انتخابات تايوان لا تبعد شبح الغزو الصيني

Spread the love

شؤون آسيوية-  أثارت نتائج الانتخابات المحلية في تايوان، والتي أجريت أول من أمس السبت، تساؤلات عدة، حول ما إذا كان فوز حزب المعارضة الرئيسي، “كومينتانغ”، الذي يدعم توثيق العلاقات مع الصين، يعكس مزاجاً عاماً لدى الناخبين، سينسحب على الانتخابات التشريعية والرئاسية المقرّرة في عام 2024.

كما تدور تساؤلات حول موقف هذا الحزب، الذي فاز حفيد مؤسسه شيانغ كاي تشيك، شيانغ وان أن، برئاسة بلدية العاصمة تايبيه، أخيراً، تجاه عزم الصين، استرداد تايوان ولو بالقوة، ما أفضى إلى عسكرة متزايدة في مضيق تايوان، وسط كل الخطط التي تتردد في الغرب حول تحضيرات الحزب الشيوعي الصيني لاجتياح الجزيرة، وتعزيزه قدراته الهجومية.

ترحيب صيني بنتائج انتخابات تايوان

وتحوّل الاهتمام حول تايوان، إلى انتخابات الرئاسة، إثر الهزيمة التي تعرض لها الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم في الانتخابات المحلية التي جرت السبت الماضي، والتي دفعت رئيسة البلاد تساي إينغ وين إلى تقديم استقالتها من رئاسة الحزب.

وألقى المتابعون للشأن التايواني، باللوم على تساي في الهزيمة، بعدما جعلت من تحدي الصين العنوان الأبرز لحملة الانتخابات، فيما كانت هموم الناخبين تنصب على الشأن الداخلي. وأدى ذلك إلى فوز “كومينتانغ” في انتخابات رئاسة البلديات والمقاطعات بحصوله على 13 مقعداً من أصل 21 مقعداً.

وجاءت النتائج شبيهة لتلك التي أفرزتها الانتخابات المحلية في تايوان عام 2018، علماً أن الرئاسيات التي تلتها لم تحمل الـ”كومينتانغ” إلى السلطة.

ويدعم “كومينتانغ” تقليدياً إقامة علاقات وثيقة مع الصين، لكنه ينفي بشدة أن يكون مؤيداً لبكين. وكان هذا الحزب قد تراجع منذ 2020 وواجه ضربة في ديسمبر/كانون الأول الماضي بعد فشل 4 استفتاءات دافع عنها لإظهار عدم الثقة في الحكومة.

ولم يتأخر مكتب شؤون تايوان في الصين، في التعليق على النتائج، معتبراً أنها أظهرت “أن التوجه الرئيسي للرأي العام في الجزيرة هو للسلام والاستقرار والحياة الهانئة”. وأضاف المكتب في بيان أن بكين “ستواصل العمل مع شعب تايوان في توطيد علاقات السلام، ومعارضة استقلال الجزيرة، والتدخل الأجنبي بحزم”.

وجاءت نتائج الانتخابات المحلية في تايوان، رغم رفع بكين مستوى تهديداتها حيال الجزيرة، وجعل مسألة استعادة الوحدة معها “خطاً أحمر”، ما قادها إلى إجراء مناورات غير مسبوقة بمضيق تايوان في أغسطس/آب الماضي، رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة في الشهر ذاته.

وتطالب بكين واشنطن بالكف عن التدخل في الشأن الداخلي الصيني، الذي تعتبر تايوان جزءاً منه، فيما تعمل الولايات المتحدة على زيادة الدعم العسكري لتايوان، لكنها تردد أنها لا تزال تعتمد سياسة “الصين الواحدة” و”الغموض الاستراتيجي” حيال موقفها إذا ما قام الجيش الصيني باجتياح الجزيرة.

وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ، قد أكد خلال مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والذي ضمن له ولاية ثالثة، أن “دواليب التاريخ تدور باتجاه إعادة التوحيد”، وأن بكين “لن تتخلى أبداً عن إمكانية استخدام القوم لاستعادة تايوان”.

وتعالت التحذيرات في واشنطن منذ وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، من قرب استخدام الصين القوة حيال تايوان، وحذّرت الاستخبارات الأميركية في سبتمبر/أيلول الماضي، من أن شي “أبلغ جيشه أنه بحلول عام 2027، يجب أن يكون قادراً على السيطرة على تايوان بالقوة، إذا احتاجت الصين لذلك”.

خطة لغزو الجزيرة

ومع ارتفاع التهديدات الصينية، تتوالى أيضاً التقارير التي تتحدث عن استراتيجية الصين العسكرية لهذه “الاستعادة”. وأعادت صحيفة “لوموند” الفرنسية الإضاءة على كتاب الخبير الأميركي في مركز “مشروع 2049” البحثي في الولايات المتحدة، إيان إيستون، الصادر عام 2019، بعد تحليله مئات الوثائق للجيش الصيني التي تتضمن خططه للاجتياح.

وحمل الكتاب عنوان “خطر الاجتياح الصيني: الدفاع التايواني واستراتيجية أميركا في آسيا”، وقال فيه إيستون إن “الجيش الصيني يهجس بخطة للاجتياح، يتدرب عليها يومياً وهي “الحملة المتداخلة لجيوشه (البرّية والبحرية والجوية)، للهجوم على الجزيرة”. ولفت إلى أن الخطة “يجري تحديثها يومياً وتتمتع بمركزية عالية”.

وبحسب الكتاب، فإن بكين تتحضر لأن يبدي “الأعداء الانفصاليون”، في الجزيرة، “مقاومة هائلة” لها، ولذلك فإن ضباط الجيش الصيني “قد أُعلموا بأنها وحدها حملة عسكرية ضخمة ستسمح بالسيطرة على تايوان”. واعتبر أن “العملية بنظر الصينيين ستكون صعبة وطويلة ودموية”. وفي إعلام الطب العسكري الصيني، قرأ الكاتب أن “الوحدات ستكون معرّضة لمشاهد فظيعة من المذابح والقصف والمعارك العنيفة”.

وشرح إيستون أن الجيش الصيني يعتزم زجّ بين 300 ألف ومليون جندي لتنفيذ الاجتياح. ويتضمن، بحسب الوثائق التي اطلع عليها، 3 مراحل تمتد على أسبوعين قبل السيطرة على تايبيه. تقوم المرحلة الأولى على الحصار والقصف، تسبقها هجمات سيبرانية، على أن تقوم وحدات حرب إلكترونية صينية بمهاجمة الأقمار الاصطناعية الأميركية في الهادئ. وقال إن القوات الصينية، وفق الخطة، عليها أن تقوم بما لم تتمكن روسيا من فعله في أوكرانيا، وهو “السيطرة على السماء”.

وتقوم المرحلة الثانية بالإنزال البري، وتبدأ بجزيرتي كينمين وماتسو الصغيرتين، قبل السيطرة على أرخبيل بينغو. وتتوقع المرحلة الثالثة أن تتمكن القوات الصينية البرّية من العمل في الجزيرة كوحدات متفرقة، بدعم جوي. ولفت إلى أنه سيكون هناك 14 شاطئاً فقط للإنزال البري، علماً أن أحوال الطقس والجغرافيا، تسمح لهم بأن يكون أفضل وقت للغزو، هو في شهر إبريل/نيسان أو أكتوبر.

المصدر: رويترز

Optimized by Optimole