أبعاد شخصية الإمام علي

Spread the love

بقلم: د. هيثم مزاحم – ظهرت شخصية الإمام علي بن أبي طالب في المخيال الشعبي بصورة الفتى الشجاع الذي ربّاه ابن عمه النبي محمد(ص) وكان أول المسلمين، وأشجعهم في المعارك ضد المشركين، حتى تنقل رواية عن النبي تقول: بُني الإسلام على ثلاث: دين محمد ومال خديجة وسيف علي. أما في العقيدة الشيعية فهو الإمام المنصوص عليه من الله والمعصوم من الخطأ والملهم من الله بعلم لدني، تفوق مرتبته مرتبة الأنبياء. ويذهب بعض المغالين إلى منحه قدرات وبعض من مهام الله كالولاية التكوينية.
لكن الأهم من هذين التصورين هو الشخصية الروحية والإنسانية للإمام علي، في أبعادها الروحي والفلسفي والسياسي، ولعل ما نقل عنه في “نهج البلاغة” من أقوال وحكم تبرز الجانب الفلسفي، فيما تظهر عظمة فكره السياسي في كتاب “عهد الأشتر” وهي رسالة سياسية وجّهها إلى عامله على مصر مالك الأشتر يوصيه فيها بطريقة الحكم والتعاطي مع الرعية. أما سلوكه الروحي والعرفاني فكان نموذجاً جعله المثال الأول للصوفيين والعارفين.
وكان البعد الإنساني في شخصيته وسلوكه خلال مسيرته الدينية والسياسة هو الأهم حيث حاول ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الرعية. ولعل قوله:” إنّ إمرتكم هذه لا تساوي شسع نعلي ما لم أقم بها عدلاً وأدخر باطلاً” يفيد بذلك.
وحتى عندما ضربه عبد الله بن ملجم بالسيف على رأسه وهو في المحراب، أوصى ابنه بالاقتصاص من ابن ملجم بضربة سيف واحدة في حال استشهاده.
وقد لخّص قول النبي (ص)، الذي يتفق عليه المسلمون، “علي مع الحق والحق مع علي، يدور معه حيثما دار”، موقع الإمام علي في الإسلام، وكذلك قوله له: “لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا كافر”. لذلك تجد جميع المذاهب الإسلامية سنة وشيعة، باستثناء الخوارج ومتطرفي الوهابية، يقدسون الإمام علي كواحد من أهل الكساء وآل البيت، وأحد الخلفاء الراشدين الأربعة، وصحابي جليل علّمه النبي ما جاءه من الله وقال فيه: أنا مدينة العلم وعلي بابها.
وهكذا لفتت شخصية علي الكثير من الباحثين والمؤرخين من جميع المذاهب والأديان، وكتبوا فيه كتباً في تراثه الديني والسياسي والفلسفي والإنساني. وما أحوجنا نحن المسلمين إلى الاقتداء بالإمام علي في وحدتنا ونبذ خلافاتنا من أجل حفظ بيضة الإسلام، وكذلك في تعاملنا مع غير المسلمين اقتداء بقوله: “الناس اثنان: أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق”.

Optimized by Optimole