انتقام أوباما

Spread the love

obama_books

بقلم: نحمايا شتراسلر – معلق سياسي إسرائيلي —

•غداً سنشاهد أهم عرض في المدينة، فالممثلان الموهوبان، باراك أوباما وبنيامين نتنياهو، سيلتقيان في نيويورك ضمن إطار اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وسيبتسمان أمام عدسات الكاميرا، وسيتصافحان وربما سيتعانقان، وسيصرحان من دون خجل بأن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة لم تكن أفضل في أي يوم من الأيام عما هي عليه اليوم، وبأن اتفاق المساعدة الأمنية هو الأفضل في العالم.

•لكن الحقيقة عكس ذلك. نتنياهو مضطر للدفاع عن الاتفاق لأنه وقعه ولأنه بذلك يدافع عن مكانته كرجل الأمن في مواجهة جميع منتقديه. وأوباما يريد أن يترك وراءه إرثاً يصوره كمحب لإسرائيل، ويريد مساعدة هيلاري كلينتون في معركتها ضد دونالد ترامب على الصوت اليهودي. كلينتون هي استمرار لأوباما، لذلك هو يريد لها أن تفوز وليس بسبب تقديره لها. وهو ببساطة يشعر بالرعب حيال فكرة وصول ترامب إلى البيت الأبيض وقيامه بالتفتيش في الأدراج وعثوره على قضايا من شأنها تشويه ثماني سنوات من حكمه.

•الرجلان سيبتسمان غداً، لكن أوباما سيبتسم أكثر، فقد انتظر هذه اللحظة منذ زمن طويل، والآن سينفذ انتقامه البارد والقاسي ضد نتنياهو. وهو غير قادر على نسيان مجموعة الإهانات التي وجهها نتنياهو إليه، بدءاً من عدم الوفاء بتعهداته بشأن معاودة المفاوضات مع الفلسطينيين، مروراً بمواصلة البناء في المناطق [المحتلة] من أجل عرقلة إمكانية تطبيق حل الدولتين، وانتهاء بالخطاب الذي ألقاه نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي ضد سياسته النووية الإيرانية. عن هذا كله سيدفع نتنياهو اليوم ثمناً كبيراً – وفي الواقع نحن من سيدفع الثمن.

•لنبدأ بالأرقام. في السنوات العشر الأخيرة حصلنا على مساعدة أمنية من الولايات المتحدة بنحو 3.1 مليارات دولار سنوياً، بالاضافة إلى زيادات خاصة تتعلق بتطوير صواريخ دفاعية، أي ما مجموعه نحو 3.5 مليارات دولار. المبلغ الجديد هو 3.8 مليارات دولار، لكنه أقل قليلاً من الناحية الواقعية فهو لا يساوي أكثر من 3.2 مليارات دولار، مما يعني انخفاضاً في المساعدة وليس ارتفاعاً بخلاف ما قاله نتنياهو.

•لكن الضربة الأقسى تكمن في استبعاد الصناعات الأمنية [الإسرائيلية]. حتى الآن كان في الإمكان تحويل نحو 26% من أموال المساعدة أي نحو 800 ألف دولار سنوياً إلى شيكلات، واستخدام هذا المال من أجل طلب عتاد عسكري من إنتاج الصناعات الأمنية في إسرائيل. يوقف الاتفاق الجديد استخدام هذا النهج بصورة تدريجية، مما سيشكل ضربة قاسية للصناعات الأمنية الكبرى، كما أنه بمثابة حكم بالموت على عشرات المصانع الصغيرة والعديد من المقاولين.

•ونصل هنا إلى البند الثالث، الموجه كله شخصياً ضد نتنياهو وهو بند الإهانة. ينصّ هذا البند على أنه ممنوع على إسرائيل المطالبة بزيادة مساعدة من أي نوع كان من الكونغرس في العامين المقبلين. وإذا قام الكونغرس على الرغم من ذلك بزيادة المساعدة فيتعين على إسرائيل إعادة المال فوراً. ليندسي غراهام السيناتورة الجمهورية ومن أبرز المؤيدين لإسرائيل سألت نتيناهو: “كيف توافق على اتفاق يحيّد أصدقاءك في الكونغرس؟”، لم يرد نتنياهو على السؤال، وهو يدرك أنه لم يضطر فقط إلى تحييد أصدقائه في الكونغرس، بل اضطر أيضاً إلى تحجيم اللوبي المؤيد لإسرائيل. انظروا إلى أي أين وصل انتقام أوباما.

•هذا من دون الحديث عن الضرر الاستراتيجي العميق الذي ينطوي عليه الاتفاق، فلا يوجد فيه تفاهمات بشأن التعاون في مواجهة إيران، التي بعد عشرة أعوام ستكون لها القدرة على إنتاج قنبلة نووية. كما لا يشتمل الاتفاق على سبل تعميق التعاون في موضوعات علمية وتكنولوجية واستخباراتية، ولا على تقديم أنظمة قتال متطورة تحافظ على تفوقنا النوعي. لذا فالاتفاق سيئ، ومن الواضح أنه كان في الإمكان تحقيق اتفاق أفضل منه لو لم يعضّ نتنياهو المرة تلو الأخرى اليد التي تطعمه.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole