يسرائيل هيوم: الطريق المسدود في الحلبة السياسية يعطل الدور الذي يمكن أن تقوم به إسرائيل

يسرائيل هيوم: الطريق المسدود في الحلبة السياسية يعطل الدور الذي يمكن أن تقوم به إسرائيل
Spread the love

إيال زيسر – مستشرق ونائب رئيس جامعة تل أبيب/

منذ فترة طويلة، وحتى قبل تفشي فيروس كورونا، تغط إسرائيل فيما يشبه النوم العميق كنتيجة مباشرة للطريق المسدود في الحلبة السياسية. وهذا في وقت تتراكم الأحداث في العالم الكبير، بما في ذلك في المنطقة المحيطة بنا، والتي تجعل إسرائيل تراوح في موقع المراقب الجانبي لتطورات درامية من شأنها أن تلقي بظلها أيضاً عليها في المستقبل.

وثمة تطوران مرتبطان بعضهما ببعض؛ الأول، توقيع اتفاق سلام بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحركة طالبان في أفغانستان. والثاني، تورط تركيا في الحرب الدائرة في سورية إلى درجة الصدام العسكري بين جنود أتراك وبين جنود جيش الرئيس السوري بشار الأسد وجنود إيرانيين وعناصر حزب الله.

ولا شك في أن هذين التطورين خطران بالنسبة إلى إيران، ومن شأنهما أن يهددا مكانتها، وذلك بشرط وجود من يعرف تشبيك الخيوط وقيادة عملية دولية وإقليمية ضدها.

إن اتفاق السلام بين واشنطن وطالبان، والذي من المفترض أن يضع حداً لسنوات من القتال الدموي والوجود العسكري الأميركي في أفغانستان، هو إنجاز مهم لإدارة ترامب. ومعروف أن الأميركيين لم يغزوا هذه الدولة كي يسيطروا عليها، بل كي يكبحوا التهديد الذي شكلته لأمن العالم. وحكومة طالبان كانت ساعدت في ذلك الوقت تنظيم القاعدة من أجل تنفيذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 الإرهابية في الولايات المتحدة.

الآن وبعد مضي عقدين، ها هي ذي طالبان ترفع الراية البيضاء. وهي مستعدة للتراجع عن سياستها الإرهابية وحتى تعرب عن أملها بالتعاون مع الولايات المتحدة. ويحدث هذا بفضل إصرار الولايات المتحدة وقدرتها على الصمود، وذلك على الرغم من أن هذه الحرب جبت الكثير من الضحايا وتسببت بارتفاع أصوات كثيرة داخل الولايات المتحدة تطالب بالانسحاب، بل وحتى بالهروب من أفغانستان قبل إتمام المهمة.

إن الخاسر الأكبر من هذا هو إيران، فحركة طالبان ترى في نظام الملالي عدواً أيديولوجياً ودينياً خطراً وصعباً. وعندما ستتمكن أفغانستان من الوقوف على قدميها يمكن أن تتحول إلى خلية مهمة في جبهة الكفاح الآخذة في تضييق الخناق على إيران.

ثمة جبهة مواجهة أُخرى غير مريحة لإيران اندلعت في الأسابيع الأخيرة في شمال سورية. وهذا الحيّز كان بمثابة الجيب الأخير الذي سيطر عليه المتمردون ضد نظام بشار الأسد، وذلك بفضل الدعم الذي تلقوه من تركيا. وقبل نحو سنتين توصل كل من تركيا وإيران وروسيا إلى تفاهمات حظيت بتأييد الولايات المتحدة تنص على أن تكون منطقة شمال سورية منطقة محمية يُحظر على جيش الأسد العمل فيها. لكن يبدو أن الأقوياء في الشرق الأوسط لا يحترمون أي تفاهمات أو اتفاقيات، وبناء على ذلك، قام الأسد وحلفاؤه، وعلى ما يبدو بدعم من موسكو، بمهاجمة المتمردين في هذه المنطقة وقتلوا عشرات الجنود الأتراك.

ورفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المرور مر الكرام على ذلك، وزج بجيشه في القتال داخل الأراضي السورية. وكشفت هذه الخطوة التركية عمّا كنا نعرفه منذ فترة طويلة، وهو أن جيش الأسد مُستنزف ومفتقر إلى القوة، ولذا فهو يعتمد بشكل مطلق على المساعدة الإيرانية التي وُجهت هذه المرة ضد تركيا. وإلى جانب هذا لا بد من الإشارة إلى أن موسكو محدودة القوة أيضاً، ولذا سارعت هذه المرة أيضاً إلى محاولة التوصل إلى اتفاق يوقف إطلاق النار قبل أن تهدد كل الإنجازات التي حققتها في سورية.

أمامنا تطوران من سلسلة تطورات مهمة في منطقة الشرق الأوسط، ويمكن أن نضيف إليهما التوتر الآخذ بالتصاعد بين مصر وأثيوبيا، وهما حليفتان مهمتان لإسرائيل، بشأن مياه نهر النيل، وتصاعد الحرب الأهلية في ليبيا، والتي يمكن أن تؤثر في الأمن والاستقرار في حوض البحر الأبيض المتوسط. وعلى إسرائيل أن تعود وتقوم بأداء دور نشيط ومبادر في قيادة عمليات إقليمية ودولية جرّاء العواصف التي تهب على المنطقة.

المصدر: صحيفة يسرائيل هيوم الاسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole