إيهود باراك: هذه هي نتائج الفرار من لبنان

Spread the love

بقلم: مئير إندور – مقدم (في الاحتياط) ومؤسس منظمة “ألمغور” وهي منظمة متشددة هدفها منع إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، ومساعدة المصابين بعمليات فلسطينية —

•بمناسبة مرور 18 عاماً على الانسحاب من الجنوب اللبناني، قال رئيس الحكومة آنذاك، إيهود باراك، في مقابلة أُجريت معه: “في ذلك الوقت والآن أيضاً أنا فخور جداً بقرار إخراج الجيش الإسرائيلي من لبنان…. لقد حدث هذا بعد كثير من التحفظات داخل المؤسستين السياسية والأمنية. في النهاية نجح الانسحاب”. هل فعلاً نجح الانسحاب من لبنان؟

•قال باراك إنه نجح في “بتر ما دفع كثير من المقاتلين حياتهم ثمناً له”. إن تجاهل شهداء حرب لبنان نتيجة الانسحاب هو عدم نزاهة ووقاحة. هذا هو الميزان الدموي: 165 قتيلاً من المدنيين والجنود و2628 جريحاً.

•13 مليار شيكل هو ثمن الحرب التي قُصفت خلالها من دون توقف الجبهة الداخلية من الشمال حتى تل أبيب، من “المحميات الطبيعية” إلى القرى والبلدات، من وراء الحدود، ومن مخابىء وأنفاق حزب الله، التي جرى إعدادها بدأب خلال السنوات الخمس التي أعقبت الانسحاب وحتى نشوب الحرب. [حرب تموز/يوليو 2006].

•هل نجح الانسحاب؟ عندما رأى عرفات فرار الجيش الإسرائيلي بقيادة باراك، شنّ هجوماً إرهابياً لطرد الجيش الإسرائيلي من يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. ولماذا عليه أن يتخلف عن نصر الله، وهو الإرهابي الأقدم. أكثر من ألف قتيل وآلاف الجرحى دفعها الشعب المقيم في صهيون، بسبب الانسحاب تحت نيران العدو، الذي تحول إلى سياسة لدى الزعامة التي تُعتبر أمنية. وبالنسبة إلى أريئيل شارون، الرغبة في عدم الاحتكاك مع العدو دفعته إلى تراجع مشابه في القطاع، وهو ما أدى إلى نشوء دولة “حماس” في الجنوب.

•كيف حدث هذا التقصير الذي نأكل ثماره المرّة حتى الآن؟ لقد كان باراك على حق في حديثه عن “التحفظات” على خطة الانسحاب. في مواجهة باراك، الذي تحالف مع حركة الأمهات الأربع [حركة احتجاج شعبي مؤلفة من الأمهات اللواتي فقدن أولادهن في القتال في لبنان] ومع وسائل الإعلام، وقفت جميع المستويات المهنية المنخرطة في الساحة اللبنانية. من مئير داغان الرئيس السابق لوحدة الاتصال في لبنان، وحتى العميد آفي إيتام قائد الفرقة 98 الشمالية. وفي الاستخبارات وقف ضد الانسحاب أوري لوبراني، الشاباك، و504 [وحدة المستعربين]، والموساد. لقد تخوّف هؤلاء من أن شركاءهم في جيش لبنان الجنوبي، الذي أقامته إسرائيل وحوّلته إلى جيش محترف، مع قيادة واتصالات أحياناً بالعبرية، لن يتمكنوا من الصمود وحدهم من دون الجيش الإسرائيلي، لأنهم أقلية في المنطقة. وهكذا ذهبت هباء سنوات من تنمية العلاقات والتقارب والتعاون بين الجيش الإسرائيلي والقوى المحلية.

•لقد كانت إيران موجودة في الخلفية. وقد جرى تحذير باراك من أن الإيرانيين يريدون أن يقيموا جيشاً للشيعة في لبنان، لتهديد إسرائيل من الشمال، بالإضافة إلى التهديد الفلسطيني –الحمساوي في الجنوب؛ وهذا فعلاً ما جرى. وما حال دون ترسّخ شيعة حزب الله كجيش كان وجود الجيش الإسرائيلي. لكن باراك كان أمام انتخابات وكان يفكر بطريقة سياسية. ورأى وسائل الإعلام والحركات الاجتماعية تحرض الشعب على الانسحاب، فعمل على توجيه الحملة لمصلحته وجعلها موضوعاً مركزياً في الانتخابات. وبهذه الطريقة حوّل الجندي المكلل بالمجد إلى قائد الاستسلام الوطني. حالياً يحاول باراك تغيير التاريخ وتناسي ما حدث قبل 18 عاماً.

•للتذكير، هذا ما حدث: أمام كاميرات العالم، ومن دون نظام، انسحبت بذعر سرايا الدبابات وسلاح المدفعية الإسرائيلية إلى بوابة فاطمة في المطلة، يطاردهما مواطنون شيعة. بعد ذلك وصل قادة جيش لبنان الجنوبي ومقاتلوه مع عائلاتهم مذعورين. في المقابل سيطر مقاتلو حزب الله على المواقع هنا وهناك وعلى العتاد وسلاح سرّي نُسي خلال الهروب السريع. وصورة الانتصار مع أعلام حزب الله ترددت أصداؤها في العالم العربي.

•آفي إيتام وصف جوهر الأمر: “بداية هروب – سقوط”. وفي الأساس بسبب روحية الهزيمة التي أظهرناها آنذاك، التي هي مكوّن استراتيجي، يشير إيتام بصفته من سكان هضبة الجولان إلى أنه في مواجهة الإيرانيين ما وراء الحدود السورية تدور حالياً مواجهة بروحية جديدة – قديمة لشعب إسرائيل. وتستمد شخصيات أمنية كانت في مركز الأحداث الأمنية في لبنان تشجيعاً من وحدة الرأي في مواجهة العدو الإيراني. إسرائيل تعيد من جديد بناء الجدار الحديدي (الذي انهار).

المصدر: صحيفة “يسرائيل هيوم” الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole