80 عضو كنيست مع حل دولتين لشعبين

Spread the love

بقلم: د. ميشكا بن – دفيد – مسؤول سابق كبير في الموساد الإسرائيلي —

الاندماجات وتحديد المواقف قبيل الانتخابات يعرضان صورة سياسية واضحة وعابرة للمعسكرات بشأن ما تُفضل الأطراف أن تتجاهله لمصلحة خلافات ثانوية: الكتلة الكبيرة في الانتخابات المقبلة من المتوقع أن تكون كتلة الأحزاب التي تؤيد حل دولتين لشعبين.
في مركز هذه الكتلة، من ناحية الحجم في الاستطلاعات، يقف حزب غانتس ولبيد ويعلون، “أزرق أبيض”. الموقف المعلن لحزب يوجد مستقبل في برنامجه الانتخابي هو الانفصال عن الفلسطينيين من خلال حل الدولتين، وإبقاء الكتل الاستيطانية تحت سيادة إسرائيل. ومن المعقول الافتراض أنه باستثناء أشخاص محدودين في حزب يعلون “تيلم”، هاؤر وهاندل، هذا سيكون أيضاً موقف “أزرق أبيض”.
إلى اليسار يوجد حزب العمل وحركة ميرتس، اللذان لا مجال للشك في التزامهما بحل الدولتين. إلى اليمين توجد أحزاب اليمين غير الديني ثلاثة: حزب كلنا، الذي جوهر برنامجه الانتخابي اجتماعي – اقتصادي، يقدم نفسه كـ”يمين عاقل”، وصرح زعيمه كحلون أنه “في النهاية سيكون هنا دولتان”. ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا، من المؤيدين باستمرار لسياسة الدولتين (بالإضافة إلى تبادل أراض وسكان). وقد عبّر عن هذا الأمر مرات عديدة، بينها في مؤتمر ميونيخ في 2017، وسبق أن قال “تكامل الشعب يأتي قبل تكامل أرض إسرائيل الكاملة”.
اللغز الكبير هو الليكود، وذلك بسبب مواقف غير منطقية لرئيس الحكومة ووزرائه؛ في الخطاب الذي ألقاه نتنياهو في جامعة بار إيلان [سنة 2009] أعلن تأييده فكرة دولتين لشعبين، من دون أن يثير الأمر ضجة في الحزب، لكنه منذ ذلك الحين تراجع عن هذه الفكرة، ولو لم يكن ذلك بصورة واضحة. عدد كبير من الوزراء في قيادة الحزب وقفوا ضد الفكرة وآخرون رفضوا اتخاذ موقف واضح من الموضوع.
المفتاح موجود في يد نتنياهو. يمكن الافتراض أنه بعد الانتخابات، وعندما توضع خطة ترامب على الطاولة، يستطيع نتنياهو العودة إلى مبادىء خطاب بار إيلان وفرض موقفه على أغلبية أعضاء حزبه. في هذه الحالة ستزول أيضاً العوائق التي تضعها الأحزاب الأخرى حالياً من أجل الانضمام إلى ائتلاف معه. لا يفرض القانون على رئيس الحكومة الاستقالة إلاّ إذا جرت إدانته، وعلى افتراض أنه الوحيد القادر على دفع نحو 30 عضو كنيست من الليكود إلى تأييد حل الدولتين، يمكن الافتراض أنه من أجل حل النزاع سيقف إلى جانبه جميع الأحزاب التي تؤيد هذا الحل. ومعاً تبلغ هذه الكتلة نحو 80 عضو كنيست.
من جهة أخرى من المتوقع حدوث معارضة من اتحاد أحزاب اليمين (البيت اليهودي، الاتحاد القومي، وقوة يهودية)، ومن جانب حزب اليمين الجديد، وحتى من جهة حزب شاس الذي عارض في الماضي اتفاق أوسلو ب وخطة الانفصال عن غزة. يتطابق هذا الأمر مع استطلاع المعهد الإسرائيلي للديمقراطية العائد إلى 2018، والذي يشير إلى أن نحو 70% من العلمانيين يؤيدون فكرة الدولتين، في مقابل 20% من المتدينين، وفقط 10% من الحريديم. مع ذلك فإن حزب يهدوت هتوراه يمكن أن يؤيد بصمت الفكرة، وهذا مشروط بموافقة مجلس حكماء التوراة الممثل للفصيلين، أغودات هتوراه والحسيديم التابعين لليتسمان، وحزب ديغيل هتوراه التابع لغفني.
في الساحة العربية الإسرائيلية، تؤيد أغلبية كبيرة حل الدولتين، على الرغم من أن المقصود بالنسبة إلى هذه الأغلبية إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية، بينما يجب أن تكون إسرائيل “دولة لجميع مواطنيها” وأن تسمح بحق العودة.
داخل كتلة “80 عضواً” التي يمكن أن تتعزز بنحو 12 عضواً من المؤيدين الصامتين، هناك قاسم مشترك في موضوعات أُخرى. في المجال الاجتماعي – الاقتصادي الفجوات لا تكاد تُذكر بين كحلون، وزير المال الاجتماعي، وبين غباي [زعيم حزب العمل]، القادم من مجال الأعمال. كذلك أيضاً بين يحيموفيتس الاشتراكية-الديمقراطية وبين ميرتس. لبيد الذي أسس حزب يوجد مستقبل من أجل الطبقات الوسطى، موجود في النطاق عينه. نتنياهو يمثل نظرة اقتصادية تتوجه أكثر نحو قطاع الأعمال وأصحاب الأموال، لكن الليكود كحزب يمثل الضواحي والأطراف وطبقة العمال بصورة لا تقل عن نيسنكورن رئيس الهستدروت المنتهية ولايته الذي يشغل مركزاً بارزاً في قائمة أزرق أبيض.
من الناحية الاجتماعية الداخلية هناك قاسم مشترك واضح بين إسرائيل بيتنا حزب أفيغدور ليبرمان وبين يوجد مستقبل، حزب لبيد، كونهما حزبين علمانيين، إن لم نقل ضد المتدينين. ما دامت الأحزاب الدينية والحريدية لا تؤيد العملية السياسية، فإن هذا يشكل فرصة تاريخية لإبقائهما خارج الائتلاف وإجراء تعديلات وتشريع قوانين مناسبة في مجال التهويد، والتجنيد، والتعليم الأساسي، وميزانيات اليشيفوت [المدراس الدينية]، والخدمة العسكرية لتلامذة يشيفوت هِسدير، وتعديلات في مجالات المواصلات العامة وفتح المتاجر يوم السبت وغيرها.
في الفترة التي تسبق الانتخابات، المسؤولية الملقاة على الزعماء ليس فقط تحقيق الفوز بل أيضاً إمكانية إقامة كتلة فوراً بعدها، والامتناع من التصريحات أو إعطاء وعود تمنعهم من تحقيق ائتلاف سيسمح أخيراً بالخروج من الوحل الفلسطيني، الأمر الذي سيفتح أمام إسرائيل أفقاً سياسياً واسعاً في الشرق الأوسط وفي العالم الإسلامي عموماً.

المصدر: موقع ynet الإسرائيلي، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole