إذا كانت روسيا ساعدت في استعادة رفات باومل فإن بوتين سيدفّع إسرائيل الدين

إذا كانت روسيا ساعدت في استعادة رفات باومل فإن بوتين سيدفّع إسرائيل الدين
Spread the love

بقلم: يوسي ميلمان – محلل سياسي إسرائيلي —

بالنسبة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يوجد شيء مجاني. وإذا كانت روسيا بالفعل ساعدت في استعادة جثمان زخاريا باومل، عاجلاً أم آجلاً سيجبي بوتين الدين لقاء المساعدة التي قدمتها أجهزته الاستخباراتية وجيشه إلى إسرائيل لمساعدتها على العثور على جثة زخاريا باومل. هذا إن كانت إسرائيل لم تدفع بعد. أكثر من تلميح إلى تدخّل روسيا في العملية يمكن العثور عليه في إعلان الناطق بلسان وزارة الدفاع في موسكو في أيلول/سبتمبر 2018، في أعقاب إسقاط طائرة التجسس الروسية بصاروخ سوري أُطلق خلال هجوم شنه سلاح الجو الإسرائيلي على أهداف إيرانية في سورية. فقد اتهم الناطق إسرائيل بالجحود، وكشف أن بلاده تساعد في البحث عن جثث الجنود الإسرائيليين المفقودين.
ترفض إسرائيل الكشف عن تفاصيل كيفية العثور على جثة باومل كي لا تكشف مصادر معلوماتها. لكن حقيقة أن الجثمان نُقل جواً إلى إسرائيل تشير إلى المساعدة الروسية. ونظراً إلى أن المعركة التي سقط فيها باومل ورفاقه جرت في السلطان يعقوب [في البقاع الغربي]، يمكن التقدير أنه جرى العثور على جثته في لبنان أو سورية، ومن هناك نُقلت جواً عبر دولة ثالثة إلى إسرائيل. أيضاً يشير وصف الجيش للعثور على الجثة وإعادتها بـ”عملية” إلى أن المقصود عملية عسكرية – استخباراتية.
خلال 37 عاماً عملت أجهزة الدفاع والاستخبارات من دون كلل على البحث عن جثامين المفقودين الثلاثة في معركة السلطان يعقوب. وقد أُلقيت المهمة على الموساد، والاستخبارات العسكرية، والشاباك، وهؤلاء طلبوا من زعماء العالم وحتى من صحافيين أجانب وإسرائيليين، بينهم كاتب هذه السطور، محاولة الحصول على معلومات، حتى لو كانت ضئيلة. اتفاقات أوسلو سنة 1994 سمحت لإسرائيل بالاستعانة بياسر عرفات وبمنظمة التحرير الفلسطينية اللذين قدّما معلومات وجهوداً. لم يبق حجر لم يُقلب، وقد أُنفقت ملايين الدولارات على عمليات البحث، من دون تحقيق نتائج.
يمكن الافتراض أن التحول الكبير بدأ مع الحرب الأهلية في سورية. خسارة بشار الأسد والنظام المركزي في دمشق السيطرة على مناطق واسعة في الدولة استحوذت عليها تنظيمات المتمردين، فتحت أمام الاستخبارات الإسرائيلية فرصاً جديدة. وبالاستناد إلى تقارير أجنبية، جزء من هؤلاء المتمردين الذين ساعدتهم الاستخبارات الإسرائيلية وقدمت لهم مساعدة إنسانية، جُندوا أيضاً من أجل هذه المهمة. وليس صدفة، قبل عام تقريباً، نجاح الموساد في الحصول على ساعة إيلي كوهين، جاسوس الاستخبارات الإسرائيلية الذي شُنق في دمشق في سنة 1965.
الآن، تضافُر جهود العناصر الاستخباراتية في إسرائيل أدى إلى إنجاز استخباراتي آخر. النتيجة في أساسها إنسانية ومهمة للعائلة. وهي أيضاً علامة مشجعة لسائر عائلات المفقودين. وتدل على الالتزام العميق بإعادة جثامين المحاربين لدفنهم في إسرائيل.
مما لا شك فيه أن الجيش الإسرائيلي والاستخبارات، الملتزمين تجاه الدولة وسلوكهما رسمي، لم يأخذا الانتخابات في اعتبارهما ولم يفكرا فيها. وقرارتهما كانت عملانية، استخباراتية ومهنية محضة. لكن كما في عشية انتخابات حزيران/يونيو 1981، جرى تحديد موعد تدمير المفاعل النووي العراقي لأسباب عملانية وساعد ذلك رئيس الحكومة مناحِم بيغن على إعادة انتخابه من جديد، كذلك أيضاً استعادة جثمان زخاريا باومل ليُدفن في إسرائيل لن تضر بنيامين نتنياهو الذي ذهب اليوم أيضاً إلى اجتماع آخر مع بوتين، من دون أن يكون لذلك علاقة أيضاً بما حدث.

المصدر: صحيفة معاريف الإسرائيلية عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole