طالبان والقاعدة وداعش – خراسان : علاقات معقّدة ومستقبل غامض

طالبان والقاعدة وداعش – خراسان : علاقات معقّدة ومستقبل غامض
Spread the love

شؤون آسيوية- بقلم:حسن صعب
أولاً :طالبان
 النشأة والتطور
 الأفكار والأهداف
 القادة الرئيسيون
 العمليات والهجمات الإرهابية
 المواقف السياسية
 فرع طالبان :شبكة حقّاني
ثانياً :القاعدة
 النشأة والتطور
 الأفكار والأهداف
 القادة الرئيسيون
 العمليات والهجمات الإرهابية
 المواقف السياسية
ثالثاً :داعش – خراسان
 النشأة والتطور
 الأفكار والأهداف
 القادة الرئيسيون
 العمليات والهجمات الإرهابية
 المواقف السياسية
طالبان والقاعدة وداعش- خراسان:قراءة في العلاقة الملتبسة

توطئة
أحدثت سيطرة حركة طالبان السريعة على أفغانستان، قبيل الانسحاب الأميركي من دون اتفاق ،في نهاية شهر آب /أغسطس الماضي
،صدمة لدى الحكومة والشعب الأفغاني أولاً ،ولدى دول المنطقة والدول الغربية بالدرجة الثانية ،ليس فقط بسبب الخوف من عودة
الجماعات الإرهابية للعمل مجدداً في أفغانستان "الطالبانية" ،ضد كل من يختلف مع هذه الجماعات داخل وخارج البلاد ؛بل على خلفية
الانهيار الدراماتيكي للجيش الأفغاني الذي أنفق الأميركيون عليه مئات مليارات الدولارات طيلة عقدين من الزمن، مع ما يعنيه ذلك من
فشل ذريع للاستراتيجية الأميركية الكونية على مستوى تطويع الدول والشعوب، باستخدامها مختلف وسائل الترهيب والترغيب،سواء
الكلاسيكية منها أوالحديثة،وأبرزها دعم الجيوش الحاكمة والموالية للولايات المتحدة في أغلبها.

لذا،فإن محاولة التعرّف عن كثب على حركة طالبان والقاعدة وداعش- خراسان في أفغانستان مطلوبة وضرورية في هذه المرحلة تحديدًا
،من قِبل الدول الإقليمية أو المجاورة لأفغانستان ، كما من الدول الغربية التي خاضت حرباً طويلة ومريرة ضد طالبان والقاعدة في هذا
البلد ، والتي خسرتها بشكلٍ مخزٍ ومهينٍ في النهاية.
وتشمل محاولة قراءة تلك الجماعات: نشأتها وتطوّرها، أفكارها وأهدافها ،قياداتها، والعمليات التي قامت بها في أفغانستان، سواء ضد
القوات الأميركية وقوات حلف الناتو، أو ضد الجيش الأفغاني والمدنيين الأفغان على اختلاف أعراقهم وانتماءاتهم ،إلى أبرز مواقفها
السياسية، وصولاً إلى فهم العلاقة المعقّدة التي ربطت بين هذه الجماعات خلال مرحلة الاحتلال الغربي لأفغانستان ،بهدف الوصول إلى
خلاصات أو استنتاجات موضوعية حول مستقبل العلاقة فيما بينها، وتأثير ذلك على الوضع في أفغانستان والدول المجاورة لها
بالخصوص.
أولاً :طالبان
 النشأة والتطور
تعود نشأة حركة طالبان إلى الثمانينيات من القرن العشرين على يد المخابرات الباكستانية، التي سعت إلى تكوين تنظيم قوي يعتمد
بالأساس على قبيلة البشتون، كي يواجه القوات السوفييتية التي اجتاحت أفغانستان عام 1979. لكن طالبان لم تدخل إلى الساحة الأفغانية
كفصيل مقاتل إلا عام 1994 بعد اضطراب الأحوال إثر دخول "المجاهدين"، الذين أجبروا السوفييت على الرحيل، في حرب أهلية
طاحنة صراعاً على الحكم والنفوذ.
وقد تمكّنت طالبان، التي تعني "طلاّب العلم"، من دخول كابول عام 1996 ، وسيطرت على الحكم حتى أُزيحت عنه عام 2001 على يد
الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، الذين سبق لهم لعب دور كبير في تكوين طالبان نفسها تمويلاً وتدريباً، في إطار الصراع الأمريكي
– السوفييتي الذي ساد عقوداً ضمن ما عُرف بـ "الحرب الباردة".
وإذا كانت طالبان تعتمد على البشتون، الذين يشكّلون 45% تقريباً من جملة سكان أفغانستان، فإن بها مكاناً لعرقيات أخرى، مثل
الطاجيك والأوزبك والشيشان، لكن بأعداد قليلة.(1)
لقد نشأت الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الدينية المعروفة باسم طالبان (جمع كلمة طالب في لغة البشتو) في ولاية قندهار (جنوب
غربي أفغانستان) على الحدود مع باكستان عام 1994، على يد الملا محمد عمر مجاهد (1959-2013)، إذ رغب في القضاء على
مظاهر الفساد الأخلاقي، وإعادة أجواء الأمن والاستقرار إلى أفغانستان، وساعده على ذلك طلبة المدارس الدينية الذين بايعوه أميراً لهم
عام 1994.(2)
إذاً ، طالبان نشأت خلال أجواء الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1992 عقب سقوط نظام الرئيس الشيوعي نجيب الله، ودخول الفصائل
الأفغانية المناهضة له إلى العاصمة كابول. ففي تلك الآونة عمّت الفوضى أفغانستان، وانتشرت ظاهرة أمراء الحرب الذين يفرضون
الإتاوات على المواطنين، ويخطفون ويغتصبون النساء والأطفال. وفي ظل الانفلات الأمني الواسع في ولاية قندهار، قرّر الملا محمد
عمر، المولود في عام1959، رفقة بعض زملائه ممّن قاتلوا معه سابقاً أثناء الغزو الروسي ضمن (حركة انقلاب إسلامي) التي أسّسها
المولوي محمد نبي محمدي، دعوة طلبة العلوم الشرعية للتجمع والتصدّي لمظاهر الانفلات الأمني، ونجحوا في السيطرة على مدينة
قندهار وسط ترحيب من الأهالي. كما تمكنوا من تحرير قافلة تجارية اختطفها قطّاع الطرق أثناء توجهها من تركمنستان إلى ميناء
كراتشي عبر قندهار؛ ممّا جعل الحركة تحظى برضا باكستاني، في ظل مراهنة إسلام أباد على البشتون الأفغان كحليف استراتيجي. من
ثمّ بدأت طالبان في التوسع، وانضمّ إلى صفوفها قادة ميدانيون بارزون، مثل مولوي جلال الدين حقّاني، أحد أبرز رموز قبيلة زدران
ذات النفوذ الواسع في شرق أفغانستان. وتمكنت الحركة من دخول العاصمة كابول في عام 1996، وسيطرت على قرابة 90% من
الأراضي الأفغانية، وأعلنت تأسيس إمارة إسلامية..
وحين سيطرت طالبان في ذلك العام على منطقة جلال آباد التي كان يتواجد بها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في رفقة أتباعه،
وعدتهم بتوفير الحماية لهم في ظل سابقة قتالهم ضد الغزو الروسي لأفغانستان؛ كما طلبت منهم عدم تنفيذ هجمات خارج أفغانستان
انطلاقاً من الأراضي الأفغانية. وعقب وقوع هجمات سبتمبر/أيلول 2001، رفضت طالبان المطالب الأمريكية بتسليم بن لادن، وذلك من
منطلق رفض تسليم مستجير بحمايتهم لعدوّه، وعرضت طالبان بالمقابل محاكمته على أراضيها وفق الشريعة الإسلامية في حال تقديم
واشنطن أدلّة تفيد بضلوعه في الهجمات، وهو ما رفضته أمريكا التي شنّت حرباً على أفغانستان في أكتوبر/تشرين الأول 2001،
أطاحت خلالها بحكم حركة طالبان قبل أن تعود الأخيرة مجدّداً إلى كابول في عام 2021.(3)
 الأفكار والأهداف

تنتمي طالبان إلى العقيدة الماتريديّة في غالب أفرادها، وهي منسوبةٌ إلى الإمام أبو منصور الماتريديّ، وهو من أعلام أهل
السّنة والجماعة. والماتريديّة هي فرقة من أشهر فرق السّنة الاعتقاديّة وأقربها إلى الأشاعرة؛ والماتريديّة هو المذهب
الاعتقادي لأتباع المذهب الحنفي في عموم أنحاء العالم الإسلاميّ، وهو الأكثر انتشارًا في أفغانستان والهند والصين،
وبنغلادش، وباكستان، وتركيا، وإيران، والجمهوريّات الرّوسيّة المسلمة، وكان هو المذهب الاعتقاديّ الرسمي للدولة العثمانية.
وتنتمي شريحةٌ يسيرةٌ من طالبان إلى المذهب الأشعريّ المنسوب إلى أبي الحسن الأشعري، بينما لا تكادُ تجدُ في صفوف
طالبان، سواء على مستوى الأفراد أو القيادات ،من ينتمي إلى التيّار السلفي، سواءٌ في ذلك السلفيّة النجديّة الوهابيّة المنسوبة
إلى الشّيخ محمد بن عبد الوهّاب، أو غيرها من السلفيّات، بما فيها السلفيّة الجهاديّة التي تفرّعت منها داعش والقاعدة.(4)
فطالبان هي حركة إسلامية سنيّة تعتنق المذهب الحنفي، وتعتبر الحكم الشرعي في مذهبها حكماً واحداً لا يحتمل الأخذ والرد
حوله؛ ومن ثمّ يصبح تنفيذ الأحكام الشرعية لدى طالبان -حتى وإن كانت هناك مذاهب أو آراء أخرى تخالفها- واجباً دينياً لا
مفرّ من تنفيذه.
تعلّم أفراد الحركة في المدارس الدينية الديوبندية (نسبة إلى قرية ديوبند في الهند)، وتأثّروا بالمناهج الدراسية لهذه المدارس،
الأمر الذي انعكس على أسلوبهم في الحكم.
ركّزت تلك المدارس على العلوم الإسلامية كالتفسير والحديث والسيرة، إضافة إلى بعض العلوم العصرية التي تدرّس بطريقة
تقليدية قديمة.(5)
أما حول أهداف الحركة،فقد
أعلنت طالبان على لسان الناطق الرسمي باسمها الملا عبد المنان نيازي، في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 1994، بعد أن
استولوا على مديرية سبين بولدك، أن هدف حركتهم هو استعادة الأمن والاستقرار وجمع الأسلحة من جميع الأطراف، إضافة
إلى إزالة مراكز جمع الإتاوات من الطرق العامة التي سلبت الناس أموالهم وانتهكت أعراضهم.
لكن بعد أن استولت الحركة على عدد من الولايات، ولقيت قبولاً مبدئياً لدى قطاعات عريضة من الشعب الأفغاني الذي أنهكته
الحرب الأهلية، طوّرت أهدافها، لتصبح إقامة حكومة إسلامية، كما صرّح بذلك الملا محمد عمر في كلمته التي ألقاها أمام
العلماء في قندهار في الرابع من أبريل/نيسان 1996. ونشرت الحركة أهدافها على النحو التالي:
-إقامة الحكومة الإسلامية على نهج الخلافة الراشدة.
-أن يكون الإسلام دين الشعب والحكومة جميعاً .
-أن يكون قانون الدولة مستمداً من الشريعة الإسلامية.
-اختيار العلماء والملتزمين بالإسلام للمناصب المهمة في الحكومة.
-قلع جذور العصبيات القومية والقبلية.
-حفظ أهل الذمة والمستأمنين وصيانة أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ورعاية حقوقهم المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية.
-توثيق العلاقات مع جميع الدول والمنظمات الإٍسلامية.
-تحسين العلاقات السياسية مع جميع الدول الإسلامية وفق القواعد الشرعية.
-التركيز على الحجاب الشرعي للمرأة وإلزامها به في جميع المجالات.
-تعيين هيئات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جميع أنحاء الدولة.
-قمع الجرائم الأخلاقية ومكافحة المخدّرات والصور والأفلام المحرّمة.
-استقلال المحاكم الشرعية وفوقيّتها على جميع الإدارات الحكومية.
-إعداد جيش مدرّب لحفظ الدولة الإسلامية من الاعتداءات الخارجية.
-اختيار منهج إسلامي شامل لجميع المدارس والجامعات وتدريس العلوم العصرية.
-التحاكم في جميع القضايا السياسية والدولية إلى الكتاب والسنّة.
-أسلمة اقتصاد الدولة والاهتمام بالتنمية في جميع المجالات.
-طلب المساعدات من الدول الإسلامية لإعمار أفغانستان.
-جمع الزكاة والعشر وغيرهما وصرفها في المشاريع والمرافق العامة.(6)
 القادة الرئيسيون
في ما يأتي نبذات موجزة حول القادة الرئيسيين لهذه الجماعة الإسلامية المتشددة:

-1الملا هيبة الله أخوند زاده، القائد الأعلى
استلم الملا هيبة الله أخوند زاده قيادة حركة طالبان في أيار/مايو 2016 أثناء انتقال سريع للسلطة، بعد أيام على وفاة سلفه
أختر محمد منصور، الذي قُتل في غارة لطائرة أمريكية مسيّرة في باكستان. قبل تعيينه، لم يكن يُعرف سوى القليل عن أخوند
زاده، الذي كان اهتمامه منصباً حتى ذلك الحين على المسائل القضائية والدينية أكثر من فن الحرب.
ويتمتع عالم الدين هذا بنفوذ كبير داخل حركة التمرد التي قاد الجهاز القضائي فيها؛ لكن محلّلين يرون أن دوره على رأس
طالبان سيكون رمزياً أكثر منه عملياً. وأخوند زاده هو نجل عالم دين، وأصله من قندهار، قلب منطقة البشتون في جنوب
أفغانستان ومهد طالبان. وقد بايعه على الفور أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة.
وقد أطلق عليه المصري لقب "أمير المؤمنين" الذي سمح له بإثبات مصداقيته في أوساط الجهاديين. تولّى أخوند زاده المهمة
الحساسة المتمثلة بتوحيد طالبان، التي مزّقها صراع عنيف على السلطة بعد وفاة الملا منصور، وكشف عن إخفائها لسنوات
وفاة مؤسّسها الملا محمد
عمر؛ وتمكن من تحقيق وحدة الجماعة، وكان يميل إلى التحفظ مكتفياً ببث رسائل سنوية نادرة في الأعياد الإسلامية.
2-الملا عبد الغني برادر: قائد عسكري ورئيس المكتب السياسي.
نشأ عبد الغني برادر في ولاية أرزغان في قندهار. وهو أحد مؤسّسي حركة طالبان مع الملا عمر الذي توفّي في 2013؛ لكن
لم يُكشف موته إلا بعد سنتين. على غرار العديد من الأفغان، تغيّرت حياته بسبب الغزو السوفياتي في 1979، وأصبح مجاهداً
،ويُعتقد أنه قاتل إلى جانب الملا عمر.
عقب التدخل الأمريكي وسقوط نظام طالبان عام 2001، قيل إنه كان جزءاً من مجموعة صغيرة من المتمردين المستعدين
لاتفاق يعترفون فيه بإدارة كابول. لكن هذه المبادرة باءت بالفشل.
وشغل الملا برادر منصب القائد العسكري لطالبان ،عندما اعتُقل في 2010 في مدينة كراتشي الباكستانية. وقد أطلِق سراحه
في 2018 تحت ضغط من واشنطن خصوصاً. ويلقى برادر احتراماً لدى مختلف فصائل طالبان؛ ثم تمّ تعيينه رئيساً لمكتبهم
السياسي في العاصمة القطرية الدوحة.
من هناك، قاد المفاوضات مع الأمريكيين التي أدّت إلى انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، ثم محادثات السلام مع الحكومة
الأفغانية التي لم تُسفر عن شيء.
-3زعيم شبكة حقاني سراج الدين حقاني
سراج الدين حقاني هو نجل أحد أشهر قادة الجهاد ضد السوفيات جلال الدين حقاني. وهو الرجل الثاني في طالبان وزعيم
الشبكة القوية التي تحمل اسم عائلته.
تُصّنف واشنطن شبكة حقاني التي أسّسها والده إرهابية، وواحدة من أخطر الفصائل التي تقاتل القوات الأمريكية وقوات حلف
شمال الأطلسي في العقدين الماضيين في أفغانستان. وشبكة حقاني معروفة باستخدامها العمليات الانتحارية، ويُنسب إليها عدد
من أعنف الهجمات في أفغانستان في السنوات الأخيرة.
وقد اتُهِم أيضاً باغتيال بعض كبار المسؤولين الأفغان واحتجاز غربيين رهائن قبل الإفراج عنهم مقابل فدية أو مقابل سجناء،
مثل الجندي الأمريكي بو برغدال الذي أطلِق سراحه في 2014 مقابل خمسة معتقلين أفغان من سجن غوانتانامو.
ومقاتلو حقاني المعروفون باستقلاليتهم ومهاراتهم القتالية وتجارتهم المربحة، هم المسؤولون على ما يبدو عن عمليات طالبان
في المناطق الجبلية في شرق أفغانستان، ويُعتقد أن تأثيرهم قوي على قرارات الحركة.
4-الملا يعقوب، الوريث
الملا يعقوب هو نجل الملا محمد عمر، ورئيس اللجنة العسكرية التي تتمتع بنفوذ كبير في طالبان حيث تقرّر التوجهات
الاستراتيجية للحرب ضد الحكومة الأفغانية. ويشكّل ارتباطه بوالده الذي كان مقاتلو الحركة يبجّلونه كزعيم لحركتهم، عامل
توحيد لحركة واسعة ومتنوعة إلى هذا الحد.
مع ذلك، ما زال الدور الذي يلعبه داخل الحركة موضع تكهنات. ويعتقد بعض المحلّلين أن تعيينه رئيساً لهذه اللجنة في 2020
كان مجرّد إجراء رمزي.(7)
 العمليات والهجمات الإرهابية
بحسب تقرير من 55 صفحة للأمم المتحدة، ارتكبت حركة طالبان أثناء إحكام سيطرتها على شمال وغرب أفغانستان، مذابح
ممنهجة ضد المدنيين. وصرّح مسؤولو الأمم المتحدة بوقوع 15 مجزرة بين 1996 و 2001. وقالوا أيضًا:«إنها كانت
منظّمة للغاية وكلّها تعود إلى وزارة الدفاع [طالبان] أو إلى الملا عمر نفسه». ونقل عن مسؤول بالأمم المتحدة قوله:«هذه هي
نفس نوع جرائم الحرب التي ارتُكبت في البوسنة ويجب محاكمتهم في محاكم دولية». كما تكشف الوثائق دور المقاتلين العرب
والقوات الباكستانية في عمليات القتل هذه. كان اللواء 055 التابع لبن لادن مسؤولاً عن القتل الجماعي للمدنيين الأفغان. صرّح

سفير طالبان السابق في باكستان الملا عبد السلام ضعيف،أواخر 2011، أن السلوك القاسي تحت حكم طالبان ومن قبله كان
ضروريًا.
وفي 1998 اتهمت الأمم المتحدة حركة طالبان بحرمان برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من تقديم الغذاء الطارئ
إلى 160 ألف جائع ويتضوّر جوعًا، لأسباب سياسية وعسكرية. وقالت الأمم المتحدة إن طالبان كانت تجوّع الناس بسبب
أجندتها العسكرية وتستخدم المساعدة الإنسانية سلاحًا في الحرب.
في 8 أغسطس 1998 شنّت طالبان هجومًا على مزار شريف. ومن 1500 مدافع نجا 100 فقط من الاشتباك. وما إن
سيطرت طالبان على المدينة، حتى بدأت في قتل الناس بشكل عشوائي. في البداية أطلقوا النار على الناس في الشارع، سرعان
ما بدأوا في استهداف الهزار؛ وتعرّضت النساء للاغتصاب، وحُبس الآلاف في حاويات وتُركوا ليختنقوا. خلّف هذا التطهير
العرقي ما قُدّر بنحو 5000 إلى 6000 قتيل؛ وقتِل في ذلك الوقت عشرة دبلوماسيين وصحفيين إيرانيين. افترضت إيران أن
طالبان قتلتهم، وحشدت جيشها ونشرت جنودها على طول الحدود مع أفغانستان. وفي منتصف سبتمبر، كان هناك 250 ألف
جندي إيراني يتمركز على الحدود. توسطت باكستان وأعيدت الجثث إلى طهران عند نهاية الشهر. تم تنفيذ عمليات قتل
الدبلوماسيين من قِبل جيش الصحابة، وهي جماعة سنيّة باكستانية لها علاقات وثيقة مع وكالة الاستخبارات الباكستانية. أحرقوا
البساتين والمحاصيل ودمّروا أنظمة الري، وأجبروا أكثر من 100 ألف شخص على ترك منازلهم مع وجود مئات الرجال
والنساء والأطفال في عداد المفقودين المفقودين.
في محاولة كبيرة لاستعادة سهول شومالي إلى الشمال من كابل من الجبهة المتحدة، قتلت طالبان المدنيين بشكل عشوائي، بينما
اقتلعت وطردت السكان. وكتب كمال حسين، مراسل خاص للأمم المتحدة عن جرائم الحرب هذه من استالف، وهي بلدة تشتهر
بالفخّار اليدوي، والتي كان يسكنها أكثر من 45000 شخص، أعطت طالبان إخطارًا مدّته 24 ساعة للسكان بالمغادرة، ثم
دمّرت المدينة بالكامل تاركة الناس مُعدمين.
وفي 1999 تم الاستيلاء على مدينة بباميا؛ وهدِمت المنازل، وأعدِم المئات من الرجال والنساء والأطفال، واستخدِم بعضهم في
السخرة. ووقعت مذبحة أخرى في بلدة ياكولانج في يناير 2001.قُتِل ما قدّر بنحو 300 شخص إلى جانب وفدين من شيوخ
الهزارة حاولوا التوسط.
وفي 1999 أجبرت طالبان مئات الآلاف من الأشخاص من سهول شومالي ومناطق أخرى على اتباع سياسة الأرض
المحروقة للمنازل والأراضي الزراعية والحدائق.(8)
من أهم العمليات العسكرية لحركة طالبان خلال الأعوام التي سبقت الانسحاب الأميركي الأخير من أفغانستان، الهجوم الذي
شنّته على أحد المعسكرات بالقرب من مدينة مزار شريف، في 21 إبريل 2017، والذي يُعدّ مقرًّا للفيلق 209 في الجيش
الأفغاني، المسئول عن استتباب الأمن في شمال أفغانستان، ويوجد به عدد من الجنود الأجانب من جنسيات مختلفة، وهو ما
أسفر عن مقتل ما يقرب من 130 شخصًا، بشكلٍ دفع كلاً من وزير الدفاع عبد الله حبيبي ورئيس الأركان قد شاه شاهين إلى
تقديم استقالتيهما..
وكان لافتًا أن "طالبان"، التي سارعت إلى إعلان مسئوليتها عن الهجوم الذي قالت إنه جاء ردًا على مقتل عدد من كبار قادتها،
أقدمت على شن هجوم آخر، في 24 إبريل، على قاعدة "كامب تشامبان" التي تديرها القوات الأمريكية في ولاية "خوست"،
وهو ما أدّى إلى مقتل ما لا يقل عن 4 جنود أفغان وإصابة 8 آخرين. وقد ربطت اتجاهات عديدة بين هذا الهجوم وبين
الضربة الأمريكية ضد مواقع تنظيم "داعش"، في منطقة نانجارهار في 13 إبريل.
ويبدو أن هذه العمليات أتت في سياق التحركات التي تقوم بها "طالبان" بهدف توسيع نطاق نفوذها على الأرض، عبر السيطرة
على مناطق جديدة، حيث تمكّن مقاتلوها، في 27 أغسطس 2016، من اجتياح منطقة جاني خيل التابعة لولاية باكتيا الشرقية
التي تربط بين 8 مناطق مجاورة، وتوصل بين باكتيا وولاية خوست وباكستان، ممّا جعلها تهدّد طرقًا استراتيجية تصل بين
أفغانستان وباكستان. كما أنهم سيطروا، في 3 أكتوبر 2016، على بعض المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية في كلٍ من قندز
شمالي أفغانستان وهلمند في جنوبها..(9)
أبرز عمليات طالبان بعد الغزو الأميركي وحتى الانسحاب من أفغانستان :
– مارس/آذار 2002: سقوط مروحيتين أميركيتين على يد مقاتلين من طالبان.
ـ 5 سبتمبر/أيلول 2002: محاولة اغتيال الرئيس حامد كرزاي؛ وقد اتُهِمت حركة طالبان بتدبير المحاولة.
ـ يناير/كانون الثاني 2003: سقوط مروحية أميركية وموت 4 جنود كانوا على متنها.
ـ نوفمبر/تشرين الثاني 2003: صرّح قائد القوات الدولية لحفظ السلام المساعد الجنرال الكندي أندرو ليسلي بأن حركة طالبان
تسيطر على ربع مساحة أفغانستان.
ـ يناير/كانون الثاني 2004: مقتل 8 جنود أجانب في منطقة غزني بسبب هجوم لمقاتلي طالبان.

ـ أبريل/نيسان 2004: هجوم للحركة على قاعدة أميركية ومقتل 7 جنود.
ـ 16 سبتمبر/أيلول 2004: محاولة ثانية لاغتيال الرئيس كرزاي.
ـ مايو/أيار 2006: حركة طالبان تشن هجمات انتحارية في مدينة كابل، والتي تصاعدت خلال الفترة بين عامي 2005-
2006.
ـ 12 مايو/أيار 2007: مقتل قائد طالبان العسكري الملا داد الله.
ـ 19 يوليو/تموز 2007: اختطفت الحركة 23 كورياً جنوبياً أغلبهم نساء في منطقة غزني على طريق كابل-قندهار.
ـ عاما 2008 و2009: تصاعدت العمليات الانتحارية، خاصة في كابل، والاختطافات والعمليات القتالية ضد القوات الأجنبية،
وسيطرت طالبان على عدد من المناطق، وأعلنت القوات الأجنبية مصرع حوالي 3000 من جنودها منذ احتلال أفغانستان..
ـ 29 يوليو/تموز 2015: إعلان طالبان عن وفاة الملا عمر (في 23 أبريل/ نيسان 2013، وأخفت خبر الوفاة)، وانتخاب
مجلس شورى بـ "الإجماع" الملا أختر منصور زعيماً جديداً للحركة.
ـ 25 مايو /أيار 2016: أعلنت طالبان مقتل زعيمها الملا أختر منصور، وتعيين زعيم جديد وهو الملا هبة الله أخندزاده..
ـ 1 مايو/أيار 2021: بدأت الولايات المتحدة وحلف الناتو سحب 9500 جندي، بينهم 2500 أميركي كانوا ما زالوا
موجودين بأفغانستان.
واندلعت معارك عنيفة بين طالبان والقوات الحكومية في منطقة هلمند الجنوبية، في حين سيطرت الحركة على مقاطعة بوركا
بولاية بغلان في الشمال..
ـ 15 مايو/أيار 2021: انسحب الأميركيون من قندهار الجوية، إحدى أهم القواعد في أفغانستان..
ـ 21 يوليو/تموز 2021: قال جنرال أميركي رفيع إن مسلّحي طالبان باتوا يسيطرون على نحو نصف مناطق أفغانستان مما
يظهر مدى وسرعة تقدّمهم..
ـ 2 أغسطس/آب 2021: قال الرئيس غني إن الانسحاب الأميركي "المفاجئ" هو السبب في تدهور الوضع العسكري، في
وقتٍ كانت مدن كبرى عدة تتعرض لتهديد مباشر من طالبان.
واتهمت السفارتان الأميركية والبريطانية في كابل طالبان بـ "قتل عشرات المدنيين" في منطقة سبين بولداك الجنوبية.
ـ 3 أغسطس/آب 2021: أدّى هجوم ضد وزير الدفاع اللواء بسم الله محمدي إلى مقتل 8 مدنيين في كابل. وأعلنت طالبان
مسؤوليتها عن الهجوم، مهدّدة بعمليات أخرى رداً على القصف الجوي الذي يشنّه الجيش.
ـ 6 أغسطس/آب 2021: أصبحت زرنج جنوب غرب البلاد أول عاصمة لولاية تسقط في أيدي طالبان منذ سنوات، وأعقب
ذلك سقوط الكثير من المدن تباعاً في يد الحركة..
ـ 15 أغسطس/آب 2021: مقاتلو الحركة يحاصرون العاصمة، بعد السيطرة على مدينة جلال آباد الشرقية الرئيسية دون
قتال، والوصول لمشارفها في أكثر من جهة، وسط حراك دبلوماسي وسياسي من أجل الدفع بنقل السلطة بشكل سلمي وسلس
بالعاصمة المحاصرة.
ـ الرئيس غني يغادر أفغانستان.(10)
 المواقف السياسية
حاولت حركة طالبان تلطيف مواقفها السياسية باتجاه الداخل والخارج معاً، بعد سيطرتها على البلاد أخيراً ،وذلك بهدف حصر
التحديات والتهديدات لحكمها الجديد، واكتساب دعم إقليمي ودولي لها يمكّنها من إدارة شؤون الدولة وحلّ أزماتها المتفاقمة.
وكانت الإشارة الأولى حين أعربت الحركة عن إدانتها
لهجمات الـ11 من سبتمبر قبل 20 عاماً.
فقد نفى المتحدث باسم المكتب السياسي لـ"طالبان" سهيل شاهين، في حوار مع قناة Geo News الباكستانية، صحّة ادعاءات
مفادها أن الحركة كانت تنوي إجراء مراسم تشكيل حكومتها الجديدة في ذكرى الهجمات الدموية.
وتابع: "قلنا قبل 20 عاماً إن الأفغان لم يشاركوا في هذا الهجوم الإرهابي وأعربنا عن إدانتنا له".
وذكر شاهين أن "طالبان" عقدت حينها مؤتمراً صحفياً أعلنت فيه عن ضرورة تحديد المتورّطين في هجمات 11 سبتمبر،
وأبدت رغبتها في حل هذه المسألة عبر الحوار، محذّرة من أن المحاولات الغربية لغزو أفغانستان محكوم عليها بالفشل.
وتابع: "لم يُصغوا إلينا وقاموا بغزو أفغانستان، وانتهى ذلك بالنتيجة التي حذّرناهم منها قبل 20 عاما".
وشدّد شاهين على أن "طالبان" لم تكن على دراية بخطط تنظيم "القاعدة" لتنفيذ هجمات 11 سبتمبر، مشيراً إلى أن سياسة
الحركة تقضي بمنع استخدام أراضي أفغانستان لمهاجمة أي دول أخرى.
وتابع: "لا نريد أن تُستخدم أراضي أفغانستان لتنفيذ أي عمليات، وننطلق من تجربتنا السابقة ونحن على استعداد لضمان ذلك".
ونفى صحّة التقارير التي تحدثت مؤخراً عن التعاون بين "طالبان" و"القاعدة"، قائلاً إن الحركة لا تزال ملتزمة بالاتفاق المبرم
بينهما والولايات المتحدة في الدوحة في فبراير 2020 ،ولن تسمح لأي تنظيمات إرهابية، بما فيها "القاعدة" بممارسة أنشطتها
في أفغانستان.(11)

كما كرّر قادة طالبان الحاكمون تعهداتهم بالمزيد من الانفتاح على كافة فئات الشعب الأفغاني وطوائفه وعرقياته،والتعامل
المختلف مع النساء، لكن وفق الشريعة الإسلامية؛ وكذلك فيما يخص علاقات البلاد مع الدول الإقليمية والأجنبية ،لتأمين
مصالح الأفغان وتحريك الاقتصاد، مع التأكيد على منع أي تهديد داخلي لهذه الدول، وفتح صفحة جديدة معها!
الفكر السياسي للحركة
ترفض طالبان استعمال لفظ الديمقراطية، لأنها "تمنح حق التشريع للشعب وليس لله". ولا ترى الحركة أهمية لوضع دستور أو
لائحة لتنظيم شؤون الدولة، وترى أن القرآن والسنّة هما دستور الدولة الإسلامية.
وتعتبر الحركة أمير المؤمنين بمثابة الخليفة، ينتخبه أهل الحل والعقد، ولا توجد مدّة محدّدة لتولّي منصب أمير المؤمنين، ويتم
عزله فقط في حالة العجز أو الموت أو إذا أتى ما يخالف الدين.
والشورى كما تؤمن بها الحركة معلّمة فقط وليست ملزمة، وتهتم الحركة اهتماماً كبيراً بالمظهر الإسلامي كما تتصوره، فتأمر
الرجال بإطلاق اللحى ولبس العمامة، وتمنع إطالة الشعر وتحرّم الموسيقى والغناء والصور، وتمنع عمل المرأة خارج بيتها؛
وتُشرف على تنفيذ ذلك هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولا تسمح الحركة بتشكيل أحزاب سياسية جديدة، ولا تقبل الأحزاب الموجودة. ويقول مؤسّس الحركة في ذلك إنه رفضها لأنها
"تقوم على أسس عرقية وقبلية ولغوية، وهي نوع من العصبيات الجاهلية، الأمر الذي تسبّب في مشاكل وعداء وفرقة بين
الناس".
الموقف من الدول المجاورة
يتفاوت موقف حركة طالبان من الدول المجاورة. فبالنسبة لإيران، تميّزت العلاقة بينهما بالتوتر الشديد؛ فالحركة تتّهم إيران
بالعمل على تصدير المذهب الشيعي إلى أفغانستان ودعم أحزاب المعارضة، في حين تتّهمها إيران باضطهاد الأقليّة الشيعية
الموجودة هناك.
أما بالنسبة للموقف من الهند وروسيا وبعض دول آسيا الوسطى، فإن هذه الدول لا تُخفي قلقها تجاه طالبان، وتعمل على دعم
المعارضة؛ فالهند ترى أن طالبان تشكّل عمقاً استراتيجياً لباكستان، وتفتح أمامها أسواق آسيا الوسطى، في حين تخاف روسيا
وحلفاؤها في آسيا الوسطى من نفوذ حركة طالبان والإسلام المتشدد؛ وطالبان بدورها لا تُخفي عداءها لهذه الدول.
وبالنسبة لباكستان، فقد كانت الحركة تنظر إليها على أنها أقرب الدول إليها وأكثرها صداقة لها، حتى أعلنت إسلام آباد موافقتها
على التعاون مع الولايات المتحدة في حربها ضد أفغانستان عقب تفجيرات نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر/أيلول
2001.(12)
فرع طالبان : شبكة حقّاني
كونها تُعدّ فرعاً من طالبان، سيتم عرض معلومات ومعطيات عامة فقط عن هذه الشبكة، كما وردت في موسوعة ويكيبيديا
الحرّة :
شبكة حقاني جماعة جهادية مسلّحة تضم أكثر من 10 آلاف مقاتل، متحالفة مع طالبان؛ تتشكل من عدة مجموعات. أُخِذ اسم
هذه الشبكة من مولوي جلال الدين حقاني،
الذي برز اسمه في عقد الثمانينيات، وحصل على دعم من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لقتال القوات السوفياتية
إبان احتلالها لأفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي. وهي من أكثر جماعات المقاومة مهابة في الشريط القبلي وأفغانستان.
ويقول رحيم الله يوسف ضي، خبير الشؤون القبلية الباكستاني "كان لديه قواعد في شمال وزيرستان وحظي بدعم قبائل
الباشتون على الحدود خلال الحرب على الشيوعيين. وقد عاد بعد سقوط طالبان إليها ". ولدى حقاني قواعد تدريبية في شرق
أفغانستان، وهو على صلة وثيقة بالقاعدة ويدين بالولاء للملا عمر، ويستخدم صلاته بالجماعات المتشددة لاستهداف القوات
الأمريكية عبر شرقي أفغانستان وجنوب شرقها وداخل العاصمة كابول.
تتخذ اسمها من (جلال الدين حقاني-1950) بطل المقاومة ضد الإتحاد السوفيتي في الثمانينات، والوزير السابق في حكومة
طالبان خلال فترة التسعينات؛ وقد انضم بعد ذلك إلى نظام طالبان. وينتمي حقاني إلى قبيلة جادان، وهي قبيلة بشتونية في إقليم
بكتيا.
وإثر سقوط نظام طالبان في أواخر العام 2001، حمل حقاني السلاح ضد حكومة كابول المُقرّبة من الأمريكيين وضد قوات
حلف شمال الأطلسي.
تتكوّن قيادة شبكة حقاني من الأبناء الثلاثة الكبار لمؤسّسها، حيث يتزعمها اليوم سراج الدين حقاني، الذي تصفه القوات
الأمريكية في أفغانستان بأنه «أحد أخطر أعدائها»، ورصدت واشنطن جائزة قيمتها عشرة ملايين دولار لاعتقاله. ومنهم أيضاً
ناصر الدين حقاني، الذي تعتقد الأمم المتحدة أنه يُجيد التحدث بالعربية.
ورغم أنها تُعتبر جزءاً من المظلّة الأوسع لطالبان التي يقودها الملا محمد عمر ومجلس شورى كويتا الذي يرأسه، وهو مجلس
شورى طالبان، فإن شبكة حقاني تحتفظ بخطوطها الخاصة للقيادة والعمليات. وتركّز معظم نشاطها العسكري في شرقي
أفغانستان، خاصة في ولايات بكتيا وبكتيكا وخوست، وامتدّ إلى ولايات أخرى مثل وردك.

في يوم 22 مايو 2011 قامت شبكة حقاني ومجلس كويتا بصورة مشتركة بمهاجمة قاعدة مهران البحرية في مدينة كراتشي.
رغم أن هذه القاعدة البحرية تعود إلى باكستان، لكن يُقال إن الأمريكيين من هذه القاعدة قاموا بإلقاء أسامة بن لادن في البحر.
لكن الأمريكيين أيضا أنشأوا مقر قنصلية كبير لهم الذي يشرف على البحر وبإنشاء رصيف بحري خاص لهم يقومون بإدخال
وإخراج قواتهم إلى باكستان مباشرة. وأيضاً،هم حوّلوا 200 شقة سكنية في كراتشي إلى قواعد لمجموعاتهم الأمنية.
وصدر يوم الأربعاء (29 شوال 1432 الموافق/28 أيلول 2011 م) بيان عن طالبان بعنوان "بيان الإمارة الإسلامية حول
الادعاءات (الاتهامات) الأخيرة لأمريكا"، والذي نشِر عبر موقع الإمارة الإسلامية، وموقع مجلة "الصمود" الفتية، والمواقع
الأخرى. وتدور رحى البيان على أن المولوي جلال الدين "حقاني" (ركن مهم من أركان الإمارة الإسلامية، وعضو فعّال في
"المجلس القيادي لإمارة أفغانستان الإسلامية"؛ كما يؤكد على التماسك الشديد بين المجاهدين من وحدة الصف، جمع الشمل،
وحدة الكلمة، ووحدة الهدف في كافة زوايا البلاد وأقطارها. ومن سياق البيان وفحواه ومن تاريخ صدوره، يظهر جلياً أن
المقصود الأول هو الدفاع عن هذا وأبنائه الصالحين وأتباعه المجاهدين، وتوجيه إنذار لكلّ من يمس كرامته، أو يعزوه
للآخرين، أو يهدّده بالإرهاب، أو يتهمه بما لا يرضاه، فإنه ليس وحيداً ولا قائد فرقة صغيرة، بل هو أمّة بمعنى الكلمة، وقائد
كبير من قادة الإمارة الإسلامية؛ بل هو شخص يوقّره الشعب بأسره، ويقف معه بكل ما لديه من القوة؛ فالحذرَ الحذرَ من أن
يُمَسَّ جانبُه بسوء، أو يُصاب في أهله وذويه بأذى ومكروه.)*
ثانياً : القاعدة
 النشأة والتطور
نشأ تنظيم القاعدة عام 1987 على يد عبد الله يوسف عزّام، على أنقاض "المجاهدين" الذين حاربوا الوجود السوفياتي في
ثمانينيات القرن الماضي بأفغانستان. وتشير بعض المصادر إلى أن عدة جهات كانت تدعم هذا التنظيم، أبرزها وكالة
الاستخبارات الأميركية (سي.آي.أي) بهدف مواجهة مدّ الاحتلال السوفياتي.
وقد تدرّب الآلاف من الجهاديين في معسكرات التدريب التابعة للتنظيم، ليقوموا إثر ذلك بعمليات في عدد من المناطق التي
تشهد صراعات إقليمية أو حروباً أهلية، على غرار الجزائر ومصر والعراق واليمن والصومال والشيشان والفلبّين وإندونيسيا
والبلقان.(13)
وفي إطار أكثر عموماً لنشأة القاعدة، تُعتبر جماعة الإخوان المسلمين، التي أسّسها حسن البنا، في عام 1928، واحدة من أقدم
التنظيمات الإسلامية في مصر وأكبرها، والتي كان لها تأثير كبير على الحركات الإسلامية في العالم.
وبعد أن اغتال الإسلاميون الرئيس المصري محمد أنور السادات في عام 1981، وباتوا ملاحقين ومطلوبين من قِبل أمن
الدولة، هرب معظمهم إلى أفغانستان، التي تحوّلت إلى ساحة "جهادية" ضد الاتحاد السوفييتي السابق. وشجّعت الولايات
المتحدة، ودول الخليج العربي، سفر الشبّان المسلمين للقتال ضد القوات السوفيتية، والحكومة الشيوعية في كابول حتى أواخر
الثمانينيات، حيث ظهرت القاعدة كتنظيم.
يعود اسم "القاعدة" إلى مقال كتبه عبدالله عزّام (وهو شيخ أردني-فلسطيني، شجع الشبّان على الجهاد، وقُتل في سيارة مفخّخة
عام 1989)، في إحدى المجلات التي كانت تصدر في أفغانستان باسم "القاعدة الصلبة"؛
دعا عزّام فيها إلى تأسيس قاعدة للجهاديين في أفغانستان. وبعد انتصارهم هناك، حاول بعض المقاتلين الذين كانوا ينتمون إلى
بلدان عربية وآسيوية مختلفة، نقل "الانتصار على قوة عظمى" إلى بلدانهم، فنشطوا في مصر وليبيا والسعودية والأردن
والجزائر والبوسنة وطاجيكستان والشيشان وغيرها.
وفي عام 1998، تم تأسيس "الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين"، وبدأ ما يُعرف بـ"الجهاد العالمي" للقاعدة.
في العام نفسه تم تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كلٍ من كينيا وتنزانيا. وتتالت التفجيرات واحدة تلو الأخرى في بلدان
مختلفة.
ولكن تفجير مركزي التجارة العالمية في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، والذي راح ضحيّته ثلاثة آلاف شخص، كان
الأكبر على الإطلاق، فكان قرار إعلان الحرب ضد الجهاديين في أفغانستان، والتي استمرت 20 عاماً إلى حين انسحاب
الولايات المتحدة من البلاد في أغسطس/آب 2021.
وظهرت تنظيمات وحركات سلفية جهادية أخرى في مناطق مختلفة، بعضها أعلنت الولاء المطلق للتنظيم وزعيمها أسامة بن
لادن، وأخرى انبثقت عنها لكنها لاحقاً أسّست تنظيمات مستقلة لها أجندات خاصة بها دون الرجوع إلى القاعدة.
في فبراير/شباط 2014: اعلن زعيم تنظيم القاعدة آنذاك، أيمن الظواهري، عن فك الارتباط بالدولة الاسلامية في العراق
والشام، موضحاً أن لا صلة للقاعدة بهذه الجماعة.(14)
 الأفكار والأهداف

تقول موسوعة ويكيبيديا حول فكر القاعدة : تطورت الحركة الإسلامية الأصولية عمومًا ،والقاعدة خصوصًا، خلال فترة الصحوة
الإسلامية في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، إلى جانب حركات أخرى أقل تطرفًا.فسيّد قطب قال إنه بسبب عدم تطبيق
الشريعة في العالم الإسلامي، فإنه لم يعد إسلاميًا، وعاد إلى الجاهلية.
ولكي يعود الإسلام، فالمسلمون بحاجة لإقامة "دولة إسلامية حقيقية" مع تطبيق الشريعة الإسلامية، وتخليص العالم الإسلامي من أي
تأثيرات لغير المسلمين، مثل مفاهيم مثل الاشتراكية أو القومية. يرى سيد قطب أن أعداء الإسلام يتضمّنون "المستشرقين الغادرين"،
و"اليهود" الذين يحيكون المؤامرات للإسلام.
وفي كلمات لمحمد جمال خليفة، الصديق المقرّب من أسامة بن لادن وزوج شقيقته : "الإسلام يختلف عن أي دين آخر، إنه أسلوب حياة.
ونحن نحاول فهم ما يقول الإسلام عن كيفية تناول الطعام؟ من نتزوّج؟ كيف نتحدث؟. نحن نقرأ لسيّد قطب، وهو الأكثر تأثيرًا على
جيلنا."
كان لقطب تأثير أكبر على أسامة بن لادن وعضو آخر بارز في تنظيم القاعدة، وهو أيمن الظواهري..
كانت أحد أقوى تأثيرات قطب فكرة أن العديد من الذين يقال إنهم مسلمون، أصبحوا في عداد المرتدّين؛ الأمر الذي لا يعطي فقط
للجهاديين "ثغرة شرعية لقتل مسلمين آخرين"، لكنه جعله "أمرًا واجب التنفيذ شرعًا". من هؤلاء المرتدّين المزعومين، قادة الدول
الإسلامية لأنهم عدلوا عن الشريعة.(15)
وعلى الرغم من أن بروز اسم القاعدة على الساحة العالميّة ارتبط بأحداث سبتمبر 2001، وتحوّلها إثر ذلك إلى رمزٍ في الوجدان
الأمريكي والعالميّ لما يمكن للتنظيمات الجهادية فعله، إلا أن وجود القاعدة ذاتها يعود إلى عام 1988، حيث كان قادتها يعملون في
الشأن الإنساني وجمع التبرعات ودعم المقاتلين في أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي والتنسيق بين المقاتلين الراغبين في القدوم إلى
أفغانستان، إلا أنها تحوّلت بعد عشر سنوات -1998- إلى تنظيم يتكوّن من مجموعة من الفصائل العربية المتمركزة في أفغانستان،
واتسعت دلالتها لاحقًا لتصبح تيّارًا أكثر منها فصيلاً، خاصة بعد أن أصدر التنظيم عبر شرعييه وقياداته فتوى تبيح قتل الأمريكيين
واليهود في أي مكان في العالم .
غدت القاعدة –مع الأيام- تنظيمًا يدمج بين تيّارين "السلفيّة" و"الجهاديّة"؛مع الإشارة إلى ثلاثة عوامل رئيسة تعمل على التوفيق والدمج
بين السلفيّة والجهادية، أي بين الإطار الفكريّ والفعل العنفيّ للظاهرة، وهي الأفكار الثورية السياسيّة التي مثّلتها الثورة الإيرانيّة
"الإسلاميّة"، والأفكار الاجتماعيّة المحافظة، والانخراط في أجواء القتال أثناء الاحتلال السوفييتي لأفغانستان .
إن نجاح الثورة الإيرانيّة التي تحمل في ثناياها نظرية ولاية الفقيه، بالتوازي مع ما قوبلت به من تعاطف، دفعها لتصدير نموذجها الثوري
إلى الشرق الأوسط. إلا أن المواجهات التي جرت ضدّها، ومحاولات السعوديّة لتقوية حائط أصولي يواجهها، دفع السلفيّة للتفاعل وتغيير
الخطاب تجاه الساحة، بدءًا من احتلال الحرم المكّي عام 1980، مرورًا بسفر آلاف الشباب إلى الساحة الأفغانيّة باعتبارها "ساحة
الجهاد"، مع ما ترافق ذلك من سعي الحكومة السعوديّة لدعم الحراك الميداني بمرجعيّة الفكر السلفيّ عبر الخطب والدروس والمدارس
في مخيّمات اللاجئين، مما أدّى إلى انتشار الأفكار السلفيّة في أفغانستان وباكستان، بالتوازي مع قدوم مئات الشباب المصريين الذين كانوا
يحملون أفكار تكفير الدولة ومحاربتها بهدف تطبيق الشريعة .
لقد كانت أفغانستان -إذن- مخبر الاندماج والتلاقح بين التيار السلفي الداعي إلى نقاء العقيدة والمجتمع والاهتمام بقضايا الالتزام الديني،
والتيّار العنفيّ الذي يرى في الوصول إلى السلطة غايته الأساسية؛ وهو ما أطلق عليه المفكّر الفرنسي أوليفيه روا مصطلح السلفية
الجديدة. (16)
إن تنظيم القاعدة الذي أسّسه أسامة بن لادن وأيمن الظواهري يتطلع – شأنه شأن تنظيمات أخرى معنيّة ب "الجهاد العالمي" – إلى نشر
الدين الإسلامي وإقامة نظام الخلافة الإسلامية؛ أي السلطة القائمة على الشريعة الإسلامية، وفرضها على جميع دول المعمورة.
ويستند تنظيم القاعدة عقائديًاً إلى التيار السلفي السنّي، الذي يعتبر فترة صدر الإسلام عصرًاً ذهبيًاً يجب إحياؤه واستعادته في العصر
الحالي.
وبحسب مفهوم القاعدة، يتعيّن على أي مسلم المشاركة في الجهاد لاستعادة مركز الإسلام الذي يليق به. ويستهدف الصراع "الكفّار" الذين
لا ينتمي إليهم "غير المسلمين" فحسب، بل أيضًاً الأنظمة العربية والإسلامية التي لا تسير على نهج الإسلام الصحيح، بمعنى أنها تميل
إلى الغرب (وإسرائيل) وتسعى لاعتماد طريقه.
ويعتمد تنظيم القاعدة مبدأ الحرب الشاملة التي لا هوادة فيها ضد أعدائه؛ وبالتالي فإنه يرى جواز اللجوء إلى جميع الإجراءات لبلوغ
أهدافه، ومنها استخدام الأسلحة غير التقليدية، وإصابة المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال..إلخ(17) .

 القادة الرئيسيون
برزت شخصيتان أساسيتان فقط ضمن تنظيم القاعدة في أفغانستان، وهما :أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.
أسامة بن لادن
ولِد أسامة بن لادن في 10 مارس/آذار من عام 1957، وأبوه هو رجل الأعمال السعودي، الملياردير محمد بن لادن، وأمّه
سورية تم طلاقها بعد إنجابه، وله أكثر من 50 أخاً وأختاً. فقد والده في حادث سقوط طائرة عندما كان طفلاً.
مارس في صباه رياضة كرة القدم وركوب الخيل، وشغِف بأفلام بروس لي؛ كما كان يسافر كل صيف إلى سوريا، موطن أمّه
حيث كان يصعد الجبال، وأحبّ ابنة أحد أخواله.
وفي شبابه كان مولعاً بالسيارات السريعة، وكان يقود سياراته بسرعة كبيرة وحطّم واحدة منها على الأقل، كما كان يحب
الذهاب إلى الصحراء للاسترخاء مع أصدقائه وخيوله. تزوّج لأول مرّة من ابنة خاله السورية عندما كان عمره 17 عاماً.
ويقال إن له ما لا يقل عن 23 طفلاً من خمس زيجات على الأقل.
كان بن لادن خجولاً وطالباً عادياً، وحصل على شهادة في الهندسة المدنية. سافر إلى باكستان بعد غزو الاتحاد السوفييتي
السابق لأفغانستان عام 1979.
وتقول بعض الروايات إنه ساعد في إنشاء تنظيم القاعدة عندما كانت القوات الروسية في أفغانستان تُمنى بالهزائم العسكرية
المتتالية على يد المسلّحين الأفغان.
ويقول مؤلّف أمريكي إن موت الأخ غير الشقيق لابن لادن، سالم، عام 1988 في حادث سقوط طائرة، كان عاملاً حاسماً في
تحوّله إلى التطرف والتشدد.
أدان بن لادن وجود القوات الأمريكية في السعودية التي أرسِلت إلى الخليج عام 1990 بهدف المساعدة في طرد القوات
العراقية من الكويت بعد اجتياحها في نفس العام.
وظل ابن لادن مقتنعاً بأن العالم الإسلامي "ضحيّة الإرهاب الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة".
ومن ثمّ دعا إلى الجهاد ضد الولايات المتحدة التي أنفقت مليارات الدولارات على المقاومة الأفغانية التي قاتل بن لادن إلى
جانبها.
وفي الثاني من مايو/ أيار من عام 2011 أغارت قوات أمريكية خاصة على مجمع سكني في مدينة آبوت أباد الباكستانية
وقتلت بن لادن.
وكان بن لادن يعيش بحريّة على بعد 50 كيلومتراً فقط من العاصمة الباكستانية، إسلام أباد، وتقريباً تحت سمع وبصر
الأكاديمية العسكرية الباكستانية في منطقة أبوت أباد..
كان بن لادن يعتمد على استراتيجية متأنيّة وطويلة المدى وعابرة للأجيال، إذ كان يأمل في أن تؤدي هجمات الحادي عشر من
سبتمبر/ أيلول إلى إضعاف الولايات المتحدة والغرب؛ وبالتالي يتخلّيان عن دعمهما للأنظمة العربية العلمانية في الشرق
الأوسط، ما يمهّد الطريق في النهاية أمام سيطرة الجهاديين وإنشاء خلافة إسلامية.
ورأى بن لادن أن هذا ربما يستغرق عقوداً، وقد لا يحدث هذا في حياته.
وحتى قبل موته، كانت هناك مؤشرات على أن أسامة بن لادن وقيادة تنظيم القاعدة في باكستان عارضا العنف المفرط الذي
مارسه فرع القاعدة في العراق الذي تحوّل بعد ذلك إلى تنظيم الدولة الإسلامية الحالي.(18)
أيمن الظواهري
ينحدر الظواهري، المولود في العاصمة المصرية القاهرة في 19 يونيو/ حزيران من عام 1951، من عائلة متميزة من الطبقة
المتوسطة، وفيها العديد من الأطبّاء وعلماء الدين.
جدّه، ربيع الظواهري ، تقلّد منصب شيخ جامع الأزهر، الذي يُعدّ أحد أهم مراكز التعليم الإسلامية السنيّة الأساسية في الشرق
الأوسط، في حين أن أحد أعمامه كان أول أمين عام لجامعة الدول العربية.
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن الظواهري ترعرع في حي المعادي جنوبي القاهرة، وتأثّر في صباه بشكل كبير بكتابات
سيّد قطب.
وقد انخرط الظواهري في نشاطات حركات الإسلام السياسي في سن مبكرة، وهو لا يزال في المدرسة؛ وقد اعتُقل في سن
الخامسة عشر، لانضمامه لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة.
وتُعدّ جماعة الإخوان المسلمين من أقدم الجماعات الإسلامية وأكبرها في مصر.
لكن نشاط الظواهري السياسي لم يمنعه من دراسة الطب في جامعة القاهرة، التي تخرّج منها في عام 1974.
ثم خدم لمدة 3 سنوات جرّاحاً بالجيش، وفي عام 1978 حصل على درجة الماجستير في الجراحة.
وفي الفترة من 1980 إلى 1981 سافر كعامل إغاثة مع الهلال الأحمر إلى بيشاور في باكستان، حيث عالج اللاجئين
المتضررين من الحرب الأفغانية. وخلال ذلك الوقت، قام بعدّة رحلات عبر الحدود إلى أفغانستان ،حيث شاهد الحرب عن
كثب.

ويُذكر أن والده محمد الذي توفّي في العام 1995، كان أستاذاً في علم الصيدلة في نفس الجامعة.
بدأ الظواهري في البداية يتبع التقاليد العائلية، وأسّس عيادة طبية في إحدى ضواحي القاهرة، ولكنه سرعان ما انجذب إلى
الجماعات الإسلامية التي كانت تدعو للإطاحة بالحكومة المصرية.
يقال إن فترة سجن الظواهري التي تعرّض خلالها للتعذيب أثّرت عليه بشدة؛والتحق بجماعة الجهاد الإسلامي المصرية منذ
تأسيسها في العام1973.
وفي عام 1981، اعتُقل ضمن المتّهمين باغتيال الرئيس المصري آنذاك أنور السادات.
وكان السادات قد أثار غضب الناشطين الإسلاميين من خلال التوقيع على اتفاق سلام مع إسرائيل، واعتقال المئات من منتقديه
في حملة أمنية آنذاك..
وعقب الإفراج عنه في العام 1985، غادر إلى السعودية.
وبعد ذلك بوقت قصير توجّه إلى بيشاور في باكستان وأفغانستان المجاورة في وقت لاحق، حيث أسّس فصيلاً لحركة الجهاد
الإسلامي المصرية، وعمل طبيباً أيضاً في البلاد خلال فترة الاحتلال السوفيتي.
وتولّى الظواهري قيادة جماعة الجهاد بعد عودتها للظهور في عام 1993، وعُدّ الشخصية الرئيسية وراء سلسلة من الهجمات
داخل مصر بما فيها محاولة اغتيال رئيس الوزراء آنذاك عاطف صدقي.
وتسبّبت سلسلة الهجمات، التي شنّتها تلك المجموعة للإطاحة بالحكومة المصرية وإقامة دولة إسلامية في البلاد خلال منتصف
التسعينيات من القرن الماضي، بمقتل أكثر من 1200 شخص في مصر.
وفي عام 1997، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن زعيم جماعة "طلائع الفتح"، وهو فصيل من فصائل حركة الجهاد
الإسلامي، يقف وراء المذبحة التي تعرّض لها سيّاح أجانب في مدينة الأقصر في العام نفسه.
وبعد ذلك بعامين صدر على الظواهري حكم بالإعدام غيابياً من قِبل محكمة عسكرية مصرية لدوره في الكثير من الهجمات في
مصر.
في السنوات التي أعقبت الانسحاب السوفيتي من أفغانستان، يُعتقد أن الظواهري أقام في بلغاريا والدنمارك وسويسرا، واستخدم
في بعض الأحيان جواز سفر مزوّر للسفر إلى منطقة البلقان والنمسا واليمن والعراق وإيران والفلبّين.
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن بن لادن كان قد غادر إلى السودان في عام1992 حيث انضم إليه الظواهري في النهاية
هناك. وفي يونيو/حزيران من عام 1995 جرت محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس المصري حسني مبارك؛ وتحت ضغط دولي
طرد السودانيون في النهاية الظواهري وبن لادن وأتباعهم..
وفي عام 1997، انتقل الظواهري إلى مدينة جلال أباد الأفغانية، حيث كان بن لادن يقيم.
وبعد سنة، انضم تنظيم الجهاد وخمس مجموعات راديكالية أخرى، إلى بن لادن وتنظيم القاعدة، مشكّلين "الجبهة الإسلامية
العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبيين".
وشمل إعلان الجبهة لأول مرّة فتوى دينية تسمح بقتل المدنيين في الولايات المتحدة. وبعد 6 أشهر، دمّرت اثنتان من الهجمات
المتزامنة السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا، ما تسبّب بمقتل 223 شخصاً.
وكانت مكالمات الظواهري عبر هاتف فضائي قد استُخدمت كدليل لإثبات أن القاعدة تقف وراء الهجوم.
وبعد أسبوعين من الهجمات، قصفت واشنطن معسكرات تدريب إسلامية متشددة في أفغانستان. وفي اليوم التالي ، اتصل
الظواهري هاتفياً بصحفي باكستاني، وقال: "قل للأمريكيين إن هذه الصواريخ وتهديداتها، وأعمالها العدوانية لا تخيفنا. الحرب
بدأت للتو".
بعد وفاة بن لادن في عام 2011، بايع خليفته، أيمن الظواهري، الملا عمر بالنيابة عن تنظيم القاعدة وفروعها الإقليمية.
وجُدّدت البيعة في عام 2014 بعد الإعلان عن إقامة "الخلافة" في العراق وسوريا.
في يوليو/ تموز 2015 أعلنت طالبان أن الملا عمر قد مات قبل عامين؛ وكان عرْض الظواهري بيعة الملا عمر بعد موته
مصدر إحراج للقاعدة.
وجدّد الظواهري بيعته للزعيم الجديد لطالبان الملا أختر محمد منصور، في 13 أغسطس/آب 2015، متعهداً بـ "الجهاد
لتحرير كل شبر من الأراضي الإسلامية المحتلة".
واعترف منصور بسرعة بتلقّيه بيعة "زعيم المنظمة الجهادية الدولية"؛ وهو بمثابة إقرار واضح بأهداف "العمل الجهادي
العالمي" لتنظيم القاعدة.
وهذا الموقف يتناقض تماماً مع الرسالة التي تحاول طالبان إيصالها للعالم الخارجي، وهي أن الجماعة معنية بتطبيق الإسلام
في أفغانستان فقط وترغب في إقامة علاقات طبيعية مع الدول المجاورة.
وعندما تولّى الزعيم الحالي هبة الله أخوند زاده قيادة الجماعة، بعد وفاة منصور في غارة جويّة أمريكية في مايو/أيار2016،
لم تعترف طالبان علناً ببيعة الظواهري للحركة، كما لم تُنكرها.
وهذا الغموض الذي يلف الوضع الحالي للبيعة يقع في صلب الجدل وعدم اليقين المستمر حول العلاقة بين المجموعتين.(19)

العمليات والهجمات الإرهابية
تظل هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة أبرز عمليات القاعدة على الإطلاق، والتي استخدمت فيها
طائرات مخطوفة للهجوم على مركز التجارة العالمي ومبنى وزارة الدفاع، وأدّت إلى مقتل نحو ثلاثة آلاف شخص.
كما يُشتبه في علاقة التنظيم بعدد من العمليات الأخرى، ومن أبرزها:
– يونيو/حزيران 1996: هجوم بشاحنة مفخّخة على قاعدة "الخبر" بالمملكة العربية السعودية يوقع 19 قتيلاً أميركياً
و400 جريح.
– أغسطس/آب 1998: هجوم على سفارتي الولايات المتحدة بكلٍ من كينيا وتنزانيا وسقوط 224 قتيلاً.
– أكتوبر/تشرين الأول 2000: هجوم بزورق على المدمّرة الأميركية "كول" في عدن باليمن يوقع 17 قتيلاً و38 جريحاً
في صفوف مشاة البحرية الأميركية (مارينز).
– أبريل/نيسان 2002: هجوم على كنيس يهودي في جزيرة جربة التونسية يوقع 21 قتيلاً أغلبهم من الألمان.
– أكتوبر/تشرين الأول 2002: هجوم على ملهى ليلي في بالي بإندونيسيا يوقع 202 قتيل و300 جريح.
– مايو/أيار 2003: سلسلة هجمات بالمتفجرات تستهدف مصالح غربية في مدينة الدار البيضاء المغربية تخلّف أكثر من
ثلاثين قتيلاً.
– نوفمبر/تشرين الثاني 2003: هجوم على كنيسين يهوديين في مدينة إسطنبول التركية يخلّف 27 قتيلاً ونحو 300
جريح.
– مارس/آذار 2004: هجمات على قطارات الضواحي في العاصمة الإسبانية مدريد يوقع 191 قتيلاً و1500 جريح.
– يوليو/تموز 2006: هجمات على منتجع شرم الشيخ في مصر تخلّف 88 قتيلاً.
وبالإضافة إلى هذه الهجمات، تبنّت الأفرع التابعة للتنظيم عدداً من العمليات اختلفت أهدافها. ففي المنطقة المغاربية، برز تنظيم
القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهو تنظيم سلفي مسلّح نشأ عن الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية التي غيّرت
اسمها وأعلنت ولاءها للقاعدة.
وقد شنّ التنظيم عدة عمليات تفجير واختطاف أجانب، أبرزها عملية تستهدف يوم 5 سبتمبر/أيلول 2007 تجمّعاً شعبياً كان في
انتظار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بمدينة باتنة، مُخلّفة 22 قتيلاً وأكثر من 100 جريح.
وعُرِف هذا الفرع باختطاف عدد من السيّاح الأجانب، بينهم اختطاف أربعة سيّاح بريطانيين بمالي في يناير/كانون الثاني
2009.
كما نشأ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب إثر اندماج بين تنظيميْ القاعدة في السعودية واليمن في بدايات العام 2009، بعد
تشديد السلطات السعودية ملاحقة عناصر التنظيم داخل أراضي المملكة، مما دفع بهم للجوء إلى الأراضي اليمنية مستفيدين من
الوضع الأمني المتدهور هناك.
وقام التنظيم بعدة عمليات كان أغلبها داخل الأراضي اليمنية والسعودية. وتمثلت أبرز عملية في محاولة الاغتيال التي تعرّض
لها الأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية السعودي يوم 28 أغسطس/آب 2009، في مدينة جدّة.(20)
المواقف السياسية
القاعدة و"الربيع العربي"
قد يكون من المدهش التزام بن لادن الصمت في سياق الثورات الشعبية العربية. ويقول بعض المراقبين إن القاعدة كانت غائبة
تماماً في خضم الثورات الشعبية المطالبة بإصلاحات ديمقراطية..
يذهب الكثير من المحلّلين السياسيين، الغربيون منهم والعرب، إلى إحالة سكوت الجماعات الإسلامية المتطرفة في بادئ الأمر
إلى الدهشة والارتباك الذي انتاب هذه الجماعات. ارتباك سبّبته قدرة الشعبين التونسي والمصري على الإطاحة بنظامي الحكم
فيهما، دون اللجوء إلى العنف الذي رأت فيه القاعدة السبيل الوحيد للإطاحة بالأنظمة الدكتاتورية. وبينما كانت القاعدة تحاول
منذ عقود ترويج أيديولوجيا العنف هذه، جاء التغيير من الشعب نفسه، وذلك بطريقة سلمية، وليس من القاعدة أو من الجماعات
المتطرفة.
وحسب رأي المحلّل السياسي والصحفي في مجلة "دير شبيغل" الألمانية، ياسين مشربش، فإن طليعة المتظاهرين التي انتفضت
وفرضت التغيير لم تكن القاعدة، بل على العكس تماماً؛ فقد أتى هذا التغيير من مجموعات وأطراف تعتبرها القاعدة من أعدائها
(أي أعداء القاعدة) اللدودين، مثل مجموعات ناشطين ديمقراطيين وعلمانيين، ومدافعين عن حقوق المرأة، والإسلاميين
المعتدلين، كما يقول ياسين مشربش. هذه الاحتجاجات السلمية التي تمكنت من إجبار زين العابدين بن علي وحسني مبارك على
التنحّي، مستخدمة وسائل التواصل الحديثة في الإنترنت، حقّقت أهدافاً كانت الجماعات الإسلامية المتطرفة تحتكرها لنفسها،
واعظة العنف والإرهاب ورافضة مبادئ العلمانية والتعددية السياسية والفكرية. وهذا ما يسمّيه ياسين مشربش في مقاله بأنه

"اكتشاف مخجل" للقاعدة، لأن الثورات العربية قادها "الشباب العربي القادر على استخدام الإنترنت، وليس القاعدة"، وبأن
"رؤيا القاعدة التي تريد تحويل العالم الإسلامي إلى دولة دينية ذات طابع "طالباني"، لم تدفع الثوّار إلى التظاهر في الشوارع
من تونس إلى بنغازي."..
وللوهلة الأولى بدت القاعدة وكأنها لم تعرف كيف تستجيب لهذه التغيّرات الجذرية والتي حصلت دون مشاركتها؛ إلا أن أيمن
الظواهري، والذي يُعتبر الرجل الثاني في القاعدة بعد أسامة بن لادن، أصدر رسالات صوتية نُشرت على موقع اليوتيوب،
انتقد فيها الأنظمة العربية، واصفاً إياها بالفساد ومتّهماً إياها بالتخاذل أمام الغرب. كما حاول الظواهري في الفيديو التقرّب من
الثوّار المصريين، مادحاً الشعوب على شجاعتها وثورتها ضد ما أسماه "بنظام الخونة".
ومن الغريب في هذا الموضوع أن الظواهري أوّلَ الهبّات الشعبية في مصر وتونس وكأنها ثورات شعبية تبغي الإطاحة
بالنظام من أجل الوصول إلى دولة إسلامية تناسب تصورات القاعدة السلفية الجهادية. لكن واقع الحال يظهر أن هذه الرؤية لا
تتّفق مطلقاً مع ما يجري على أرض الواقع ومع ما يطالب به الشباب..(21)
بالمقابل ،كشفت وثائق الـ«سي آي إيه» الخاصة بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، التي أفرجت عنها وكالة الاستخبارات
المركزية الأميركية، عن دور القاعدة في إشعال المنطقة، وعلاقة التنظيم بالثورات التي شهدتها عدد من الدول
العربية، إذ تجاوز دور القاعدة محاولة استثمار الفوضى التي خلّفتها تلك الثورات في عدد من الدول العربية، إلى علاقة
مباشرة للتنظيم بصناعتها أو توجيهها في بعض الدول.
ونقلت إحدى بنات أسامة بن لادن عن والدها في وثائق دوّنتها بخط يدها، اهتمامه الكبير بالثورات العربية، التي انطلقت قبل
مقتله في الغارة التي شنّتها قوات البحرية الأميركية على مقر إقامته في أبوت آباد بباكستان في مايو (أيار) 2011.
واعتبر أسامة بن لادن تلك الثورات أفضل بيئة لتحقيق أهداف التنظيم ونشر أفكار القاعدة. إلا أنه بحسب ما وثّقته إحدى بناته،
لم يكن سعيداً بالسرعة التي سارت بها الأمور خلال تلك الثورات، إذ أعرب عن تخوّفه من ثورات مضادة بسبب السرعة التي
تسير بها، وقال: «أنا محبط بسبب السرعة التي تسير بها الثورات العربية؛ لقد طلبنا منهم تخفيف سرعتها»..!(22)
القاعدة و"إسرائيل"
منذ نشأة تنظيم القاعدة في تسعينيات القرن الماضي وعلاقته بإسرائيل تثير كثيراً من التساؤلات، في ظل الحقيقة المعروفة أن
التنظيم أو الجماعات الدائرة في فلكه والمحتذية لنموذجه في مختلف دول العالم لم تقم بأي عمليات تُذكر ضد أهداف إسرائيلية
بداخل الدولة العبرية أو خارجها.
فلم يوجّه التنظيم أو فروعه ضربات لأهداف يهودية أو إسرائيلية حول العالم، سوى عملية تفجير المعبد اليهودي في جربا في
تونس بداية عام 2002، والتي أكدت المؤشرات أن من قاموا بها لم يكونوا محسوبين على التنظيم كما حاول المتحدث الرسمي
باسمه الادعاء حينها، بقدر ما كانوا مجموعة تشترك معه في التوجهات العامة والأهداف.
وأتت بعد ذلك العملية المزدوجة التي وقعت في مومباسا في كينيا في نهاية العام نفسه ضد طائرة ومقر مخابراتي إسرائيليين،
والتي وضح تماماً أنها تمّت بتخطيط وتنفيذ تنظيم القاعدة نفسه، لتضحى العملية الوحيدة التي وجّهها التنظيم لأهداف إسرائيلية
أو يهودية.
وبعد تراجع تنظيم القاعدة خلال السنوات الأخيرة وظهور خَلَفه الأكثر دموية تنظيم داعش الذي انتحل اسم الدولة الإسلامية،
بدا واضحاً أنه يسير في نفس طريق سلفه، بعدم التجرؤ على مهاجمة أي أهداف إسرائيلية أو يهودية، والتفرغ شبه الكامل لقتل
وترهيب المسلمين أولاً، والعرب منهم خصوصاً، وبعدهم المسيحيين والمسلمين من دول الغرب الأوروبي والأميركي..
وقد ذهبت بعض تفسيرات ذلك الأمر إلى حد القول بتبعية أو باختراق المخابرات الإسرائيلية للتنظيمين أو لبعض من
«الفروع» التابعة لهما أو الدائرة في فلكهما، بحيث عملت على توجيهها نحو أهداف أخرى وإبعادها عن الأهداف الإسرائيلية
واليهودية في الداخل والخارج.
وربما مما يزيد من قوة هذا التفسير حقيقة أن الدولة العبرية قد مثّلت في خطاب زعيم تنظيم القاعدة المقتول أسامة بن لادن
وكل قياداتها، منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، أبرز الأعداء الذين يسعى لمواجهتهم بجانب الولايات المتحدة.
وبالرغم من هذا، فقد طالت عمليات القاعدة الإرهابية كل مكان في العالم، من جنوب شرق آسيا وحتى الولايات المتحدة، دون
أن تقترب من إسرائيل أو أيٍ من بعثاتها الدبلوماسية حول العالم.(23)
لكن موقع جهاز الشاباك الإسرائيلي ادّعى أن تنظيم القاعدة هاجم مصالح إسرائيلية في العالم،وشكّل خطراً حقيقياً على
إسرائيل!
فقد ورد في دراسة نُشرت على هذا الموقع أن قضية مكافحة اليهود وإسرائيل احتلّت موقعًاً محوريًاً في عقيدة تنظيم القاعدة
منذ نشأته،وأن أسامة بن لادن قد أعلن في فبراير شباط 1998 عن إنشاء "الجبهة الإسلامية العالمية لمكافحة اليهود
والصليبيين". كما أن قيادة التنظيم تشجّع أتباعه على القيام باعتداءات ضد اليهود في أنحاء العالم، وتبذل مساعيها للمضي قدمًاً
في المخططات الإرهابية التي تستهدف المصالح الإسرائيلية.

وتضيف الدراسة:
يجب التنويه في هذا السياق إلى الأحداث التالية:
• الاعتداء الإرهابي على السيّاح الإسرائيليين ومحاولة إسقاط طائرة تابعة لشركة آركيا في مدينة
مومباسا الكينية (2002).
• تفجير الكنيس في جزيرة جربة التونسية (2002).
• الاعتداءات الإرهابية على أهداف يهودية في الدار البيضاء بالمغرب (مارس آذار 2003)
• الاعتداءات الإرهابية على عدة كنس في إسطنبول بتركيا (نوفمبر/ تشرين الثاني 2003).
وقد أصبح اليهود ، وإسرائيل بالذات، عدوًاً رئيسيًاً بنظر تنظيم القاعدة كونهم يسيطرون على أرض إسلامية مقدّسة ويعملون
ضد سكانها الفلسطينيين.
وقد احتلّت إسرائيل خلال العام الأخير موقعًاً محوريًاً في الخطاب الإعلامي للقاعدة، الأمر الذي تمثّل في عدة تصريحات
شديدة اللهجة ضدّها؛ إذ أعاد أسامة بن لادن زعيم القاعدة، ونائبه أيمن الظواهري، إلى الأذهان مرارًاً وتكرارًاً في خطاباتهم
ما يجري في الساحة الفلسطينية على اعتبارها "أرض إسلامية يجب العمل على تحريرها ولا يجوز لأحد التنازل عنها". كما
أنهما عقّبا على أحداث وتطورات مستجدة فيها.
وبرز في هذا السياق خطابان ألقاهما بن لادن وتم نشرهما في مايو/ أيار الماضي (16 و 18 مايو/ أيار 2008) ،حيث إنه
أفردهما لتناول القضية الإسرائيلية – الفلسطينية. ودعا بن لادن في هذين الخطابين إلى "الجهاد من أجل تحرير فلسطين
والنضال لرفع الحصار عن قطاع غزة ومكافحة الأنظمة العربية". وحمل بن لادن على الدول الغربية والحكومات العربية
بسبب دعمها لإسرائيل ،مشيرًاً إلى أهمية الساحة الفلسطينية في عقيدة تنظيم القاعدة.
أما ميدانيًاً، فقد تكثفت وتيرة تغلغل أفكار "الجهاد الإسلامي" في المنطقة، خاصة في قطاع غزة، حيث تبنّت عناصر إرهابية
فلسطينية العقيدة الجهادية وجعلتها حافزًاً على نشاطاتها ضد أهداف إسرائيلية وغربية. ولم تتمخض سيطرة حماس على القطاع
عن وقف انتشار أنشطة تنظيمات "الجهاد العالمي" هناك.
أما منطقة يهودا والسامرة وإسرائيل، فقد توسعت فيها دائرة التعّرّض لعقيدة "الجهاد العالمي / القاعدة" ،خاصة عبر شبكة
الإنترنت. وبالتالي لوحظ تزايد حالات اتصال نشطاء يعملون بمفردهم بعناصر "الجهاد العالمي / القاعدة" في ربوع العالم،
وتحديدًاً في قطاع غزة ،لتتشابك مع النشاط الإعلامي للتنظيمات المذكورة، ومع النشاطات العملياتية الجارية بهدف ارتكاب
اعتداءات ضد أهداف داخل إسرائيل،حسب الدراسة المذكورة.(24)
القاعدة والشيعة
يقول محمد علّوش، وهو باحث في الحركات الإسلامية والجهادية ومؤلّف كتاب “داعش وأخواتها”، بشأن الفرق بين داعش
والقاعدة في مسألة تكفير الشيعة، إنه “لم يكن من أولويات تنظيم القاعدة حين تأسس الخوض في مسألة البحث في الحكم
الشرعي بمعتنقي المذاهب الشيعية. جلّ هم القاعدة كان هو كيف يوقف العدوان الغربي الأمريكي على العالم العربي. ولذلك لا
نكاد نجد في أدبيات تنظيم القاعدة قبل ظهور أبو مصعب الزرقاوي في العراق أي شيء مرتبط بإطلاق حكم على الشيعة. فقد
كان الزرقاوي أول من أجاز استهداف الشيعة المشاركين في العملية السياسية عام 2004؛ ثم تطور الأمر الى استهداف عموم
الشيعة؛ ومن ثم صدرت مواقف عديدة لقيادات القاعدة في العراق تستند إلى أدلّة ابن تيميّة في تكفير الشيعة وجواز استهدافهم
كطائفة ردّة وشرك”.
ويضيف علّوش: “من رحم القاعدة في العراق ولِد فيما بعد تنظيم داعش، وتبنّى نفس أطروحات الزرقاوي وزاد عليها، حتى
استقر في أدبياته بتكفير جميع الشيعة من دون تخصيص”.
أما الأصول الفكرية لتكفير الشيعة عند كلٍ من القاعدة وداعش، فقد ذهب تنظيم القاعدة في العراق (داعش لاحقاً) في تعريف
عقيدته إلى تكفير الشيعة، بمذاهبها المعروفة اليوم، خلافاً لما هو مقرّر ومشهور عند علماء اهل السنّة قديماً وحديثاً، حيث ورد
في عقيدته: “والرافضة عندنا طائفة شرك وردّة”.
ويشرح التنظيم موقفه الديني: “وما يُروى عن اختلاف الأئمّة في كفر الشيعة، فهو اختلاف تاريخي في قومٍ لا يجمعهم بالشيعة
الرافضة إلاّ الاسم وادعاء حبِّ آل البيت”؛ وينقل عن أحد منظّري التنظيم ،الشيخ السعودي علي الخضير، المعتقل في السجون
السعودية، قوله: “اسم الشيعة مرّ بمراحل تطوّر فيها، فكان أول ما ظهر يُطلق على من فضّل علياً على عثمان رضي الله
عنهما، ثم من فضّل علياً على الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عن الجميع، ثم ظهرت السبئية الخارجة عن الإسلام أتباع
ابن سبأ اليهودي؛ وفي أيام زيد بن علي بن الحسين، وفي خلافة هشام بن عبد الملك، افترقوا إلى زيدية هم أتباع زيد بن علي
بن الحسين، وإمامية اثني عشرية وهم الموجودون الآن في إيران والخليج وغيره، وإسماعيلية باطنية وهم موجودون في
نجران واليمن والهند، ونصيرية ودروز في الشام . وأما الشيعة الذين عندهم تشيّع لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وآل
البيت فقط وتقديم لعلي، فهؤلاء انقرضوا ولا يوجد منهم اليوم فيما أعلم أحد. والموجود اليوم هم الرافضة والإسماعيلية الباطنية
والنصيرية الباطنية والدروز الباطنية؛ وهذه الطوائف الأربع هم الذين يؤلّهون آل البيت ويستغيثون بهم، وهم قبوريون. فهؤلاء

مشركون كفّار وليسوا بمسلمين، ولا فرق بين علمائهم أو مقلّديهم وجهّالهم؛ فكلّهم مشركون وليسوا بمسلمين، ولا يُعذرون
بالجهل في عبادتهم لغير الله”..
وبحسب علوش، فإن موقف “القاعدة” من الشيعة، يوضحه أبو مصعب السوري، أحد منظّري تنظيم القاعدة الأم، فهو يفصل
في مسألة تكفير الشيعة، وينفي وجود اتفاق بين الجهاديين حول هذه المسألة، حيث يقول: “يعتبر الجهاديون كافة تلك الفرق من
ضمن الأمّة الإسلامية أو ما يسمّى بأهل القبلة. ويعتبرونها من الفِرق التي جاء ذكرها في الحديث الشريف بافتراق الأمّة على
73 فرقة، واحدة ناجية هم أهل السنّة والجماعة والباقون في النار. فيعتبرونهم من فرق الضلال والزيغ والهوى والانحراف.
وكما هو الموقف العام عند أهل السنّة، يصّنفونهم ثلاثة أقسام:
1-الشيعة الغلاة: مثل الإسماعيلية والنصيرية وأشباهها ،ويعتبرونهم كفاراً.
2-الشيعة الزيدية: مثل أكثرية شيعة اليمن. ويعتبرونهم قريبين من أهل السنّة على خلاف معهم.
3-الشيعة الجعفرية (الإمامية): وهم من مثل غالب شيعة إيران ولبنان وباكستان وأفغانستان ومنطقة الشرق الأوسط .. وغالب
الجهاديين على اعتبارهم ضلالاً من أهل البدع. في حين ذهبت أقليّة من الجهاديين إلى عدم إعطاء هذه المسألة أهمية لأسباب
سياسية ؛ في حين ذهب بعض الجهاديين إلى التصريح بكفر الشيعة. إلا أن الجمهور من الجهاديين على اعتبارهم مسلمين من
أهل القبلة ضلالاً مبتدعة”..
من هنا فإن الخلاف بين “القاعدة” و”داعش” في الموقف من الشيعة هو بشأن الأولوية والمصلحة السياسيتين، وليس لجهة
الموقف من عقائد الشيعة التي يتفق السلفيون كلّهم على تكفيرهم، سواء قالوا به صراحة، أو اعتبروهم مبتدعة وضلالاً،
والبدعة عند السلفية كفر وضلال.
ويعيدنا الأمر إلى رسالة نائب زعيم “القاعدة” أيمن الظواهري لأبي مصعب الزرقاوي، قائد التنظيم في العراق، في يونيو –
حزيران 2005، حيث طلب الظواهري من الزرقاوي التوقف عن مهاجمة عوام الشيعة. ويذكّر الظواهري الزرقاوي بأن
إيران الشيعية تحتجز لديها قرابة مائة من أعضاء تنظيم «القاعدة»، ما يعني أن موقف “القاعدة” المهادن للشيعة كان بسبب
المصلحة السياسية لحماية قادة “القاعدة” المحتجزين في إيران من جهة، كما أن الهجوم على المساجد والمدنيين قد تنفّر
المسلمين من “القاعدة” من جهة أخرى.
وقد أعلن ابو مصعب الزرقاوي زعيم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” لاحقاً في شريط صوتي نُسب إليه في 7-10-2005
أن مقاتليه لديهم مبرّراتهم الدينية لقتل المدنيين ما داموا من “الكفّار”..(25)
ثالثاً :داعش – خراسان
 النشأة والتطور
تجمَّع في منتصف يناير/كانون الثاني 2015 أُمراء عدة مجموعات مسلّحة من مناطق قبلية باكستانية ومن داخل أفغانستان،
في منطقة ما في باكستان على الشريط الحدودي بين باكستان وأفغانستان، وبايعوا حافظ سعيد خان أوركزاي أميرًا لهم. قال أبو
عمر شيخ مقبول، المعروف باسم "شاهد الله شاهد"، الناطق باسم حركة طالبان باكستان سابقًا وأصبح من الناطقين باسم ولاية
خراسان: "إن هذه المجموعات بايعت حافظ سعيد خان بعد مشاورات مطوّلة"، وأعلن أن هناك مجموعات كثيرة -وسمَّى
بعضها- أرسلت موافقتها على مبايعة حافظ سعيد خان، إلا أنها لم تتمكن من الحضور لأسباب أمنية أو لمشاكل أخرى. ويُذكر
أن هؤلاء كانوا قد بايعوا جميعًا خليفة تنظيم الدولة من قبل، إلا أن البيعة قدّمها أميرهم حافظ سعيد خان للبغدادي أولًا، ثم
بايعوه مجتمعين.
ونشروا وقائع هذه البيعة، ليعلن تنظيم الدولة بعد فترة وجيزة إنشاء ولاية خراسان، وضمّها إلى دولته في شريط فيديو، تحدث
فيه الناطق باسم التنظيم أبو محمد العدناني، قائلًا: "أُبشِّر المجاهدين بامتداد الدولة الإسلامية إلى خراسان. فقد استكمل
المجاهدون من جنود الخلافة الشروط، وحقّقوا المطالب لإعلان ولاية خراسان، فأعلنوا بيعتهم لأمير المؤمنين حفظه الله
الخليفة إبراهيم، وقد قَبِلها". وعيّن تنظيم الدولة حافظ سعيد خان واليًا على ولاية خراسان؛ كما عيّن "أبا طلحة عبد الرؤوف
خادم" نائبًا له، وطلب من أنصاره أن يعملوا بمعيّتهما وأن يعاونوهما، فكان ذلك ميلاد ولاية خراسان في تنظيم الدولة.
وتشمل المناطق التي يطلق عليها تنظيم الدولة اسم "ولاية خراسان": أفغانستان وجزءًا من باكستان، كما أنها تشمل إيران
وأوزبكستان، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وتركمانستان..
ما زال يُعرف تنظيم الدولة بين عامة الناس في أفغانستان وباكستان باسمه القديم: "داعش". ظهر لأول مرة في منطقة
وزيرستان الباكستانية إثر انشقاقات حصلت في حركة طالبان، بعد مقتل حكيم الله محسود، أمير حركة طالبان باكستان، في
هجوم لطائرة أميركية من غير طيار في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، حيث برزت في حينه لخلافة محسود ثلاثة أسماء قوية،
هم: المولوي فضل الله، الزعيم الحالي لحركة طالبان باكستان، وسيد خان سجنا، وحافظ سعيد خان أوركزاي؛ ولمّا حُسِم
الخلاف ونصِّب المولوي فضل الله أميرًا على حركة طالبان باكستان، انشقَّ حافظ سعيد خان عنها، وبدأ يقود مجموعته

المسلّحة في منطقة "أوركزاي" بعيدًا عن الجسم العام لحركة طالبان باكستان، إلى جانب بعض المجموعات الأخرى التي
انشقّت عن طالبان، أو لم تكن تجد لنفسها مكانًا داخل الحركة..
وحول تبرير مرجعية حركته، يقول سعيد خان في رسالة صوتية له، مخاطبًا أتباع حركة طالبان أفغانستان وباكستان وجميع
المنظمات الجهادية: إنه جاز لهذه المنظمات أن تعمل في غياب كيان الخلافة بهدف إيجاده. ولكن بقيام الخلافة يجب على
الجميع مبايعة "البغدادي" خليفة المسلمين، ومن يمُتْ بغير بيعة يمُتْ "ميتة جاهلية"؛ ولا يجوز بعد اليوم أن يستمر وجود هذه
"المنظمات الجهادية" في المنطقة، وعليها أن تقدِّم البيعة والولاء لولاية خراسان. وبهذا انضم إلى "ولاية خراسان" مجموعات
من المسلّحين في أفغانستان، ليتحقق وجود تنظيم الدولة في المنطقة، وهو التنظيم الذي لا يمكن دراسته منفصلًا عن مثيله في
باكستان؛ لأنهما بهذا الاعتبار تنظيم واحد.. (26)
وتتحدث رواية أخرى عن نشأة مختلفة لداعش خراسان ،فتقول إنه
في يوليو 2014، أعلن القيادي في حركة "طالبان باكستان" حبيب الله حبيب البيعة لزعيم تنظيم "داعش" السابق أبو بكر
البغدادي، بعد أقل من شهر من إعلان الأخير تأسيس ما يسمى بـ"الخلافة الداعشية" في العراق وسوريا، حيث نشر حبيب الله
حبيب رسالة مصوّرة "فيديو" بعنوان "النصرة الباكستانية للدولة الإسلامية"، قال فيها: "أعلن البيعة وأؤكد على أننا جنود
للدولة الإسلامية، نبذل أموالنا وأرواحنا في سبيلها".
هذه الرسالة دفعت "جماعة الأحرار" بزعامة قاسم عمر خراسان بدورها إلى إعلان البيعة للبغدادي في أغسطس من العام
نفسه، لتكون "جماعة الأحرار" أول تنظيم في آسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا ينضم لتنظيم "داعش"، حيث شكّل النواة الأولى
في تأسيس فرع تنظيم "داعش خراسان" بعد إعلان الجماعة انشقاقها عن حركة "طالبان باكستان". وقد أعلن آنذاك المتحدث
السابق لحركة "طالبان" إحسان الله إحسان قائلاً: "إن تنظيم (الدولة) في سوريا والعراق يعمل لتنفيذ الشريعة الإسلامية، وإن
جماعة الأحرار تؤيّده وتساعده إن أمكن".
هذا التدافع المتسارع من جانب عناصر من حركة "طالبان باكستان" للانضمام لتنظيم "داعش" فرض على الأولى ضرورة
التقرّب من تنظيم "داعش"، حيث أعلنت، في بيان لها في أكتوبر 2014، تأييدها لإنشاء ما يسمّى "الخلافة الداعشية" في
العراق وسوريا، وقالت: "نحن يا إخواننا فخورون بكم وبانتصاراتكم، نحن معكم في أفراحكم وأتراحكم". ثم توالى انضمام
العديد من قيادات وأعضاء حركة "طالبان" (باكستان وأفغانستان) لتنظيم "داعش"، حتى أُعلِن تنظيم "داعش خراسان" في 10
يناير 2015، عبر فيديو باسم "ولاية خراسان"، تحدث فيه زعيمه حافظ سعيد خان، ليعلن البيعة الرسمية للبغدادي وتنظيم
"داعش" في العراق، أعقبه توجيه رسالة من المتحدث الرسمي للتنظيم الأسبق أبو محمد العدناني في 26 من الشهر نفسه،
بعنوان "قل موتوا بغيظكم"، أعلن فيها تأييد قبول البيعة وتعيين حافظ سعيد خان قائداً لفرع تنظيم "داعش خراسان" واختيار
عبد الرؤوف خادم نائباً له.
وبعد أقل من ستة أشهر، أعلن تنظيم "الحركة الإسلامية لأوزبكستان" بقيادة عثمان غازي الانضمام لـ"داعش خراسان"، الذي
نجح أيضاً في ضم مجموعة "الفاتح" بمنطقة خيبر بباكستان بزعامة جل زمان الفاتح، ومجموعة "أبطال الإسلام"، وتنظيم
"التوحيد والجهاد" في بيشاور باكستان بزعامة عبيد الله البيشاوري، ليتمدد الفرع داخل حدود باكستان وأفغانستان وأوزبكستان
وطاجيكستان.
ومن هنا، فإن عنصر الخبرة مثّل محور تمايز مهماً بالنسبة للتنظيم. فبالمقارنة بالأفرع الأخرى، التي تضم عناصر لا تمتلك
خبرات كبيرة، كان لافتاً أن "داعش خراسان" ضمّ عناصر شاركت في الحرب ضد الجيش السوفييتي في الثمانينات من القرن
الماضي، وانخرطت أيضاً في حرب عصابات في التسعينيات، على نحوٍ كان له دور بارز في تعزيز قدراته وإكسابه خبرة في
تنفيذ العمليات الإرهابية وتوسيع نطاق نشاطه، وهو ما وضعه في مقدّمة أفرع "داعش" التي تمتلك خبرات تنظيمية وعسكرية
لا تبدو هيّنة.(27)
الأفكار والأهداف
يعتبر تنظيم الدولة الحكومات القائمة في المنطقة "حكومات مرتدّة وعميلة للصليبيين"، وفق ما صرّح به "والي خراسان" حافظ
سعيد خان. ويعتبر طالبان بشقَّيْها الأفغاني والباكستاني، و"القاعدة"، مرتكبين لنواقض الإيمان الذي منه تولِّي الكفار والمرتدّين؛
كما أن أفرادهم -في زعمه- مرتكبون "للشرك الأكبر"، لاسيما أن تنظيماتهم "تتحاكم إلى الطاغوت بدل التحاكم إلى الله".
وتحدّث منظِّرو تنظيم الدولة عما سمُّوه "ضلالات حركة طالبان" بالتفصيل في مقال مطوّل، كتِب تحت اسم "أبو ميسرة
الشامي"، وبعنوان: فاضحة الشام وكسر الأصنام؛ وممّا قاله فيه: "وأكثر أمرائهم لهم علاقات مع طوائف التجسس المرتدّة في
باكستان (الـ "آي إس آي")، وكثير من جنودهم على شرك أكبر مُخرِج من الملّة، بدعاء الأموات والاستشفاع بهم والنذر لهم
والذبح لهم والسجود لقبورهم، وكثير من طوائفهم يحكمون الآن بالأعراف القبلية دون الأحكام الشرعية في مناطق يدّعون فيها
التمكين، ثم دينهم "الملا" كل ملا (أي ليس الملا عمر خاصّة)، فما أوجبه من الحرام أوجبوه وما حرّمه من الحلال حرّموه، لا
يعرفون القرآن والسنن إلا للتبرُّك…". وذكر من هذا القبيل أشياء كثيرة، وذكر أن الخلاف بينهم في الأصول، وفي نهاية المقال
هدّد حركة طالبان بالقتال، وأنه لا تعارض بين قتال الصليبيين وقتال طالبان، وأن تنظيم الدولة سيقاتل الفريقين كما قاتلهما في

العراق والشام، ومن ذلك قوله: "أقول لـ"أختر محمد منصور"، لا تَعارُض بين قتال الصليبيين وقتال الموالين للطواغيت. فكما
أن الدولة الإسلامية قاتلت الصليبيين في العراق وقاتلت الصحوات الموالية.. كذلك ستقاتل الصليبيين في خراسان وتقاتل
طوائف طالبان.. فإن أرادت "الإمارة" السلام، فلا حلّ لها إلا بأن تكفُر بالطواغيت والروافض والأنظمة الدولية وجاهلية
الوطنية، وتتبرّأ من ذلك وتعاديه كله، وتدعو جنودها إلى ترك الشركيات…"؛ وموقفه هذا مبنيّ على الفتوى التي أصدرتها
ولاية خراسان برِدَّة حركة طالبان (إمارة أفغانستان الإسلامية) ووجوب القتال ضدها.
من هنا، فإن من أهداف تنظيم الدولة محاربة كل الحركات المسلحة في المنطقة، طالبان وتنظيم القاعدة وسواهما؛ لأنها مرتدّة،
وقتال المرتدّين مُقدَّم على قتال الكفار الأصليين. ويقول حافظ سعيد خان، والي التنظيم على خراسان، في كلمة ألقاها بالبشتو،
وترجموها إلى لغة عربية ركيكة: "وكذلك بالنسبة للتنظيمات الجهادية التي لا تتحاكم إلى الكتاب والسُّنَّة، وتقاتل ضدّنا، ستكون
عواقبها وخيمة؛ وندعو المسلمين أن يكونوا على حذر منهم، وأن لا ينخدعوا بأشكالهم، وهم ليسوا بمجاهدين حقيقيين، فقد
بدؤوا يطلبون المساعدة والمدد من حكومة إيران الرافضية أعداء صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهم أشد غلظة في
الكفر، فالأولى أن نقاتل ضدّهم؛ فهم مرتدّون، وقتال المرتد مُقدَّم على قتال الكافر الأصليّ، ولن نترك الكافر الأصلي أيضًا
بإذن الله"..
يركِّز أفراد تنظيم الدولة في المناطق التي يسيطرون عليها على عدة أمور:
 قتال حركة طالبان التي يتّهمونها بالعمالة للاستخبارات الباكستانية، والرِّدَّة ـ كما ورد على لسان حافظ سعيد خان.
 هدم القِباب والأضرحة بحُجَّة محاربة الشرك والبدع، وهو ما دأبوا على فعله في المناطق التي سيطروا عليها.
 ذبح الناس وقتلهم بتهم التجسس والردّة والولاء للكفّار وغيرها؛ ونشروا العديد من الصور لذبح الناس بذريعة أنهم جواسيس.
ودافع الشيخ عبد الرحيم مسلم دوست عن الذبح وقطع الرؤوس قائلًا: "إن القصف الجوي أكثر وحشية من قطع الرؤوس،
وأنهم لا يقطعون رؤوس غير المجرمين".
وبالمقابل، تتّهم حركة طالبان تنظيم الدولة بالعمالة لليهود. وطلبت في رسالة مطوّلة بتوقيع الملا أختر محمد منصور من
البغدادي خليفة تنظيم الدولة، بأن تترك جماعته الساحة وأن لا يُحدِثوا فتنة بإنشاء فرع لهم في المنطقة، وإلّا ستضطر طالبان
للوقوف في وجهه؛ درءًا للفتنة ودفعًا للتشتّت والتفرُّق في الصفوف ودفاعًا عن مكتسباتها خلال أربعة عشر عامًا ماضية.(28)
إن هدف داعش خراسان هو خلق حالة من الفوضى وعدم اليقين فى محاولة لضم المقاتلين المحبطين من الجماعات الأخرى
إلى صفوفهم، والتشكيك فى قدرة أي حكومة على توفير الأمن للسكان.
يرى داعش خراسان أن منافسه الاستراتيجي هو حركة طالبان الأفغانية، ويصنّفوهم على أنهم «قوميون قذرون» يطمحون
فقط إلى تشكيل حكومة محصورة فقط فى أفغانستان، وهو ما يخالف هدف تنظيم داعش المتمثل فى إقامة خلافة عالمية. (29)
 القادة الرئيسيون
 حافظ سعيد خان: من منطقة أوركزاي القبلية في باكستان، ينتمي إلى قبيلة مامون زاي البشتونية. كان قائدًا لحركة طالبان في
باكستان، وأحد المرشّحين لقيادتها بعد مقتل زعيمها السابق محسود في نوفمبر/تشرين الثاني 2013؛ لكنه انشقّ عنها عندما لم
يُنتخب لقيادتها وأنشأ مجموعة مسلّحة مستقلة. من الناحية الفكرية، ينتمي حافظ سعيد خان إلى جماعة إشاعة التوحيد "المتشددة
سلفيًّا"، وقد بُويِع أميرًا لتنظيم الدولة في المنطقة، وعيِّن أميرًا على "ولاية خراسان" من قِبل القيادة المركزية لتنظيم الدولة.
ويُذكر أنه تعرّض لقصف من طائرة من غير طيار في 10 من يوليو/تموز 2015 ونُشر خبر مقتله، إلا أنه نجا من تلك
المحاولة.
 الملا عبد الرؤوف خادم أبو طلحة: مسقط رأسه قرية "آذان" بمديرية "كجكي" بولاية هلمند، وينتمي إلى قبيلة عليزاي
البشتونية. شارك في "الجهاد" في ثمانينات القرن الماضي، وانضم إلى حركة طالبان بعد ظهورها في بداية التسعينات. ويُذكر
أنه كان يقود فيلق "هرات" مع طالبان، وكان يُعتبر أحد المقرّبين من زعيم الحركة الملا محمد عمر، وجمعته علاقات جيّدة
بالمقاتلين العرب الذين كانوا في هرات، ومن بينهم أبو مصعب الزرقاوي. اعتقله الأميركيون في 2001 بعد سقوط إمارة
طالبان، ومكث ست سنوات في سجن "باغرام" ومعتقل "غوانتنامو"؛ ولمّا أُطلِق سراحه عام 2007 انضم مجددًا لصفوف
طالبان،وتولّى مناصب مهمة وقيادية فيها، إلى أن وقع الخلاف بينه وبين قيادة الحركة "لتهميشها له". وبحسب الاستخبارات
الأفغانية، استطاع خادم في أواخر عام 2014 السفر إلى العراق، حيث عيِّن من قبل تنظيم الدولة نائبًا لوالي خراسان؛ ولمّا
رجع إلى أفغانستان، إلى هلمند، حاول أن يجمع حوله السلفيين بمديرية "بكوا" بولاية فراه، إلى جانب قادة ميدانيين من طالبان
في هلمند والولايات المجاورة لها، إلا أنه تعرّض لهجوم من قِبل طائرة من غير طيار، فقُتل يوم 11 من فبراير/شباط 2015.
 أبو عمر الشيخ مقبول، المعروف بـ"شاهد الله شاهد": أحد أهم الشخصيات في حركة طالبان باكستان من منطقة أوركزاي
القبلية من قبيلة مامون زاي. عيِّن ناطقًا رسميًّا باسم حركة طالبان عام 2013 لإتقانه لغات مختلفة منها العربية؛ كان سلفيًّا
ومن أوائل من استقال من حركة طالبان وبايع تنظيم الدولة في باكستان، وذلك في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 ؛إلا أنه قُتل في
9 من يوليو/تموز 2015 بهجوم لطائرة بدون طيار في ولاية ننغرهار.

 الشيخ عبد الرحيم مسلم دوست: هو عبد الرحيم بن عبد المنان، مسقط رأسه مديرية "كوت" بولاية ننغرهار أفغانستان؛ من
الكُتَّاب السلفيين المعروفين منذ ثمانينات القرن الماضي. درس في المدارس الدينية في أفغانستان وفي باكستان، وسافر إلى
السعودية حيث التقى هناك بجماعة جهيمان، واعتقلته السلطات السعودية بسبب ذلك؛ إلا أنه تمكن من الفرار من معتقل "تربة
البقوم" حسب روايته. اعتقلته المخابرات الباكستانية في 2001 وسلّمته للأميركيين، فسُجن في معتقل غوانتنامو مع أخيه "بدر
الزمان" لفترة؛ وبعد إطلاق سراحه تم اعتقاله مرّة أخرى من قِبل الاستخبارات الباكستانية، وبقي رهن الاعتقال ثلاث سنوات،
إلى أن أُطلِق سراحه في عملية تبادل للأسرى بين حركة طالبان والحكومة الباكستانية؛ ومن ذاك اليوم وهو يتنقّل في المناطق
القبلية الباكستانية والمناطق الحدودية الأفغانية، وكان يُعتبر من منظِّري تنظيم القاعدة في المنطقة قبل أن يبايع تنظيم
الدولة.(30)
 العمليات والهجمات الإرهابية
من أبرز عمليات داعش – خراسان خلال العامين الأخيرين في أفغانستان :
 طوال عام 2020، نفّذ التنظيم بنجاح هجمات بارزة، خاصة مع تحوّل تكتيكاته من السيطرة على مناطق وحكمها إلى الاحتفاظ
بخلايا منتشرة في بعض ولاية البلاد، خاصة العاصمة الأفغانية كابول.
 وتمكّن داعش خراسان من تنفيذ بعض أكثر الهجمات الإرهابية دموية، ومن ذلك هجومه في مايو 2020 على جناح للولادة
في كابول، والذي أسفر عن مقتل 24 شخصاً، بالإضافة إلى الهجوم على جامعة كابول في نوفمبر 2020، والذي خلّف 22
قتيلاً..
 وفي الفترة من يناير 2020 إلى يوليو 2021، نفّذ تنظيم داعش 83 هجوماً أسفر عن مقتل 309 أشخاص؛ استهدفت هذه
الهجمات بشكل أساسي المدنيين وقوات الأمن، بما في ذلك قوات الناتو والجيش الأفغاني وقوات إنفاذ القانون وقوات الأمن
الأخرى. كما أن هجوم داعش في 26 أغسطس على مطار حامد كرزاي الدولي، أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 183
شخصاً.(31)
وفي 8 أكتوبر 2021 ،لقي عشرات الأشخاص مصرعهم وأصيب آخرون، في انفجار وقع أثناء صلاة الجمعة داخل مسجد
للشيعة في ولاية قندوز الواقعة شمالي أفغانستان.
ووصف موقع «آماج نيوز» الإخباري الانفجار الذي وقع في مدينة خان آباد بأنه كان «فتّاكاً»، ونشر على حسابه في
«تويتر» لقطات صادمة توثّق حجم الدمار وجثث قتلى داخل المسجد.
وذكر الموقع نقلاً عن شهود عيان أن حصيلة ضحايا الانفجار الذي دوّى أثناء صلاة الجمعة تصل إلى نحو 100 قتيل، فيما
نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن مصادر أفغانية القول بأن الانفجار أدّى إلى مقتل 70 شخصاً وإصابة 100 آخرين..
وحسب المعطيات الأوليّة، نفّذ الهجوم من قِبل انتحاري.
وعلى الرغم من أنه لم تُعلن أي جماعة مسئوليتها عن الهجوم، فإن أفراد الطائفة الشيعية في أفغانستان يتم استهدافهم منذ
سنوات من قِبل تنظيم «داعش» الإرهابي.(32)
 المواقف السياسية
لا يصدر عن تنظيم داعش خراسان الإرهابي مواقف أو بيانات سياسية سوى في أوقات متباعدة، مع تركيزه على تنفيذ
عمليات عنف أشد فتكاً ووحشية من خصومه؛ حركة طالبان والقاعدة وغيرهما،حتى يستطيع تفادي أي هزيمة عسكرية ساحقة،
كما حصل مع فصائل إرهابية تماثله في العراق وسوريا، حسب اعتقاد قادته. ومن أهم المواقف السياسية التي يتبنّاها داعش
خراسان ،وصفه
طالبان بأنها حركة تضم قوميين وتهدف لتأسيس حكومة محلية منحصرة في أفغانستان، بينما يتبنّى هو رؤية لتأسيس خلافة
عالمية.
وعلى عكس التنظيم في سوريا والعراق، لم يتمكن داعش خراسان من توسيع رقعة الأراضي التي يسيطر عليها. ومنذ تأسيسه
حتى اليوم، يستهدف التنظيم مواقع حركة طالبان ويسعى لضم عناصرها لصفوفه..
وانتقد التنظيم بشدّة توقيع طالبان اتفاق الدوحة مع واشنطن في فبراير/ شباط 2020 ،الذي نصّ على انسحاب القوات
الأمريكية وكافة القوات الأجنبية من أفغانستان.(33)
ويقول الدكتور سيجان غوهيل، عضو مؤسسة آسيا والمحيط الهادئ، الذي يراقب الجماعات المسلّحة في أفغانستان منذ عدة
سنوات:
"جماعة خراسان لديها خلافات كبيرة مع طالبان، حيث تتّهمها بالتخلّي عن الجهاد، وتقول إن حركة طالبان فضّلت السلام في الدوحة
والجلوس إلى طاولة المفاوضات في "الفنادق الفخمة".(34)

طالبان والقاعدة وداعش – خراسان:قراءة في العلاقة الملتبسة
شكّلت أفغانستان أرضيّة خصبة للحركات والجماعات الإرهابية والتكفيرية منذ الغزو السوفياتي لهذا البلد في العام 1979 ،بذريعة قيام
تلك الحركات والجماعات بواجبها الديني في مواجهة الاحتلال الأجنبي" الكافر" وطرده؛ وهي نجحت في ذلك خلال عقد من الزمن فقط،
ولو على حساب الشعب الأفغاني الذي تكبّد خسائر مهولة في الأرواح وفي البنى التحتية لبلده، جرّاء الحرب المدمّرة بين قوات الاحتلال
السوفياتي والجماعات المسلّحة و"المجاهدين" و"الأفغان العرب" في تلك المرحلة.
وقد تكرّر هذا المشهد المرعب في مرحلة ما بعد الغزو الأميركي لأفغانستان في 7 أكتوبر /تشرين الأول من العام 2001، بذريعة
القضاء على الإرهاب والتطرف، الذي ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها بواسطة طائرات مدنية تمّ اختطافها وتفجيرها في برجي
التجارة الضخمين في قلب نيويورك،حيث سقط نحو ثلاثة آلاف ضحيّة ،وفي مقر وزارة الدفاع (البنتاغون)،وذلك بتاريخ 11سبتمبر
/أيلول من ذلك العام.
فبعد صراع مرير لمدّة عقدين، وعشرات الآلاف من الضحايا، أعلنت حركة طالبان المتشددة انتصارها "التاريخي" على الولايات المتحدة
وقوات حلف الأطلسي، ومن ورائها العديد من الجماعات الإسلامية والتكفيرية، في أفغانستان وخارجها، ولتؤكد للمسلمين والعالم بأن
نهجها "الجهادي" هو الذي انتصر، ما أثار القلق الشديد في الداخل الأفغاني أولاً ،وعلى المستوى الإقليمي والدولي ثانياً.
إن نظرة فاحصة ومعمّقة في تاريخ هذه الجماعات ،وبالخصوص الأفغانية منها، كما في أفكارها المتطرفة وممارساتها الوحشية،
والموجّهة بأغلبها ضد المدنيين في المجتمعات التي تنشط فيها، تدفع المراقب أو الباحث أو الخبير في شؤون تلك الجماعات، للاستنتاج
بأن ما جرى أخيراً من انسحاب مذلٍ للقوات الأميركية والأطلسية من أفغانستان لم يكن انتصاراً خالصاً لنهج الجماعات الإسلامية السنيّة
المتشددة، بقدر ما عبّر عن هزيمة خصوم هذه الجماعات، على مستوى تحمّل كلفة الحروب الخارجية ،بشرياً ومادياً ومعنوياً ؛ فضلاً عن
فشل هؤلاء الخصوم في فهم طبيعة القوى التي تواجههم، والبيئات التي تتحرك فيها، في الجوانب الفكرية والسياسية والاجتماعية المختلفة
؛وهو ما أدّى بالنتيجة إلى انكفاء الدول الغربية ، وفي طليعتها الولايات المتحدة، عن خيار خوض حروب مكلفة ومفتوحة، وفاشلة
بأبعادها الاستراتيجية ،وتحديداً فيما يخص دول غرب آسيا، في المنطقة المسمّاة بالشرق الأوسط، واستبدال هذا الخيار بسياسات أخرى
أقل كلفة، ولكن أكثر تأثيراً!
ويكشف بُعد العلاقة الملتبسة والمعقّدة ، والصدامية في معظم الأحيان، بين الجماعات التكفيرية والإرهابية، في أفغانستان وخارجها ،منذ
ثمانينيات القرن الماضي وحتى تاريخه، والتي تغذّيها خلافات ونزاعات لا تنتهي حول الكثير من القضايا والمسائل الفكرية والفقهية
والسياسية، يكشف هذا البعد الدقيق مدى مصداقية تبنّي تلك الجماعات لنصر "إلهي" ناجز لها في أفغانستان أخيراً.
يقول باحثون متخصصون بشؤون الحركات الإسلامية المسلّحة، إن طالبان وداعش خراسان قد يظهران للوهلة الأولى متشابهان في
الشكل، لكن في الجوهر توجد اختلافات كبيرة بينهما، مع عدم تجاهل وجود علاقة ولو جزئية بداعش خراسان، وحتى تنظيم القاعدة
الإرهابي.
يعتقد، منصور الحاج، وهو كاتب يتابع شؤون الجماعات المتشددة، أن أبرز الفروق بين طالبان من جهة وداعش والقاعدة من جهة أخرى
أن " طالبان حركة أصولية ينتمي أغلب أعضائها إلى قبائل البشتون، وتهدف إلى تطبيق الشريعة في أفغانستان"؛ أما تنظيم داعش ولاية
خراسان " فهو امتداد لتنظيم داعش الذي يهدف إلى إعادة الخلافة الإسلامية إلى الوجود".
ويضيف في حديث لموقع "الحرّة" أن "طالبان كانت وفّرت المأوى لقادة تنظيم القاعدة ورفضت تسليمهم للولايات المتحدة، فيما يعتبر
تنظيم القاعدة زعيم طالبان أميراً للمؤمنين ويحرصون على مبايعته وإعلان الولاء له".
أما داعش، فترى في أن القاعدة وطالبان "مرتدّون خارجون عن ملّة الإسلام"، وفق الحاج.
وأوضح أن أصولية حركة طالبان "تعني أن سياساتها وأفكارها مبنيّة على أسس ديني . ولذلك ترفض حركة طالبان التعددية والديمقراطية
والعلمانية وحقوق الإنسان، كما هي معروفة لدى الغرب، وتدّعي بأنها تقدّم بدائل إسلامية لكل تلك المبادئ".
أما من حيث التنظيم، فتتميّز طالبان بمقاتليها المتمرّسين على الحروب، وبقياداتها التي تحظى باحترام كبير بين المقاتلين، وكذلك بحنكة
سياسية، وبرغبتها القوية في تطبيق الشريعة الإسلامية في أفغانستان، وإقامة إمارة إسلامية هناك.
التشابه الوحيد بين طالبان والقاعدة وداعش، بحسب الحاج، أنها جميعاً "جماعات جهادية تهدف إلى تطبيق الشريعة الإسلامية عبر الجهاد
المسلّح. وفيما تحصر طالبان نشاطها داخل أفغانستان، فإن لكلٍ من القاعدة وداعش فروعاً في دول عدة؛ وبالتالي فهما لا يعترفان بالحدود
الدولية، ناهيك عن تبنّي داعش نهجاً متشدداً من كل الفئات والقوى، وشنّه حروباً مفتوحة ضد الغرب والأنظمة الحاكمة والطوائف

الدينية، فيما يتبنّى تنظيم القاعدة فكرة التدرّج، ويسعى إلى التقرّب إلى الشعوب، وتكوين بيئة حاضنة يستطيع من خلالها التأثير على
الشعوب، والانتقال بهم تدريجياً نحو الخلافة" الإسلامية.
ويتخوّف الحاج من مستقبل أفغانستان تحت حكم طالبان، خاصة أنها لن تنجح في "إدارة البلاد وتحقيق العدالة والتنمية والرفاه، وقبل ذلك
الأمن الذي يحلم به الشعب الأفغاني؛ إضافة إلى أن طالبان لا تمتلك أي مشروع من شأنه أن ينهض بالبلاد".
ويرى أن الشعب الأفغاني "سيُدرك ذلك عاجلاً أم آجلاً، وربما حينها سيثور ضد طالبان ويكتبون نهاية مغامرتهم في تأسيس دولة دينية
على غرار نظام الملالي في ايران"..(35)
كذلك تنقسم القاعدة و" داعش" بشدّة حول الدور الذي ستؤدّيه أفغانستان تحت حكم "طالبان" في المشهد الجهادي العالمي. بالنسبة إلى
"القاعدة"، يُعتبر انتصار "طالبان" إنجازاً ملحمياً، وبالأحرى تحقيقاً لوعد الله بنصر المؤمنين على الكفّار. وبالنسبة إلى "داعش" لا يُعتبر
ذلك انتصاراً على الإطلاق، بل هو دليل إضافي على استعداد "طالبان" للتعاون مع الأميركيين.
منذ صعود تنظيم "داعش" في 2013 وإعلانه تأسيس "دولة الخلافة" في السنة التالية ضمن الأراضي التي سيطر عليها في العراق
وسوريا، سعت "القاعدة" إلى تقديم نفسها بوصفها التنظيم الأكثر اعتدالاً وواقعية بين المجموعتين؛ إذ إنها أكثر تحفظاً في تكفير المسلمين
الآخرين، وأشد اهتماماً بمناشدة الرأي العام في العالم الإسلامي. وكذلك عملت "القاعدة" على تعميق علاقاتها الوثيقة بالفعل مع "طالبان".
وتعود العلاقة بين المجموعتين إلى بداية حكم "طالبان" في 1996، حينما رحّبت "طالبان" بزعيم "القاعدة" أسامة بن لادن للبقاء في
أفغانستان تحت حمايتها. في 2001، قبل هجمات 11/9، أقسم بن لادن ​​علناً الولاء أو البيعة، لزعيم "طالبان" آنذاك الملا عمر، وحثَّ
جميع أعضاء "القاعدة" في البلاد على فعل الشيء نفسه.
تحت قيادة خليفة بن لادن، أيمن الظواهري، أكدت "القاعدة" بشكل متزايد ولاءها لـ"طالبان". ففي دعاية "القاعدة"، تُقدّم "إمارة أفغانستان
الإسلامية"، وهو الاسم الرسمي الذي أطلقته "طالبان" على تلك البلاد أثناء حكمها لها، بوصفها مقرّ الخلافة المنتظرة. وكذلك تقدّم زعيم
"طالبان" تحت لقب "أمير المؤمنين"، وذلك لقب تسمّى به تقليدياً الخلفاء، بوصفه شخصية تشبه الخليفة. جاء ذلك التطور رداً على إعلان
"داعش" تأسيس الخلافة في يونيو (حزيران) 2014، وقد تضمّن مرسوماً يفيد بأن جميع الجماعات الجهادية الأخرى، بما في ذلك
"القاعدة"، لم تعد شرعية. وجاء ردّ "القاعدة" على ذلك عبر إضفاء معنى جديد على علاقتها مع "طالبان"، ما يوحي بأن شبكة "القاعدة"
مترابطة بخيطٍ قوامه نوع من الخلافة، تحت رعاية "إمارة أفغانستان الإسلامية".
وبالتالي، تمثّلت إحدى الطرق التي اعتمدتها "القاعدة" كي تُنفّذ ذلك جزئياً، في إعادة التركيز على بيعاتها حاكم "طالبان". فمثلاً، في
رسالة إخبارية أصدرتها عام 2014، أعلنت "القاعدة" عن "تجديد البيعة لأمير المؤمنين الملا محمد عمر (حفظه الله)"، مؤكدة "أن
القاعدة وفروعها في كل مكان جنود في جيشه". في غضون ذلك، أعاد الظواهري علناً التعبير باسم شبكة "القاعدة" بأكملها عن البيعة
للزعيمين التاليين من "طالبان"، الملا أختر محمد منصور في 2015، والملا هيبة الله أخوند زاده في 2016. وفي كل رسالة، وصف
الظواهري "إمارة أفغانستان الإسلامية" بأنها "أوّل إمارة شرعية" منذ سقوط الخلافة العثمانية عام 1924..
واستطراداً، يتعارض كل ذلك مع نص اتفاق فبراير 2020 بين الولايات المتحدة و"طالبان"، الذي وعدت فيه "طالبان" بالتوقف عن دعم
"القاعدة" والدخول في محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية. وعلى الرغم من أن "طالبان" لم توافق على "قطع العلاقات" مع "القاعدة"،
بحسب ما يروّج أحياناً، فإنها تعهدت بعدم "إيواء" أو دعم "القاعدة" والجماعات المماثلة. وكذلك وعدت بعدم السماح باستخدام أفغانستان
"في تهديد أمن الولايات المتحدة وحلفائها".
ومع ذلك، لا يبدو أن القيادة العليا في "القاعدة" قد شعرت بالإهانة من الاتفاق. ففي مارس (آذار) 2020، أصدرت الجماعة بياناً هنّأت
فيه "طالبان" على الانسحاب الأميركي الموعود. وأشاد بيان "القاعدة" بـ"اتفاق الدوحة" الذي وُقّع بوساطة قطرية، ووصفه بأنه "نصر
تاريخي عظيم،" ودعا المسلمين في جميع أنحاء العالم إلى الاقتداء بـ"طالبان" في التزامها الجهاد. وكذلك صوّر البيان "إمارة أفغانستان
الإسلامية" على أنها "نواة الدولة الإسلامية"، أي الخلافة، "التي ستحكم بشريعة الله الطاهرة".
في سياق متصل، فيما عزّزت "القاعدة" علاقتها مع "طالبان"، عمد تنظيم "داعش" إلى اتهام "طالبان" بالضلال. ففي نظر "داعش"،
أضحى انحراف "طالبان" عن النقاء الديني صارخاً، خصوصاً بعد وفاة الملا عمر في 2013، حين أهملت "طالبان" تطبيق الشريعة
الإسلامية وازداد ميلها القومي وتسامحها مع الأقليّة الشيعية في أفغانستان، وسعت إلى علاقات مع الدول الكافرة، بما في ذلك دولة قطر
"المرتدّة". ويلوم تنظيم "داعش" حركة "طالبان" أيضاً على رفضها الاعتراف بدولة الخلافة التي أعلنت عن تأسيسها، ومقاومة جهودها
عام 2015 في إنشاء "ولاية" ضمن ما يسمّى "أرض خراسان"، وهي منطقة تاريخية تضم تقريباً كامل تراب أفغانستان الحالية. ولقد
دخلت "طالبان" وما يسمّى "ولاية خراسان" التابعة لـ"داعش" في حالة حرب منذ ذلك الحين؛ وفي بعض الحالات قدّمت الولايات المتحدة
دعماً جويّاً فاعلاً لـ"طالبان".

بعد إعلان اتفاق 2020 بين واشنطن و"طالبان"، اعتبر تنظيم "الدولة الإسلامية" الاتفاق دليلاً آخر على انحراف "طالبان". وأدانت
المجلة الإخبارية الرسمية التي يُصدرها تنظيم "داعش" حركة "طالبان"، بسبب اتخاذها الأميركيين "حلفاء جدداً". وكذلك أشار المتحدث
باسم ذلك التنظيم إلى أن الاتفاق جعل رسمياً أمراً كان واضحاً بالفعل، يتمثّل في أن الولايات المتحدة و"طالبان" يتآمران معاً ضد
"داعش". وبحسب رأيه، شكّلت الصفقة "غطاءً للتحالف الدائم بين ميليشيا طالبان المرتدّة والصليبيين"..
في ذلك الصدد، تواجه "القاعدة" و"داعش" تحديات جديّة في محاولة إعادة تأسيس نفسيهما في أفغانستان. ففي حين أن عودة "طالبان" قد
تخلق أكبر فرصة لـ"القاعدة" في إعادة تشكيل وتنظيم نفسها منذ أكثر من عقد، إلا أنها ليست في وضع جيّد لاغتنامها. في زاوية مقابلة،
سيسعى تنظيم "داعش" إلى لعب دور المفسد، لكنه سيواجه صعوبة في الفوز بالدعم المحلي أو مضاهاة "طالبان" من ناحية القوة البشرية
والموارد. في غضون ذلك، ستستمر الولايات المتحدة في محاولة إضعاف المجموعتين كلتيهما من خلال مواصلة شن ضربات
بالطائرات من دون طيار، ربما بدعم من "طالبان" حينما يتعلق الأمر بـ"داعش".(36)
وفي المحصّلة ،فإن "النصر" الذي حقّقته الجماعات "الجهادية" في أفغانستان ،والذي لا يتوافق مع السياقات الطبيعية لأي نصر ناجز،
هو نصر مبتور، إن صحّ التعبير ؛ مع الإشارة هنا إلى فشل واضح وانحدار مريع في أوضاع تلك الجماعات ، سياسياً وفكرياً واخلاقياً
،وعلى مستوى الاحتضان الشعبي، في كل البلدان التي برز نجمها فيها طيلة عقود مضت، وصولاً إلى مرحلة "الربيع العربي" وما تلاها
من حروب ونزاعات داخلية مريرة،في مصر وليبيا وتونس وسورية والعراق واليمن؛ وربما يتحوّل "النصر" المذكور إلى كابوس مؤرق
لأصحاب هذا "النصر" أولاً، وللشعب الأفغاني ثانياً ،ولشعوب المنطقة استتباعاً؛ وقد لا يتضرّر العالم الغربي "الكافر"من هذا "النصر"
كثيراً ،خاصة إذا ما نجح في خططه المستقبلية التفتيتية حيال أفغانستان "الطالبانية" تحديدًا ،وحيال دول وشعوب المنطقة العربية
والإسلامية عموماً ،في ظل بيئة قد تزداد تشدداً وتطرفاً بعد "النصر" الأخير للجماعات التكفيرية في أفغانستان!
لكن هناك سيناريو واقعي مقابل السيناريو الدرامي المذكور آنفاً ،إذا ما غيّرت طالبان، على وجه الخصوص ،في أفكارها المتشددة
وممارساتها العنيفة، كما في علاقاتها وتعاملاتها الأحاديّة مع "الآخر" ،المسلم وغير المسلم، داخل البلاد وخارجها، حسبما يشير اتفاقها
مع الأميركيين في الدوحة بشأن الانسحاب "السلمي" من أفغانستان، وزيارات مسؤوليها المفاجئة لبعض الدول (الكافرة)،مثل الصين
،فضلاً عن تعهدها العلني بتغيير تعاملها مع الأقليّة الشيعية وبقية الأقليّات في البلاد، كما مع النساء، ومكافحة الإرهاب والفساد ، وفتح
أفغانستان أمام الاستثمارات العربية والأجنبية؛ والأمور مرهونة بخواتيمها.

مراجع الدراسة
(1) نهج أكثر محافظة :كيف يمكن فهم خطاب وممارسات حركة طالبان ؟ عمّار علي حسن،مركز المستقبل للأبحاث والدراسات
المتقدمة،20 أغسطس 2021.
(2)حركة طالبان.. النشأة والفكر والتنظيم، موقع الجزيرة نت،16/8/2021.
(3) ليسوا سواء وبينهم خلافات جوهرية.. ما الفرق بين طالبان وداعش وتنظيم القاعدة؟،أحمد مولانا، موقع عربي بوست،
27/8/2021.
(4) طالبان.. الخلفيّة الشرعيّة، والفرق مع القاعدة وداعش، وإمكان التطوّر،
محمد خير موسى، الجزيرة نت، 17/8/2021.
(5)حركة طالبان.. النشأة والفكر والتنظيم، مرجع سابق.
(6)المرجع السابق.
(7) من هم أبرز زعماء طالبان الذين قادوا الحركة للسيطرة على أفغانستان؟
نشِرت في: 16/08/2021 ،قناة فرانس 24،أ. ف. ب
(8)طالبان ،ويكيبيديا، الموسوعة الحرّة.
(9) هجمات الربيع:هل تسعى "طالبان" لتوسيع نطاق نفوذها في أفغانستان؟،

مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة ، 27 أبريل، 2017.
(10) حركة طالبان.. محطات مهمة طيلة 27عاماً،موقع الجزيرة نت،15/8/2021.
(11)طالبان" توضح موقفها إزاء هجمات الـ11 من سبتمبر، موقع روسيا اليوم (RT)12 سبتمبر2021.
(12)حركة طالبان.. النشأة والفكر والتنظيم، مرجع سابق.
*شبكة حقّاني،ويكيبيديا،الموسوعة الحرّة.
(13)تنظيم القاعدة ،موقع الجزيرة نت،7/6/2014.
(14) 11سبتمبر: ما هي أبرز التنظيمات الجهادية التي خرجت من رحم القاعدة؟موقع بي بي سي نيوز عربي، 9سبتمبر2021.
(15) تنظيم القاعدة ،ويكيبيديا، الموسوعة الحرّة.
(16)تنظيم القاعدة.. الرؤية الجيوسياسيّة والاستراتيجيّة والبنية الاجتماعية، مراجعة كتاب ،مركز جسور للدراسات، 16/4/2020.
(17) تقرير حول تنظيم القاعدة وتسرّب أفكاره في منطقتنا،جهاز الأمن العام (الإسرائيلي )، بوّابة الإرهاب
https://www.shabak.gov.il
(18) بن لادن: بعد مرور 10 سنوات على مقتله، ماذا تبقى من إرثه؟ BBCNewsعربي، 2مايو/أيار 2021.
(19) أيمن الظواهري: من جرّاح عيون إلى زعيم تنظيم القاعدة،بي بي سي نيوزعربي،17سبتمبر/أيلول 2021.
(20) تنظيم القاعدة ،الجزيرة نت،7/6/2014.
(21) تنظيم "القاعدة" والثورات العربية: غياب مؤقت أم تهميش دائم؟نادر الصراص،
10.03.2011موقعDW
(22) بن لادن: الثورات العربية أفضل بيئة لنشر أفكار التنظيم.. وطلبتُ تخفيف سرعتها،الشرق الأوسط أون لاين، 4 نوفمبر 2017.
(23) القاعدة وداعش وإسرائيل ،
ضياء رشوان، موقع البيان،
09 أغسطس 2017.
(24)تقرير حول تنظيم القاعدة ،مرجع سابق.
(25) داعش والقاعدة وتكفير الشيعة، هيثم مزاحم ،بيروت نيوز عربية، 29/4/2015.
(26)تنظيم الدولة في خراسان: النشأة في أفغانستان والمآل،مصباح الله عبد الباقي، الجزيرة نت،23 أغسطس 2015.
(27)محاور التمايز: لماذا يختلف "داعش خراسان" عن باقي أفرع التنظيم؟ أحمد كامل البحيري، مركز الأهرام للدراسات السياسية
والاستراتيجية ،31/8/2021.
(28) تنظيم الدولة في خراسان ،مرجع سابق.
(29)داعش خراسان.. التنظيم المعادي لطالبان،الشروق نيوز، 29 أغسطس 2021.
(30)تنظيم الدولة في خراسان ،مرجع سابق.
(31)علاقات ملتبسة:

مستقبل العلاقة بين طالبان وداعش خراسان في أفغانستان،
مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة ، 28 سبتمبر 2021.
(32) بعد تفجير مسجد للشيعة بأفغانستان.. طالبان: داعش يمثّل صداعاً وليس تهديداً،الشروق نيوز،
8 أكتوبر 2021.
(33) تفجير مطار كابل يوجّه أنظار المجتمع الدولي نحو "داعش خراسان"،الأناضول، 29/8/2021.
(34)ولاية خراسان" الداعشية المسؤولة عن تفجيري مطار كابل.. وعلاقتها بطالبان، العربية نت، 25 أغسطس 2021.
(35) داعش والقاعدة وطالبان.. نقاط تشابه وأوجه خلاف، موقع قناة الحرّة،
01 سبتمبر 2021.
(36) معادلة "القاعدة" مقابل "داعش" في أفغانستان:صراع المتطرفين على السلطة تحت حكم "طالبان"،
كول بونزيل، موقع أندبندنت عربية، 25 سبتمبر 2021.
مُترجم من مجلة فورين أفيرز، سبتمبر (أيلول)/ أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
باحث لبناني

Optimized by Optimole