يسرائيل هَيوم: يبدو أن بايدن بحاجة إلى اتفاق أكثر من إيران

Spread the love

شجون عربية /

دان شيفتان – محلل سياسي/
الولايات المتحدة وإسرائيل تجريان حواراً هادئاً مهذباً بشأن الموضوع الإيراني، مع نيات جيدة ونقاش مفتوح، لكن نقاط الانطلاق الاستراتيجية والثقافية متعارضة، بحيث أن الاتفاق محصور في هامش الأمور ولا يتناول جوهر المسائل المطروحة للنقاش. هناك فارق بين قوة عظمى لديها اعتبارات عالمية، ولأخطائها (المتسلسلة) في الشرق الأوسط تأثير محدود في أمنها القومي، وبين دولة تعيش في قلب منطقة معادية عنيفة وتواجه تهديدات ذات أحجام وجودية.
إدارة بايدن تريد منع إيران من الحصول على ترسانة نووية ولا تريدها أن تصبح دولة على عتبة النووي. وهي أيضاً قلقة من عمليات التآمر والإرهاب والهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط. لكن هدفها الأساسي تقليص الوجود الأميركي في المنطقة بصورة كبيرة، وهي ليست مستعدة لتوظيف الجهد والوقت اللازمين من أجل بناء بديل محلي وناجع من هذا الوجود. بخلاف أوباما، يبدو أن بايدن لا يسعى للتخلي عن الزعامة الأميركية للنظام العالمي وإظهار عجزه أمام العالم؛ لكنه بحاجة إلى موارده الاستراتيجية لمواجهة التحدي الصيني، ويبحث عن تسوية سريعة بقدر الممكن تسمح له بالخروج من الشرق الأوسط. يصرّح بايدن بأنه يريد الرجوع إلى الحل العائد إلى سنة 2015، الذي عالج التخصيب، بالإضافة إلى رقابة ظاهرية على أبحاث السلاح، من دون الإصرار على كبح البرنامج الصاروخي. لقد حصلت إيران على كل ما تشتهيه.
الاتفاق الذي يريده بايدن مريح لإيران ومؤذٍ لإسرائيل والدول العربية القلقة على وجودها، التي تضررت من المؤامرات الإيرانية. المطلوب إيران ضعيفة اقتصادياً واستراتيجياً، وتجد صعوبة في دفع المليارات لحزب الله في لبنان، وللحوثيين في اليمن، وللميليشيات التي تأتمر بأوامرها في سورية والعراق، وللبرنامج النووي والاختراعات العسكرية المتطورة في إيران، بينها صواريخ باليستية، ولمنظومات متطورة ضد الطائرات والغواصات، ولشبكة إرهابية خاصة تغطي كل الكرة الأرضية تقريباً. مؤخراً نجحت إيران في تمويل ذلك بالتقشف على حساب رفاه شعبها، وتُرجِم جزء من ضائقتها الاقتصادية إلى اضطرابات سياسية. بعد العودة إلى اتفاق يعطي إيران ما تريد، تتعهد إدارة بايدن التوصل إلى اتفاق جيد طويل الأجل وأكثر نجاعة، لكنه يأخذ منها أوراق مقايضة ووسائل ضغط تقنع الإيرانيين بقبوله. إذا أرادت إدارة بايدن تحقيق شيء ما في الإطار الضيق للتخصيب فإنها ستضطر إلى تعزيز موقع إيران في الإطار الأوسع والدائم. وهذا مؤذ فقط.
إيران بحاجة إلى موقع دولة على عتبة النووي كي تضمن حصانة لنظامها، ومواجهة إجراءات مضادة ناجعة لإحباط مؤامراتها وسعيها للهيمنة الإقليمية. الهدف هو الهيمنة، والسلاح النووي هو الأداة. وبمعنى ما بايدن أعطى الإيرانيين ما يريدونه عندما لمّح إليهم وإلى العالم كله بأن استفزازات الإيرانيين نجحت في أن تفرض عليه التراجع عن الشروط التي وضعها: قبل كل شيء وقف الانتهاكات وبعدها رفع العقوبات. بسلوكه هذا أوضح أنه بحاجة إلى الاتفاق أكثر من الإيرانيين. استراتيجية إيران العتبة النووية حققت جزءاً من هدفها: من الواضح أن بايدن يدير ظهره للسعوديين ويعاقبهم، ويشجع وكلاء إيران الحوثيين، ويشرح لإسرائيل بتهذيب أنه سيجدد الاتفاق من دون أن يقدم جواباً عن مخاوفها، وهو لا يُراكِم أوراق مساومة ستسمح له بتحسين الاتفاق في المستقبل.
على الصعيد الثنائي، من المهم أن يستمع بايدن شخصياً إلى حجج إسرائيل من رئيس الموساد. على الصعيد الاستراتيجي، السياسة التي اختارها بايدن هي عملياً الاستسلام للانزلاق التدريجي لإيران إلى موقع دولة على عتبة النووي، بعد أن نجح الإيرانيون في إصرارهم على مفاوضات مريحة بالنسبة إليهم، وهم يعرفون كيفية استخدام حماسته للتوصل إلى اتفاق من خلال ردعه عن التدخل في العمق وإقناعه باحتواء هذا الانزلاق.

المصدر: صحيفة يسرائيل هَيوم الإسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole