نتنياهو يستخف بذكاء مواطني إسرائيل في كل ما يتعلق بالوضع الأمني في غزة

Spread the love

أليكس فيشمان – محلل عسكري اسرائيلي/
يمكن خداع جزء بعض الجمهور بعض الوقت، لكن لا يمكن بيع كل الجمهور بضاعة مُستعملة كل الوقت. وعندما يعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في أوكرانيا أنه يدفع قدماً نحو شن عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة، فمن شأن ذلك أن يثير انطباع المستمعين بأنه موجود في ذروة عملية عصف ذهني مع هيئة الأركان العامة بشأن خطط حربية في القطاع صباح غد، بينما من الواضح تماماً أن أقوال نتنياهو هذه ليست أكثر من مجرد ثرثرة.
إن نتنياهو لا يقوم بأي شيء يمكنه أن يغير الوضع الأمني في قطاع غزة بصورة جوهرية. كما أن الأحاديث في حاشية رئيس الحكومة عن أن إسرائيل تعمل على تشجيع الهجرة من القطاع إلى الخارج هي نوع من الاستخفاف بذكاء مواطني إسرائيل. فالأمر الوحيد الذي يمكنه أن يؤثر في الهجرة من القطاع هو فتح الحدود بين غزة ومصر لتصبح معبراً حراً. وهذا ما يحدث فعلاً منذ أشهر طويلة من دون “التشجيع” الإسرائيلي. لكن إذا كان في إمكان نتنياهو أن يبيع الإسرائيليين وهماً آخر بشأن تدخل عبقري من الحكومة في ديموغرافيا القطاع فلمَ لا.
وخلافاً لأقوال نتنياهو هذه التي عنيت بمساعي الحكومة في القطاع على ما بها من إهانة لذكاء المواطنين، فإن ما تقوم به المؤسسة الأمنية يستحق الثناء. ففي نهاية تموز/يوليو الفائت أنهى الجيش الإسرائيلي التدريبات والاستعدادات لمعركة عسكرية تستهدف المساس جدياً بالذراع العسكرية لحركة “حماس”. والفكرة التي تقف وراء المخططات التي عُرضت على المؤسسة السياسية هي تنفيذ خطوات عسكرية من دون أن يكون هناك أي حاجة للبقاء مدة زمنية طويلة في القطاع. وبذا يمكن القول إن الذريعة المركزية التي منعت حتى الآن القيام بأي عملية عسكرية مهمة أزيلت من جدول الأعمال.
وتؤكد المؤسسة الأمنية أنه ليس في إمكان الجيش أن يضمن تنفيذ المعركة من دون وقوع ضحايا في الجانبين، ومن دون التسبب بضرر بيئي كبير، ولا سيما داخل قطاع غزة. ومن المعقول جداً الافتراض أننا لو لم نكن في فترة انتخابات لكانت ساعة الرمل نحو تغيير الوضع الأمني في منطقة “غلاف غزة” [منطقة الحدود بين إسرائيل والقطاع] بدأت بالنفاذ منذ نهاية تموز/يوليو.
لعل رئيس الحكومة لا يؤمن بقدرة الجيش على تقديم البضاعة المطلوبة. وربما برأيه لا يزال التوقيت غير مناسب كون “حماس” لم توفر بعد الاستفزاز الذي يبرّر في أوساط الرأي العام الإسرائيلي والعالمي خوض مواجهة دموية واسعة. هذا شرعي. لكن ما قاله في أوكرانيا ليس أكثر من ذرّ للرماد في العيون.
في هذه الأثناء تشهد غزة لعبة اسمها “شبان غاضبون”. وهي على ما يبدو صيغة مريحة تبنتها “حماس” وإسرائيل، كل لأسبابه. وفي نهاية الأسبوع الفائت أطلقت “حماس” صواريخ كان في إمكان إسرائيل اعتراضها بسهولة، أو أن تفهم على الأقل أنها موجهة نحو مناطق مفتوحة. وعندما توجه المصريون إلى “حماس” وطلبوا وقف عمليات التسلل قامت الحركة باعتقال مسلحين كانوا في طريقهم نحو السياج الحدودي. في كل مرة تكون فيها الأموال القطرية على وشك الدخول إلى القطاع تطلق “حماس” نحو إسرائيل إشارات عدم الرضى عن الوضع، لكنها تحاول أن تحفظ لإسرائيل إمكان صرف النظر عن تلك الإشارات. ولا شك في أن سياسة ضبط النفس التي تنتهجها الحكومة شرعية، لكنها لا تبرر لها ولرئيسها أن يتعاملا مع الجمهور في إسرائيل كما لو أنه قطيع من الحمقى.

المصدر: صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية