‘ورقة نتنياهو الاخيرة”

‘ورقة نتنياهو الاخيرة”
Spread the love

بقلم: د. هاني العقاد/
مع فقدان نتنياهو العديد من الاوراق الهامة في اللعبة الانتخابية وظهور تهديد حقيقي لمستقبله السياسي وإنهاء مدة حياته السياسية بدا مرتبكاً وعصبياً بعد رد حزب الله الذي جاء على أثر محاولته العربدة في لبنان وسوريا والعراق هذا الرد الذي كشف الله مدى ضعف نتنياهو وسياسته تجاه قضية تغير قواعد الاشتباك مع حزب الله والاستفادة من ذلك انتخابيا, وحتى بعدما ضرب محيط القرى اللبنانية بالجنوب بالفوسفور الحارق محاولا حسم حالة الردع لصالحه تبرزه انتخابيا إلا ان الامور لم تأتي كما أراد نتنياهو وبدا عاجزا امام قوة رد حزب الله ونوعية وطبيعة الرد وبالتالي سارع نتنياهو لإغلاق جبهة الشمال خوفا من الخسارة.
مع هذه الاجواء تشتد وطأة المعركة الإنتخابية الإسرائيلية يوم بعد آخر كلما اقتربنا من السابع عشر من سبتمبر اليوم المحدد لإجراء الإنتخابات الاسرائيلية لأن نتنياهو اليوم يواجه كومة من الخصوم السياسيين حتى من أبناء جلدته اليمين المتطرف.
لم يتمكن نتنياهو حتي اللحظة تحقيق ما يريده المستوطن الاسرائيلي فيما يتعلق بالجبهتين الشمالية والجنوبية في قطاع غزة، حزب الله قد لا يكتفي بالرد الاخير وبقاء الملف مفتوحاً, التفاهمات التي أبرمها مع المقاومة الفلسطينية تفاهمات هشة لا توفر الأمن والاستقرار في الجنوب طويلا وهذا ما يعرفه المستوطنين بالجنوب والذين قد يحجبوا عن نتنياهو المزيد من الأصوات .

الورقة الاخيرة بيد نتنياهو بعد ذلك هي وعد الإسرائيليين بضم مستوطنات الضفة الغربية وعدم تفكيك أي منها تحت أي ظرف كان وفي أي اطار اواتفاق سلام قادم مع الفلسطينين وقال خلال تدشينه مدرسة في مستوطنة ” الكانا” بالضفة أنه سيمد السيادة اليهودية على جميع المستوطنات كجزء من أرض اسرائيل, لكن نتنياهو لم يحدد اطاراًص زمنياًً لتنفيذ هذا الوعد وقال إنه لن يجري اقتلاع اي مستوطن من الضفة الغربية وإخلاء المستوطنات الذي حدث في قطاع غزة عام 2005 لن يتكرر وأكد أنه أبلغ الرئيس الأمريكي ترامب بهذا ضمن أي خطة سلام تطرحها الادارة الأمريكية على اسرائيل وهذا ما يفسر الاتجاه الامريكي الذي يدعم ضم اسرائيل مستوطنات الضفة للسيادة الاسرائيلية . كان نتنياهو قد اطلق هذا الوعد قبل انتخابات الكنيست 21 التي فشل على أثر نتائجها في تشكيل حكومة يمينية خالصة.
واليوم يجدد هذا الوعد الذي يعرف أنه وعد الورقة الاخيرة التي يستطيع بها ان يضمن أصوات المستوطنين وجمهور اليمين في اسرائيل ويواجه تهديدات “ابيض ازرق” حزب الجنرالات الذي يهدد مسقبله السياسي، اذا ما صدقت نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة التي أفادت بتقدم حزب الجنرالات وتراجع الليكود إلى أقل مستوى معهود وأفادت الاستطلاعات ان مجمل الاصوات اليمينية التي تتحالف مع الليكود لن تزيد عن 55 مقعداً وبالتالي قد يفشل نتنياهو من جديد ولن يتمكن من تشكيل حكومة اسرائيلية على اساس تلك النتائج .

ضم كل من مناطق (ج) بالضفة الغربية وفرض السيادة اليهودية على أكثر من 242 مستوطنة اسرائيلية يعيش فيها 650 الف مستوطن ورقة نتنياهو الضعيفة ليفوز بالانتخابات، وللأسف هو يعتقد أنها أقوى الاوراق لذلك استخدمها من جديد بذات الوعد القديم .
لهذا سيستمر نتنياهو في جولات انتخابية بالمستوطنات هذه الفترة وخاصة الخليل لأن مستوطنو الخليل طالبوه أكثر من مرة بالسماح لهم بالاستيطان على أراضي سوق الجملة في المدينة وقد يشارك نتنياهو المستوطنين في الخليل باقتحام الحرم الابراهيمي في سياق حملته الانتخابية لإظهار نفسه أنه رجل اليمين الأول الذي لا يتنازل عن المخططات الصهيونية في مدينة الخليل وأنه الداعم الأول للاستيطان فيها وأنه ينوي زيارة العديد من المناطق في منطقة الخليل للالتقاء بالمستوطنين وقادتهم للتأكيد لهم ان حكومة برئاسته فقط هي التي تدعم الاستيطان في الخليل.
هذا ما يدل أن نتنياهو يستخدم ورقة ضعيفة في الانتخابات هو إجماع معظم الأحزاب السياسية اليمينية على ذات الورقة في فرض السيادة الاسرائيلية على مستوطنات الضفة، وخاصة “اتحاد أحزاب اليمين” في اسرائيل بزعامة ايليت شاكيد، التي رفعت سقف دعايته الانتخابية بالتركيز على عنصر الاستيطان في الحملات الدعائية للأحزاب في اسرائيل وحل مشكلات المستوطنين وتخفيض اسعار الشقق في المستوطنات بالاضافة إلى فرض السيادة الاسرائيلية عليها.

ورقة ليست قوية يلعب بها نتنياهو وهي ورقة ضم مستوطنات الضفة الغربية خاصة بعد سلسلة العمليات الاخيرة التي تلقاها المستوطنين في الضفة الغربية، والتي كان آخرها تفجير العبوة الناسفة قرب مستوطنة ” دوليف “غرب رام الله والتي أدت لمقتل مستوطنة وإصابة اثنين آخرين، يدرك المستوطنين أنها ورقة انتخابية في الوقت الضائع لأنه فشل في توفير الأمن والاستقرار للمستوطنين، فكيف اذا أعلن فرض السيادة اليهودية علي تلك المستوطنات دون قدرة على فرض الأمن والاستقرار.
الجميع يعرف أن نتنياهو يلعب بالنار إذا ما أقدم على تنفيذ هذا الوعد، حتى لو احتل الضفة الغربية بالكامل وقام بإعادة نشر جيش الاحتلال لضمان أمن المستوطنات الغير قانونية، وبالتالي فإن نار جهنم ستفتح على نتنياهو اذا ما نفذ هذا الوعد حتى لو فاز في الانتخابات وشكل حكومة جديدة، وهذا بات مستحيلاً في ظل تناقص أصواته الانتخابية. الجمهور الاسرائيلي بات يدرك اليوم أنه أمام رجل فاشل بكل معنى الكلمة صاحب وعود كاذبة وصاحب حقن الأنسولين عديمة الفائدة.
ولعل اخطر تحدي يواجه نتنياهو اليوم أنه بات يكرر برنامجه الانتخابي أمام ناخبيه الذين باتوا يرغيون في التغيير، والذهاب لـ غانتس والجنرالات الذين لم يوعدوا بشيء حتى الآن لكنهم بالهدوء والواقعية يقنعوا الناخبين أكثر من الليكود الذي جربوه طويلاً.