الدور السياسي للأقليات في الشرق الأوسط

الدور السياسي للأقليات في الشرق الأوسط
Spread the love

شجون عربية – مراجعة: سماح دواهدي* |

الكتاب: الدور السياسي للأقليات في الشرق الأوسط
تأليف: د. مصلح خضر الجبوري
الناشر: الأكاديميون للنشر والتوزيع- عمان- الأردن
الطبعة الأولى: 2014، وعدد صفحات الكتاب 247 –

المؤلف هو مصلح خضر الجبوري مواليد عام 1952، حاصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسة من جامعة بغداد ثم حاز على اللقب الثاني في ماجستير العلاقات الدولية أيضًا من جامعة بغداد، ثم درجة الدكتوراه في النظم السياسة من جامعة لاهاي، عمل الدكتور مصلح في السلك الدبلوماسي في سفارات العراق في: باريس- كولومبو- براغ- جاكارتا- أبو ظبي، ثم عين وزيرًا للصناعة بالوكالة عام 2005 ثم مستشارًا في مجلس الوزراء عام 2005-2006، صدر له عدة مؤلفات منها “جذور الاستبداد والربيع العربي”.
لقد هدف المؤلف من تأليف الكتاب، تناول العديد من الباحثين والكتاب موضوع الأقليات ودورها في الاستقرار وعدم الاستقرار داخل الدولة الواحدة، وتم تناول العديد من التعريفات المختلفة لمصطلح الأقليات، والتي لا يوجد لها تعريف محدد ومتفق عليه عالميا حتى الآن، الكاتب الدكتور مصلح خضر الجبوري في كتابه الذي سنتناول عرضه، يتناول قضية الدور السياسي للأقليات وبالأخص منطقة الشرق الأوسط التي تتعدد فيها الأقليات والقوميات.
تناول الكاتب في مقدمة كتابه تواجد الأقليات في أغلب الدول على مستوى العالم، ليس شرطًا أن يكون لها دور يتعارض مع الدولة بل هناك أحيانًا تمارس هذه الأقليات دورها السياسي والاندماج مع مكونات الدولة.
استعرض الكاتب أيضًا الدور التاريخي للأقليات في الوطن العربي، منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية، التي كانت تجمع كل الأديان والطوائف، وما بعد ذلك من ظهور عدم الاستقرار الذي انعكس على الأقليات الموجودة في الوطن العربي وتدخل الاستعمار واستغلال الخلافات و تأجيجها، كذلك ما ينتج عن الصراع بين الأقليات المحلية الذي غالبا ما ينتقل ليشمل أكثر من دولة، خاصة دول الجوار.
وحدد الكاتب الفصل الأول، للأقليات في العالم العربي وحقوق الإنسان، وتناول في البداية المجتمع العربي وإشكالية الديمقراطية، والتركيز على حقوق الإنسان والمعاهدات والاتفاقيات التي ضمنت حقوق البشر بغض النظر عن اللون والجنس والعرق، كما تناول الكاتب أيضًا الأقليات في التشريعات الدولية، والحفاظ على وجود هوية الأقليات والحقوق والواجبات التي يتمتعون بها، كذلك أحوال الأقليات في البلاد العربية خاصة سوريا ولبنان والعراق وأزمة الهوية الوطنية، كما تطرق الكاتب إلى استخدام الأقليات كورقة سياسية وتسييس المنظمات الدولية، كذلك اندماج الأقليات في العالم العربي.
في خلاصة الفصل الأول أوضح الكاتب أن تنظيم العلاقة بين الأفراد والدولة على أسس ديمقراطية يشكل صمام الأمان لحقوق الأقليات وحقوق الإنسان، وفقا للقوانين المنسجمة مع القوانين الدولية القائمة على المساواة بين أفراد المجتمع، كذلك من النقاط المهمة التي أوردها الكاتب، تعزيز الديمقراطية لخلق مجتمع موحد لمواجهة الاستبداد أيا كان مصدره والاستفادة من تجارب الشعوب التي تعيش فيها الأقليات جنبنًا إلى جنب بانسجام، وأن ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كان مقرونا بالديمقراطية ، وأضاف أن المجتمع المفكك لا يمكن أن يتقدم ببروز المشكلات الطائفية والأقليات ويصبح عاجزًا عن مواجهة الأخطار، والمجتمع الموحد أكثر قدرة على مواجهة التحديات سواء خارجية أو داخلية، التي تسعى لإثارتها الامبريالية العالمية في دول العالم الثالث.
أما الفصل الثاني تناول الكاتب الأقليات العرقية والإثنية في تركيا وأفغانستان، وتم الحديث عن اتفاقية لوزان الدولية الموقعة في 24 تموز/يوليو 1923، والتي رسمت فيها حدود الجمهورية التركية بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، وما ينسجم مع معاهدة لوزان التي حددت مفهوم الأقليات في تركيا، وهم اليهود والأرمن والمسيحيون واليونانيون، وسرد الكاتب أيضًا الدور التاريخي والإصلاحات والتدابير خاصة في عهد مصطفى كمال أتاتورك، كما فصل الكاتب المجتمع التركي الذي يتألف من عدة أقليات أهمها:
1- الأكراد: ويقدر تعدادهم حوالي 12.000000 أي خمس السكان، ورفض الدولة التركية إقامة وطن مستقل لهم على الأراضي التركية، بل استخدامها القوة لقمع أحزابها وملاحقتهم، وما تواجهه الحكومة التركية من انتقادات واسعة في المجتمع الدولي.
2- العلويون: وهم نسبة غير قليلة من سكان الجمهورية التركية وتعدادهم حوالي 18.000000- 20.000000، واسرد الكاتب في فصله تفاصيل تاريخية عن كل أقلية، كما تناول أيضًا في فصله الثاني الأقليات في أفغانستان والنسب لهذه الأقليات مثل الطاجيك والشبتون والهزارة والأوزبك، بالإضافة إلى حديثه عن جغرافية أفغانستان وتضاريسها وتاريخها الطويل مع الحروب.
وقد تم تخصيص الفصل الثالث، للحديث عن القوميات الإيرانية، وعن الدولة الإيرانية وتعددية الأعراق فيها، وأصل الشعب الأصلي (الشعب الفارسي)، وأصول هذه المجموعات العرقية والدور التاريخي للإمبراطورية الفارسية، أيضًا الحديث عن الموقع الاستراتيجي لإيران الإقليمي والعالمي ووفرة مواردها الطبيعية، حيث قسمت ووزعت القوميات في إيران إلى:
1- توزيع جغرافي: حيث أنهم يتوزعون على المحافظات بشكل عام.
2- توزيع ديموغرافي: والتي تضم ثلاثة أقوام رئيسية هم الآريون، العرب، الترك.
3- توزيع ديني ومذهبي: موضحًا أن أغلبية الإيرانيون يدينون بالدين الإسلامي ومذهب الأغلبية هو الشيعة.
4- أهم القوميات في إيران: كالقومية الآذارية، الكردية، العربية والبلوشية والدور السياسي لكل قومية للمشاركة في السياسة.
5- الحركات السنية في إيران: وما يعانون من اضطهاد وتهميش وتوزيع الحركات السنية حسب التنوع القومي.
وانصرف الفصل الرابع، للحديث عن الغلو القومي في إيران، يبدأ الكاتب بتناول موضوع الاضطهاد، وأن إيران من البلاد المضطهدة قوميًا، وتاريخ التعصب القومي الإيراني، وظهور المطالبة بدولة قومية، والسياسة الإيرانية في مواجهة نشاط الأقليات، كما تحدث الكاتب عن دور القوميات غير فارسية خارج إيران والسياسية الإيرانية الخارجية في مواجهة تحركات القوميات غير الفارسية.
لقد أضاف لكاتب معلومة هامة في الفصل الرابع حول السياسة الخارجية الإيرانية التي تعتمد في حل قضاياها على مجموعة من المراكز البحثية والاستراتيجية والمشورة ومجالس الخبراء في شتى المجالات، مما يعطي القرارات قوة تجعلها تتعامل بمنهجية، ومن هنا طرح الكاتب سؤالًا هامًا وهو: هل بإمكان الولايات المتحدة وأوروبا التأثير على النظام الإيراني بالاعتماد على الأقليات غير الفارسية؟
والذي أجاب عليه من خلال تناول موضوع اهتمام الولايات المتحدة وأوروبا بالمصالح في إيران، بالأهمية الجغرافية والاقتصادية ومما تمتلكه إيران من موارد تجعلها دولة لها أهمية ومؤثرة في المنطقة، وكيفية الوصول للأقليات الموجودة في إيران لزعزعة الاستقرار الداخلي.
وتحدث المؤلف في الخاتمة عن قدرة إيران باستغلال المتغيرات لصالحها والتركيز على القوميات الإيرانية المختلفة وكيفية تقسيم الهوية القومية الإيرانية، كما احتوت الخاتمة على الاستنتاج التالي: السعي لتحقيق الهوية القومية للقوميات في بلدان العالم وأن السبب وراء عدم تحقيق النتيجة هي مركزية السلطة، كذلك إيران والنظرة إلى القوميات غير الفارسية ودور الفاعل للقوميات من خلال صناديق الاقتراع، وما تسعى إليه أمريكا من إيصال إيران إلى الانهيار.
أما التوصيات التي توصل إليها المؤلف في كتابه والتي تجسدت في ضرورة تحقيق شروط أساسية قبل الاهتمام بتدعيم الارتباط بين القوميين وهي: العدالة والمساواة بين القوميات، والاحترام المتبادل لحقوق القوميات (ديني، ثقافي، لغوي)، وقبول الآخر والاندماج بين القوميات.
تقييم الكتاب:
1- احتوى الكتاب على معلومات مفيدة وهامة عن توزيع الأقليات في الشرق الأوسط، وعما تواجهه من اضطهاد وعدالة، أيضًا ما لهذه الأقليات من تأثير داخلي وخارجي على استقرار الدولة.
2-اعتمد الكاتب على عدد كبير من المراجع والمصادر العربية والأجنبية، وما لذلك من تأثير إيجابي على محتوى الكتاب.
3- إلى حد ما عنوان الكتاب لا يتناسب مع أغلب صفحات المحتوى، كون الكاتب ركز بالحديث عن إيران والأقليات وتطرق بشكل بسيط إلى باقي الدول المجاورة كتركيا وأفغانستان
4- لقد خلت بعد فصول الكتاب من خاتمة للفصل، والبعض الآخر تم كتابة له خاتمة.
*باحثة في دراسات الشرق الأوسط الجامعة العربية الأميركية، فلسطين.