يتعين على بني موريس أن يقرأ ما كتبه

Spread the love

بقلم: إيهود عين – غيل – محلل سياسي إسرائيلي —

•الهجوم في لعبة كرة القدم ربما هو الدفاع الأفضل، لكن ليس في البحث عن الحقيقة التاريخية. لقد كتب البروفسور بني موريس على هذه الصفحات في محاولته الدفاع عن ادّعائه أنه “لم يحدث تطهير أثني سنة 1948” (“هآرتس” 7/10) التالي: “في 1949 بقي في أراضي دولة إسرائيل نحو 160 ألف عربي”. وهو يتجاهل حقيقة أنه بعد الهدنة مع الأردن في 1949 نُقلت إلى إسرائيل 28 قرية بسكانها ولاجئين لجأوا إليها. وبالتالي، فإن عدد العرب الذين “بقوا” في أرض إسرائيل كان عملياً أقل بكثير. ورداً على مقاله ذكرت رقم 35 ألف شخص ولاجئ اضطرت إسرائيل إلى استيعابهم (“التطهير العادي” 13/10). وبدلاً من أن يعترف موريس بالخطأ والإقرار بأن عدد العرب الذين “بقوا في أراضي الدولة” كان أقل من 160 ألفاً، اختار موريس الرد بهجوم (في مقاله 20/10): “في المنطقة التي انتقلت إلى إسرائيل في أعقاب توقيع اتفاق الهدنة بين إسرائيل والأردن في 1949، انتقل إلى إسرائيل نحو نصف عدد السكان الفلسطينيين الذي تحدث عنه عين – غيل” أي 17,500.

•هذا يعني أن عين – غيل هو الذي أخطأ وليس البروفسور موريس. لكن وراء هذا التصحيح الذي قام به موريس يختبئ اعتراف بالخطأ، إذ هو يعترف بأن عدد العرب الذين بقوا في إسرائيل ليس 160 ألفاً كما ادّعى في البداية بل أقل من 143 ألفاً كما يدّعي حالياً.

•لنر ما كتب موريس نفسه في هذا الموضوع في كتابه “ولادة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين” (الصادر عن عام عوفيد 1991، صفحة 330): “تخوف عبد الله والبريطانيون من أن يثير إعطاء مناطق فيها 15-16 قرية إلى إسرائيل موجة جديدة من اللاجئين بحجم يراوح بين 15000 إلى 12000 شخص”. وليس هذا تقديراً لعدد سكان هذه القرى، بل هو تقدير لعدد السكان واللاجئين الذين سيختارون عدم الانضمام لإسرائيل، أو سيطردون منها. ثم يستشهد موريس بكلام القنصل البريطاني العام في القدس، أنه يجب الاستعداد لاستقبال 20 ألف لاجئ جديد “من شبه المؤكد أنهم سيطردون بحجة أو بأخرى” من المناطق التي ستعطى لإسرائيل. وبالفعل فقد فكروا في حكومة إسرائيل بذلك واقتبس موريس قول وزير الخارجية موشيه شاريت إن: “المصلحة الأمنية تفرض التخلص منهم”، لكن تحت ضغط أميركي اضطرت إسرائيل إلى التعهد بألا يلحق بالقرويين أي أذى. واستخلص: “لقد أدركت إسرائيل عدم وجود طريقة “نظيفة” للضغط على العرب [لإجبارهم] على المغادرة إلى خارج الدولة، ولهذا بقي سكان باقة الغربية، والطيبة، وقاقون، وقلنسوه، وكفر قاسم وقرى وادي عربه في الأماكن التي كانوا فيها”. (احتُلت القرية في مطلع حزيران/يونيو 1948، ووضعت على قائمة القرى المهجورة التي خططت “لجنة الترانسفير” لهدمها بعد الموافقة التي حصلت عليها من رئيس الحكومة ديفيد بن – غوريون في 5 حزيران/يونيو 1948- الصفحة 221 من كتاب موريس).

•لقد كان من الصعب على إسرائيل التخلص من السكان الدائمين، لكن في القرى التي نُقلت إليها كان هناك أيضاً آلاف اللاجئين من قرى أخرى، وكما يذكر موريس في كتابه: “1200 حتى 1500 لاجئ من مناطق أخرى سكنوا في باقة الغربية وبالقرب منها، وفي ليل 27 حزيران/يونيو طردوا بعنف ووحشية بحسب كلام شاريت – وأُجبروا على اجتياز الحدود”.

•لقد بقي في أراضي إسرائيل آلاف اللاجئين الآخرين الذين لم يتحدث موريس في كتابه عما جرى لهم. ويمكن أن نقرأ ما جرى لهم في كتاب هيلل كوهن “الغائبون الحاضرون” (صفحة 40): “يوجد قرابة 4000 لاجئ في هذه المناطق في إسرائيل، هذا ما كتبه الحاكم العسكري الأول عمانوئيل ماركوفسكي إلى قائده اللواء أليميلخ أفنير، القائد المسؤول عن الحكم العسكري. وقد أبلغت قوات الجيش الإسرائيلي ممثلي السكان أنها لا تريد لاجئين. وتعهد ممثلو القرى الحرص على نقل اللاجئين الى ما وراء الحدود خلال وقت قصير. “لا يوجد حالياً لاجئون في المناطق باستثناء أفراد لديهم حقوق أو توصيات” هذا ما كتبه ماركوفسكي في 30 حزيران/يونيو 1949، أي بعد خمسة أسابيع من دخول القوات الإسرائيلية إلى المنطقة. وبالاستناد إلى تقدير آخر (للرائد غوئيل لفيتسكي من ضباط الحكم العسكري) جرى إبعاد 8500 لاجئ من المثلث بعد ضمه إلى إسرائيل.”

•واستشهد موريس بكلام قاله شاريت في نهاية تموز/يوليو 1949 بشأن سكان القرى التي أعطاها الأردن لإسرائيل: “هذه المرة العرب تعلموا الدرس: هم لا يغادرون.. لقد كان هناك على الأقل 25 – 30 ألف عائد.. لم نستطع اقتلاعهم”.

•بناء على ذلك، بعد أن نجحت إسرائيل في “اقتلاع” 4000 إلى 8500 لاجئ بقي في أراضيها 25-39 ألف عربي. وحتى بالاستناد إلى أقل التقديرات (25 ألفاً بقوا و4000 اقتلعوا) انتقل إلى إسرائيل بعد اتفاق الهدنة 29 ألف فلسطيني، ووفقاً للتقديرات الأكثر ارتفاعاً (30 ألفاً و8500 آخرون) فإن عددهم كان 38,500. وهذان العددان الأعلى والأدنى، قريبان من العدد الذي ذكرته (35 ألفاً)، وهما أكثر من العدد الذي ذكره البروفسور موريس بعد “إصلاح الخطأ” وهو (17,500).

•يبقى أن نذكر كيف حرصت إسرائيل على “تطهير” منطقة معينة “تطهيراً إثنياً “كاملاً. (صفحة 334): “في عدة قرى تقع على طول الحدود بين إسرائيل ومنطقة شرقي الأردن ظل جزء منها قائماً، وفي نهاية 1948 ومطلع 1949 كان يقطنها عدد قليل جداً من السكان.. وفي نهاية الأمر أفرغت جميع هذه القرى من سكانها ومحيت من على سطح الأرض، أو أُسكن فيها يهود”.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole