استمرار الاحتجاجات في أنحاء لبنان لليوم الثاني

استمرار الاحتجاجات في أنحاء لبنان لليوم الثاني
Spread the love

(رويترز) – أغلق عشرات الآلاف من المحتجين في أنحاء لبنان الطرق وأشعلوا النار في إطارات يوم الجمعة في ثاني يوم من الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النخبة السياسية التي يقولون إنها خربت الاقتصاد وأوصلته إلى نقطة الانهيار.
ويشارك في أكبر احتجاجات يشهدها لبنان منذ أعوام عامة الشعب من مختلف الطوائف والدوائر. ورفع المحتجون لافتات وهتفوا بشعارات تطالب حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري بالاستقالة.

وبحلول العصر خرجت جموع من المحتجين في القرى والبلدات في جنوب وشمال وشرق لبنان وكذلك العاصمة بيروت ووجهوا انتقادات لجميع الزعماء السياسيين مسلمين ومسيحيين دون استثناء.
ووصل المتظاهرون إلى مشارف القصر الرئاسي في ضواحي بعبدا. وفي أنحاء البلاد هتف المحتجون ضد كبار قادة البلاد ومنهم عون والحريري ورئيس البرلمان نبيه بري وطالبوا باستقالتهم.

وفي خطوة غير مسبوقة هاجم محتجون شيعة مقرات نوابهم من جماعة حزب الله وحركة أمل في جنوب لبنان.

وقال فادي عيسي (51 عاما) الذي كان يشارك في الاحتجاج مع ابنه ”نزلنا على الشارع ما بقى فينا نتحمل في ظل السلطة الفاسدة، أولادنا ما عندهم مستقبل. الوضع كثير صعب. هذا النظام كله فاسد. كلهم حرامية ما حدا بيشتغل لمصلحة البلد يأتون ليملأوا جيوبهم. هم أصحاب صفقات وسمسرات“.

وأضاف ”ما بدنا استقالة فقط بدنا محاسبة وبدهم يرجعوا المصاري يللي سرقوها ولازم يصير تغيير والشعب هو الذي يستطيع أن يغير““.
تأتي الاحتجاجات في وقت يحذر فيه خبراء اقتصاد ومستثمرون ووكالات تصنيف ائتماني من أن الاقتصاد اللبناني المثقل بالدين والنظام المالي المتخم بالفساد على شفا الانهيار أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب التي اجتاحت البلاد في الثمانينيات.

وضغط حلفاء أجانب على الحريري لإجراء إصلاحات تعهد بها منذ وقت طويل، لكنها لم تتم أبدا بسبب مصالح شخصية، بدءا بإصلاح بعض الأصول الحكومية.
* إسقاط النظام

اندلعت أحدث موجة توتر في لبنان بفعل تراكم الغضب بسبب معدل التضخم واقتراحات فرض ضريبة جديدة وارتفاع تكلفة المعيشة.

وتجمع المحتجون أمام مقر الحكومة في وسط بيروت مساء الخميس مما أجبر مجلس الوزراء على التراجع عن خطط فرض رسوم جديدة على المكالمات الصوتية عبر تطبيق واتساب.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على بعض المحتجين بينما وقعت اشتباكات بين قوات الأمن ومحتجين خلال الليل.

وأغلق المحتجون الطرق في الشمال والجنوب والعاصمة يوم الجمعة بينما أغلقت المدارس والشركات أبوابها. وهتف المحتجون بالقرب من مقر الحكومة في بيروت ”الشعب يريد إسقاط النظام“.

ودفع التوتر رئيس الوزراء سعد الحريري لإلغاء اجتماع الحكومة الذي كان مقررا اليوم الجمعة لمناقشة مسودة ميزانية السنة المالية 2020. ومن المتوقع أن يلقي خطابا بدلا من ذلك.

وكُتب على إحدى اللافتات ”نطالب بوقف رواتب جميع أعضاء البرلمان ورئيس الوزراء والوزراء، يسقط اللصوص“.
رجل يقود دراجة نارية يمر بجوار إطارات مشتعلة خلال الاحتجاجات ضد الحكومة في لبنان يوم الجمعة. تصوير: عزيز طاهر – رويترز

وتصاعد الدخان من الحرائق التي كانت مشتعلة في شوارع وسط بيروت صباح الجمعة. وتناثرت قطع من الزجاج على الأرصفة بعد تهشم واجهات عدة متاجر ومُزقت اللوحات الإعلانية.

وقالت طبيبة أسنان تدعى فاطمة ”اتظاهر ليشيلوا من جيوبهم يللي عم يسرقوه ويضعوه على الطاولة تحت تصرف الناس، لوما منهم ما في مشكلة اقتصادية المشكلة بالفساد السياسي، كلهم مشاركين بالفساد دون استثناء. بكل البلاد الدولة تساعد الشعب ولكن عندنا الدولة بتاخذ فلوس من الناس“.

وفي بلد تحكمه حسابات طائفية منذ أمد بعيد يلقي النطاق الجغرافي الواسع على نحو غير مألوف للاحتجاجات الضوء على تفاقم الغضب بين اللبنانيين. وفشلت الحكومة التي تضم كافة الأحزاب اللبنانية تقريبا في تطبيق إصلاحات ضرورية لحل الأزمة.
* تباطؤ تدفقات رأس المال

وطالب الزعيمان السياسيان سمير جعجع ووليد جنبلاط، الذين يشغل أعضاء من حزبيهما بعض المناصب الوزارية في حكومة الوحدة، باستقالة الحكومة.

وفي محاولة لجمع إيرادات أعلن وزير بالحكومة يوم الخميس عن خطط لفرض رسوم جديدة قيمتها 20 سنتا يوميا على المكالمات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت الذي تستخدمه تطبيقات مثل واتساب المملوك لفيسبوك.

لكن مع انتشار الاحتجاجات ظهر وزير الاتصالات اللبناني محمد شقير في وسائل إعلام مساء الخميس وقال إن الحكومة سحبت الرسوم المقترحة.

ويعاني لبنان، الذي شهد حربا بين عامي 1975 و1990، من أحد أعلى معدلات الدين العام في العالم بالنسبة لحجم الاقتصاد. وتضرر النمو الاقتصادي بسبب النزاعات وعدم الاستقرار في المنطقة. وبلغ معدل البطالة بين الشباب أقل من 35 عاما 37 بالمئة.

وتبين منذ أمد طويل أن الخطوات المطلوبة لإصلاح المالية العامة عصية على التنفيذ. واستغل ساسة من مختلف الطوائف، معظمهم من المحاربين القدامى الذين شاركوا في الحرب الأهلية، موارد الدولة لمصالحهم السياسية الشخصية ويمانعون في التنازل عن مكتسباتهم.

وتفاقمت الأزمة بسبب تباطؤ تدفقات رأس المال إلى لبنان الذي يعتمد منذ أمد بعيد على التحويلات المالية التي يرسلها المغتربون لتلبية الاحتياجات المالية التي تشمل عجز الموازنة الحكومية.

وبدا أثر الأزمة واضحا في الآونة الأخيرة في الاقتصاد الفعلي حيث عجز المستوردون عن توفير دولارات بسعر الصرف المحدد.