توم هانكس: يجب تعريف الجميع بمجزرة تولسا بحق الأميركيين الأفارقة

Spread the love

 

كتب الممثل الأميركي الشهير توم هانكس مقالة في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية تناولت مجزرة مدينة تولسا في ولاية أوكلاهوما ضد الأميركيين الأفارقة في يومي 31 أيار / مايو والأول

من حزيران يونيو عام 1921.

وقال هاكس: أنا أعتبر نفسي مؤرخاً يتحدث كثيراً في حفلات العشاء، وبعض الأعمال التي أقوم بها هي صناعة ترفيه قائمة على أساس تاريخي. هل تعلم أن رئيسنا الثاني دافع ذات مرة أمام المحكمة عن جنود بريطانيين أطلقوا النار على المستعمرين من بوسطن وقتلوهم – وأبعدهم عن معظمهم؟

وأضاف: حسبما أذكر، تضمنت أربع سنوات من تعليمي دراسة التاريخ الأميركي. الصفان الخامس والثامن، ونحو ثلاثة فصول في الجامعة.. ومنذ ذلك الوقت، قرأت التاريخ من أجل المتعة وشاهدت الأفلام الوثائقية كخيار أول. كان العديد من هذه الأعمال وتلك الكتب المدرسية عن الأشخاص البيض والتاريخ الأبيض. الشخصيات السوداء القليلة التي قرأت عنها هم: فريدريك دوغلاس، هارييت توبمان، القس الدكتور مارتن لوثر كينغ جونيور، هم أولئك الذين أنجزوا الكثير على الرغم من العبودية والفصل العنصري والظلم المؤسسي في المجتمع الأميركي.

وأوضح هانكس: لكن طوال فترة دراستي، لم أقرأ أبداً صفحة من أي كتاب تاريخ مدرسي حول كيف أحرق حشد من البيض في عام 1921 مكاناً يُدعى “بلاك وول ستريت” (وول ستريت الأسود)، وقتلوا ما يصل إلى 300 من مواطنيه السود وشردوا الآلاف من الأميركيين الأفارقة الذين عاشوا في تولسا، أوكلاهاما.

وأشار إلى أن كتب التاريخ تكتب في الغالب من قبل أشخاص بيض عن البيض، في حين أن تاريخ السود – بما في ذلك أهوال تولسا – غالباً ما يتم استبعاده من هذه الكتب. وحتى وقت قريب نسبياً، كانت صناعة الترفيه، التي تساعد في تشكيل التاريخ وما هو منسي منه، تفعل الشيء نفسه. كنت على علم بالهجوم على فورت سمتر، آخر معركة للجنرال جورج لكستر، وهجوم بيرل هاربور، لكنني لم أكن أعرف عن مذبحة تولسا حتى العام الماضي، وذلك بفضل مقال في صحيفة “نيويورك تايمز”.

بدلاً من ذلك، في دروس التاريخ، علمت أن قانون الطوابع البريطاني ساعد في الوصول إلى حفل “شاي بوسطن”، وأننا “كنا” شعباً حراً لأن إعلان الاستقلال نص على أن “جميع الرجال خلقوا متساوين”. .. أخبرتنا كتبنا المدرسية عن شراء لويزيانا، وفيضان جونستاون في بنسلفانيا، وزلزال سان فرانسيسكو العظيم الخ..

لكن تولسا لم تكن أكثر من مدينة في البراري. حصل سباق الأحصنة العروف بـ”أوكلاهوما لاند راش” على بعض الفقرات في إحدى سنوات الدراسة تلك، ولكن لم يتم ذكر واقعة حرق السكان السود الذين عاشوا هناك عام 1921. وتعلمت أنه لم يكن هناك عنف ضد السود (الأميركيين الأفارفة) على المستويات الكبيرة والصغيرة، خاصة بين نهاية إعادة الإعمار وانتصارات حركة الحقوق المدنية، ولم يكن هناك شيء في مذبحة سلوكم ضد السكان السود (الأميركيين الأفارفة) في تكساس على يد حشد من البيض في عام 1910 أو الصيف الأحمر لإرهاب التفوق الأبيض في عام 1919. قيل لكثير من الطلاب مثلي أن إعدام الأميركيين السود (الأميركيين الأفارفة) كان مأساوياً ولكن لم يخبروني بأن جرائم القتل هذه كانت شائعة وأنعها كثيراً ما أشادت بها الصحف المحلية وجهات إنفاذ القانون.

وأضاف هانكس: بالنسبة لطفل أبيض يعيش في الأحياء البيضاء في أوكلاند، كاليفورنيا، بدت مدينتي في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي متكاملة ومتنوعة ولكنها غالباً ما شعرت بالتوتر والاستقطاب، كما كان واضحاً في العديد من حافلات النقل. إذ بدا التقسيم بين أميركا البيضاء وأمريكا السوداء متيناً مثل أي حدود دولية حتى في واحدة من أكثر المدن تكاملاً في البلاد. كان لدى مدرسة بريت هارت جونيور الثانوية وسكايلاين طلاب من الآسيويين واللاتينيين والسود (الأميركيين الأفارفة)، لكن هذه المدارس كانت في الغالب من البيض. لا يبدو أن هذا هو الحال في المدارس الثانوية العامة الأخرى في المدينة.

وتابع: لقد تلقينا دروساً حول إعلان التحرر، ومنظمة “كو كلوكس كلان” اليمينية المتطرفة، والبطولة الجريئة للناشطة روزا باركس في مقاطعة الباصات بسبب تمييزها العرقي ضد الأميركيين الأفارفة، وحتى وفاة الأميركي الأفريقي كريسبوك أتاكس في مذبحة بوسطن. كانت أجزاء من المدن الأميركية مشتعلة في بعض النقاط منذ أحداث الشغب في واتس في عام 1965، وكانت أوكلاند موطن الفهود السود والمركز التعريفي للتجنيد في حقبة حرب فيتنام، لذلك كان التاريخ يلعب أمام أعيننا، في مسقط رأسنا. كانت القضايا لا تعد ولا تحصى، الحلول نظرية، الدروس قليلة، العناوين مستمرة. لكن تم تجاهل حقيقة تولسا، والعنف المتكرر من قبل بعض الأميركيين البيض ضد الأميركيين الأفارفة، بشكل منهجي، ربما لأنه كان ذلك يعتبر صريحاً للغاية، ودرساً مؤلماً للغاية لآذاننا البيضاء الشابة. لذلك، مدارسنا ذات الغالبية البيضاء لم تدرس عن مجزرة تولسا، ولم تنِرنا بذلك أعمالنا الجماهيرية للخيال التاريخي، ولم تتناول صناعة السينما التي اخترتها الموضوع في الأفلام حتى وقت قريب.

ويبدو أن المعلمين البيض ومديري المدارس (حتى لو علموا بمذبحة تولسا، فالبعض بالتأكيد لم يعلموا بها) قد أغفلوا الموضوع من أجل الوضع الراهن المتطاير، وفضّلوا المشاعر البيضاء على تجربة الأميركيين الأفارفة.

وتساءل هانكس: ما مدى اختلاف وجهات النظر لو أننا تعلمنا جميعاً عن تولسا في عام 1921، حتى في وقت مبكر من الصف الخامس؟

وقال: اليوم، أجد أن الإغفال مأساوي، وفرصة ضائعة، لقد ضاعت لحظة قابلة للتعليم. عندما يسمع الناس عن العنصرية النظامية في أميركا، فإن مجرد استخدام هذه الكلمات يثير حفيظة أولئك البيض الذين يصرون على أنه منذ 4 تموز / يوليو 1776، كنا جميعاً أحراراً وقد خلقنا جميعاً على قدم المساواة، وأن أي أميركي يمكنه أن يصبح رئيساً واستقلال سيارة أجرة في  مانهاتن بغض النظر عن لون بشرتنا. فالتقدم الأميركي نحو العدالة للجميع يمكن أن يكون بطيئاً ولكنه يظل بلا هوادة، قل ذلك للناجين من نحو قرن من تولسا وذريتهم. وعلّموا الحقيقة للأحفاد البيض من الغوغاء الذين دمروا “بلاك وول ستريت”.

وأضاف: اليوم، أعتقد أن الترفيه الخيالي القائم على التاريخ يجب أن يصوّر عبء العنصرية في أمتنا لإثبات المصداقية والأصالة، فحتى وقت قريب، لم يتم مشاهدة مذبحة تولسا في الأفلام والبرامج التلفزيونية. وبفضل العديد من المشاريع التي يتم بثها حالياً، لم يعد هذا هو الحال. مثل الوثائق التاريخية الأخرى التي ترسم خريطة حمضنا النووي الثقافي، فإنها ستعكس من نحن حقيقة تساعد في تحديد ما هو تاريخنا الكامل، وما يجب أن نتذكره.

وتساءل الكاتب قائلاً: هل يجب أن تعلّم مدارسنا الآن الحقيقة حول تولسا؟ نعم، ويجب عليهم أيضاً إيقاف معركة تبييض المناهج الدراسية لتجنب إزعاج الطلاب. فتاريخ أمريكا فوضوي ولكن معرفة ذلك يجعلنا شعباً أكثر حكمة وأقوى. 1921 هي الحقيقة، بوابة لتاريخنا المشترك المتناقض. فلم يكن مسموحاً بوجود منطقة “وول ستريت” الأميركية الأفريقية، وتم حرقها وتحويلها إلى رماد.

وختم هانكس قائلاً: بعد أكثر من 20 عاماً، انتصرت الحرب العالمية الثانية على الرغم من الفصل العنصري المؤسسي، وبعد أكثر من 20 عاماً لاحقة من ذلك، وضعت بعثات أبولو 12 رجلاً على سطح القمر بينما كان الآخرون يكافحون للتصويت، وأظهر نشر أوراق البنتاغون مدى استعداد المسؤولين المنتخبين لدينا للكذب علينا بشكل منهجي. يؤرخ كل درس من هذه الدروس سعينا للوفاء بوعد أرضنا، لقول الحقائق التي يفترض أن تعتبر بديهية في أميركا.

نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم

عن الميادين نت

Optimized by Optimole