هل هذه هي نهاية مسيرات العودة؟

هل هذه هي نهاية مسيرات العودة؟
Spread the love

يوني بن مناحيم – محلل سياسي اسرائيلي/

لم تشهد نهاية الأسبوع “مسيرات العودة” على حدود القطاع للأسبوع الثاني على التوالي. قبل أسبوعين أُلغيت بسبب جولة القتال بين إسرائيل والجهاد الإسلامي، وهذه المرة أُجلت بحجة أن الفصائل الفلسطينية تريد ترسيخ وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه بين إسرائيل والجهاد الإسلامي وتفاهمات التهدئة التي جرى التوصل إليها بوساطة مصرية.
مصادر في الجهاد الإسلامي ادّعت أن الفصائل قررت تأجيل “مسيرات العودة” لأنها حصلت على معلومات بأن الجيش الإسرائيلي سيطلق النار الحية على المتظاهرين.، بخلاف ما جاء في اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك بهدف إحباط الاتفاق والتسبب بتصعيد.
مصدر في”حماس” قال لي: “لن نتيح لنتنياهو حبلاً ينقذه من الأزمة التي يعانيها بواسطة جولة قتال إضافية يمكن أن تؤدي إلى معركة عسكرية شاملة في قطاع غزة”.
في “حماس” و”الجهاد الإسلامي” يريدون طمس الأزمة التي نشبت مؤخراً بين التنظيمين في أعقاب جولة القتال الأخيرة مع إسرائيل، والتي وقفت فيها “حماس” موقف المتفرج، ولم تشارك في إطلاق الصواريخ في اتجاهها. توجد مصلحة متبادلة، هم يتخوفون من أن تثير التظاهرات إطلاق النار من جانب جيش الإسرائيلي إذا هاجم المتظاهرون جنود الجيش الإسرائيلي بعبوات تخريبية، أو حاولوا اختراق السياج والتسلل إلى إسرائيل، لذا قرروا منع التظاهرات منعاً باتاً كي لا يضطروا إلى مواجهة مأزق بشأن ما الذي يجب أن يفعلوه في مثل هذه الحالة.
أذكّر بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أنكر علناً أن إسرائيل فرضت على نفسها أي قيود في إطار اتفاق وقف النار.
مصادر في”حماس” قدمت تبريرات أُخرى لإلغاء التظاهرات: الرغبة في تبديد التأثير السلبي الناتج من الدعاية الإسرائيلية خلال جولة القتال الأخيرة، عندما حاولت إسرائيل زرع الشقاق بين “حماس” والجهاد الإسلامي”، والرغبة في التأكد من عدم وجود قنابل متبقّية في منطقة الحدود نتيجة جولة القتال الأخيرة بين إسرائيل والجهاد الإسلامي.
سيكون على الفصائل الفلسطينية اتخاذ قرار صعب بالنسبة إليها في الأسبوع المقبل في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، في ذكرى قرار التقسيم الذي أقرته الأمم المتحدة في سنة 1947 ورفضه الفلسطينيون، والذي يُعتبر “يوماً وطنياً”.
وقوع مواجهات عنيفة مع الجيش الإسرائيلي يمكن أن تؤدي إلى سقوط إصابات وخرق لوقف إطلاق النار. يبدو أن الفصائل الفلسطينية انتظرت الفرصة المناسبة كي تتراجع وتبدأ بالنزول عن الشجرة العالية، بعد الفشل الكبير لحملة “مسيرات العودة” التي بدأت في آذار/مارس 2018 وتحولت إلى حرب استنزاف ضد إسرائيل.
فشلت “مسيرات العودة” لأنها لم تحقق الهدفين اللذين وُضعا لها: كسر الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة وتحقيق “حق العودة” إلى مناطق غلاف غزة داخل تخوم دولة إسرائيل.
في الأشهر الأخيرة، برز تراجُع في حجم التظاهرات العنيفة على حدود القطاع الذي سئم سكانه من التظاهرات، وبدأوا بعملية حساب للنفس، وطلبوا من زعماء الفصائل إجراء تقدير للوضع بشأن الفائدة من استمرار التظاهرات.
أيضاً في دول العالم، توقفت وسائل الإعلام عن الاهتمام بالتظاهرات الأسبوعية التي أصبحت روتينية. المأساة الفلسطينية المسماة “مسيرات العودة” أدت إلى سقوط نحو 350 قتيلاً ، بينهم عشرات الأولاد ونحو 18 ألف جريح. في قيادة “مسيرات العودة” المؤلفة من ممثلين للفصائل الفلسطينية نشب خلاف حاد بشأن ضرورة استمرار التظاهرات على السياج الحدودي في مواجهة الفشل في تحقيق الأهداف الموضوعة، وعدد القتلى المرتفع وعدد الجرحى المصابين في سيقانهم الذين تحولوا إلى معوّقين.
لكن زعيم “حماس” في القطاع يحيى السنوار عارض وقف التظاهرات، خوفاً من أن يفسَّر الأمر كفشل شخصي كبير له قبل تحقيق الهدف والتوصل إلى تفاهمات التهدئة التي كان من المفروض أن تشكل إنجازاً حققه الفلسطينيون نتيجة التظاهرات.
أيضاً تصميم الجيش الإسرائيلي في صراعه على الجدار لمنع عمليات تسلل إلى داخل إسرائيل، وصمود الجنود الإسرائيليين المنيع في الدفاع عن الحدود على الرغم من الانتقادات الدولية الحادة الموجهة إلى إسرائيل في بداية التظاهرات، ساهما في النجاح الإسرائيلي وأفشلا مشروع “مسيرات العودة”.
حالياً، اضطر يحيى السنوار إلى تقليص حجم التظاهرات، ولم يصدر بعد القرار النهائي بتحويل التظاهرات إلى شهرية، أو في تواريخ وطنية مهمة، لكن تلوح بداية عملية احتواء يحيى السنوار التظاهرات، لأنه يريد المضي قدماً في تحقيق تفاهمات التهدئة مع إسرائيل بعد زوال حجر العثرة الذي كان يشكله بهاء أبو العطا.
في الخلاصة، الرسالة واضحة، وهي أن إسرائيل صمدت بقوة في وجه حرب استنزاف فلسطينية واحتوتها، والإرهاب يبدأ بالتراجع.

المصدر: معهد القدس للدراسات العامة – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole