يديعوت أحرونوت: “حماس” تعدّ العدّة لخوض مواجهة عسكرية أُخرى مع إسرائيل

Spread the love

شجون عربية – بقلم: أليكس فيشمان – محلل عسكري إسرائيلي |
بدأت الاستعدادات في نيسان/أبريل الماضي، ومع بداية تشرين الأول/ أكتوبر، أي في ذروة الأعياد اليهودية في هذا الشهر، كان التنظيم التابع لحركة “حماس” في الضفة الغربية ناضجاً لتنفيذ سلسلة من عمليات إطلاق النار في محاور الطرقات ضد متنزهين وجنود إسرائيليين.
وكانت الخطة تقضي بتركيز الجهد في زرع سلسلة كمائن نارية وإصابة أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين في أثناء الأعياد. وإلى جانب عمليات القتل المكثفة، كان الهدف هو دفع الضفة الغربية نحو الفوضى. وفي مثل هذا السيناريو، كان الجيش الإسرائيلي سيضطر إلى حشد قوات إضافية وفرض حظر التجوال، وتبدأ الاحتكاكات بالسكان المحليين، وعندها ستتلقى صورة السلطة الفلسطينية المهزوزة أصلاً ضربة أُخرى.
كان هذا التنظيم هو الأكبر من ناحية الحجم منذ سنة 2014، وضمّ نحو 60 شخصاً وكُشِف في غضون أسابيع قليلة. والأشخاص الذين كانوا جزءاً منه لم يُقرَّر اعتقالهم إلا عشية الخروج إلى العمليات. وتبين في التحقيقات أنه أعدّ أيضاً أربعة أحزمة ناسفة كان يُفترض أن تنفجر في القدس ومدن أُخرى داخل الخط الأخضر. كل هذا تم تحريكه من إستانبول، لكن حركة “حماس” في غزة كانت مشارِكة بصورة جيدة في العملية.
ما الذي فكر فيه رجال الحركة في القطاع؟ هل فكروا في أن تنفّذ “حماس” عملية انتحارية في حافلة باص إسرائيلية وألا تتضرر غزة جرّاء ذلك؟ يبدو أنه نعم. تعتقد غزة أن في إسرائيل رجالاً عاجزين لا يريدون إلا الهدوء، ولهذا يمكن أن يُملى على إسرائيل متى تكون التهدئة ومتى تفتح النار. وهذا ما حدث في الأسبوع الماضي عندما قُتل إسرائيلي في القدس على يدي ناشط معروف من “حماس”، إذ سارع الناطق بلسان الحركة إلى الإشادة بالناشط، لكن من دون التطرق إلى العملية التي قام بها لكون “حماس” في المرحلة الحالية تقوم بفصل نشاطها في غزة عن نشاطها في الضفة. ويبدو أن إسرائيل تتساوق مع ذلك، إذ إنها لم ترد بأي عقوبة، ولو موقتة، كي تعرب عن استيائها من أن “حماس” في غزة تحرض على تنفيذ عمليات مع التشديد على القدس.
على مدار نصف العام الذي مضى منذ عملية “حارس الأسوار” في القطاع، نتنفس الصعداء هنا في كل يوم يمر بهدوء، ويتباهى المسؤولون بـ”الردع”، تماماً مثلما كانت عليه الحال في الأعوام التي سبقت حرب لبنان الثانية [2006] وتباهينا فيها بأن صواريخ حزب الله يعلوها الصدأ بسبب قلة الاستخدام. غير أنه في أثناء الأشهر التي مضت منذ عملية “حارس الأسوار”، نجحت “حماس” في تجديد قسم لا بأس به من منظومة الصواريخ التي استُخدمت في العملية، واستؤنف العمل في قسم كبير من مصانع السلاح المتضررة في القطاع، بما في ذلك بناء وسائل خاصة، مثل الطائرات المسيّرة بوتيرة سريعة. وبموازاة ذلك، تُجري “حماس” تجارب على صواريخ وطائرات مسيّرة، وقبل بضعة أسابيع اعترضت منظومة “القبة الحديدية” طائرة مسيّرة غزّية فوق البحر. إن غزة تتسلح استعداداً لمواجهة عسكرية أُخرى، لكن عندنا في وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي يتمسكون بالتسوية كعنصر يضمن نوعاً من الاستقرار.
لقد أقنعت إسرائيل نفسها بأن زعيم “حماس” يحيى السنوار يريد قبل أي شيء تحسين شروط المعيشة في القطاع، ولذا تبدو التسوية مهمة بالنسبة إليه، غير أنها مهمة بالنسبة إليه أساساً من أجل إعادة بناء ذراعه العسكرية. ومن ناحيته، يعدّ تحسين مستوى المعيشة بمثابة علاوة تسمح له بمواصلة السيطرة في القطاع. والتسوية، من ناحيته، ليست استراتيجية، بل هي تكتيك هدفه كسب الوقت بغية الوصول إلى مواجهة عسكرية أُخرى مع إسرائيل يتم خوضها في وضع أفضل. إن المحاولات التي قامت بها الولايات المتحدة ومصر لإجراء مصالحة بين حركتيْ “فتح” و”حماس”، ولإقامة حكومة وحدة فلسطينية للوصول إلى تسوية مع إسرائيل، هي الأُخرى مجرد هراء في هراء من إنتاج وزارة الخارجية الأميركية والاستخبارات المصرية.
إن التنظيم الذي أحبطه جهاز الأمن الإسرائيلي العام [“الشاباك”] في الضفة يكشف نيات خطِرة لـ”حماس” في غزة. فماذا تقول السياسة الإسرائيلية؟ وما هي الاستراتيجيا التي يمليها وزير الدفاع؟ وما هي توصيات رئيس هيئة الأركان العامة؟ ليس واضحاً.

المصدر: صحيفة “يديعوت أحرونوت”الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole