ليبرمان زعيم عصابة

ليبرمان زعيم عصابة
Spread the love

افتتاحية صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية —

•يمكن القول إن أحد الإجراءات السياسية الأكثر إثارة للخجل التي أقدم عليها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خلال ولايته الحالية، هو تعيين أفيغدور ليبرمان وزيراً للدفاع. فقد أودع نتنياهو هذا الملف الأكثر حساسية في حكومة إسرائيل بين يدي شخص غير جدير بذلك بالتأكيد. إنه الشخص الذي كتب عنه المستشار القانوني السابق للحكومة يهودا فاينشتاين حين قرر إغلاق الملف الأساسي ضده وتقديمه إلى المحاكمة في قضية تفرعت عن ذلك الملف (وهي لائحة اتهام انتهت بتبرئة ساحته)، أن الشبهة ضده لا تزال موجودة وأن قرار إغلاق الملف ضده سببه نقص الأدلة ـ وخصوصاً من جراء الحاجة إلى اتخاذ إجراءات في دول أجنبية ـ وأن ذلك لا يمثل شهادة “إجازة جماهيرية”.

•قبل تعيينه وزيراً للدفاع، وقف ليبرمان علانية مؤيداً للجندي إليئور أزاريا المتهم بقتل مخرب يحتضر في الخليل. وأمس عاد وتحدث عن الموضوع نفسه، لكنه أضاف هذه المرة حادثة جديدة هي اتهام جندي بالتسبب بالموت في سلواد. وفي عُرف ليبرمان، أفضل الدفاع دوماً هو الهجوم. وعنوان الهجوم هذه المرة “وسائل الإعلام”.

•قال ليبرمان: “يجدر بوسائل الإعلام الإسرائيلية أن تتذكر أن الجهة المخولة بإصدار حكم الإدانة في دولة إسرائيل كما في أي دولة ديمقراطية أخرى، هي المحكمة فقط لا غير، وفي هذه الحالة هي المحكمة العسكرية. يبقى الإنسان بريئاً ما لم تثبت إدانته، وهذا يشمل إليئور أزاريا والجندي الآخر” (في حادثة سلواد).

•يحاول ليبرمان الظهور بمظهر الساذج، فوسائل الإعلام، وهذا تعميم تبسيطي في حد ذاته، لا تحكم ولا توقع على قرار الحكم، لا سلباً ولا إيجاباً. كل ما فعلته هو أنها نشرت تصريحات المسؤولين في صف القيادة العسكرية وخارجه بمن في ذلك ليبرمان نفسه، بشأن تأييد أزاريا، في مقابل تصريحي سلفه وزير الدفاع السابق موشيه يعلون ورئيس هيئة أركان الجيش غادي أيزنكوت، ضد هذا التصرف. لم يكن ليعلون صلاحية الإدانة ـ وهو لم يطلب ذلك أصلاً ـ وكذلك ليس لليبرمان صلاحية التبرئة. إن ليبرمان يخشى مواجهة علنية مع رئيس أركان الجيش ويتجنبها بالانقضاض على هدف أكثر سهولة هو “وسائل الإعلام”، فهو يحرض ضدها ويصنفها في خانة “الأعداء” حين يدعوها إلى “تعزيز الردع الإسرائيلي في مواجهة الأعداء، وليس ردع الجنود الإسرائيليين في مواجهة المخربين”.

•تتمثل خلاصة ادعاء ليبرمان في أن “الأشخاص الذين يحاربون الإرهاب يومياً لا يمكنهم الانطلاق إلى مهماتهم برفقة محامين”. إنه أكثر من يعرف ذلك، فخلال 20 سنة من التحقيقات احتاج ليبرمان إلى أكثر من محام مرافق. لكن هذا الادعاء في السياق العسكري ليس صحيحاً أصلاً، فالجيش الإسرائيلي يخرج إلى جميع مهماته في عمليات القصف وحتى في الجولات الميدانية، برفقة محام. إنه المستشار القانوني للحكومة بصفته المخوّل قانوناً بصلاحية تفسير القوانين وقرارات الحكم الصادرة عن المحاكم، وإلى جانبه أيضاً ممثل سلطة القانون في الجيش، المدعي العسكري الرئيسي (رئيس النيابة العسكرية). ولهذا الأمر مسوغات قانونية وأخلاقية وجوهرية فحواها أن الإطار العسكري ليس عصابة إطلاق نار من دون تمييز، فهذا يجر تصعيداً يؤذي إسرائيل نفسها. إن ليبرمان يتسربل بعباءة الوزير المسؤول عن الجيش، لكنه يشجع سلوك العصابات.

المصدر: افتتاحية صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole