“نيويورك تايمز”: كيف ستزيد عقوبات ترامب على ايران من تداعيات الوباء؟

“نيويورك تايمز”: كيف ستزيد عقوبات ترامب على ايران من تداعيات الوباء؟
Spread the love

إذا واصلت إدارة ترامب عرقلة النشاط الاقتصادي الدولي مع إيران، فسيتم التخلي عن بلد يقطنه 80 مليون نسمة والايرانيون سيتذكرون في المستقبل الخيار الذي اتخذته اميركا اليوم.

كتبت الباحثة نرجس باجولي، وهي أستاذ مساعد في دراسات الشرق الأوسط في جامعة جون هوبكنز، بالاشتراك مع الباحثة محسة روحي الزميلة في برنامج عدم الانتشار والسياسة النووية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، مقالة مشتركة في صحيفة “نيويورك تايمز” تناولتا فيه تأثير العقوبات الأميركية على إيران على قدرة البلاد على مواجهة تفشي فيروس كورونا.

وقالت المقالة إنه يخشى أن تكون حصيلة حرب الثماني سنوات بين إيران والعراق، التي قتلت ما يصل إلى مليون شخص في ثمانينات القرن العشرين، باهتة مقارنة بحصيلة ضحايا وباء كورونا: فقد قدر الباحثون الإيرانيون أن تفشي الوباء الذي قتل بالفعل أكثر من 1500 شخص في البلاد ، سيبلغ ذروته في أواخر شهر أيار / مايو المقبل ويمكن أن يؤدي إلى 3.5 مليون حالة وفاة، وذلك نتيجة الخنق المالي الذي تسببه العقوبات الأميركية.  

وأوضحت الكاتبتان أن العقوبات الأميركية وتراجع أسعار النفط قد أضعفت بشدة الاقتصاد الإيراني. فإيران تحتاج إلى موارد مالية وطبية من الغذاء والدواء إلى التحويلات النقدية لإجراء حجر صحي فعال على المستوى الوطني وإجراءات أخرى للحد من تفشي المرض. فالبلاد لا تستطيع وقف اقتصادها وفرض إغلاق كامل لها. فقد سعت طهران إلى تعزيز الأمن المالي لأسرها الأشد فقراً من خلال التحويلات النقدية خلال الأسبوع الماضي لكنها تواجه عجزاً كبيراً في الميزانية. 

وأوضح رئيس بلدية طهران بيروز حناشي أن الحجر الصحي يكاد يكون من المستحيل تطبيقه لأن الحكومة لن تكون قادرة على تقديم الدعم المالي للأشخاص غير القادرين على العمل.

فالنخب الإيرانية يمكنها تحمل تكاليف البقاء في المنزل ولكن غالبية السكان ستدمرهم فترة طويلة من عدم القدرة على كسب لقمة العيش. ومما يضاعف من ذلك نقص الأدوية والمعدات الطبية بما في ذلك أجهزة التنفس الصناعي ومعدات الاختبار ومعدات التنفس العامة لمكافحة العدوى.

ورأت المقالة أنه إذا فشلت إيران في احتواء تفشي المرض، فسوف تتسبب في خسائر فادحة ليس فقط للإيرانيين، ولكن أيضاً لجيرانها والعالم بأسره. ويفهم هؤلاء الجيران – وليس كلهم ​​أصدقاء إيران – خطورة الخطر وأرسلوا المساعدة.

وقد دعت بريطانيا والصين وروسيا، من بين دول أخرى، الولايات المتحدة إلى تخفيف العقوبات حتى تتمكن إيران من الاستجابة بشكل أكثر فعالية للوباء، لكن إدارة الرئيس دونالد ترامب لم تظهر أي علامات على الاستجابة لهذه النداءات. وبدلاً من ذلك، أعلنت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي جولة جديدة من العقوبات.

وأضافت المقالة أن إدارة ترامب تزعم أن عقوباتها لا تعيق الأدوية والتجارة الإنسانية. ولكن بما أن العقوبات تمنع المعاملات المالية والشحن الدولي، فإن أي تجارة، بما في ذلك تجارة الأدوية والمعدات الطبية، تكاد تكون مستحيلة. وقد أوقفت العديد من الشركات التي تزود المعدات الطبية اللازمة لمكافحة فيروس كورونا الشحن إلى إيران لأن مصارفها ترفض التعامل مع إيران خشية العقوبات الأميركية، فضلاً عن كونها خارج النظام المصرفي العالمي.

إن عدم رغبة إدارة ترامب في تخفيف القيود عندما تواجه إيران هذه الأزمة المنهكة سيعيق بشدة جهود المشاركة لسنوات قادمة ويلطخ سمعة الولايات المتحدة كقيادة عالمية.

وبالنظر إلى أن حياة ملايين الإيرانيين في خطر، يحتاج الرئيس ترامب إلى تعليق العقوبات، مما يسمح للبلدان الأخرى بتقديم المساعدة الإنسانية من دون خوف من التداعيات الأميركية.

وأشارت الكاتبتان إلى أنه من بين الأهوال العديدة للحرب الإيرانية العراقية استخدام الغاز الكيميائي والأعصاب ضد إيران من قبل صدام حسين، الذي كان في ذلك الوقت مدعوماً من الولايات المتحدة والدول الأوروبية. إذ يعيش حوالى 100.000 إيراني ناج من تلك الحرب الكيميائية مع مشاكل تنفسية مزمنة وغالباً ما يحتاجون إلى أجهزة استنشاق وأقنعة الأكسجين. وهم يعتبرون اليوم أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا.

فقبل الحرب العراقية الإيرانية، ساعدت ألمانيا الغربية العراق على بناء مرافق للأسلحة الكيميائية في الفلوجة وسامراء. ولكن خلال الحرب، فتحت ألمانيا الغربية والنمسا وإسبانيا أبوابها للناجين الإيرانيين من الحرب الكيميائية. وبعض هذه التبادلات الطبية مستمرة، وقد ساعدت في إصلاح العلاقات بين إيران وهذه الدول الأوروبية.

وبعد تفشي الفيروس الجديد، وفي تناقض صارخ مع الولايات المتحدة، أرسلت الصين فريقاً طبياً إلى إيران، ثم أعقبت ذلك بشحن مجموعات الاختبار وأجهزة التنفس وطلبت علناً من الولايات المتحدة إزالة العقوبات عن “الجمهورية الإسلامية”. ومن المرجح أن تستمر إيران في الاتجاه نحو الصين، وتحول ميزان القوى في الشرق الأوسط بعيداً عن الغرب.

وخصلت الباحثتان إلى أنه إذا واصلت إدارة ترامب عرقلة النشاط الاقتصادي الدولي مع إيران، فسيتم التخلي عن بلد يقطنه 80 مليون نسمة – وقد يعاني العالم من عواقب الانتشار غير المقيد لمرض مميت. وسوف يتذكر الإيرانيون الخيار الذي اتخذته الولايات المتحدة اليوم.

المصدر: نيويورك تايمز _ عن الميادين نت

Optimized by Optimole