الجبهة الشمالية: بين إحباط تزايد قوة حزب الله والتدهور إلى تصعيد

Spread the love

بقلم: عاموس يادلين – مدير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي–

•حدثان في الأسبوع الماضي يثيران النقاش من جديد بشأن سياسة إسرائيل في مواجهة ما يحدث في الجبهة الشمالية. بدايةً هناك الهجوم في عمق أراضي سورية الذي أدى إلى إطلاق الجيش السوري صاروخ SA5 البعيد المدى الذي اعترضته منظومة حيتس الإسرائيلية. وفي ما بعد تحدثت تقارير عن هجوم إسرائيلي آخر قتل فيه مسؤول كبير في ميليشيا يدعمها نظام الأسد وحزب الله.

•ويعتبر هذان حدثين بارزين على خلفية الخيار الإسرائيلي الثابت منذ العام 2011 بعدم التدخل في الحرب الأهلية السورية. لقد اعتمدت إسرائيل حتى الآن سياسة تحديد خطوط حمراء والتحرك عند الحاجة لدى تجاوزها. على المستوى التكتيكي، تألفت سلة الردود من هجوم على مصادر إطلاق النار على إسرائيل؛ هجوم على الجيش السوري الذي لم يمنع إطلاق النار؛ وضرب تنظيمات إرهابية يوجّهها ويموّلها حزب الله وإيران في هضبة الجولان السورية.

•على المستوى الاستراتيجي، خاض الجيش الإسرائيلي، وفقاً لمصادر أجنبية، معركة ضد ازدياد تسلح حزب الله بعناصر قوة عسكرية نوعية: بطاريات صواريخ أرض- جو متطورة من صنع روسي، صواريخ باليستية دقيقة من صنع إيران، صواريخ بر – بحر متطورة وغير ذلك.

•جرت هذه المعركة مع محاولة الموازنة بين الفوائد الكامنة في ضرب تعاظم قوة حزب الله ومخاطر التصعيد التي ينطوي ذلك عليها. وحرصت إسرائيل على المحافظة على الغموض انطلاقاً من تقديرها أنها بهذه الطريقة تقلل من احتمالات رد حزب الله أو نظام الأسد.

•إن ما ساعد العمليات الإسرائيلية الذوبان في الضجة العامة للحرب الأهلية السورية هو الهجمات التي لم تتوقف لسلاح الجو الروسي والأميركي والتركي. واعتراف إسرائيل في الأسبوع الماضي بالهجوم لا يعبّر عن سياسة جديدة، بل ما فرضه هو إطلاق صاروخ “حيتس” الذي لا يمكن إخفاؤه.
•إنما على الرغم من ذلك، فإن المقاصد التي تتشكل في سورية حالياً تتطلب تحديث السياسة الإسرائيلية في ظل المتغير الأكثر أهمية وهو الوجود والهيمنة العسكرية الروسية في سورية، وهذا ما ساعد بالإضافة إلى دعم إيران، في استعادة النظام السوري قوته وإعادة بناء ثقته بنفسه.

•في هذا السياق يتعين على إسرائيل أن توضح مجدداً أهدافها الاستراتيجية، وأن تتفحص بصورة مستمرة وعميقة الفائدة من تحركاتها مقابل مخاطر التصعيد غير المرغوب فيه. إن المكون الأساسي هو ترسيخ الردع وتعزيزه، ويتعين على إسرائيل أن توضح للبنان وسورية أن وضع أراضيهما وبناهما التحتية في خدمة البنية التحتية الإرهابية التابعة لإيران وحزب الله معناه تعريض الجيش والنظام والبنى الوطنية في هاتين الدولتين مستقبلاً إلى ضربة قاسية.

•في موضوع تعاظم قوة حزب الله، المطلوب هو تقدير محدّث يجيب على السؤال: هل الهجمات [الإسرائيلية] تعرقل عملية بناء قوة هذا التنظيم بصورة تبرر مخاطر التصعيد: إذا كانت الفائدة من الهجمات ضد تعاظم قوة حزب الله ضئيلة، فربما تكون مخاطر التصعيد غير مبررة؛ لكن إذا كانت كبيرة فيمكن حينها الاستمرار في ضرب تزوّد حزب الله بسلاح نوعي.

•وبالنسبة إلى منع نشوء بنية إرهابية في الجولان، فإنه على أساس من استخبارات نوعية يجب العمل ضد بنى إرهابية تديرها إيران وحزب الله أو النظام السوري في هضبة الجولان. يجب المحافظة على الهدوء في الجولان كما استمر على حدود إسرائيل مع لبنان منذ سنة 2006، وممنوع فتح جبهة إرهابية في الجولان السوري.

•وعلى صعيد المدماك الاستراتيجي العميق، فإن الهدف السياسي والعسكري المهم بالنسبة لإسرائيل هو منع تمركز إيران في سورية. إن إنشاء قواعد جوية أو بحرية إيرانية في سورية هو بمثابة منعطف استراتيجي سلبي، ويجب أن نبذل كل ما في وسعنا لمنعه. والأداة الأكثر نجاعة للقيام بذلك هي الحوار مع الكرملين وتوضيح الخطر على الاستقرار في سورية مع وجود إيراني من جهة، الحوار مع إدارة ترامب التي يمكن أن تتوصل إلى صفقة شاملة مع روسيا، من جهة أُخرى. ويجب في أي صفقة من هذا النوع ضمان المصلحة الإسرائيلية في إبعاد إيران عن سورية.

المصدر: صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole