عيدي أمين .. رئيس أوغندا الذي خطط لتحرير فلسطين

Spread the love

بقلم د. صالح محروس محمد* — تعتبر قارة أفريقيا أكثر القارات التي حدثت فيها انقلابات عسكرية. ومن الدول الإفريقية التى حدث بها انقلابات عسكرية عديدة دولة أوغندا في شرق أفريقيا. فقد قام عيدي أمين في 25 يناير 1971 بانقلاب عسكري أطاح بالرئيس الثاني لأوغندا ميلتون أوبوتي (1966-1971). ولكن أوبوتي استعاد السلطة نهاية عام 1979 وحكم حتى 1985 بعد انقلاب عسكري عليه بقيادة تيتو اوكلو الذي ما لبث أن أطاح به يوري موسفني إبان الحرب الأهلية الاوغندية في 26 يناير 1986.
ويذكر أن عيدي أمين دادا بدأ حياته جندياً في كتيبة رماة تابعة لجيش الاستعمار البريطاني عام 1946 وأصبح واحداً من أوائل ضباط الصف الأوغنديين. ثم ترقى إلى رتبة ملازم بعد اشتراكه في ثورة الماو ماو في كينيا. وبعد استقلال أوغندا عام 1962 كافأه ميلتون أوبوتي الرئيس الأوغندي على ولائه بترقيته إلى رتبة نقيب عام 1963 ثم نائب قائد الجيش عام 1964 حتى وصل إلى رئاسة أركان الجيش عام 1970، ومنذ ذلك الحين بدأ أمين يجند المقربين إليه من قبيلته في الجيش. بدأت علاقات الرجلين تتدهور بعد سماع أمين أن أوبوتي كان يخطط للقبض عليه لسوء استخدام أموال الجيش فسارع أمين إلى الاستيلاء على السلطة في انقلاب 25 يناير/ كانون الثاني 1971 عندما كان الرئيس في زيارة لسنغافورة، وأسس نظاماً مستبداً. وبعد استيلائه على الحكم، قام أمين بإعدام القادة العسكريين الذين لم يؤيدوا الانقلاب. وفي يوم 9 أغسطس 1972 أمهل ما يقارب 70000 مقيم آسيوي 90 يوماً للمغادرة لأن ليس لديهم الجنسية الأوغندية. وأما من بقي منهم فقد تم ترحيله من المدن إلى القرى. وفي نفس العام قطع أمين العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وثم مع بريطانيا في عام 1976.
ومما يشاع عن عيدي أمين أنه أمر بغزو تنزانيا في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1978 تغطية على مقتل حوالي 500000 من مواطنيه على يد نظامه وقطع جميع الدول لعلاقاتها الدبلوماسية معه، وكمحاولة للتغطية على تمرد في الجيش. حيث اعتبر أمين دادا (الرئيس المسلم) تنزانيا التي كانت تنطلق منها هجمات الأوغنديين المنفيين والتي قدمت اللجوء السياسي للرئيس أوبوتي بلداً معادياً لنظامه. وكان أمين دادا يقوم في كل مرة ينتصر فيها جيشه على تلك المحاولات الهجومية برفع رتب الضباط والجنود المشاركين في المعارك في صفوف جيشه لرفع معنوياتهم مما أكسبه ولاء الجيش. قد أرسل أمين دادا يوماً برقية مهينة للرئيس التنزاني الراحل جوليوس نيريري قارنه فيها بإمرأة. وكان أمين دادا يصرح أنه يمقت الإسرائيليين لأنهم “مجرمون” وصلوا إلى فلسطين “كلاجئين” ثم قاموا بمصادرة هذه الأرض العربية. كما ألف كتاباً إختار له عنوان “أزمة الشرق الأوسط” ضمنه رؤيته حول كيفية تحرير فلسطين ودفعه هذا الهوس إلى حد تنظيم تدريبات عسكرية لاحتلال إسرائيل شارك فيها المظليون والمشاة والقوات الجوية.
وتكشف الأرشيفات في هذا الخصوص كيف كان دادا ينوي تحقيق حلمه المتمثل في الهجوم على إسرائيل في إطار ما كان سيشكل أول تحالف عالمي للقوات المحاربة من أجل الدفاع عن العرب.
ووفقاً لمخططه فإن هذه القوة كانت ستحتل إسرائيل إنطلاقاً من مصر لتعسكر في هضاب الجولان قبل أن تقوم بنشر قوة جوية بطائرات مروحية محملة بمظليين. وخطط دادا لأن يقود شخصياً هذا الهجوم من مقر قيادته في كولولو -إحدى هضاب شمال شرق كامبالا- ليتجه فيما بعد إلى ميدان المعركة لرفع معنويات قواته. وتوقع دادا في ختام الخطة هزيمة الإسرائيليين وقال اذا كان هتلر أرسل ستة ملايين يهودي إلى “غرف الغاز” فهذا لأنه كان يعلم أن “اليهود ضد مصالح شعوب العالم”. وفي إبريل/ نيسان عام 1979 اشترك نيريري واسرائيل في الإطاحة بعيدى أمين لعدائه لإسرائيل التي كانت على علاقات قوية مع نيريري فقامت تنزانيا بطرد عيدي أمين بمساعدة المليشيات الأوغندية واستولت على العاصمة كمبالا وأعادت أوبوتي إلى الحكم مرة ثانية.
بعد هذه الحادثة فر أمين إلى ليبيا. وتضاربت الأقوال حول مدة بقائه هناك قبل أن يلجأ إلى السعودية، حيث عاش فيها يصارع المرض لمدة طويلة من عمره إلى أن دخل في غيبوبة وهو في مستشفى الملك فيصل التخصصي في جدة حيث وافاه الأجل هناك في 16 أغسطس 2003. وطالب جعفر الإبن الأكبر للرئيس عيدي أمين دادا، بتشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الانتهاكات التي يقال إنها ارتكبت ابان حكم أبيه للبلاد. وقد انشأ جعفر أمين بالفعل موقعاً على الانترنت يدافع من خلاله عن سجل والده الذي يقول إنه شوه عمداً لكونه رئيس مسلم كره إسرائيل وحدّ من التنصير في أوغندا.

*كاتب وباحث في التاريخ والسياسة الدولية.

Optimized by Optimole