هآرتس: في القيادة الأمنية يتخوفون من احتمال انفجار العنف في الضفة قبل الانتخابات

Spread the love

عاموس هرئيل – مراسل عسكري اسرائيلي/
يتركز النقاش الأمني في إسرائيل عشية الانتخابات على ما يجري في غلاف غزة. يثير إطلاق الصواريخ المتكرر من القطاع انتقادات من اليمين واليسار، ضد ما يُعتبر سياسة متهاونة لحكومة نتنياهو إزاء “حماس”. وعندما أُضيفت مؤخراً إلى الصواريخ مجموعة محاولات تسلل على طول السياج وازدادت الهجمات، وعد رئيس الحكومة في أثناء زيارته إلى أوكرانيا بأن رده على الأحداث لن يتأثر باعتبارات انتخابية، ولكن وعده ليس مقنعاً فعلاً.
لكن من المحتمل أن يكون التحدي الأمني الأكبر بالنسبة إلى نتنياهو في الفترة المقبلة هو تحديداً في الساحة الفلسطينية الثانية، في الضفة الغربية. وفي هذه الحالة، فإن لسياسته دوراً مهماً في التعقيدات. السلطة الفلسطينية تغرق في أزمة اقتصادية حادة نتيجة الإصرار المتبادل لكل من نتنياهو ورئيس السلطة محمود عباس، بشأن مسألة المساعدة المالية التي يحولها الفلسطينيون إلى الأسرى الأمنيين في السجون الإسرائيلية.
قصارى القول، هناك نحو 160 ألف موظف حكومي فلسطيني، بينهم نحو 65 ألف عنصر في الأجهزة الأمنية، يقبضون فقط نصف راوتبهم تقريباً، للشهر السادس على التوالي بسبب القرار الإسرائيلي حسم أموال المساعدة [للأسرى الفلسطينيين من أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل للسلطة على المعابر]، والرفض الفلسطيني للحصول على المال بطرق غير مباشرة.
حتى الآن، وعلى الرغم من التهديدات المتزايدة من السلطة الفلسطينية، فإن التنسيق الأمني بين الطرفين لم يتضرر جوهرياً. الخوف من فقدان السيطرة على الأرض الذي يمكن أن تستغله “حماس”، لا يزال يردع السلطة عن التخلي عن التنسيق. لكن مؤشرات عدم الهدوء على الأرض تزداد تراكماً. في الأسابيع الأخيرة طرأت زيادة ملحوظة على عدد الهجمات ومحاولات الهجمات على الأرض، جزء منها له علاقة بـ”حماس”. في أسوأ حادثتين، في غوش عتسيون قُتل الجندي دفير شوراك، وجُرح شقيق وشقيقته في هجوم دهس في محطة انتظار للجنود.
على الأقل جزء من الخطاب الفلسطيني المؤيد لأعمال الإرهاب، له علاقة بالتوتر في الحرم القدسي وقرار الشرطة السماح لليهود بزيارة الحرم في التاسع من آب/أغسطس الذي تزامن هذه السنة مع عيد الأضحى عند المسلمين.
ساهم في الانشغال المكثف بالتوتر مع إسرائيل أيضاً الزيارة التي أُلغيت لعضوتي الكونغرس الأميركي، وازدياد الفرضيات بشأن تقديم إدارة ترامب بادرة أُخرى إلى نتنياهو عشية الانتخابات يمكن أن تشمل اعترافاً أميركياً ضمنياً أو علنياً بضم المنطقة ج في الضفة إلى إسرائيل.
ضغط الرئيس الأميركي لإلغاء زيارة عضوتي الكونغرس، والذي استجاب له نتنياهو فوراً، جعل الحكومة في القدس تبدو كدمية أميركية. قريباً من المتوقع الحصول على مقابل، من المحتمل أن يكون على صورة اعتراف بالضم أو بالدفع قدماً (على ما يبدو جزئياً) بالفكرة المتعلقة بإنشاء حلف دفاعي بين الدولتين. هذه الأفكار إذا تحققت، ستقدم كأنها تعكس تقارباً نادراً بين واشنطن والقدس، لكن في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هناك معارضة عميقة وراسخة وطويلة الأجل للفكرتين.
في تقديرات الوضع في القيادة الأمنية، يتكرر في الأسابيع الأخيرة الافتراض احتمال معقول لانفجار عنف أكبر في الضفة، وربما قبل الانتخابات. النجاح الذي حققته الهجمات الأخيرة يشجع، كما في سنتيْ 2014 و2015، محاولات أُخرى تحاكيها، بينما الخلاف الديني على القدس وعلى الحرم القدسي يتفاقم في الخلفية.
ما يجري في الضفة يتأثر طوال الوقت بالتطورات في القطاع. بعد سلسلة محاولات التسلل الأخيرة على طول السياج التي أُلقيت المسؤولية عنها على ناشطين “مارقين” استقالوا من صفوف “حماس” والجهاد الإسلامي وتماهوا مع فصائل سلفية، “حماس” أيضاً شددت خطابها. اللجنة المنظمة للاحتجاج على السياج الذي تسيطر عليها “حماس” كلياً، أصدرت دعوة إلى تظاهرات أكثر تصميماً في يوم الجمعة المقبل، بعد أن طرأ يوم الجمعة الماضية ارتفاع معين في مستوى التوتر.
دعوة “حماس” إلى احتجاج شعبي يمكن أن تدل على وضعها: تواجه السلطة في غزة انتقادات داخلية متزايدة ضد تخليها عن النضال العنيف ضد إسرائيل، وضد خطوات الكبح التي اتخذتها ضد جزء من الناشطين الذين يقتربون من السياج، وقبول القليل، بسبب الوتيرة البطيئة لتطبيق التسهيلات التي اتُفق عليها بصورة غير مباشرة مع إسرائيل. هذه الانتقادات يمكن أن تفسر أيضاً ضعف سيطرة “حماس” على ما يجري على طول السياج. في الحادثة الأخيرة مساء يوم الجمعة، أُطلقت ثلاثة صواريخ على أراضي إسرائيل. مباشرة بعدها، وكجزء من إجراء ثابت بعد إطلاق النار، كما يبدو خوفاً من رد إسرائيلي، أخلت “حماس” مواقعها على طول السياج – في إثر ذلك اجتازت خلية مؤلفة من خمسة مسلحين المواقع المهجورة واقتربت من الحدود حيث تعرضت لنيران الجنود الإسرائيليين.
في إسرائيل يدور نقاش سياسي نشط بشأن ما إذا كانت “حماس” سمحت بمحاولات التسلل عن تقصير أم أنها تشجعها فعلياً. عناصر الاستخبارات يصرون الإدعاء أنه لا يوجد هنا تنسيق تقف وراءه قيادة “حماس”، وباتفاق صامت مع الخلايا المارقة. الواضح أيضاً أن الحركة تدرك تماماً الحساسية الإسرائيلية بسبب الانتخابات القريبة، وتحاول حالياَ استغلالها لزيادة الضغط العسكري على أمل الحصول على مزيد من التسهيلات.
لكن من المعقول أن زعماء “حماس” يدركون أيضاً النتائج المحتملة لجولة قتال عندما يكون نتنياهو محشوراً.
من المنتظر اليوم أن يزور الموفد القطري محمد العمادي المنطقة، ومعه الدفعة الشهرية من الدعم الاقتصادي التي تقدَّر بملايين الدولارات. مع وجود العمادي ورجال الاستخبارات المصرية على الأرض، يبدو أن هناك حدوداً أيضاً لقدرة “حماس” على شد الحبل في مواجهة إسرائيل.

هجرة طوعية

على هامش الأمور، تسربت من زيارة نتنياهو إلى أوكرانيا معلومات أثارت حماسة معينة في اليمين بشأن وجود خطة إسرائيلية سرية لتشجيع الهجرة الفلسطينية من القطاع. إذا كان هناك في أعقاب هذه المعلومات مَن يضع خططاً لإعادة إسكان نتسرين وغوش كطيف [مستوطنتان أُخليتا بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة]، من الأفضل له أن يكبح توقعاته.
في الأشهر الأخيرة تلقى نتنياهو تقارير استخباراتية تفيد بأن نحو 35 ألف فلسطيني غادروا القطاع في العامين الأخيرين، بسبب اليأس من الظروف الاقتصادية وحالة الحصار. بين المغادرين، بحسب تقرير نشرته “هآرتس”، هناك أطباء، وصيادلة، وشبان من ذوي التعليم العالي. لكن هذه الأرقام مهما كانت كبيرة لا تغير بصورة جوهرية الميزان الديموغرافي. فالولادات في غزة بقيت مرتفعة، والطلب على أصحاب مهن فلسطينيين في دول أُخرى محدود، والارتداع عن الحصول على مال إسرائيلي في مقابل المغادرة، والذي يُعتبر، تقريباً، خيانة للفكرة الوطنية الفلسطينية، سيبقى بالتأكيد شديداً.

يبدو هذا كواحد من التصريحات التي تهدف إلى جذب مزيد من أصوات اليمين الأيديولوجي إلى جانب نتنياهو عشية الانتخابات. وبقدر ما هو معروف حتى الآن، فرص تطبيق الفكرة ليست كبيرة. على أي حال، الهدف الأساسي منها تحقق، أي خلق عناوين أولى في بداية نشرات الأخبار التلفزيونية أول أمس.

المصدر: صحيفة هآرتس الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole