على إسرائيل تشجيع تقديم مساعدات دولية لغزة بالتعاون مع “حماس”

على إسرائيل تشجيع تقديم مساعدات دولية لغزة بالتعاون مع “حماس”
Spread the love

gaza-siege

بقلم: غيورا أيلاند – الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية [“أمان”] ومجلس الأمن القومي —

•لا شك في أن طلاق قذيفة صاروخية على سديروت [جنوب إسرائيل] والرد الإسرائيلي (غارات سلاح الجو) في نهاية الأسبوع الفائت، يعززان المخاوف من احتمال التدهور نحو جولة عنف جديدة في قطاع غزة على غرار تلك التي اندلعت قبل سنتين [عملية “الجرف الصامد” العسكرية الإسرائيلية في صيف 2014]. ومع ذلك ليس من الحتم أن يحدث هذا في حال العمل وفقاً لمصالح إسرائيل الحقيقية في مقابل “حماس”.

•إن مصلحة إسرائيل حيال قطاع غزة أمنية صرف، وهي مؤلفة من عنصرين: الأول، كبح أي عملية إطلاق نار من غزة باتجاه إسرائيل؛ الثاني، إضعاف القدرة العسكرية للقطاع. وفيما عدا ذلك لا توجد لإسرائيل أي مصالح جغرافية أو اقتصادية أو سياسية في غزة.

•وماذا بالنسبة لمصالح حركة “حماس”؟ يمكن القول إن لهذه الحركة مصلحتين أساسيتين هما تحقيق شرعية دولية لحُكمها، والاستناد إلى هذه الشرعية من أجل إقامة بنى تحتية وترميم الاقتصاد في القطاع. وبناء على ذلك فإن تضارب المصالح بين إسرائيل و”حماس” ليس مطلقاً وبالتالي يمكن إيجاد واقع يكون جيداً بما فيه الكفاية للطرفين على حدّ سواء.

•يمكن تحقيق هذا الواقع بواسطة أمرين: من جهة الردّ، بحزم على أي عملية إطلاق نار ضدنا وبذا نحافظ أيضاً على قوة الردع الإسرائيلية، ومن جهة أخرى تقديم ما يلزم من المساعدة، أو على الأقل عدم وضع عراقيل أمام “حماس” تحول دون تحقيق ما هو مهم لها. وأعتقد أنه فيما يتعلق بهذه النقطة الثانية تميل إسرائيل إلى ارتكاب خطأ. هكذا، مثلاً، احتجت إسرائيل لدى الأمم المتحدة قبل عدة أسابيع بأن منظمات الإغاثة العاملة تحت اسمها تمنح الأموال لـ”حماس” وليس للسكان مباشرة. وبرأيي هذا النهج إشكالي للغاية، فإسرائيل لا يمكنها أن تدعي أن “حماس” تتحمل المسؤولية عن كل عملية إطلاق نار من غزة من دون صلة بهوية منفذي العملية، وفي الوقت عينه ألا تعترف بأن “حماس” هي السلطة الحاكمة الشرعية في القطاع.

•وربما يجدر بنا القول أكثر من ذلك: منذ عشر سنوات وغزة هي دولة مستقلة بحكم الأمر الواقع. ولهذه الدولة حدود مُحددة، وسلطة واضحة، وسياسة خارجية مستقلة، وجيش خاص بها. وهذه كلها مزايا دولة. صحيح أن هذه دولة عدو يسيطر عليها أناس أشرار، لكن هذا ليس فقط واقع علينا أن نسلم به، بل هو أيضاً أهون الشرور إذا ما أخذنا في الحسبان البدائل الأخرى المطروحة. وبوسعنا أن نوجد حيال دولة العدو هذه واقعاً ثابتاً يتيح لنا إمكان الحفاظ على مصالحنا وفي مقدمها الحفاظ على الهدوء المتواصل، وبموازاة ذلك يعطي الطرف الآخر أسباباً وجيهة للحفاظ على الهدوء.
•إن المواجهة القاسية [بين إسرائيل و”حماس”] خلال عملية “الجرف الصامد” العسكرية الإسرائيلية اندلعت ليس بسبب تأكل قوة الردع الإسرائيلية، وإنما لأنه بالإضافة إلى “العصي” لم يُعرض على حماس “جزر” أيضاً. وللدقة أكثر، فإن “الجزر” الذي كان (رواتب رجال “حماس”) أخذ منها. وهذه الضائقة دفعت “حماس” لأن تُقدم على ما كان في نظرها الرد الممكن الوحيد على ذلك الحصار، وهو فتح نار الصواريخ.

•ويبدو في الظاهر أننا تعلمنا الدرس من تلك العملية. فقد وافقت إسرائيل بعد شهر واحد من وقف إطلاق النار على عقد مؤتمر دولي يُعنى بإعادة إعمار غزة، لكنها في الوقت عينه أصرّت على أن تقود مصر هذا المؤتمر بينما تعطى أموال إعادة الإعمار إلى السلطة الفلسطينية. وبذا وافقت إسرائيل على أن تمنح هذين اللاعبين الوحيدين غير المعنيين بإعادة إعمار غزة دفّة قيادة عملية إعادة الإعمار.

•إذا لم تشجع إسرائيل تقديم مساعدات دولية إلى غزة بالتعاون التام مع حكومة “حماس”، فمن شأن ذلك أن يتسبب بخوضنا مواجهة عسكرية أخرى في قطاع غزة. وفي حال حدوث ذلك فإن مثل هذه المواجهة لن تكون نتيجة غياب قوة الردع الإسرائيلية بل نتيجة غياب الخطوة المكملة المطلوبة.

المصدر: صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole