لماذا يخشى النواب الديمقراطيون فرض ضرائب على 660 مليارديراً؟

لماذا يخشى النواب الديمقراطيون فرض ضرائب على 660 مليارديراً؟
Spread the love

كتب وزير العمل الأميركي السابق روبرت رايش مقالة في صحيفة الغارديان البريطانية تناول فيها مسألة ضرورة فرض ضرائب على أصحاب المليارات في الولايات المتحدة.

وقال إن الأعضاء الديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي أصدروا هذا الأسبوع الزيادات الضريبية المقترحة لتمويل خطة السياسة الاجتماعية للرئيس جو بايدن بقيمة 3.5 تريليون دولار. وأشار إلى أنها كانت أكبر مفاجأة أنهم لم يلاحقوا التراكمات الهائلة للثروة في القمة التي تمثّل الحصة الأكبر من الاقتصاد منذ أكثر من قرن.

وأضاف: ربما اعتقد الكثيرون أن الديمقراطيين سيكونون متحمسين لفرض ضرائب على 660 مليارديراً في أميركا زادت ثرواتهم بمقدار 1.8 تريليون دولار منذ بداية الوباء، وهو مبلغ يمكن أن يموّل نصف خطة بايدن لكنه مع ذلك يترك هؤلاء المليارديرات بنفس حجم ثرواتهم، كما كانوا قبل بدء الوباء.

على سبيل المثال، يمكن أن تغطي مكاسب الملياردير إيلون ماسك البالغة 138 مليار دولار من الوباء تكلفة التعليم لـ5.5 مليون طالب جامعي، وإطعام 29 مليون طفل من ذوي الدخل المنخفض في المدارس العامة، بينما يبقى ماسك أغنى بنحو 4 مليارات دولار مما كان عليه قبل تفشي فيروس “كوفيد”.

لكن كبار الديمقراطيين في مجلس النواب قرروا زيادة الإيرادات بالطريقة التقليدية، بفرض ضرائب على الدخل السنوي بدلاً من فرضها على الثروة العملاقة. إنهم يهدفون إلى رفع أعلى معدل للضريبة على الدخل وتطبيق ضريبة إضافية بنسبة 3 في المائة على الدخل الذي يزيد عن خمسة ملايين دولار.

وأوضح الوزير السابق أن السر الصغير القذر هو أن هؤلاء الأثرياء لا يعيشون على رواتبهم. ويعطي مثالاً راتب الملياردير جيف بيزوس صاحب شركة أمازون حيث كان راتبه في الشركة 81،840 دولاراً العام الماضي، ومع ذلك فهو يكسب حوالى 149353 دولاراً كل دقيقة من القيمة المرتفعة لأسهمه في أمازون، وهي الطريقة التي يؤمن بها خمسة قصور، بما في ذلك قصر في العاصمة واشنطن يضم 25 حماماً.

وأضاف أن النواب الديمقراطيون في مجلس النواب لن يقوموا حتى بإغلاق ثغرة تسمح لورثة فاحشي الثراء بتقييم أسهمهم وسنداتهم وقصورهم وأصولهم الأخرى بأسعار السوق الحالية، بحيث يتجنبون دفع ضرائب أرباح رأس المال على الزيادة الكاملة في القيمة منذ وقت شرائها. وتسمح هذه الثغرة للأسر الحاكمة بتحويل كميات أكبر من الثروة إلى الأجيال اللاحقة من دون فرض ضرائب عليها.

لقد أراد بايدن سد هذه الثغرة لكن الديمقراطيين في مجلس النواب رفضوا ذلك.

وقال الكاتب: ربما يفترض القارئ أن الديمقراطيين سيستهدفون أيضاً أكبر الشركات الأميركية، وهي غارقة في السيولة ولكنها تدفع ضرائب زهيدة. لم يدفع 39 من أصل 500 كبرى الشركات الأميركية أي ضريبة دخل اتحادية على الإطلاق من عام 2018 إلى عام 2020 بينما أبلغوا المساهمين في الشركات عن تحقيق أرباح مجمعة بقيمة 122 مليار دولار.

لكن اللافت للنظر أن الديمقراطيين في مجلس النواب قرروا تحديد معدلات ضرائب الشركات من دون المستوى الذي كانت عليه عندما كان الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض. حتى أن الديمقراطيين قاموا بإعفاءات ضريبية خاصة لشركات النفط والغاز.

وتساءل الكاتب عن سبب حرص النواب الديمقراطيين على محاباة فاحشي الثراء قائلاً إن الأمر ليس أن الديمقراطيين يفتقرون إلى القوة. إنهم في واحدة من تلك الثلاثيات النادرة عندما يتولون الرئاسة والأغلبية، وإن كانت صغيرة، في مجلسي النواب والشيوخ. وأشار إلى أن الديمقراطيين يحتاجون إلى الإيرادات لتمويل خطتهم الطموحة للاستثمار في رعاية الأطفال والتعليم والإجازة الأسرية مدفوعة الأجر والرعاية الصحية والمناخ.

وتساءل الكاتب: إذن ما الذي يمنعهم من ذلك؟

وأجاب قائلاً: ببساطة، الديموقراطيون يترددون في فرض ضرائب على الثروات القياسية للأثرياء والشركات الكبيرة لأن العديد من هؤلاء النوب الديمقراطيين يعتمدون على هذه الثروة لتمويل حملاتهم الانتخابية. كما أنهم يخشون أن يصبحوا أهدافًا لحملات إعلانية جيدة التمويل تتهمهم بالتصويت لفرض ضرائب “تقضي على الوظائف”.

باع الجمهوريون أرواحهم للمصالح الثرية منذ فترة طويلة، لكن جبن أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين يُظهر كيف تتحدث الأموال الضخمة بصوت عالٍ هذه الأيام حتى في حزب فرانكلين روزفلت.

وكشف الكاتب أنه خلال النصف الأول من عام 2021، أنفقت مجموعات الأعمال والشركات نحو 1.5 مليار دولار على ممارسة الضغط على السلطات، مقارنة بنحو 22 مليون دولار أنفقتها النقابات العمالية و81 مليون دولار من قبل مجموعات المصلحة العامة، بحسب موقع OpenSecrets.org.

ورأى الوزير الأميركي السابق أن الجدل الذي يلوح في الأفق حول الضرائب هو في الحقيقة نقاش حول توزيع الثروة والسلطة، وهو نقاش سوف يترك تأثيره أكثر من أي وقت مضى على السياسة الأميركية. وخلف ذلك سيكون هذا السؤال البسيط والمهم: من هو الحزب الذي يمثل العامل العادي وأي حزب يمثل الأثرياء؟ هل هم الديمقراطيون، تأملوا في ذلك.

*روبرت رايش وزير العمل الأميركي السابق، وأستاذ السياسة العامة في جامعة كاليفورنيا في بيركلي ومؤلف كتاب “إنقاذ الرأسمالية”.

نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم- عن الميادين نت

Optimized by Optimole