“واشنطن بوست”: حزب الله يعرِض قوته ويوفّر وَقوداً إيرانياً مجانياً

حزب الله يعرِض قوته ويوفّر وَقوداً إيرانياً مجانياً
Spread the love

قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، في تقرير أعده مراسلوها في بيروت، ونُشر اليوم الجمعة، إن الحكومة اللبنانية الجديدة باشرت عملها في بداية مشؤومة هذا الأسبوع، حينما اجتمع أعضاء مجلس النواب من أجل منح الثقة للتشكيلة الوزارية، إذ انقطعت الكهرباء – وهو أمر شائع هذه الأيام – وغرقت القاعة في الظلام.

وجاء حزب الله للإنقاذ، بحيث وفّر النائب عن الحزب، إبراهيم الموسوي، بسرعة مولِّدين من مكاتب التنظيم. وقال، في مقطع فيديو، نُشر في إنستغرام، “أهلاً وسهلاً”، وهو يعرض المولّدين في مأرب للسيارات في الخارج، مع وعود بأن المولدين سيبقيان في حال أيّ انقطاع في التيار الكهربائي في البرلمان في المستقبل.

وأضافت الصحيفة أن الكهرباء عادت، ولم تعد هناك حاجة إلى المولدين. لكنّ الحادثة قدَّمت فرصة جديدة إلى ـ«حزب الله» لتذكير اللبنانيين بمَن يملك سلطة حقيقية في بلادهم التي تنهار باطّراد.

وقال التقرير إن حزب الله كان يتباهى بنفوذه، من خلال ترتيب شحنات المازوت من راعيته إيران، للمساعدة على تخفيف النقص المزمن في الكهرباء، والذي جعل اللبنانيين يعتمدون على المولِّدات مدةً تصل إلى 24 ساعة في اليوم.

وأشارت إلى أن الكميات المعنية ضئيلة مقارنة بالاحتياجات الهائلة، فلقد جلبت الشحنة الأولى، الأسبوع الماضي، 33000 طن، وهو جزء بسيط من إجمالي الاستهلاك اليومي للبلاد. وقال حزب الله، اليوم الجمعة، إن شحنة ثانية يُتوقَّع أن تكون مساوية للشحنة الأولى، وصلت إلى سوريا.

وزعمت الصحيفة أن حزب الله انتهز الفرصة لتصوير نفسه على أنه المنقذ، وجعل الوقود متاحاً ومجاناً للمستشفيات والمؤسسات الخيرية وخدمات الطوارئ والبلديات والمؤسسات الأخرى التي تعطّلت خدماتها بسبب النقص في الكهرباء.

وأشارت إلى أن من بين المستفيدين من الوَقود المجاني دارَ رعاية مسيحيةً مارونيةً لرعاية المسنّين في حيّ عين الرمانة، الذي تقطنه أغلبية مسيحية في بيروت. وتعتني هذه الدار بـ85 مسنّاً مسيحياً، وتعتمد على الصَّدَقات للصمود.

وقال مالك مارون، مدير دار المسنين، “كان وضعنا سيئاً. لم يكن لدينا مازوت ولا كهرباء على الإطلاق”. وبعد أن اتَّصل كاهن برقم مخصَّص لمن يبحثون عن إمدادات، قدَّم حزب الله إلى دار الرعاية 2500 ليتر من الوقود، تكفي لتوفير الكهرباء لمدة أسبوعين. وأضاف “سنأخذ أيَّ تبرع من أي شخص ما دام غيرَ مشروط”.

وأضافت الصحيفة أن دار الرعاية هذه ليست وحدها التي تلقّت تبرُّعات المازوت من حزب الله. ففي مقطع فيديو تم نشره في وسائل التواصل الاجتماعي، أعربت راهبة ممتنةً عن شكرها للأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، على الإمداد “السخيّ” بالوقود لدار أيتامها. وقالت “أسأل الله له التوفيق والعافية”.

وقال محلّل الطاقة بشار الحلبي إن حزب الله أظهر، في هذه الهِبَات، قدرتَه على التفوُّق على الدولة اللبنانية، وعلى الولايات المتحدة أيضاً، وعلى نظام العقوبات الذي تفرضه على إيران وحزب الله.

لقد ترك الانهيار في لبنان، اقتصادياً ومالياً، حكومتَه غير قادرة على توفير أكثر من بضع ساعات من الكهرباء في اليوم. وتوفير الوقود لتشغيل المولِّدات، التي يعتمد عليها البلد بأكمله، يتمّ بصورة شحيحة جداً.

وأوضحت “واشنطن بوست” أن حزب الله جزء لا يتجزأ من الدولة اللبنانية، وله وزراء في الحكومة، وممثلون في مجلس النواب. ودعم تشكيل الحكومة الجديدة، والتي طال انتظارها، برئاسة الملياردير نجيب ميقاتي. وعمل “صانِعَ ملوك” في المفاوضات بين الفصائل المتنازعة الأخرى في البلاد، والتي استمرت أكثرَ من عام، من أجل التوافق على تشكيل الحكومة.

وادَّعت الصحيفة أن تسليم الوقود بدا أنه يهدف إلى تقويض سلطة الحكومة الجديدة، حتى قبل أن تحصل على الثقة الرسمية، الأمر الذي يُبرز ضَعف الدولة ومؤسساتها. وقالت إن حزب الله، إلى جانب دعمه الحكومة، “يدير ما يرقى إلى مستوى دولة موازية، بميليشياته الخاصة، وشبكات الخدمات الاجتماعية، وأساليب التجارة غير القانونية، والتي نشرها لنقل الوقود”.

وأوضحت أن حزب الله قام بترتيب طريقة إيصال المازوت إلى لبنان من أجل ضمان عدم حدوث اتّصال بالكيانات الحكومية أو الموظفين الحكوميين، وبالتالي تجنّب العقوبات الأميركية ضد لبنان، والتي قد تنطلق إذا كانت الحكومة متورطة في استيراد النفط الإيراني، إذ تم شحن الوقود بواسطة ناقلة إيرانية إلى ميناء بانياس السوري، الخاضع فعلاً للعقوبات الأميركية، ثم تمّ تحميله في شاحنات تابعة لشركة الأمانة، التي يمتلكها حزب الله، والتي تخضع أيضًا لعقوبات. ثم تمّ نقلها عبر طُرُق التهريب إلى لبنان، وتجنُّب المراكز الجمركية الرسمية.

وقال النائب عن حزب الله، محمد رعد، في وقت سابق هذا الأسبوع “لقد حافظنا على كبريائنا وكرامتنا، ورفضنا الإذلال، ودافعنا عن سيادتنا. والأهم من ذلك، حفظنا القرار الوطني اللبناني”.

وقال الحلبي إن “هذا هو النصر الذي استطاع حزب الله أن يدَّعيه. لقد كانت خطوة ذكية للغاية. لقد وضع أميركا وحلفاءها في مأزق. لا أرى أن الأميركيين كانوا مهتمين حقاً بالانتقام”.

وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية اعتبرت، الأسبوع الماضي، أن أزمة الوقود أدَّت إلى مواجهة من نوع ما بين حزب الله وحلفائه من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، بشأن من يمكنه التصرُّف بصورة أسرع لتخفيف آلام الناس، وهي منافسة فاز فيها حزب الله، على الأقل في ذلك اليوم.

نقلته إلى العربية بتصرف: الميادين نت