قلق إسرائيلي حيال التسلح المصري

Spread the love

russian-submarine

بقلم: أليكس فيشمان – محلل عسكري إسرائيلي —

•في إسرائيل يوجد منذ وقت طويل شعور بالقلق حيال إقدام مصر التي تعاني من أزمة اقتصادية عميقة، على شراء منظومات سلاح هي الأغلى في العالم وبكميات تخجل من شرائها حتى السعودية الغنية. وخلال الفترة الأخيرة فقط حصل سلاح البحر المصري على حاملة طوافات حربية ثانية من نوع “ميسترال”، المنظومة الفرنسية الغالية الثمن التي بنيت في الأساس من أجل سلاح البحر الروسي، وقد اشترت مصر اثنتين منها.

•في إسرائيل سألوا مصر أسئلة من نوع الأسئلة التي طرحتها الفتاة الصغيرة على جدتها في قصة “ليلى والذئب”: لماذا لديك حاملتان للطوافات؟ فأوضح المصريون: الحاملة الأولى للدفاع عن المياه الاقتصادية في البحر المتوسط، والثانية لحماية المصالح المصرية في البحر الأحمر. كما اشترى المصريون طوافات حربية من روسيا ودفعوا ثمنها كاملاً. واشترى سلاح البحر المصري أربع غواصات جديدة من ألمانيا، ويجري التفاوض حالياً على شراء غواصتين متطورتين.

•يبيع الروس المصريين منظومات مضادة للصواريخ من طراز S400. ويشتري المصريون مجموعات كاملة من صواريخ SA-17 و SA-22. ويتساءلون عندنا لماذا تحتاج مصر إلى منظومات مضادة للطائرات غالية الثمن إلى هذا الحد؟ وأي طائرات حربية سيسقطونها بهذه الصواريخ؟ هل تلك التي لدى تنظيم داعش؟ أم التي لدى السودان؟ وهل تملك ليبيا طائرات تشكل خطراً على مصر؟

•ويتساءلون في إسرائيل من أين يأتي المال وكيف تستقيم عمليات الشراء هذه مع الأزمة الاقتصادية. وهناك سؤال أساسي يقلق إسرائيل منذ سنوات: يجري الجيش المصري مناورات عسكرية كبيرة، وقريباً ستجري مناورات بمشاركة قوات عسكرية روسية، ويمكن افتراض أن العدو الأساسي في هذه المناورات كان وسيبقى إسرائيل.

•لقد أطلق المصريون على حاملتي الطوافات المصريتين اسم “جمال عبد الناصر” و”أنور السادات”- ويعبر هذان الاسمان عن الجو المختلف الذي حمله معه السيسي الذي يقف في وجه الإخوان المسلمين. وهذا هو السبب الذي جعل إسرائيل تختار العيش مع تساؤلاتها.

•تعتبر الدولتان العلاقات بينهما رصيداً استراتيجياً من الطراز الأول. وتقدر مصر كثيراً المساعدة الإسرائيلية غير المباشرة في محاربة داعش في سيناء. وفي الواقع منذ بداية الصراع في سيناء تخلت إسرائيل عن الملحق في اتفاقية السلام الذي ينص على بقاء شبه جزيرة سيناء منزوعة السلاح. وينشر الجيش المصري في سيناء أكثر من عشر كتائب تتضمن قوات كوماندوس وقوات مدرعة. وقد أهلت مصر مطارين عسكريين لجميع الاستخدامات. ويرسو الأسطول المصري في العريش.
•أسئلة ليلى والذئب بشأن أسنان جدتها الكبيرة ألحت بقوة على القيادة الإسرائيلية في السنة الأخيرة، فقد وصل الاقتصاد المصري هذه السنة إلى أدنى مستوياته في أعقاب الإصلاح الاقتصادي الذي لم يُستكمل، والتوظيفات الفاشلة لمليارات الدولارات في توسيع قناة السويس، والضربة القاسية التي لحقت بالسياحة، والاستخدام غير الصحيح لقطاع المياه الذي أدى إلى تدني منسوب المياه في نهر النيل. في المقابل لم تُحوِّل السعودية ودول الخليج الأموال التي تعهدت بتقديمها إلى مصر على صورة صناديق مشتركة وقروض وهبات، في وقت يفرض صندوق النقد الدولي على مصر شروطاً قاسية، مثل الحد من البيروقراطية الذي من شأنه رفع معدل مستوى البطالة بصورة كبيرة، مما يعرقل تقديم مساعدة تقدر بـ12 مليار دولار.

•ومن أجل الخروج من الأزمات اليومية نقل السيسي الاحتكارات المدنية إلى الجيش، مما سمح للجيش بمواصلة دعم المواد الأساسية. ويقوم الجيش المصري حالياً بتصنيع الأدوية والإسمنت والقمح وغيره، وهو عملياً لا يشرف على السياسة الأمنية المصرية فقط بل على الاقتصاد الوطني أيضاً.

•طالما أن الجيش المصري يزداد قوة من أجل أن يجعل مصر الدولة التي تقود العالم السني ولضمان حكم السيسي، ستسكت إسرائيل. لكن هذا كله يمكن أن يختفي في لحظة، فبالاستناد إلى تقديرات معينة قد تواجه مصر في سنة 2018 فوضى اجتماعية وفوضى على صعيد الحكم. حينئذ كل القوة العسكرية التي بنتها مصر بما في ذلك الانتشار في سيناء، سيصبح له مغزى مختلف وربما معادٍ. لذا يتعين على الطاقم الوزاري المصغر لدينا البدء بالتفكير بذلك.

المصدر: صحيفة “يديعوت أحرونوت”، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية