“الغارديان”: الدعم البريطاني لـ”إسرائيل” يساعد في بقاء الاحتلال

محتجون
Spread the love

 شجون عربية _ كتبت الشاعرة والأستاذة الجامعية الفلسطينية – الكندية رفيف زيادة مقالة في صحيفة “الغارديان”  البريطانية تناولت فيها الدعم الغربي للاحتلال الإسرائيلي وخصوصاً الدعمين الأميركي والبريطاني.

وقالت الكاتبة إنها غالباً ما تخبر طلابها في السنة الأولى في السياسة أن دراسة السياسة هي دراسة القوة. وأضافت أن ما رأيناه الشهر الماضي في العدوان الإسرائيلي على غزة هو التفاوت الصارخ في القوة بين “إسرائيل” والفلسطينيين.

وأوضحت أنه عندما احتفل الفلسطينيون في غزة وحول العالم بخبر وقف إطلاق النار، متنفسين الصعداء، أشاد العديد من المعلقين بالأمر باعتباره عودة إلى الهدوء. لكن “الهدوء” بالنسبة للفلسطينيين يعني الوضع القائم للاحتلال والحصار والقمع.

وقالت الكاتبة إنه قد يقول أحدنا إن الطبيعة الحقيقية لهذا الصراع هي ما يحدث بين التصعيدات الدورية أي الاضطهاد المستمر في ظل نظام الفصل العنصري. إن السلطة الإسرائيلية على الفلسطينيين ليست عسكرية فقط، ولا يتم الحفاظ عليها بالقوة فقط. بل هي مستدامة بفضل الدعم الدولي. فقد أصبحت أهمية هذا الدعم واضحة خلال الهجمات العسكرية الإسرائيلية. في الشهر الماضي، عرقلت الولايات المتحدة عمداً صدور بيان لمجلس الأمن الدولي بشأن غزة لكسب المزيد من الوقت لحملة القصف الإسرائيلية، لكن العناصر الرئيسية لهذا الدعم الدولي ثابتة.

وأشارت الكاتبة إلى أن أكبر دعم دبلوماسي ومالي لـ”إسرائيل” يأتي من الولايات المتحدة، 3.8 مليار دولار سنوياً، معظمه مساعدات عسكرية ويعود إلى صناعة الأسلحة الأميركية. استمر دعم الحكومات الدولية لـ”إسرائيل”، حتى مع اتهام القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي والاستخدام غير القانوني للقوة، وهي انتهاكات خطيرة بما يكفي لتبرير إجراء تحقيق من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

وأوضحت الكاتبة أن المملكة المتحدة قد منحت دوماً “إسرائيل” دعمها الكامل. وبينما لبريطانيا إرث خاص في الصراع، باعتبارها القوة الاستعمارية السابقة في فلسطين التاريخية، يستمر الدعم البريطاني اليوم للاحتلال مع تجارة الأسلحة المزدهرة بين الطرفين. فتراخيص التصدير المعتمدة لمبيعات الأسلحة من المملكة المتحدة إلى “إسرائيل” تشمل مكوّنات الأسلحة الصغيرة والذخيرة وتكنولوجيا الرؤية الليلية والاستخبارات.

كما تستورد المملكة المتحدة أسلحة إسرائيلية الصنع. ففي عام 2016، أكمل منتج الأسلحة الرئيسي في “إسرائيل”، “إلبيت” Elbit، بالاشتراك مع شركة “تاليس” البريطانية Thales ، تسليم معظم الطائرات بدون طيار البالغ عددها 54 كجزء من عقد قيمته 800 مليون جنيه إسترليني. وبين عامي 2018 و2020، اشترت وزارة الدفاع البريطانية معدات عسكرية بقيمة 46 مليون جنيه إسترليني من شركة “إلبيت” الإسرائيلية. يتم تسويق مثل هذه الأسلحة على أنها “مختبرة في المعركة”، مما يدل على الطرق التي يؤدي بها العنف اليومي ضد الفلسطينيين إلى تحفيز صناعة مربحة ذات امتداد دولي.

وقد كشفت الأبحاث الحديثة أن المكوّنات والمعدات العسكرية البريطانية الصنع قد استخدمت من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الغارات الجوية على غزة الشهر الماضي، على الرغم من مزاعم الحكومة البريطانية بشأن قيودها الصارمة على تصدير الأسلحة. فالطائرات الحربية الإسرائيلية من طراز “أف-35” التي تُستخدم في قصف المنطقة المكتظة بالسكان تحتوي على أجزاء مكوّنة من مجموعة من الموردين في المملكة المتحدة.

وأشارت الكاتبة إلى أنه بحسب حملة “مناهضة تجارة الأسلحة”، فقد منحت بريطانيا بين عامي 2016 و2020، تراخيص تصدير فردية لمبيعات أسلحة لـ”إسرائيل” بقيمة 400 مليون جنيه إسترليني، في زيادة كبيرة عن 67 مليون جنيه إسترليني في التراخيص بين عام 2011 و2015.

الشهر الماضي في مدينة ليستر البريطانية، احتل النشطاء سطح شركة  UAV Tactical Systems، وهي شركة فرعية لشركة “إلبيت سيستمز” الإسرائيلية. تمتلك شركة “إلبيت سيستمز” الفرع البريطاني تسعة مواقع ومكاتب إنتاج في المملكة المتحدة. وتقوم منشأة “ليستر” بتصنيع طائرات “هيرميس” بدون طيار التي استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قصف غزة. وقد نجح النشطاء في تعطيل الإنتاج لعدة أيام قبل بدء احتجاج آخر ضد مصنع “إلبيت” في مدينة أولدام.

واعتبرت الكاتبة أن هذه النشاطات تسلّط الضوء على مدى ارتباط بريطانيا بالقوة العسكرية الإسرائيلية. فداخل المباني المخبأة في المناطق الصناعية في إنجلترا، تعمل إحدى كبرى شركات الأسلحة الخاصة الإسرائيلية بحرية، من دون أية عواقب على كيفية استخدام أسلحتها في فلسطين أو في أي مكان آخر.

وكانت شركة JCB البريطانية، التي تصنع الجرافات، واحدة من ثلاث شركات بريطانية أدرجتها الأمم المتحدة على أنها متواطئة في بناء المستوطنات غير القانونية وهدم منازل الفلسطينيين. تخضع JCB حالياً “للفحص” من قبل حكومة المملكة المتحدة لتحديد ما إذا كانت عملية التصنيع تتوافق مع المبادئ التوجيهية لحقوق الإنسان التي وضعتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وقالت الكاتبة إنه بينما تصور “إسرائيل” نفسها على أنها دولة صغيرة تعمل دفاعاً عن النفس، فإنها في الواقع تنفذ احتلالاً عسكرياً دام عقوداً، وتحرم اللاجئين الفلسطينيين من حق العودة وتواصل تهجير مئات العائلات. فلديها واحد من أقوى الجيوش في العالم، بمساعدة وتحريض من القوى الدولية. لهذا السبب ناشد الفلسطينيون أصحاب الضمائر في جميع أنحاء العالم للاحتجاج على مثل هذا التواطؤ الوقح مع انتهاكات “إسرائيل” لحقوق الإنسان والقانون الدولي.

وأضافت أن بعض المنظمات الحقوقية التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها إلى إنهاء الصادرات العسكرية البريطانية إلى “إسرائيل” ومراجعة مبيعات الأسلحة البريطانية. ورأت أن هذه خطوة مهمة في تحدي الدعم القاطع الذي تتلقاه “إسرائيل” في المساعدات العسكرية بينما تواصل الانتهاك اليومي لحقوق الفلسطينيين. وعندما رفعت النائبة لبريطانية زارة سلطانة صوراً لأطفال فلسطينيين قتلوا خلال الهجوم الأخير على غزة وسألت رئيس الوزراء بوريس جونسون مباشرة عما إذا تم استخدام أسلحة بريطانية الصنع في قصف غزة، وهو لم ينفِ ذلك. لكنه سرعان ما صرف النظر عن السؤال بسلسلة من التفاهات حول دعم بريطانيا لحل الدولتين.

وخلصت الكاتبة إلى أن التشدق اللامتناهي بحل الدولتين يبدو أجوف لأن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي تساعد “إسرائيل” في خلق حقائق على الأرض، بما في ذلك البناء المستمر للمستوطنات غير القانونية، ومصادرة الأراضي، والتهجير، والقيود على حركة الفلسطينيين واعتقال آلاف الفلسطينيين، مما جعل من غير الممكن تحقيق حل الدولتين. تختبئ هذه الدول خلف ستار “الدبلوماسية الهادئة”، وتعمل باستمرار على تقويض المحاولات الفلسطينية لمحاسبة “إسرائيل”. بوريس جونسون، على سبيل المثال، عارض تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الفظائع التي ارتكبت في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.

في مواجهة ذلك، يمكن للفلسطينيين فقط أن يشيروا إلى النفاق الدولي بينما يواصلون الاحتجاج. يعتمد الفلسطينيون كذلك على قوة الناس العاديين في جميع أنحاء العالم المستعدين للتحدث وتحدي تواطؤ حكوماتهم في إبقاء هذا الصراع. تشهد التظاهرات في جميع أنحاء العالم، عبر العديد من العواصم والمدن الصغيرة – وبيانات التضامن من قبل نقابات العمال والفنانين والأكاديميين – على حقيقة أن المزيد من الناس باتوا يدركون أن الوضع القائم لا يمكن الدفاع عنه.

وختمت الكاتبة بالقول إن البعض قد يختار تجاهل أعينهم بعدما لم تعد غزة والقدس واللد وحيفا تسيطر على عناوين الأخبار. لكن الفلسطينيين ليس لديهم هذا الخيار. وأشارت إلى أن إنهاء تجارة السلاح مع “إسرائيل” هو خطوة حاسمة لكشف وهم “التهدئة” الذي يحجب القمع المستمر للفلسطينيين، ولمواجهة صراحة دور بريطانيا في الحفاظ على هذا الوضع الوحشي القائم.

نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم

Optimized by Optimole