مزاحم: القوات الإيرانية وحزب الله باقون في سوريا

د. هيثم مزاحم
Spread the love

في ما يلي حوار مع رئيس مركز بيروت لدراسات الشرق الأوسط الدكتور هيثم مزاحم أجراه ونشره موقع انترناشونال أفيرز ريفيو باللغة الإنجليزية:

*كيف تقيّم زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى العراق؟ وكيف تنظر إيران حالياً إلى العلاقات مع العراق؟

-يشكّل العراق بالنسبة لإيران أهمية سياسية واستراتيجية وأمنية، وقد شكّلت الحرب التي شنها نظام صدام حسين في العراق على إيران والتي دامت 8 سنوات هاجساً للنظام الإسلامي في إيران، يجعله يخشى حصول أي تحول سياسي أو أمني في الدولة الجارة يمكن أن يشكل تهديداً استراتيجياً للجمهورية الإسلامية” على غرار وصول شخصية معادية لإيران إلى رئاسة الوزراء في العراق أو سيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي على أجزاء من العراق أو الاحتلال الأميركي للعراق. من هنا تحرص إيران على علاقات جيدة مع الحكومة العراقية وجميع الأطراف والأحزاب العراقية شيعة وسنة وكرداً، وخصوصاً مع الأحزاب الإسلامية الشيعية والمرجعية الدينية الشيعية، حيث تعتبر طهران أن هذه الأحزاب التي ساهمت في إنشاء بعضها وتمويل البعض الآخر، هي معقل نفوذها السياسي والعسكري في العراق، وخصوصاً ميليشيا الحشد الشعبي التي شكلت في صيف 2014 بعد سيطرة “داعش” على عدد من المحافظات العراقية أي نحو ثلث مساحة العراق. وجاءت زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني الأخيرة إلى العراق ولقاءاته مع المسؤولين العراقيين من مختلف الأفرقاء ومع المرجع الديني الأعلى آية الله علي السيستاني لتؤكد على تعزيز العلاقات الثنائية الدينية والسياسية والاقتصادية بين الدولتين. كما تم توقيع عدد من الاتفاقات الثنائية في قطاعات النفط والتجارة وإنشاء خط سكة حديدية يربط مدينة البصرة مع إحدى المدن الإيرانية القريبة من الحدود بين البلدين. ويذهب بعض الخبراء والمعلقين العرب إلى زيارة روحاني تأتي في سياق الجهود الإيرانية لاحتواء العقوبات الأميركية التي فرضت عليها بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران في عام 2018، حيث ترى طهران في العراق سوقاً مهماً لتصدير منتجاتها والحصول على عملة صعبة وكذلك يمكن حصولها من خلال العراق على بعض المنتجات التي تمنع العقوبات الأميركية دخولها إلى إيران.

* يتمتع العراق حالياً بعلاقات ندية مع الدول العربية السنية. كيف ستعمل بغداد على تحقيق التوازن بينها وبين إيران؟

-على الرغم من كون أغلبية الشعب العراقي هم من الشيعة، بين 60 – 65%، إلا أن السنة العرب والكرد يشكلون نحو 35-40% من السكان. لذلك لا يمكن للحكومة العراقية تجاهل البعد العربي للبلاد والجوار العربي السني فهي تحاول إقامة علاقات جيدة مع دول الجوار وبخاصة المملكة العربية السعودية والكويت والأردن والإمارات، فضلاً عن سوريا ومصر وتركيا. وتحرص الحكومة العراقية على علاقات جيدة مع كل من إيران والولايات المتحدة الأميركية وعلى ألا يشكل صراعهما أزمة سياسية وأمنية في داخل العراق، خصوصاً عند تسمية رئيس الوزراء وتأليف الحكومة، أو في محاربة “داعش” وقبلها “القاعدة”. وهكذا نجد أن كلاً من طهران وواشنطن تسعيان إلى زيادة نفوذهما في العراق، والمجيء برئيس وزراء موالٍ لها أو بوزراء موالين له، لكن الطرفين صارا يقبلان بتشارك النفوذ والتوصل إلى تسوية بخصوص الحكومة والموضوعات الأخرى في العراق.

* أعلن الرئيس الأمريكي ترامب مؤخرًا الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان. ما هي الآثار المترتبة على هذا على الصعيد الإقليمي؟ هل ستكتفي الدول العربية بالإدانة ومن دون أي عمل؟

-اعتراف الرئيس ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل جاء بعد ضغوط إسرائيلية وأميركية من قبل اللوبي الصهيوني في واشنطن وأعضاء في الكونغرس موالين لإسرائيل. وهذا الاعتراف إن مرّ الآن من دون حصول تداعيات سريعة إلا أنه يؤسس لنشوب توتر في المنطقة ومن ثم حرب في المستقبل، خصوصاً أن سوريا لن تسكت على استمرار الاحتلال الإسرائيلي للجولان، وهي تنتظر استعادة عافيتها وسيطرتها على كل البلاد حتى تعود لتثير الموضوع وتسعى لاستعادة الجولان سواء بالدبلوماسية أو بالمقاومة الشعبية أو بحرب بدعم من إيران وحزب الله.

* صنفت بريطانيا حزب الله مؤخراً جماعة إرهابية. ما هو الرد داخل لبنان؟

-لا يعترف لبنان كحكومة وشعب ومؤسسات بالتصنيفات الأميركية والبريطانية لحزب الله كمنظمة “إرهابية”. فحزب الله مشارك في الحكومة بثلاثة وزراء وله كتلة نيابية من 14 نائباً ويمثل مع حليفه حركة أمل الطائفة الشيعية التي تشكل ثلث الشعب اللبناني. وبالتالي تتجاهل الدولة اللبنانية هذه التصنيفات وقالت لبريطانيا وأميركا أنها تعني مطلقها ولا تعني لبنان.

* هل تتوقع حدوث أي تصادم بين حزب الله وإسرائيل؟

-أستبعد حصول حرب وشيكة بين إسرائيل وحزب الله لكن الاستفزازات الإسرائيلية للبنان من بناء جدار عازل على الحدود والتعدي على الأراضي اللبنانية وانتهاك طائراتها العسكرية للأجواء اللبنانية واغتصاب جزء من حصة لبنان في المياه الإقليمية التي تضم ثروات النفط والغاز، إضافة إلى الغارات الإسرائيلية المتكررة على مواقع وقوافل لحزب الله في سوريا، وصولاً إلى قرار ترامب الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، كل ذلك قد يعجل في حصول العدوان الإسرائيلي على لبنان والذي قد يتحول إلى حرب شاملة في المنطقة تضم سوريا وإيران.

*سوف تتطلع إيران بالطبع للحصول على حصة كبيرة من إعادة إعمار سوريا. هل ستستمر إيران في نشر قوات لها في سوريا وحتى متى؟

-طبعاً، تتطلع إيران إلى الحصول على حصول حصة كبيرة من إعادة إعمار سوريا، فهي استثمرت كثيراً في دعم الدولة السورية بعشرات مليارات الدولارات خلال الثماني سنوات الماضية. كما قدمت دعماً عسكرياً بالسلاح والجنود والخبراء وسقط مئات القتلى من العسكريين الإيرانيين في الحرب ضد الجماعات التكفيرية (الجهادية). وبالتأكيد ستواصل إيران تواجدها العسكري في سوريا الذي تقول إنه جاء بطلب من الحكومة السورية وهي ستبقى إلى حين طلب دمشق منها المغادرة. وحكومة الرئيس الأسد لا تزال في حاجة إلى دعم القوات الإيرانية وقوات حزب الله لحفظ أمنها ومواجهة الجماعات التكفيرية في إدلب وريفها وفي ريفي حماه وحلب.

المصدر: انترناشونال أفيرز ريفيو

Optimized by Optimole