هل سيكون خروج ترامب من الاتفاق النووي سلساً أم صعباً؟

Spread the love

ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن حلفاء واشنطن الأوروبيين يستعدون لانسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي الإيراني، وذلك بعد أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه سيعلن اليوم الثلاثاء قراره بشأن الاتفاق التاريخي الذي أدانه مراراً.

لكن بعض المسؤولين الأوروبيين يعلقون أملاً في أن ترامب، بعد تركه الاتفاق، سيتحرك ببطء لإعادة فرض العقوبات، الأمر الذي سيترك مزيداً من الوقت للمفاوضات.

وكان ترامب قد غرّد الاثنين انه سيعلن قراره في الساعة الثانية بعد ظهر الثلاثاء بتوقيت واشنطن (العاشرة ليلاً).

وجاءت الرسالة في الوقت الذي وجه فيه وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون نداء اللحظة الأخيرة لإنقاذ الاتفاق، بما في ذلك لقاءاته مع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو، ومثل ظهوره في أحد البرامج التلفزيونية المفضلة لدى ترامب، “فوكس آند فراندز”.

وقال جونسون في حديثه مع قناة “فوكس”: “نحتاج إلى إيجاد طريقة لإصلاح ذلك وكان الرئيس على حق في لفت الانتباه إليه. ولكن لا يمكنك فعل ذلك من دون إلقاء الطفل مع ماء الحمام”، أي رمي الشيء المهم مع الشيء السيء.

وجاءت زيارة جونسون إلى واشنطن في أعقاب الزيارتين اللتين قام بها مؤخراً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اللذين حثا ترامب على عدم الانسحاب من الاتفاق النووي.

وقال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين يوم الإثنين إن فرص إبقاء الاتفاق سليماً قليلة جداً ويبدو أن إدارة ترامب تعتقد أنه من الأفضل أن تبدأ بداية جديدة بشأن القضايا النووية. وأضاف أن الأوروبيين لا يتبنون هذا التحليل.

ورفض مسؤولو إدارة ترامب الكشف عن القرار المحدد الذي اتخذه ترمب. لكن الرئيس انتقد بشدة الاتفاق ولم تكن هناك مؤشرات على أن مخاوفه قد تم تهدئتها.

لقد عمل الدبلوماسيون الأميركيون والأوروبيون جاهدين في الأسابيع الأخيرة لسد الثغرات في العديد من القضايا، بما في ذلك برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية ونطاق عمليات التفتيش. لكنهم كانوا على خلاف حول إصرار إدارة ترامب على أن العقوبات ستدخل حيز التنفيذ بعد ثماني سنوات من الآن إذا بدأت إيران في توسيع قدرتها على تخصيب اليورانيوم من خلال تركيب أجهزة طرد مركزي أكثر تقدماً، كما هو مسموح الآن بموجب الاتفاق.

لا يعرف الأوروبيون الخطوات المحددة التي ستتخذها الولايات المتحدة إذا قرر ترامب أن يترك الاتفاق، بما في ذلك ما إذا كان سيسمح بمزيد من الوقت للدبلوماسية وكيف يأمل في تقييد أنشطة إيران النووية إذا تم التخلي عن الاتفاق.

في ظل أحد السيناريوهات التي وصفها الدبلوماسيون بـ”الخروج الناعم”، سيرفض ترامب التخلي عن فرض عقوبات في 12 أيار مايو على تصدير النفط الإيراني ومعاملاته من قبل البنك المركزي. وبموجب هذه الخطوة، ينص الموقع الإلكتروني لوزارة الخزانة الأميركية على أنه سيكون أمام الشركات 180 يوماً لتصفية صفقاتها قبل سريان مفعول العقوبات، الأمر الذي قد يمنح الولايات المتحدة والأوروبيين المزيد من الأشهر لمحاولة تسوية خلافاتهم حول الاتفاق.

لكن يمكن أن يذهب ترامب إلى أبعد من ذلك من خلال اتخاذ قرار بشأن “الخروج الصعب”. وهذا يستلزم القول الآن إنه لن يتنازل عن العقوبات سواء الآن أو في المستقبل ، وهو فعلياً خروج الولايات المتحدة من الاتفاق وإجبار الشركات التي تمارس نشاطاً تجارياً في إيران لاتخاذ قرارات صعبة.
مهما كانت المقاربة التي سيعتمدها ترامب، فقد يتعلق الأمر بمجموعة أخرى من العقوبات التي ستعلن مع قرار الولايات المتحدة في تموز يوليو، بما في ذلك فرض عقوبات ثانوية على المؤسسات المالية الأجنبية المشاركة في صفقات كبيرة مع الكيانات الإيرانية.

في إطار إدارة ترامب، ردد جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومي الجديد، انتقادات للاتفاق النووي. كما كان مايك بومبيو منتقداً له أيضاً، حيث قادت وزارة الخارجية الأميركية جهوداً لمحاولة دعم الاتفاق من خلال التفاوض على ملحق إضافي مع الحلفاء الأوروبيين. وقد انتقد ترامب وزير الخارجية السابق جون كيري يوم الاثنين لاجتماعه مع مسؤولين أجانب لمناقشة سبل إنقاذ الصفقة النووية مع إيران.

لقد أخبر بومبيو الكونغرس مؤخراً أن طهران يبدو أنها تمتثل للاتفاق النووي. في شباط – فبراير، قالت وكالات الاستخبارات الأميركية في تقرير رفع إلى الكونغرس إن الاتفاق قد وسع الفترة الزمنية التي تحتاجها إيران لإنتاج مواد انشطارية كافية لصنع سلاح نووي من أشهر قليلة إلى سنة.

وقد أقرّ المسؤولون العسكريون الأميركيون بأن الاتفاق قد قيّد برنامج إيران النووي في وقت تتعامل فيه الولايات المتحدة بالكامل مع الموقف الإيراني الأكثر حزماً في المنطقة.

في آذار – مارس، قال قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزيف فولت، للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ إن الصفقة الإيرانية “تعالج أحد التهديدات الرئيسية التي نتعامل معها من إيران. إذا انتهت الصفقة، فسيكون علينا إيجاد طريقة أخرى للتعامل مع برنامج أسلحتهم النووية”.

انتقد السيد ترامب اتفاق إيران الذي تم التفاوض عليه من قبل إدارة أوباما، وهو كان أمراً أساسياً في حملته الانتخابية. وقد وصف الاتفاق بأنه “أسوأ صفقة على الإطلاق” و”اتفاق رهيب بالنسبة للولايات المتحدة”. وقد دعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اتهم الأسبوع الماضي إيران بأنها لم تكن صادقة بشأن نشاطها السابق في مجال الأسلحة النووية، مستشهدة بما زعم أنه أدلة جديدة.

ويزيد النزاع مع أوروبا بشأن الاتفاق الإيراني من تفاقم التوتر بين الحلفاء عبر الأطلسي حول مجموعة من المسائل السياسية الأخرى. إن تهديدات إدارة ترامب بوضع تعرفة جمركية على الصلب، والعقوبات الأميركية ضد مورد الألمونيوم الروسي الحرج للقارة، ومقترح الاتحاد الأوروبي بفرض ضريبة رقمية قد تؤثر على عمالقة الإنترنت في الولايات المتحدة، جميعها مسائل قد أضيفت إلى علاقة متوترة بشكل متزايد.

وتمثل العقوبات على إيران تهديداً محتملاً للعديد من الشركات الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، التي لديها علاقات تجارية عميقة مع إيران في قطاعي الطاقة والصناعة. كما يمكن أن ترتفع أسعار النفط، لتضرب اقتصاداً أوروبياً يعتمد على الواردات النفطية، وهو اقتصاد بدأ يستعيد عافيته في نهاية المطاف بعد عقد من الأزمة المالية.

وقالت شركات أميركية، مثل شركة بوينغ، إنها ستلتزم بالقوانين الأميركية. لكن العقوبات الجديدة ضد إيران يمكن أن تعرض مشاريعها التي تقدر بمليارات الدولارات للخطر والتي وقعت منذ أن تم التوصل إلى الاتفاق النووي.

وقالت إليزابيث روزنبرغ، كبيرة المستشارين السابقين في وزارة الخزانة الأميركية التي كانت مسؤولة في تطبيق إدارة أوباما للعقوبات ضد إيران، إن الانسحاب من الصفقة “سيترك الكثير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها حول شكل العقوبات والجدول الزمني”.

ويستغرق الأمر شهوراً لوضع الإرشادات اللازمة للتفسير للشركات والمصارف والمنظمين الماليين الأجانب ومحافظي البنوك المركزية تماماً ما ستعنيه العقوبات الجديدة لإدارة ترامب عملياً، كما تقول روزنبرغ، وهي الآن باحثة كبيرة في مركز الأمن الأميركي الجديد. لقد أعدت إدارة أوباما المبادئ التوجيهية الحالية حول كيفية إعادة فرض العقوبات على إيران. يستطيع قسم الخزانة في إدارة ترامب إعادة كتابة هذه التعليمات لأنها ليست منصوص عليها في القانون أو في الاتفاق النووي.

إذا كانت إدارة ترامب ستقصر أو ستقضي على مهلة الـ180 يوماً التي يتعين على الشركات خلالها قطع علاقاتها مع إيران، فإنها ستواجه مهمة ضمان الامتثال الشامل والعالمي، وإثارة التوتر مع الحلفاء والدول الأخرى بسبب فشلها في الانضمام إلى سياسات الولايات المتحدة.

عندما فرضت إدارة أوباما لأول مرة نظام عقوباتها الصارمة على إيران، استغرق الأمر أشهراً عدة من دبلوماسية المكوك عالية المستوى إلى العواصم حول العالم لتشجيع امتثالها.

ترجمة: الميادين نت

Optimized by Optimole