“يسرائيل هيوم”: إيران لا تزال هنا

الجولان
Spread the love

بقلم: يوآف ليمور – محلل سياسي إسرائيلي —

يتضح أن الاحتفالات بزوال الوجود الإيراني في سورية كانت سابقة لأوانها. على الرغم من الضربات والهجمات والتقارير التي نُشرت العام الماضي، إيران ما تزال هنا – وهي هنا لتبقى، بصورة مستقلة أو بواسطة وكلائها، وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي الداخلي المحتدم، لن تغيّر طهران توجّهها.
الكشف هذا الأسبوع عن البنية التحتية التي يسعى حزب الله لإقامتها في هضبة الجولان السورية (تحت اسم “ملف الجولان”) كان فقط نموذجاً أخيراً لهذا الجهد الواسع والمعقد. سبق ذلك، النقل المكثف للسلاح من إيران إلى سورية، والمحاولات التي لم تتوقف لإقامة منشآت وبنى تحتية ثلاثية الهدف تدعم عمليات الحرس الثوري: التمركز في سورية ولبنان لفتح ممر إلى البحر المتوسط؛ توسيع نفوذ الثورة [الإسلامية الإيرانية]؛ وتحدي إسرائيل. حتى أشد المتشائمين سيجدون صعوبة بعدم الإعجاب بردّ إسرائيل العسكري على هذا التحدي. عدد العمليات في العامين الأخيرين كان غير مسبوق؛ والقليل فقط جرى نشره – مثل تلك التي كانت تتضمن قصفاً ولا يمكن إخفاؤها. وهناك وراءها عمليات متشعّبة، متنوعة وشاركت في تنظيمها جهات كثيرة جعلت إيران ونشاطها ظاهرين للعيان بالكامل تقريباً بالنسبة إلى إسرائيل: لا توجد طريقة أخرى لتفسير القدرة على الضرب المنهجي لشحنات سلاح بعد وقت قصير من هبوطها في سورية، أو إحباط مشاريع مثل الأنفاق، ومصانع الصواريخ الدقيقة، والبنية التحتية العسكرية الأخيرة في الجولان.
إن الهدف من اختيار القيام بعملية للتأثير في الوعي هذا الأسبوع – وليست هذه المرة الأولى، فقد أُحبطت بهذه الطريقة أيضاً مصانع الصواريخ الدقيقة التي أراد حزب الله إقامتها في لبنان – ليس فقط منع عملية يمكن أن تجر إلى تصعيد. الهدف الأساسي هو تمرير رسالة إلى كل اللاعبين: إلى روسيا والولايات المتحدة، وسورية وحزب الله، وخصوصاً إيران. لكل عنوان رسالته، بينما الرسالة الأساسية هي أن إسرائيل تتابع وتحبط. أحياناً بالصواريخ، وأحياناً بالكلام.
ثمة شك في أن ذلك سيردع الإيرانيين. وثمة شك أيضاً في أن ذلك سيغيّر سلوك حزب الله (الذي يبحث عن جبهة أخرى لخوض الحرب ضد إسرائيل، على خلفية ارتداعه المفهوم عن فتح في جبهة مباشرة ضد لبنان) أو ضد سورية. صحيح أن الرئيس الأسد لم يعلم شيئاً عن الشبكة في الجولان التي كان يجري بناؤها من تحت أنفه، لكن ديْنه للإيرانيين ولحزب الله كبير بعد سنوات قاتلوا خلالها وضحوا بحياتهم دفاعاً عن نظامه، ولا يوجد أمامه كثير من الخيارات. هذه المرة أيضاً سيضطر إلى الكز على أسنانه وكظم غيظه.
لكن لدى إسرائيل عدد من الخيارات. بالإضافة إلى عملية عسكرية ناجعة جداً في سورية، فإنها قادرة على توسيع تأثيرها السياسي في الساحة الشمالية. روسيا منشغلة حالياً بإعادة ترتيب شؤون سورية وفقاً لما يناسبها. الولايات المتحدة تظهر اهتماماً ضئيلاً بما يجري. ويجب على إسرائيل أن تفعل كل ما في وسعها للدخول من هذا الباب وللتأثير. الرغبة الروسية في أن يخفف سلاح الجو من عملياته – لإتاحة الفرصة لإعادة بناء سورية – هي نقطة بداية جيدة للمفاوضات؛ في نهايتها ستتمكن إسرائيل من حشر إيران في الزاوية.
ليس من الممكن أن تضطر إسرائيل إلى عرض خطة للتسوية. وأن تحاول استمالة الولايات المتحدة وأوروبا والدول السنية المعتدلة في المنطقة – أعداء إيران – وتحدي روسيا. مع نهاية الحرب الأهلية في سورية، تريد روسيا الحصول على مقابل للدعم الذي منحته للأسد. هناك ما يكفي من جزرات مغرية يمكن تقديمها لها الآن على الطاولة، في مقابل إبعاد إيران وحزب الله. تحديداً الهجمات والتقارير المنشورة لن تلجمهما تماماً، لكنها بالتأكيد ستجعل حياتهما أصعب بكثير.

المصدر: صحيفة “يسرائيل هيوم”، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole