: أفكر بالموضوع منذ فترة لكنها كانت فرصة لوضعها في إطار معين، من الخطأ إخراجها من إطار التقرير العام.

*هل تعتقد أن حزب الله وصل إلى موقع على الصعيد الإقليمي بحيث تقتضي المصالح الأميركية فتح قناة اتصال معه؟

كيرتزر: لدي موقف شخصي قديم منفتح جداً في ما يتعلق بالأطراف التي يجب أن يسمح للأميركيين بالتواصل معها. ليس لدي أي تعاطف معيّن مع حزب الله كما ليس لديّ موقف إيجابي معيّن تجاه ما يقوم به، وبالتالي لا علاقة للموضوع برفع مكانة حزب الله، إنما المسألة تتعلق بالاستفادة من الاتصالات والدبلوماسية والحوار كسبيل لخدمة المصالح الأميركية وخاصة المصالح الأمنية الأميركية.

ليس هناك ما “يقتضي” شيئاً بل ما إذا كانت الاستفادة من الخيارات العديدة المتاحة في الدبلوماسية الأميركية والعلاقات الدولية لفتح قناة اتصال أمر يخدم المصالح الأميركية، هذا هو الإطار الوحيد الذي أفكر فيه، وأعتقد أن هذا جدير بالفعل بالنقاش.

*هل برأيك ستدعم إدراة ترامب مثل هذا الاقتراح؟

كيرتزر: بحسب تقييمي لا، بل أتوقع أن تعارض إدارة ترامب هذا الطرح بقوة، بالتالي لا اعتقد أن الطرح سيغير موقف أي أحد.

*هل تواصلت مع أحد في الإدارة الأميركية الحالية حول هذا الموضوع؟

كيرتزر: كلا

*يمكن فتح قناة اتصال مع حزب الله على غرار ما كان بين الولايات المتحدة ومنظمة التحرير في السبعينيات
من منظار أوسع في ما يتعلق بسيناريوهات اندلاع الحرب بين إسرائيل وحزب الله، هل ستدعم إدارة ترامب حرباً إسرائيلية جديدة على حزب الله؟

كيرتزر: لست متأكداً من أنني أفهم تماماً ما هي أولويات إدارة ترامب أو سياساتها. لكن لم يسبق أن دعمت الولايات المتحدة حرباً في الشرق الاوسط، وبالتالي أعتقد أن الحديث عن دعم الذهاب إلى الحرب يتناقض والمواقف الأميركية القديمة المعروفة. من الصعب لي أن أصدق أن أي إدارة أميركية سترغب بتشجيع حرب، حتى مع حزب الله.

*في آخر خطاباته قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إن حزب الله انتصر نظراً لما يحدث في دير الزور. مع خروج حزب الله وهو أقوى وفي ظل الهزيمة الوشيكة لداعش في سوريا هل ترى أن “إسرائيل” ستكون مضطرة للقيام بعمل ما وأن مخاطر جولة حرب جديدة بين “إسرائيل” وحزب الله ازدادت بشكل كبير؟

كيرتزر: قرأت تقارير حول خطاب نصر الله. الوضع في تلك المنطقة التي تضم لبنان وسوريا والعراق وإسرائيل ازداد خطورة بكل تأكيد وبالتالي احتمالات وقوع حرب جديدة هي أعلى بكثير. لو نظرت إلى مواقف المتحدثين الإسرائيليين هم يشيرون بشكل أساسي إلى تكثيف الدور الإيراني في سوريا، وإحدى نواحي ذلك دعم إيران لحزب الله
ونشاطات حزب الله أيضاً. إذاً نعم احتمالات الحرب هي أكبر بكثير، لكنني لست متأكداً من أن أي طرف يريد المواجهة. غير أنه وفي الوقت نفسه عندما تتعزز مخاطر الحرب تتعزز أيضاً احتمالات الحسابات الخاطئة، وأعتقد أن هذا ما يجب أن نتخوف منه.

*في ضوء ما قلته الآن، هل ترى أن بيئة “إسرائيل” الاستراتيجية كما يقال أصبحت بحالة اسوأ، هل أصبحت “إسرائيل” في وضعية استراتيجية أضعف؟

كيرتزر: أعتقد أن الإسرائيليين يرون أن موقعهم الاستراتيجي قد تأثر سلباً نتيجة الأحداث في سوريا لاسيما صعود إيران وحجم تدخل حزب الله. لكن إسرائيل قامت بتعزيز قدراتها خلال الفترة نفسها سواء كان دفاعياً في مجال الدفاع الصاروخي أو بتعزيز قدرات جيشها من خلال امتلاكه الطائرات الحربية من طراز”أف 35″ على سبيل المثال.

*كيف سيكون شكل الحرب المقبلة فيما لو اندلعت برأيك، هل تعتقد أنها ستلحق أضراراً جسمية بإسرائيل؟

كيرتزر: القادة العسكريون الإسرائيليون أشاروا إلى أن حجم الردّ الإسرائيلي سيكون أقسى بكثير من أي وقت سابق. بالتالي يمكن أن يتوقع المرء ألا تستثنى تداعيات الحرب على لبنان وعلى المناطق السورية التي تبقى تحت سيطرة النظام من الرد الاسرائيلي. حرب عام 2006 كانت مدمرة جداً كما تعرف لجهة البنية التحتية في لبنان والتداعيات على سكان لبنان. بالتالي إذا كان الردّ هذه المرة أقسى، فيمكن للمرء أن يتخيل فقط وضعاً مأساوياً أكبر بكثير في المنطقة كنتيجة.

*في مقالتك ذكرت أن حزب الله عزز قدراته أيضاً كيف سيؤثر ذلك على إسرائيل؟

كيرتزر: من المؤكد أن الأضرار ستلحق بإسرائيل. عام 2006 اضطر نحو مليون شخص إلى ترك منازلهم ولا أعرف مدى قدرة أنظمة الدفاع الجوي الجديدة على حماية المجتمع الاسرائيلي. بالتالي من المؤكد أنه ستسجل أضرار جسيمة وخسائر بشرية لدى الجانب الإسرائيلي، كما أعتقد أن أضراراً وخسائر بشرية جسيمة جداً ستقع عند الجانبين اللبنانيِّ والسوري.

المصدر : الميادين نت

Optimized by Optimole