كلام نتنياهو عن الضم يساعد في تطبيع الأفكار الهامشية

Spread the love

افتتاحية صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية —

كلما كان بنيامين نتنياهو يقترب من خط النهاية في السباق على رئاسة الحكومة، كلما كان يميل بشدة نحو اليمين. الذعر الذي انتابه إزاء ازدياد حافز استبداله، والإدراك أنه يواجه في هذه الانتخابات بديلاً أمنياً لا يمكن اعتباره يسارياً يجمع في استطلاعات الرأي على الأقل نفس عدد مقاعد الليكود، أجبره على إخراج ورقة الضم والتلويح بها أمام أنظار الناخب اليميني.
تطرّق نتنياهو إلى ضم الضفة في عدة مقابلات أدلى بها في نهاية الأسبوع. وكرر في جميع هذه المقابلات صيغاً مختلفة للرسالة عينها: “إننا نبحث في ضم كتلة عتسيون. وأنوي البدء بتطبيق السيادة على المنطقة، لكنني لا أفرّق بين كتل المستوطنات والنقاط المعزولة”؛ “جميع المستوطنات – سواء كانت كتلاً أم لا- يجب أن تبقى تحت السيادة الإسرائيلية”. وعندما سُئل هل يتوقع أن يعترف دونالد ترامب بالضفة الغربية كأراضٍ خاضعة للسيادة الإسرائيلية، كما اعترف بهضبة الجولان، أجاب: “انتظروا الولاية الثانية”.
من الواضح أن كلام نتنياهو موجّه إلى آذان يمينية، ولمزيد من الدقة نحو آذان الناخبين المتأرجحين بين الليكود وبين أحزاب اليمين المتطرف التي تؤيد الضم كجزء من أجندتها.
لو كان نتنياهو معنياً بضم المنطقة ج، أو أجزاء منها، لكان استغل وجوده عشر سنوات في السلطة للقيام بذلك. ولو كان جدّياً في رغبته في الضم، لكان كلف نفسه عناء الانضمام إلى جلسة مركز الليكود الذي صّوت لمصلحة اقتراح “البدء بتطبيق قانون إسرائيل وسيادتها على مختلف أنحاء المستوطنات المحررة في يهودا والسامرة”. لقد شارك في هذه المناسبة 1500 شخص، وكل وزراء الليكود تقريباً حضروا الاجتماع وخطبوا دفاعاً عن الضم، بينما اختار نتنياهو عدم الحضور. ولو كان رئيس الحكومة مهتماً حقاً بالضم لكان استغل تأثيره في محيط الرئيس الأميركي ترامب كي يقبل ذلك كما قبِل نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان.
لكن على الرغم من ذلك، فإن كلام نتنياهو خطر في الأساس، لأنه يساعد في تطبيع الحديث عن ضم المنطقة ج- الذي وُصف حتى فترة قريبة بالهامشي. لكن هذا الكلام الهامشي ازداد اتساعاً في السنوات الأخيرة التي أصبح فيها الجمهور ميالاً أكثر فأكثر نحو اليمين.
مَن يبدأ كلاماً انتخابياً يمكن أن يتحول بواسطة المفاوضات الائتلافية إلى أجندة رسمية؛ وعندئذ تحت رعاية رئيس أميركي مؤيد، وتعاطُف الطائفة الإنجيلية، يتحول إلى واقع ويحول الأبرتهايد الموقت إلى أبرتهايد رسمي. وهذا سبب آخر للتصويت لصالح الأحزاب التي تعارض الضم.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole