الجيش الإسرائيلي يحاول إيجاد حل لأزمة الحرم القدسي

Spread the love

بقلم: أمير أورن – محلل عسكري إسرائيلي —

•في اليوم التالي للهجوم في الحرم القدسي الشريف قبل نحو عشرة أيام، عندما أصبح واضحاً أن الساحة الفلسطينية على شفير توتر حاد، أطلق حاسوب قسم العمليات التابع لهيئة الأركان العامة على هذا الحادث الأمني التسمية التالية: “قوة الجاذبية”. وهذه عبارة عفا عليها الزمن منذ أن كانت الطائرة مركبة جوية صغيرة ومرتفعات الجولان الهضبة السورية.
•كل الحكمة في هذه المرحلة من الأزمة تكمن في استجماع القوة لتفادي جرجرة الأزمة. والهدف الإسرائيلي ينبغي أن يكون عودة الأمور إلى وضعها الطبيعي في موعد لا يتجاوز يوم الخميس القادم، من أجل تهدئة النفوس قبيل صلاة الجمعة في الحرم القدسي الشريف. فمن المحتمل أن يؤدي الامتناع لأسبوعين متتاليين عن الصلاة في الحرم القدسي، احتجاجاً على الأجهزة الإلكترونية التي وضعتها إسرائيل، إلى نقطة اللاعودة في المواجهة.
•ومن أجل التهدئة ينبغي تنفيذ خطوات رمزية تجسد العودة إلى الوضع الراهن في الحرم. عندما يتذمر يعقوف ليتسمان وأرييه درعي من تآكل “الوضع الراهن” المهم بالنسبة إليهما، في الشؤون الدينية الخاصة بهما، يأتي إليهما بنيامين نتنياهو مهرولاً. المسلمون المتدينون لا يختلفون كثيراً عن اليهود الحريديين، باستثناء عدم تمتعهم بالديمقراطية التي تتيح لحزب “شاس” وحزب “يهدوت هتوراه” أن يلجآ إلى المحكمة العليا وأن يعملا على تغيير التشريعات، في حين أن الفلسطينيين لا يستطيعون سوى حشد تأييد خارجي من خلال رفضهم الدخول ضمن هذه الظروف إلى الجبل [الحرم] المقدس في نظرهم.
•في العملية السياسية التي يحاول نتنياهو إحباطها، عندما يضع شرطاً مسبقاً بأن يعترف محمود عباس بإسرائيل كدولة يهودية ويفرض على الصراع القومي بعداً دينياً، وعندما يطرح مجدداً مسألة السيطرة الإسرائيلية على الحرم القدسي الشريف ويذكر الجميع أن لا أحد يعترف بضم القدس الشرقية بما في ذلك حائط المبكى، مثلما تبين في زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. إن الحجة التي تسوقها إسرائيل ضد سيطرة غرباء على حائط المبكى تضعف عندما تصر إسرائيل على التلويح بالسيطرة على الحرم الشريف.
•من أجل استئناف الصلاة كالعادة المطلوب إزالة سمات بارزة جديدة لتدخل إسرائيلي (الأجهزة المغناطيسية الكاشفة عن المعادن) وإعادة ظاهرة للسلطة والمسؤولية لهيئات الوقف المسؤولة عن الحرم القدسي الشريف. وقد ذكّر مسؤولون في المؤسسة الأمنية العسكرية بالأمس أنه طيلة سنوات كثيرة، وقبل أن ألقى جمود حول مواضيع أخرى بظلاله على هذا التفاهم، كانت العين الساهرة على الحرم القدسي لمسؤول الوقف؛ وإسرائيل كانت تعلم لماذا كان هذا الوضع ملائماً لها.
•إن تهريب أسلحة ومتفجرات إلى الحرم القدسي، بهدف تنفيذ اعتداءات فيه أو انطلاقاً منه، لم يكن يوماً طموح عناصر معادية، وإن كان هناك شيء من ذلك، فقد أُحبط من دون ضجيج إعلامي. وقد حولت قصة الكشف عن المعادن هذا التوجه إلى سيناريو تهديد مرجعي. وهنا يكمن فشل ذريع في التفكير: إذا كان التفتيش من شأنه أن يتحدى إلى هذا الحد أولئك الذين يحاولون تهريب وسائل قتالية إلى الحرم القدسي، فهو سيحفزهم على التفتيش عن طرق للالتفاف عليه، جواً أو من خلال أنفاق. وقد كانت هناك مجموعات مصممة، أيضاً في القدس، هربت مدافع رشاشة ومواد ناسفة إلى أهداف أكثر تحصيناً.
•وفي المحصلة، أجهزة الكشف عن المعادن ستفيد لفترة وجيزة فقط وبدرجة محدودة، إلى حين يجد المهاجم حيلة للتغلب على الدرع. وبما أن المهمة- منع هجوم آخر على غرار 14 تموز/يوليو- من المفترض أن تشتق من الهدف وليس العكس، والهدف هو تعزيز الأمن الإسرائيلي في الساحة الفلسطينية، فإبقاء الأجهزة الإلكترونية لدواعي هيبة جوفاء يحبط الهدف. كما أنه يرتب على الجيش الإسرائيلي إيقاف خمس كتائب عن القيام بمهماتها المعتادة، وهذا يضر بتدريب القوات وإعدادها للحرب. وبالطبع هناك خطر وقوع اعتداءات على غرار هجوم [مستوطنة] حلميش. والغريب أن نتنياهو ووزراءه يكررون اتهاماتهم للسلطة الفلسطينية بتحريض القتلة وكأن هؤلاء روبوتات بشرية مرسلين من منشوريا، مغسولي الأدمغة، ولم يصلوا إلى استنتاجاتهم القاتلة بطرقهم الذاتية. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن نتنياهو لم يدن يوماً الحاخامات الذين أثروا في خطبهم على يغآل أمير.
•ونظراً إلى أنه لا يمكن عدم القيام بشيء ما، ومطلوب عين ساهرة من نوع ما، ناقشت بالأمس جهات متعددة حزمة بدائل. ومن جملة هذه البدائل، بطاقة تعطى للمصلين سنوياً من قبل دائرة الأوقاف، من دون أي تدخل إسرائيلي، في نقاط مختلفة من القدس، وفي أرجاء إسرائيل، وفي الضفة وبالذات في كل مكان خارجها، وفقاً لرغبة مصدّري البطاقات والمحتاجين إليها. ويستطيع زوار الحرم القدسي الدخول من دون تأخير بعد تقديم بطاقة لقارئ باركود ويجري تسجيل دخولهم. وإذا وقع هجوم يصبح فك التشفير أسهل. البطاقات لن تمنع الاعتداءات بالفعل، لكن الأجهزة الكاشفة كذلك. وهذا بديل بيومتري عن الأجهزة المغناطيسية.
•مثل هذه الفكرة وغيرها يتم التداول فيها في الحلقة الضيقة لمنسق النشاطات في المناطق [المحتلة] اللواء يوآف مردخاي، وهو عنصر حيوي في مثلث يضم كلاً من رئيس هيئة الأركان العامة غادي أيزنكوت وقائد القيادة الوسطى روني نوما، وقد يجري تضمينها في صيغة حل قد يجري تبنيها في مفاوضات سرية يتم إعلانها بدعم هيئات إسلامية وعربية ومن قوى كبرى، من معلمي مدارس محترمين إلى ملكي الأردن والسعودية، وفلاديمير بوتين ودونالد ترامب. وهذه المرة، ليست العجلة من الشيطان. باقي ثلاثة أيام فقط، المماطلة ممنوعة.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole