Ynet: درس خيانة ترامب للأكراد

دونالد ترامب
Spread the love

د. نحمان شاي – أستاذ زائر في جامعة إيمري في أتلنتا، وعضو كنيست سابق، وناطق سابق بلسان الجيش الإسرائيلي/

في إسرائيل يحبون استخدام تعبير “فيلا في غابة”. هذا يسهل لنا الحياة. نحن في الداخل، في فيلا، وهم في الخارج، في الغابة. ونحن واثقون بأننا إذا أغلقنا النوافذ والأبواب بإحكام وشغّلنا المكيف – سننسى أين نعيش. لكن هذا لم يعد ينفع بعد الآن. وفي الأسبوع الماضي حصلنا على دليل قاطع على أن الفيلا هي لنا – مع التكنولوجيا والهاي تك والثقافة الغربية – بل أيضاً أن الغابة من حولنا هي لنا ونحن لها.
فعل الخيانة الذي ارتكبته الولايات المتحدة بحق الأكراد خرق سقف المنزل وأجبرنا على الخروج من طمأنينتنا، وله أهمية هائلة تتخطى أي قرار آخر اتخذه الرئيس دونالد ترامب. التخلي عن الأكراد، بعد أن خدموا جيداً وبدماء غالية مصالح دول الغرب بصورة عامة والولايات المتحدة بصورة خاصة، هو أمر يجب أن نستوعبه جيداً.
مثل الأكراد، نحن أيضاً أقلية في الشرق الأوسط. وليس صدفة أن دافيد بن- غوريون دعا في حينه إلى قيام حلف للأقليات غير العربية في المنطقة. لقد فهم أن هذا الحلف سيكون المعسكر القادر على موازنة القوة والحجم الكبير للعرب من حولنا. لقد حققت إسرائيل إلى حد بعيد هذه الرؤية، وأقامت علاقات مع الأقلية الكردية والأقلية الدرزية ومع المسيحيين في لبنان. وفي مرحلة معينة أقامت مثلثاً استراتيجياً مع إيران وتركيا. في نهاية الأمر انهار هذا المثلث.
الأقلية اليهودية تمكنت من إقامة دولة، لكن في جميع حروبها، باستثناء واحدة، حرب قادش [العدوان الثلاثي على مصر في سنة 1956]، كانت وحدها. في حرب قادش، وبعد “الحلف” بيننا وبين فرنسا وإنكلترا، الذي في سياقه تمكنا من احتلال نصف شبه جزيرة سيناء، اضطررنا إلى الانسحاب بمهانة كبيرة تحت ضغط أميركي شديد. فرنسا تخلت عنا قبل حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967] وأرسلتنا إلى القتال وحدنا. الولايات المتحدة رافقتنا من بعيد في الأيام الحساسة في حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973] وفقط قبل نهايتها زادت جسرها الجوي، وبرزت كوسيطة (هنري كيسنجر)، وساعدت في التوصل إلى وقف إطلاق النار، وإلى فصل القوات، وفي النهاية إلى السلام. ويجب أن نقول لها شكراً جزيلاً على ذلك.
مؤخراً جرى الحديث عن حلف دفاعي بين إسرائيل والولايات المتحدة. الفكرة جميلة، وعلى الرغم من أنها طُرحت لأغراض انتخابية، فإنني لا أرفضها. في الإمكان طبعاً أن يستند الخط الأول لبقائنا في المنطقة على تحالفات وعلاقات علنية وسرية مع دول مجاورة، لكن بالإضافة إلى هذا الخط، يختبىء الخط الثاني وهو صحيح الآن أكثر من أي وقت مضى: يجب على دولة إسرائيل أن تؤسس وجودها وأمنها بالاعتماد على قوتها فقط. بهذه الطريقة فقط ستنجو، وفقط بذلك ستقلل من خطر تخلي أحد ما عنا في وقت الشدة.
من المعقول ألّا ينقلب علينا ترامب غدأ أو بعد غد. وعلى الرغم من تصريحاته (“من المؤسف أننا دخلنا إلى الشرق الأوسط”)، فإنه لا يزال هناك قوى كبيرة في الكونغرس وفي المؤسسة الأمنية – السياسية وفي الرأي العام تدعم إسرائيل، وتقدّر مكانتها الإقليمية، ومستعدة لمساعدتها. لكن التجربة الكردية تدل على أن كل شيء يمكن أن يتغير فجأة. المصالح تأتي وتذهب. في هذه الأيام بالذات، وعندما ننظر إلى الوراء، إلى حروب إسرائيل، نتذكر أن هذه القوة هي المرساة الأساسية التي يمكننا الاعتماد عليها.

المصدر: موقع Ynet الاسرائيلي – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole