الجيش الجزائري و”فوبيا” الفراغ الدستوري

Spread the love

بقلم: بوشاك سيد أحمد* —

منذ انطلاق الحراك الشعبي في الجزائر في 22 شباط – فبراير 2019، والجيش الجزائري يصر على أن الحلول لا يمكن أن تكون إلا ضمن الأطر الدستورية وتدابير وأحكام مواد الدستور وهو دستور رغم عيوبه، فإنه يوفر الظروف القانونية لرحلة العبور نحو شاطئ الفسحة السياسية الآمنة؛ وبرغم ما اعتراه من خروقات تلبية لنزوات الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة في الاستفراد بالحكم على حساب توازن السلطات الذي جاء به دستور شباط – فبراير 1989 وكرّسه دستور تشرين الثاني – نوفمبر 1996.
فمع تصاعد الاحتجاجات والمسيرات واتساع نطاقها الزماني والمكاني قدم الجيش رأيه وهو رأي الفاعل القوي في الساحة، وبخصوص الحل أو الحلول كما يحب أن يصف مبادراته واقتراحاته؛ وذلك بتطبيق أحكام المادة 102 من الدستور. ثم وصل الأمر إلى الدعوة الصريحة إلى ضرورة تفعيلها وهو ما نتج عنه تنحي بوتفليقة عن طريق الاستقالة-الإقالة، لتدخل الجزائر مرحلة من البحث عن الحل السياسي لأزمتها التي وضع بذورها الخبيثة بوتفليقة ورعتها القوى غير الدستورية بقيادة شقيقه السعيد، وبالتعاون مع الدولة الموازية بقيادة رئيسي المخابرات السابقين الجنرالين محمد مدين وعثمان طرطاق، وبتنفيذ من طرف زبائنهم في الأحزاب السياسية والإعلام ونشطاء المجتمع المدني وعناصرهم في مؤسسات الدولة.
كل هذا في رغبة انتقامية مزدوجة تجاه الشعب المنتفض والجيش المرافق له في مسيرته لاستعادة قراره السيد في من يحكمه؛ إذ لم يساهم الرئيس المتنحي رغم الدعوات التي وجهت له من طرف الكثير من العقلاء في توفير شروط الذهاب الآمن إلى انتخابات رئاسية حرة ونزيهة.
لكنه أصر على إبقاء الأوضاع على حالها وبقاء كل رموز نظامه في مواقعها وعلى رأسها المؤسسات الدستورية في محاولة للتمديد لنظامه وعصابته بطريقة أو بأخرى بل وفي تأزيم الأوضاع بشكل يصعب احتواؤه كما جاء في تصريحات زعيم الفراغ الدستوري في كانون الثاني/ يناير 1992 الجنرال خالد نزار، إذ نقل للرأي العام رغبة السعيد بوتفليقة في قلب الطاولة على الجيش والحراك وإدخالهما في مواجهة شبيهة بمآسي التسعينات التي أعقبت الفراغ الدستوري المفبرك في كانون الثاني/يناير 1992.

*كاتب جزائري.

Optimized by Optimole