يسرائيل هَيوم: ازدياد التهديدات.. تغيير نوعي، ليس كمياً

Spread the love

غرشون هاكوهين – لواء في الاحتياط محلل سياسي اسرائيلي/

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان اللواء أفيف كوخافي، تحدثا مؤخراً عن تهديدات جديدة تتطلب رداً واعياً لحالة الطوارىء. هناك من ادّعى أن ما يجري في الأساس هو إثارة هلع لأغراض سياسية، وفي الحقيقة يجب الاعتراف بأن أياً من التهديدات التي تتطور ليس جديداً بحد ذاته، لكن تراكمها معاً بتوجيه من إيران يشكل احتمالاً لنشوب معركة جديدة.
ليس من الصعب تخيل سيناريو حرب متعددة الجبهات- من الشمال والجنوب، ومن الدائرة الأقرب والأبعد- تجسد أبعاد التحدي. ضعف الهيمنة الأميركية في الشرق الأوسط له تأثيرات كثيرة على تشكّل المعركة الجديدة. الحروب يمكن أن تنشب بسرعة كبيرة ومن دون قوة تأثير كابحة تساعد في إنهائها في الوقت المرغوب. هذا التغيير لم يحدث فقط نتيجة التبدل في سياسة البيت الأبيض، بل هو مرتبط كثيراً بالتغييرات التي طرأت على ساحات القتال.
على سبيل المثال، ظهور وسائل قتال متطورة، بكميات كبيرة وفي متناول كل من يريد، أضر جداً بتفوق القوة العسكرية الأميركية. وقد جرى التعبير بصورة واسعة عن هذا التغير في السنوات الأخيرة في منشورات وزارة الدفاع الأميركية. فقد أدركوا إلى أي حد في العصر الجديد تصل التكنولوجيا العسكرية ومنظومات السلاح المتطورة بسرعة إلى تجار السلاح في السوق المدنية، وبالتأكيد إلى الإيرانيين.
في الهجوم على منشآت النفط في السعودية شاركت، على سبيل المثال، أسراب من الصواريخ البحرية مع طائرات مسيّرة، موجّهة بواسطة تكنولوجيا متقدمة ومعلومات متطورة- الأمر الذي سمح بالتغلب على منظومة الرادارات، وبدقة الإصابات. الطائرات المسيّرة والصواريخ البحرية موجودة منذ فترة ويستخدمها الحوثيون في اليمن، وهي تركب أيضاً هناك بتوجيه إيراني. المقصود، عملياً، توازن قوى جديد يقوي النفوذ الإيراني في العراق، وسورية، واليمن ولبنان. هذا التوجه في طبيعته يهدد أيضاً الاستقرار في الأردن.
مكوّن آخر في تغيّر المعركة ناجم عن تعاظم القوة العسكرية لحزب الله و”حماس”. في منطق عملهما هما لا يزالان تنظيمين إرهابيين، لكنهما، عملياً، يقودان قوة عسكرية نظامية ومنظمة. رئيس الأركان كوخافي يسميهما “جيوش إرهابية”، وبالفعل هما منظمان كجيش: كتائب، وألوية، ومنظومات نار واسعة النطاق، مدعومة بمؤسسات بحث وتطوير وشراء للسلاح، تشرف عليها منظومات رقابة وتحكّم متقدمة. وبتوجيه وتدريب إيرانيين، توجد لديهما أيضاً منظومات سلاح متقدمة مثل الطائرات المسيّرة والصواريخ ذات القدرة الدقيقة المتطورة.
عند نشوب حرب، سيجري التعبير عن التغيّر استراتيجياً، من خلال تحدي في الدفاع عن الجبهة الداخلية المدنية. في مقال غير سرّي صدر في نشرة شعبة العمليات، نشر قائد الجبهة الداخلية تمير يدعي مكونات التحدي الجديد، وقال: “على الرغم من أن وجهات التغيّر في التهديد على الجبهة الداخلية معروفة من الجميع في قيادة الجبهة الداخلية في الجيش، فإنه لم يجر تحديد التغير التراكمي للتهديد”.
بالإضافة إلى مكونات التهديدات وتكاملها في تهديد جديد، تحدث يدعي، ليس فقط عن هجوم بنيران واسعة النطاق لشل الجبهة الداخلية- وللمس بشدة بالمدنيين وبمراكز البنى التحتية الوطنية- بل أيضاً عن الجهد المطّرد لحزب الله و”حماس” لنقل المعركة إلى أرض أسرائيل عبر هجمات واسعة النطاق.
مع تراكم التهديدات وإمكان ظهورها بصورة متزامنة منسقة، تبدو معادلة التهديدات مختلفة ولم تعد كما كانت عليه: التغيير الكمي تحول إلى تغيير نوعي. والتحدي يتطلب تنظيماً ملائماً. عديد القوات في الجيش، النظامي والاحتياطي، لا يكفي لخوض حرب شاملة متعددة الجبهات، وهو ليس مهيئاً لتقديم رد كاف وإبقاء الاحتياطي [مجنّداً] لمواجهة كل التهديدات حين ظهورها في وقت واحد.

في مواجهة التحدي، المطلوب عقيدة جديدة للجيش، وإعادة تنظيم جديدة، وسلاح ملائم. وقبل كل شيء يتعين على شعب إسرائيل الاستعداد لمواجهة أوضاع طارئة في مواجهة تهديدات جديدة غير مسبوقة. هذا هو الواقع كما هو عليه، فعلياً، وليس تلاعباً سياسياً.

المصدر: صحيفة يسرائيل هَيوم الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole