هل لا يزال الإسلام يقود الحياة؟

هل لا يزال الإسلام يقود الحياة؟
Spread the love

بقلم قاسم قصير —

“الإسلام يقود الحياة”، عنوان المؤتمر الحادي عشر لمنتدى الوحدة الإسلامية في العاصمة البريطانية ما بين 20 و22 تموز/ يوليو الحالي. ويشارك في هذا المؤتمر عدد من القيادات والشخصيات الإسلامية المتنوعة سياسياً ومناطقياً وفكرياً. وأهمية هذه المؤتمرات أنها تشكل فرصة للحوار والنقاش حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمسلمين، سواء في أوروبا أو في البلاد العربية والإسلامية.
لكن كان من الملفت هذا العام؛ العنوان الذي اختاره منتدى الوحدة لمؤتمره وهو: “الإسلام يقود الحياة”، وهذه العبارة مستقاة من سلسلة فكرية بدأ بكتابتها ونشرها المفكر الإسلامي المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر في أواخر السبعينات من القرن الماضي. وضمت السلسلة العناوين التالية:

1- لمحة تمهيدية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلامية.
2- صورة عن اقتصاد المجتمع الإسلامي.
3- خطوط تفصيلية عن اقتصاد المجتمع الإسلامي.
4- خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء.
5- منابع القدرة في الدولة الإسلامية.
6- الأسس العامة للبنك في المجتمع الإسلامي.

وتحتوي هذه السلسة على جواب الرسالة التي وجهتها جماعة من علماء المسلمين في لبنان إلى السيد محمد باقر الصدر؛ يستوضحون فيها فقهياً عن مشروع دستور الجمهورية الإسلامية في إيران والذي طرحه الإمام السيد الخميني، مؤسس هذه الجمهورية.
وطبعا لسنا هنا في إطار مناقشة ما طرحه السيد محمد باقر الصدر في هذه السلسلة، أو مناقشة تجربة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد 39 سنة على قيامها.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه عشية انعقاد مؤتمر الوحدة الإسلامية في لندن: هل لا يزال الإسلام يقود الحياة في وقتنا الراهن؟
وقد يعتبر البعض أن طرح هذا السؤال عمل استفزازي أو تشكيكي بقدرة الإسلام على قيادة الحياة أو ما تضمنه من حلول لمشاكل الإنسان والمجتمع والعالم، مع أن كل المسلمين مؤمنون بصلاحية الإسلام حتى نهاية العالم، وبأن الدين الإسلامي يقدم إجابات شافية لكل الأسئلة والإشكالات قديمها وحديثها.

لكن المشكلة التي نعاني منها اليوم، وأظن أن الإسلام والمسلمين يعانونها أيضا تتلخص بالسؤال: أي إسلام يقود الحياة؟ وعن أي إسلام نتحدث؟ وهل فهمنا للإسلام اليوم هو نفسه فهم النبي (ص) والأئمة والخلفاء والعلماء والمفكرين والمجتهدين؟ أم أننا أصبحنا أمام إسلام يواجه تحديات العنف والتطرف والعودة إلى الماضي والغرق في هموم القرون الماضية؟
من يراقب التجارب الإسلامية في الحياة خلال العقود الأربعة الأخيرة، سواء على مستوى الشركات أو الجمعيات أو الأحزاب أو الدول، في المعارضة أو في السلطة، أو من خلال تقديم الخدمات الرعائية والاجتماعية للناس، أو عبر قيادة العمل السياسي والنقابي والاجتماعي.. يكتشف المراقب لهذه التجارب أنه ليس بالضرورة أن كل من يرتبط اسمه بالإسلام يحقق النجاح، فهناك حركات ودول نُسبت للإسلام لكنها فشلت، وهناك حركات وأحزاب إسلامية أساءت للإسلام، وهناك جمعيات ومؤسسات إسلامية واجهت المشاكل والصعوبات.
وفي المقابل، هناك تجارب وحركات ودول وأحزاب وجمعيات إسلامية حققت نجاحات مهمة بعد أن امتلكت القدرة على فهم الواقع، وتقديم الحلول العملية للمشكلات أو الحصول على معطيات وتقنيات حديثة.
وفي الخلاصة، المشكلة ليست بالنص الإسلامي العام، وليست بشعار إذا كان الإسلام يقود الحياة أو لا يقودها، بل المشكلة الأهم: كيف نعكس هذا الشعار على أرض الواقع، وكيف نطبق فهمنا الصحيح للإسلام، وكيف يمكن أن نستفيد من تطور العلوم والأفكار والمتغيرات الحديثة في الفهم الصحيح للإسلام.
وفي الختام، فإن شعار: “الإسلام يقود الحياة” يحتاج اليوم للكثير من المراجعة والنقد وإعادة الفهم الصحيح، كي يكون الجواب إيجابياً، وإلا فإن سوء استخدام هذا الشعار على أرض الواقع لن يؤدي إلى رفض هذا الشعار والإساءة إليه فقط، بل سيساهم في إثارة الكثير من الإشكالات على الدين الإسلامي وصلاحيته، كما حصل بسبب انتشار التنظيمات العنفية والمتطرفة، كداعش وباكو حرام وغيرهم.

المصدر: عربي21