عفواً ستيفن هوكينغ .. هناك خالق للكون

Spread the love

بقلم: د. أحمد مغربي — صدَّر ستيفن هوكينغ الفصل الثاني (سيادة القانون) في كتابه “المخطط العظيم” The Grand Design بالكلمات التالية للعالِم آلبرت آينشتاين: “الشيء الأكثر غموضاً في الكون هو أنه قابل للفهم”.
في ذلك الكتاب، أقر هوكينغ بأن الكون يعمل وفق قوانين مذهلة في دقتها إلى حد… مربك. في شرحه عن نظرية «بيغ- بانغ»، أورد أنه لو «حدث تباطؤ بمقدار جزء من مئة مليون بليون من الثانية بعد لحظة «الانفجار الكبير، لمنعت قوة الجاذبية المكوّنات الدقيقة للذرة من التجمع مع بعضها بعضاً في ذرات، وتالياً لاستحال ظهور المادة بكل أشكالها، أي أن الكون والمجرات والنجوم لم تكن لتظهر أبداً». تحدّت تلك الدقة عقل عالِم الرياضيات المختصة بالكون، وهو إبن لأم شيوعية، واشتهر بإلحاده الذي عبر عنه بأقوال من نوع أن وجود الكون لا يستلزم خالقاً له.
بالنسبة إلى هوكينغ، وُلِد الكون من لحظة الـ«بيغ- بانغ» التي جاءت من عدم، ولا جدوى من التفكير بما قبلها. وجاءت تلك اللاجدوى من تناقض كان هوكينغ يعرفه جيداً، وفق ما ظهر في كتابيه «موجز لتاريخ الزمان» و«المخطط الكبير».
وفيهما، يورد هوكينغ أن الفيلسوف عمانوئيل كانط ذهب في كتابه «نقد العقل المحض» إلى وجود أسباب متساوية للقول بإن الكون أبدي وأزلي (موجود منذ الأزل ومســـتمر إلى الأبد)، أو أنه مخلوق في نقطة محددة من الزمان. إذا كان الكون أزلياً، يكون وراء كل حدث زمان لا نــهاية له، وإذا كان الكون مخلوقاً، يكون هناك زمان لا نهائي سبقه، وبالتالي هناك زمن لا نهائي وراء كل حدث أيضاً!
وإذ تحسم الـ«بيغ- بانغ» بوجود نقطة لبداية الكون وزمانه، ما يجعله مخلوقاً ويجعل لكل حدث زماناً محدداً يسبقه طالما هو يحدث في ذلك الكون، اصطدم هوكينغ بفكرة أن الـ «بيغ- بانغ» تتطابق أيضاً مع وصف الأديان عن إله خلق الوجود من عدم.

فشل الجمع بين النسبية والكمومية
حاول هوكينغ التملص من ذلك الدعم لمقولة وجود خالق، عبر القول بلا جدوى التفكير في زمن قبل بداية الكون، فبدا كأنه يعود إلى التناقض الذي طرحه كانط، من دون سند علمي كافٍ لذلك.
وتابع هوكينغ إصراره على نفي ضرورة الخالق، بأن صاغ معادلات رياضية عن العدم، بين فيها أن أكوان كثيرة يمكن أن تنبثق من العدم، فلا يكون كوننا سوى واحد منها. بتعبير آخر، الكون هو حدث متفرد Singularity، وهناك أكوان أخرى ربما انبثقت من العدم معه، فتكون أكوان موازية Parallel Universes لكوننا. ولم تؤد تلك المقولات إلا إلى تأكيد ما تقوله الأديان السماوية عن قدرة الخالق على خلق الوجود، سواء أكان كوناً أو أكواناً، من العدم.
وتشير كلمات آينشتاين عن فهم الكون، إلى وجود قوانين دقيقة تتحكم في الكون. وارتبك هوكينغ حيال تلك الظاهرة بطريقة لم يمكنه إخفاءها. وأقر بأن الدقة الفائقة لسير الكون تدل بحد ذاتها على وجود «ذكاء أعلى» متفوق، بل يسعى البشر إلى فهم صيغ القوانين التي وضعها في الكون. وزاد في إرباكه أنه لم ينجح في وضع صيغة تستطيع تفسير الجاذبية التي اكتشف نيوتن وآينشتاين فيها صيغ معينة من قوانينها، فيما وضع علماء الفيزياء الكمومية صيغاً أخرى لها. وباستخدام الطرق العلمية المعروفة، يمكن البرهان على كل من الصيغتين باستقلالية، لكن ليس سوية. ومنذ عام 2009، عمل هوكينغ في «مركز علوم الكون النظرية» على مشروع لصوغ نظرية عما سمّاه «الجاذبية الكمومية» Quantum Gravity، باعتبارها تجمع النسبية والكمومية. ولم يوفق في ذلك.

المصدر: صحيفة الحياة

Optimized by Optimole