Ynet: “حماس” ومؤيدوها يريدون انتفاضة ثالثة

Spread the love

رون بن يشاي – محلل عسكري الاسرائيلي/
حتى كتابة هذه السطور لم يُلق القبض بعد على قاتل دافير (يهودا) شوراك [تجدر الإشارة إلى أن السلطات الإسرائيلية ألقت القبض على فلسطينيين من الضفة الغربية]، لذلك لا يمكن أن ندل على الشخص الذي قام بذلك، وأيضاً على من خطط لذلك. لا يزال هناك احتمال أن يكون ما جرى هو عمل عفوي قام به فلسطيني أو فلسطينيان تزامن وصول سيارتهم إلى مدخل كيبوتس مغدال عوز، بالضبط في اللحظة التي نزل فيها دافير شوراك من الباص الذي أقله من القدس مع مجموعة كتب اشتراها كهدية إلى حاخامي اليشيفيا [المدرسة الدينية] التي درس فيها في مناسبة نهاية السنة. لكن من المحتمل أن ما جرى لم يكن صدفة.
دافير الذي كان يتدرب على الكاراتيه يبدو أنه جُرح لدى طعنه. الدليل على ذلك أنه لم يتمكن رمي رزمة الكتب التي كانت معه، كي يحرر يديه لتعارك مع من هاجمه. ومن المعقول التقدير أن دافير كان ضحية كمين مخطط له، حتى لو أن هذا الكمين نصبه مخرب أو اثنان، عندما شاهدا دافير ينزل من الباص.
ما يعزز التقدير أن ما جرى هو كمين مخطط له الظروف السائدة على الأرض التي وقع فيها الهجوم. إن المنطقة الممتدة من بيت لحم جنوباً والقرى العربية حول غوش عتسيون ومدينة الخليل جنوبها، تتماهى تقليدياً مع “حماس”، وتتأثر جداً بالتحريض الحماسي، وخصوصاً بنشاط “قيادة الضفة” التي تعمل من قطاع غزة وتبذل جهداً دائماً للقيام بهجمات قاسية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. وحتى لو كان ما جرى هجوماً عفوياً، من المعقول الافتراض أن من نفذه عمل بوحي من تأثير “حماس” وتحريضها.
ما الذي تحاول “حماس” تحقيقه؟

تحاول “حماس” تحقيق أمرين: الأول، تحقيق هدفها كمقاومة إسلامية تقاتل إسرائيل بلا هوادة حتى زوال الدولة اليهودية من الوجود. لأسباب سياسية وتكتيكية لا ترغب “حماس” حالياً في القيام بعمليات من قطاع غزة الذي تفرض على فرض سيطرتها عليه، لذلك ترغب في تسوية مع إسرائيل. هذا هو على الأقل الخط الذي يقوده يحيى السنوار، زعيم الحركة في القطاع.
رئيسا الذراع العسكرية محمد ضيف ومروان عيسى، لا يفكران مثله، لكنهما حتى الآن يقبلان الخط الذي يمليه السنوار، وأيضاً لأن ليس لديهما خيار كبير. قدرتهما على القيام بهجوم من القطاع من دون المجازفة بعملية إسرائيلية كبيرة في غزة يمكن أن تنهي الذراع العسكرية، وقدراتهما ليست كبيرة. هما يتخوفان من مثل هذه العملية، لذلك اختارت زعامة “حماس” في غزة مع كل فصائلها وبموافقة حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، تركيز العمليات في الضفة الغربية. والهدف، بالإضافة إلى المس بإسرائيل وبالإحساس بالأمن لدى الإسرائيليين وسكان الضفة، هو زعزعة استقرار سلطة أبو مازن وتحريض الشباب في الضفة الغربية.
الهدف الثاني؛ تريد “حماس” قيام انتفاضة ثالثة تؤذي المستوطنين بشدة، وفي الوقت عينه تمس بحكم السلطة الفلسطينية. ومثلما يحاول أبو مازن دفع “حماس” إلى مواجهة مع إسرائيل ويأمل في نهايتها بدخول الجيش الإسرائيلي إلى قطاع غزة وإسقاط سلطة “حماس”، كذلك تحاول “حماس” إحداث صدام بين الجيش الإسرائيلي وسكان الضفة يؤدي إلى أعمال شغب ومواجهة بالسلاح بين السلطة وإسرائيل، وبين السلطة والشبان الفلسطينيين. بهذه الاستراتيجيا تعطي “حماس” دوراً مهماً لمثيري الشغب اليهود كي يقوموا بأعمال عنف إرهابية معروفة تحت اسم “جباية الثمن” ضد الفلسطينيين، ويساهموا في تأجيج الشارع الفلسطيني، ونتيجة ذلك ينهار حكم أبو مازن.
تعمل قيادة الضفة التي تغطيها “حماس” مثل لاعب البلياردو الذي يضرب كرة واحدة على أمل إصابة عدة كرات، وبذلك ينهار حكم السلطة. جميع الناشطين المركزيين في قيادة الضفة في القطاع من الفلسطينيين هم من سكان الضفة الغربية، وأُطلق سراح أغلبيتهم في إطار صفقة شاليط، وهم يعملون بواسطة الإنترنت والهواتف النقالة وتحت غطاء منظمات إغاثة دولية، وهم أشخاص يعرفون كل أفراد عائلاتهم في الضفة الغربية، وخصوصاً في المنطقة المحيطة بالخليل. المعطى المدهش حتى الآن، هو أنه منذ بداية سنة 2019 نجح الشاباك في إحباط 300 هجوم مهم بادر إليه مخربون عملت أغلبيتهم بإمرة قيادة الضفة في “حماس” في القطاع، وجزء منهم كان تابعاً لتنظيمات أُخرى، أو كانوا مهاجمين أفراد. وليس المقصود إلقاء حجارة وزجاجات حارقة، بل إطلاق نار وعبوات، وعمليات دهس، وفي الأساس محاولات خطف.
” آلة جز عشب استخباراتية”

تقريباً هجومان يومياً كانا سيقعان لو لم يقُم الشاباك بإحباط هذه الخلايا والمبادرات الإرهابية. والمقصود ليس تحذيرات من هجوم إرهابي، بل هجمات كانت في مراحل التحضير، مثل إلقاء القبض على خلية في الخليل كانت على وشك وضع عبوة ناسفة مليئة بالمسامير والبراغي والكرات المعدنية في القدس. وكما قلنا مئات من هذه الهجمات لو كانت حدثت لكانت تسببت بانتفاضة ثالثة، وبانهيار سلطة أبو مازن، وقد أحبطها الشاباك. لقد عانت “حماس”، وفي الأساس قيادة الضفة التي تعمل في القطاع، جرّاء مجموعة ضربات وإهانات، لذلك من المحتمل أن الهجوم القاتل [في غوش عتسيون] كان بمبادرة من “حماس”، وهدفه إنقاذ كرامة الحركة، وخصوصاً بعد الكشف عن خلية العبوة في الخليل وتوقيفها. ومن المحتمل جداً أن ما حدث هو مبادرة مشتركة بين “حماس” والجهاد الإسلامي الفلسطيني، لأن لدى التنظيمين شخصاً أو شخصين مستعدين لأن يُقتلوا مع علمهما مسبقاً بأن الشاباك سيتغلب عليهما في نهاية الأمر.
ضمن هذا السياق تجدر الإشارة إلى أنه منذ بداية السنة جرى تنفيذ 30 هجوماً قاسياً ضد يهود وإسرائيليين في الضفة الغربية وفي القدس، أغلبيتها الساحقة كانت هجمات قام بها أفراد، وفقط قلة منها بادرت إليها “حماس” والجهاد الإسلامي.
كالعادة، طالبت زعامة المستوطنين بـ “تعزيز الردع” بواسطة الحواجز، والدخول إلى القرى العربية وأعمال أُخرى تضر بنسيج حياة الفلسطينيين، وخصوصاً بحُرية تنقلهم وقدرتهم على كسب رزقهم. وباسم “الردع”، تحاول القيادة السياسية للمستوطنين التسبب بغليان وحتى تهجير الفلسطينيين من المناطق، لكنها تعلم أن مطالبتها بالردع مبالَغ فيها. يستخدم الشاباك تقنيات تحقيق حديثة و”استخبارات بشرية” مع استخبارات وعمليات إحباط تقنية. كل ذلك للحصول على معلومات تمنع عاجلاً أم آجلاً أي هجوم. جزء من المهاجمين يُقتلون عندما يجري إلقاء القبض عليهم، وأي فلسطيني يذهب للقيام بعمليات قتل في الضفة يعلم جيداً أنه قد يُقتل أو قد يقضي سنوات طويلة في السجن. لكن كيف تردع شخصاً مستعداً للموت ويعلم بوضوح أن عائلته ستتعرض للأذى أيضاً؟
الطريقة الأشد ردعاً هي، تحديداً، منع وقوع الهجوم، لأنه حتى الفلسطيني المستعد للاستشهاد لا يريد البقاء عشرات السنوات في سجن إسرائيلي أو أن يقتل خلال توقيفه قبل أن يقوم بالهجوم الذي خطط له.
يجب الاعتراف بحقيقة أن هناك فلسطينيين يفقدهم الاحتلال الإسرائيلي ورغبتهم في الانتقام صوابهم ويتغلب لديهم على أي اعتبار عقلاني. من حين إلى آخر ينجح هؤلاء في قتل يهودي إذا سنحت لهم الفرصة. وأفضل أداة لمنع ذلك هي استخدام جيد للاستخبارات، ومزيج من التكنولوجيا والاستخبارات البشرية، والاعتقالات، والتحقيقات، وهذا كفيل في نهاية الأمر بإحباط الهجمات، وأيضاً بردع ومنع انضمام فلسطينيين آخرين إلى دائرة المهاجمين، من دون المس بنسيج حياة السكان الفلسطينيين الذين لا دخل لهم بذلك. هذا المزيج الذي يستخدمه الجيش الإسرائيلي والشاباك والشرطة بين “آلة جز عشب استخباراتية” وبين استمرار الحياة الطبيعية بقدر الممكن لدى الفلسطينيين الذي يعيشون تحت السلطة الإسرائيلية، هو حالياً أفضل وصفة يمكن استخدامها لمواجهة الإرهاب الفلسطيني، وهو الذي سيؤدي إلى تصفية قاتلي أو قاتل دافير شوراك.
تظاهرات الاحتجاج لناشطين يهود التي جرت الليلة على تقاطع الطرقات في الضفة الغربية يمكن أن نفهم أنها وسيلة للتخفيف من غضبهم، لكنها لا تساعد في شيء في القضاء على الإرهاب، كذلك أيضاً السياسيون من اليمين ومن الوسط الذين لا يساعدون في شيء، باستثناء التلاعب بالمشاعر والتهييج. يجب أن نقول للجميع اتركوا الشاباك والجيش يقومان بعملهما.
المصدر: موقع Ynet الاسرائيلي _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole