هآرتس: هل هناك فرصة لتحسين العلاقات مع السعودية؟ إيران تخترق السور العربي ضدها

Spread the love

تسفي برئيل – مراسل سياسي اسرائيلي/
صورة قائد حرس السواحل في الإمارات العربية المتحدة، الجنرال محمد الأحبابي، وهو يصافح نظيره الإيراني، الجنرال قاسم رضائي، في أثناء لقائهما في الأسبوع الماضي في طهران أحدثت صدى عميقاً في السعودية ودول الخليج. هذا الاجتماع الذي جرى خلاله توقيع اتفاق تعاون وتنسيق لحماية الملاحة البرية في الخليج هو تعبير جديد ومفاجىء عن التحول السياسي الذي يطرأ على علاقة الإمارات العربية المتحدة بإيران.
في البداية أعلنت أبو ظبي عن “إعادة انتشار” قواتها في اليمن – الذي تشير دلالاته العملية إلى تقليص قواتها في المعركة، وهي الشريكة الأساسية للسعودية في حربها ضد الحوثيين. لقد أوضحت الإمارات العربية المتحدة أن هذا لا يعني انسحاباً كاملاً، وأن كل خطواتها تجري بالتنسيق مع السعودية، لكن جاء بعد ذلك إعلان قادة الحوثيين أنهم قرروا وقف مهاجمة أهداف برية وبحرية تابعة لأبو ظبي على خلفية تغيير سياستها. في المقابل لا تزال السعودية على خريطة أهداف الحوثيين. ويبدو أن الإمارات العربية المتحدة قد توصلت إلى خلاصة مفادها أن الحرب التي تشارك فيها مع السعودية في اليمن هي حرب عبثية وتسببت لها بضرر اقتصادي، وفي الأساس يمكن أن تؤدي إلى الدخول في مواجهة مع الكونغرس الأميركي، كما يحدث الآن للسعودية. لكن هل ما حدث هو قرار مستقل مغزاه “خيانة” للسعودية وكسر للحلف العسكري بينهما؟
مؤخراً، السعودية ترسل رسائل مكثفة تشير إلى استعدادها لإجراء مفاوضات مع إيران. قبل أسبوعين صرّح مندوب السعودية في الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، أن سلوك إيران السلبي يمكن أن يزعزع الأمن والسلام الدوليين، لكنه قال: “نشدد على استعدادنا لإقامة علاقات تعاون كاملة بين الدول العربية وإيران بشرطين أساسيين: أن يستند هذا التعاون إلى علاقات جوار جيدة؛ وألّا تتدخل إيران في الشؤون الداخلية للدول الأُخرى وتحترم سيادتها”. وهذا كلام جديد من جهة السعودية وصل جيداً إلى أسماع النظام الإيراني. ورد عليه الناطق بلسان بالحكومة الإيرانية علي الربيعي بجواب رسمي قائلاً: “نستقبل هذه التصريحات بترحاب، ونحن مقتنعون أنه من المناسب أن تترافق بأفعال أيضاً. لقد دعونا دائماً إلى استقرار وأمن دول المنطقة، ونحن نحترم العلاقات الثنائية والاتفاقات الأمنية”.
يأتي تبادل التصريحات العلنية بين السعودية وإيران بينما تحاول واشنطن، في المقابل، إقامة مسار دبلوماسي إزاء طهران. بالاستناد إلى ما نشرته “النيويوركر” في نهاية الأسبوع، دعا الرئيس دونالد ترامب وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إلى لقاء معه في البيت الأبيض. لكن، قيل في هذه الأثناء إن القيادة الإيرانية رفضت الدعوة بحجة أنها لا تريد أن تمنح ترامب فرصة قد تستغَل لأغراض دعائية. لكن من المحتمل أن يجتمع الاثنان خلال انعقاد الجمعية العمومية في الأمم المتحدة في الشهر المقبل. وهذا الأمر مرتبط بتقدم الخطوات الدبلوماسية التي يقوم بها السيناتور راند بول مبعوث ترامب إزاء ظريف ومسؤولين إيرانيين كبار آخرين؛ وكذلك باستمرار الاتصالات التي تجريها إيران مع دول أوروبا التي وقّعت معها الاتفاق النووي.
لقد أوضح الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية ظريف في الأسبوع الماضي أن طهران ستبدأ في 7 أيلول/سبتمبر المرحلة الثالثة من قرار خفض التزامها بالاتفاق النووي، من دون توضيح ماذا ستتضمن هذه المرحلة. لكن في الوقت عينه، أوضح روحاني أن إيران تُجري مفاوضات مع الدول التي وقّعت الاتفاق للتوصل إلى حل يكون مقبولاً من الأطراف، وأعرب عن أمله بالتوصل إلى اتفاق حتى ذلك التاريخ”. حتى ذلك الحين ستكون إيران مستعدة لتطبيق البروتوكول الملحق بالاتفاق النووي فوراً- الذي من المفترض أن يدخل في حيز التنفيذ في سنة 2023- والذي يشمل مراقبة أكثر تشدداً وصرامة على المنشآت التي يشملها الاتفاق. هذا الاقتراح رفضته الولايات المتحدة، لكن على خلفية إصرار ترامب العلني على تحريك العملية الدبلوماسية، من المحتمل أن صيغة إيرانية أكثر مرونة، يمكن أن تشكل أساساً للمفاوضات من جديد.
ظاهرياً، الاتصالات التي يجريها السيناتور بول مع إيران، ودعوة ظريف إلى البيت الأبيض، كانا من المفترض أن تثيرا رداً سعودياً عنيفاً. لكن يبدو أن ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة، محمد بن سلمان، قد توصل هو أيضاً إلى استنتاج بأن الحرب على اليمن مكلفة جداً من الناحية السياسية والعسكرية، ومن الأفضل الانتقال إلى مسار دبلوماسي. ومن المحتمل أن يؤدي إنهاء حرب اليمن إلى استعادة محمد بن سلمان مكانته في واشنطن، وإنقاذه من الفشل العسكري الذي مُنيت به السعودية خلال أربع سنوات من الحرب. إن التخوف من مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران لم يكن مدعاة سرور لدى بن سلمان الذي أعرب عدة مرات عن تحفظه عن اندلاع حرب جديدة في المنطقة.

بهدف تعزيز تصريحاتها أطلقت السعودية مؤخراً ناقلة إيرانية كانت محتجزة منذ أشهر في ميناء جدة. لقد اتخذت هذه الخطوة على الرغم من “الدوريات لحفظ الأمن” التي تقوم بها إيران في الخليج الفارسي، والذي أدى في الأمس إلى احتجاز ناقلة عراقية بحجة تهريب النفط. بالاستناد إلى المستشار السابق لولي عهد أبو ظبي عبد الخالق العبد الله فإن “الحرب في اليمن توشك على الانتهاء من ناحية الإمارات، بقي فقط إعلان ذلك رسمياً”. عبد الله لا يشغل منصباً رسمياً ولا يمثل النظام. لكن يبدو أن كلامه يعكس ليس فقط موقف بلاده، بل أيضاً موقف السعودية. لدى ترامب الآن فرصة لعقد “صفقة قرن” ذات حظوظ أكبر بكثير من تلك التي يقترحها على إسرائيل والفلسطينيين. إذا كان كيم جونغ إيل تحوّل إلى صديق عزيز، فإن خامئني هو رصيد أهم بكثير.
المصدر: صحيفة هآرتس الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole