“هآرتس”: “حماس” تحاول العودة للهجمات السابقة

قادة حماس
Spread the love

بقلم: عاموس هرئيل – محلل عسكري إسرائيلي |

الخبر عن عملية التلاعب التي قامت بها شرطة إقليم القدس عندما زرعت بندقية إم-16 في منزل أحد سكان قرية العيسوية من أجل تصعيد التوتر الدرامي في سلسلة وثائقية تلفزيونية، أثار هذا الأسبوع انتقادات عامة واسعة محقة.
بعد مرور ساعات قليلة على تقرير الفضيحة في العيسوية، تمت إذاعة بيان مشترك بين الشاباك والجيش الإسرائيلي تحدث عن العثور على قطع سلاح أُخرى، نأمل بأن يكون هذه المرة صحيحاً أكثر. ناشطون من “حماس” في قطاع غزة وجّهوا تعليمات إلى خلية إرهابية تابعة للحركة في الخليل لتفجير عبوة ناسفة في القدس. وقد اعتُقل عنصران من الخلية وفي حوزتهما عبوّة تزن 3 كيلوغرامات. وفي أثناء التحقيق جرى العثور على ما وُصف أنه ورشة تخريب تحتوي على مواد إضافية لصنع عبوات.
على ما يبدو، تستمر زعامة “حماس” في استخدام استراتيجيا مركبة إزاء إسرائيل: في غزة تصعّد العنف أحياناً بصورة مضبوطة بهدف إحراز تقدم للتخفيف من الحصار ودفع مشاريع تحسين البنى التحتية؛ وتواصل في الضفة الغربية الإعداد لهجمات إرهابية ذات هدف مزدوج: زعزعة حكم السلطة في المدن الفلسطينية؛ والمس بشعور الإسرائيليين بالأمن الشخصي. الهجمات الموجهة عن بعد يمكن أيضاً أن تحقق نجاحاً أكبر من المتوقع، وأن تجر إلى مواجهة واسعة، لكن يبدو أن هذه مخاطرة “حماس” مستعدة لخوضها نظراً إلى الربح المحتمل الذي تنطوي عليه، كما حاولت المبادرة إلى هجمات خطف، حتى بثمن تصعيدي.
يقول إريك (هاريس) بربينغ الذي كان رئيس منطقة القدس والضفة، وأيضاً رئيس شعبة السايبر في الشاباك لـ”هآرتس”، إن الجزء الأكبر من الهجمات التي واجهتها المؤسسة الأمنية في السنوات الأخيرة هي التي تصنَّف كـ”إرهاب أفراد”، إذ يقوم أفراد أو خلايا محلية صغيرة، بهجمات طعن، ودهس، وأحياناً قليلة بإطلاق نار، من دون وجود قيادة عليا وغطاء، ومن دون انتماء تنظيمي.
ويشير:” في مواجهة هذا الخطر تعلمنا، بالتدريج، العمل بصورة أفضل. لكن بقي الخطر القديم التقليدي، خطر الإرهاب المنظم. جزء كبير من هذه الهجمات يُعَد ويُموَّل من غزة، وفي الأغلب من جانب الفلسطينيين الذين أُبعدوا في صفقة شاليط إلى غزة، ويعملون من هناك من خلال هيئة تسمى قيادة الضفة. في مواجهة الإرهاب من النوع الثاني، تعمل إسرائيل بصورة منهجية ومهنية. وتستعين لهذا الغرض بالسلطة الفلسطينية، لأن السلطة أيضاً ترى في هذا الإرهاب تهديداً لحكمها، ولأن جزءاً من عمليات “حماس” موجّه ضدها. يوجد هنا تلاقي مصالح ضمني يجري منذ سنوات طويلة بيننا وبين السلطة، وهو يجري بصورة ممتازة. الجهد الهائل الذي تقوم به حماس من غزة وفي القدس وفي يهودا والسامرة أسفر عن صفر هجمات”.
زعماء قيادة “حماس” في الضفة، وهم من سكان الضفة الغربية في الأساس، طُردوا إلى القطاع في صفقة شاليط 2011. وهم يحاولون العودة إلى استخدام الإرهاب الذي قادوه بأنفسهم في الماضي، أيام اتفاقات أوسلو والانتفاضة الثانية، أي خلايا منظمة تقوم بهجمات بالعبوات، وهجمات انتحارية أو إطلاق نار كبير. يقول بربينغ : “كل ناشط يعمل في المدينة أو المنطقة التي ينتمي إليها في الأصل، ولا يزال يعرف أشخاصاً هناك. وقد جرى دمج أعضاء قيادة الضفة في داخل الذراع العسكرية لـ “حماس” في القطاع، وتعلم هؤلاء من عناصرها أساليب عمل جديدة أكثر عسكرية، مثل استخدام اتصالات سرية، والتشفير، والعمل بصورة هرمية وأكثر تنظيماً. إيران أيضاً تتدخل في تقديم معرفة تقنية”.
يشرح بربينغ: “الناشطون في القطاع يجدون صعوبة في تجنيد عدد كبير من الأشخاص في الضفة يوافقون على المخاطرة بالتخطيط لهجمات قاسية، أو تنفيذ هجمات انتحارية بأنفسهم. فقد تغيرت المنطقة منذ نهاية الانتفاضة [الثانية]. والناس لم يعودوا يقفون بالدور للتطوع”. تحوّل قيادة الضفة المال إلى خلايا إرهابية تابعة لـ”حماس” على الأرض، في الأساس تحت غطاء منظمات المساعدة الإنسانية. وتنقل التوجيهات المهنية بشأن كيفية تركيب العبوات عبر طرق متعددة، بينها طريق الإنترنت.
ليس لدى “حماس” في الضفة اليوم مهندسون فتّاكون مثل الأشخاص الذين قادوا هجمات الباصات في منتصف العقد الماضي. لقد أصبحت العبوات أقل تقنية وأقل فتكاً. وفي المرة الوحيدة في السنوات الأخيرة التي نجحت فيها نسبياً خطة هجوم لـ”حماس”، قُتل الناشط الذي كان يحمل العبوة في باص خط 14 في القدس، في نيسان/أبريل 2016، وجُرح بعض المدنيين الإسرائيليين. وتبين لاحقاً أن الناشط كان يعبث بجهاز التفجير، لكنه لم يكن ينوي الانتحار.
أسلوب العمل الذي بلوره الشاباك والجيش الإسرائيلي لمواجهة الإرهاب المنظم طُبّق بصورة وحشية للغاية، إنه “جزارة العشب”. وهو آلية يجري في إطارها توقيف عشرات الفلسطينيين أسبوعياً في شتى أنحاء الضفة، وتحويلهم إلى التحقيق لدى الشاباك. بعضهم بريء، وآخرون يُحقَّق معهم بتهم جنائية صغيرة مثل المشاركة في تظاهرات ورمي حجارة على الجنود الإسرائيليين. لكن في غياب استعداد متبادل للتوصل إلى تسوية سياسية، فإن هذا الأسلوب هو الذي يضمن إلى حد كبير هدوءاً أمنياً نسبياً، ويمنع العودة إلى فترة الهجمات في الباصات والأعداد الكبيرة من المصابين.
بحسب بربينغ، “إسرائيل تخوض معركة هجومية. نحن لا ننتظر على الباب كي يقوموا بركلنا. وهذا ليس صراعاً متساوياً في القوى. فنحن نتفوق عليهم. أيضاً التعاون الأمني مع السلطة هو جزء من القصة. صحيح أن أبو مازن (رئيس السلطة محمود عباس) هدّد هذا الشهر بوقف التعاون، لكنه،عملياً، لم يوقفه قط خلال السنوات العشر الأخيرة على الرغم من التهديدات. وهذا ليس بدافع من الحب، بل لأن التعاون معنا له اعتبارات مصلحية”.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينة

Optimized by Optimole