“N12”: لبنان ليس دولة حزب الله

“N12”: لبنان ليس دولة حزب الله
Spread the love

 

بقلم: أورنا مزراحي – باحثة في معهد دراسات الأمن القومي

اقتراح وزير الدفاع غانتس تقديم مساعدة إنسانية للشعب اللبناني بواسطة اليونيفيل لم يحظَ كما هو متوقع باستجابة من الجانب اللبناني، لكنه أثار نقاشاً وسط الجمهور الإسرائيلي. في إسرائيل هناك مَن يؤيد ذلك لِما له من أهمية إنسانية في التقليد اليهودي، بينما يعارضه آخرون بشدة بحجة أنه يجب عدم مساعدة الأعداء، أو بذريعة أن حزب الله ولبنان هما أمر واحد، وأي مساعدة للدولة اللبنانية ستقوّي في نهاية الأمر حزب الله.

أنا أنتمي إلى المعسكر الأول الذي يجد أهمية للبادرات الإنسانية، ليس فقط بسبب القيمة الأخلاقية التي تنطوي عليها المساعدة الإنسانية للسكان الجائعين واليائسين في لبنان، وذلك على الرغم من الأهمية المحدودة لهذه البادرة. ما هو أكثر أهمية اليوم في مواجهة انهيار لبنان هو إعادة تحديث السياسة الإسرائيلية تجاهه. إسرائيل بحاجة إلى نظرة أوسع حيال مستقبل لبنان وفحص عميق لتأثير تداعيات انهيار الدولة اللبنانية في مصالح إسرائيل إزاء لبنان والمنطقة.

في هذا الإطار يتعين على إسرائيل التوقف عن النظر إلى ما يحدث في لبنان من المنظور الضيق للتهديد الأمني من جانب حزب الله، وعليها فحص كيفية تقوية الأطراف الإيجابية الموالية للغرب في لبنان. صحيح أن حزب الله هو اليوم الطرف الأقوى في لبنان، عسكرياً وسياسياً، لكن ليس كل اللبنانيين من أنصاره، والأزمة القاسية التي تعانيها الدولة تسببت بصعود موجة الانتقادات للحزب: أفعاله داخل لبنان، ودوره في منع حل الأزمة السياسية وتدهور الاقتصاد اللبناني.

ادعاء أطراف في إسرائيل أن لبنان هو فعلاً دولة حزب الله يمكن أن يتحول إلى نبوءة قد تتحقق، وخصوصاً إذا قرر الحزب في الظروف الصعبة التي يمر بها السيطرة على لبنان بصورة مطلقة (الأمر الذي امتنع من تنفيذه حتى الآن) وتحقيق رؤيا نصر الله بتحويل لبنان إلى دولة تابعة لإيران، وإلى جزء لا يتجزأ من المحور الشيعي الذي يحيط بإسرائيل.

منذ بداية الأزمة الاقتصادية – السياسية المستمرة في لبنان ادّعى نصر الله أن على الاقتصاد اللبناني الانفصال عن الغرب، وعلى لبنان التوجه شرقاً، وتطوير علاقاته مع إيران والعراق وسورية. اقتراحه الأخير تزويد إيران لبنان بالنفط يدخل ضمن هذه الاستراتيجيا. في لبنان هناك تحفّظ عن الحصول على نفط إيراني، لكن إيران أرسلت ناقلاتها المحملة بالنفط إلى شواطىء سورية، وبإدارة حزب الله تصبح الطريق قصيرة إلى لبنان.

كتبت في هذا الموضوع الباحثة اللبنانية حنين غدار في معهد واشنطن أن المشكلة في لبنان ليست أزمة اقتصادية، بل “الاحتلال الإيراني”. يبدو أن هذا يعبّر عن كابوس العديد من اللبنانيين، ويجب أن يشكل أيضاً جرس إنذار لإسرائيل والمجتمع الدولي، ودعوة إلى التجند لمساعدة لبنان لمنع سيطرة حزب الله وإيران سيطرة كاملة عليه. وفي السيناريو الأسوأ تحوُّل الدولة التي تقع على حدودنا الشمالية إلى دولة شيعية إسلامية أُخرى على غرار طهران.

صحيح أن لإسرائيل تجربة أكبر من الغرب في التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للدول المجاورة لنا، وخصوصاً لبنان، ويجب الامتناع من ذلك. كما أن قدرتها على المساعدة المباشرة محدودة، وربما مستحيلة: لكن لبنان بحاجة إلى مساعدة بمليارات الدولارات، وفي جميع الأحوال هو غير مستعد للحصول على مساعدة من إسرائيل.

على الرغم من ذلك، فإنه يتعين على إسرائيل بلورة سياسة من شأنها أن تدعم موقتاً مصلحتين مركزيتين لا تتعارضان مع بعضهما البعض: المصلحة الأمنية في مواجهة تهديد حزب الله إلى جانب المصلحة في وجود دولة مجاورة مستقرة وموالية للغرب على حدودنا الشمالية. ولدى إسرائيل هامش واسع للعمل من أجل الدفع قدماً بهاتين المصلحتين إذا اختارت ذلك.

في جميع الأحوال من الأفضل هذه المرة ألا نتبنى نهج “اجلس ولا تفعل شيئاً” الذي طبع السياسة الإسرائيلية خلال الحرب الأهلية في سورية، إذ اكتفت إسرائيل بتقديم مساعدة محدودة ضمن إطار مشروع “الجوار الطيب”. ضمن هذا الإطار في إمكان إسرائيل مثلاً تحفيز شركائها الغربيين، في الأساس الولايات المتحدة وفرنسا اللتان لهما علاقة بمساعي مساعدة لبنان، وأصدقائها الجدد في الخليج، من أجل العمل على تقديم مساعدة فورية للشعب اللبناني. هذا في مقابل المسعى الإسرائيلي الدائم لإضعاف حزب الله، سواء في عملياته العسكرية أو في عمله السياسي.

N12 :المصدر

Optimized by Optimole